«نوادر وأخبار وحكايات».. موسوعة طرائف العرب مجمعة

كتبت- مروة مظلوم

 لكل منا قصة مع كتابه المفضل .. بدءًا من وقوع عينيك عليه ومرور أصابعك بين صفحاته وحتى إشارة الوقوف على فقرة بعينها أو كلمة لامست حلمًا قديمًا أو استحضرت ذكرى لا تُنسى.. والبعض منا يحسب سنوات عمره بعدد تلك الكتب التى استمتع بقراءتها وأضافت لحياته جديد.. كذلك هو حال السيد درويش الضبع الذى حاول أن يجمع ذكرياته مع أمهات الكتب التى ضمتها مكتبته فى غلاف واحد يحمل عنوان مع كتابه «نوادر وأخبار وحكايات».
بعض الكتب تميل إلى الشكل الموسوعى فى العرض فهى تجمع بين صفحاتها أخباراً شتى فى الأدب والشعر والظرفاء كذلك هو الحال فى هذا الكتاب إذ صنفت فصوله بشكل موسوعى لتشمل أخبار القضاء والإفتاء العلماء والخطباء الشعراء النساء.
فى مقدمة كتابه يقول الضبع إنه كتاب للكبير والصغير والرجل والمرأة وكل من يتولى أمراً من أمور الناس وكل من يريد أن يحكم على من يصاحبهم أو من يتجنبهم من خلال خبرة قرون ماضية تعكس ألوانا من الحياة فى فترات متباينة.
بدأ الكاتب أول فصول كتابه «الفتاوى والقضاء «بأحكام الأنبياء فى مواقف بعينها ومرجعيتها للقرآن وكتب السنة والأحاديث النبوية الشريفة ضمت  مواقف فى حياة الأنبياء كان فيها العدل وحياً منزلاً ثم أحكام وفتاوى الصحابة يليهم الأئمة فى صدر الإسلام والعصرين الأموى والعباسى مواصفات القضاة وأسوأهم سيرة وحكماً وأشهر الفتاوى  التى لا يزال الجدل قائماً فيها حتى يومنا هذا مثل مشروعية زواج الأربع عن الخلاف الذى نشب بين الخليفة أبو جعفر المنصور وزوجته وأتى أبو حنيفة بينهما حكماً فسأله المنصور كم يحل له أن يتزوج من النساء فأجاب أربع ومن الإماء قال ما شاء ليس له من عدد فقال المنصور لزوجته اسمعى يا هذه فأستطرد أبا حنيفة قوله «يا أمير المؤمنين أحل الله  هذا لأهل العدل فمن لم يعدل وخاف ألا يعدل فينبغى ألا يجاوز الواحدة وأستند لقوله تعالى وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة فينبغى أن نتأدب بأدب الله فنتعظ بمواعظه».
وضمت نوادر الشعراء مواقف من الهجاء والمدح والغزل لكن أطرفها كان ما نسميه اليوم «التحرش اللفظى بالنساء عندما تتبع عمر بن أبى ربيعة امرأة شريفة وصفها بأجمل النساء  بالقول ذهاباً وإياباً ..إذ كانت تحجى فى مشيتها مريضة فطلبت من زوجها أن تتكئ عليه عند ذهابها إلى المسجد فوافق وعندما أبصرهما عمر عدل عن تعرضه لها وتمثلت بقول النابغة: تعدو الذئاب على من لا كلب له/ وتتقى مريض المستأسد الحامي، وكان الهجاء للعرب أهدافاً أخرى غير التفاخر بالأنساب والسب والمكايدة..وأبسط مثال ما ورد عن بشار بن برد عندما هجا جريراً فقط ليرد عليه وقال بشار لم أهجه لأغلبه ولكن ليجيبنى فأكون من طبقته ولو هجانى لكنت أشعر الناس.
ومن نوادر النساء ضم خطبة على ابن أبى طالب فى طلب يد فاطمة الزهراء رضى الله عنها إذ جمع رسول الله المهاجرين والأنصار ثم قال لعلى رضى الله عنه تكلم خطيباً لنفسك فقال الحمد لله حمداً يبلغه ويرضيه وصلى الله على نبيه صلاة تزلفه وتحظيه والنكاح مما أمر الله تعالى به واجتماعنا مما قدره الله وأذن فيه وهذا محمداً ابن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجنى أبنته فاطمة على خمسمائة درهم وقد رضيت فاسألوه وأشهدوا.
استطاع «الضبع» فى كتابه أن ينوع بين أخباره وحكاياته ونوادره مواقف قد لا يجمعها موضوع واحد رغم وحدة عنوان الفصل الذى وقد تدارك ذلك بعناوين مختصرة لكل موقف ونوه عنه فى مقدمة الكتاب مبرراً طريقة العرض بأنها كما جاءت فى كتب الأدب مختلفة إلى حد التناقض على الرغم من أن معظم مؤرخى الأدب يأتون بأخبارهم مسندة على طريقة رواة الأحاديث الشريفة سواء كانت أخبرا أو نوادر أو حكايات وقد ينسب الخبر الواحد إلى شخص وينسبه لمؤلف آخر وذلك يرجع إلى مؤلفى كتب التراث كانوا يدونون هذه النوادر من الذاكرة بعد قراءتها بأزمنة فينسبونها لما يحلو لهم من أبطال.
يذكر أنه صدر للكاتب ديوانى شعر، الأول بعنوان «من أغانى الشباب» و»صحوة قلب»  فى مدح الرسول.