الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإسلاموفوبيا تجتاح أوروبا

الإسلاموفوبيا تجتاح أوروبا
الإسلاموفوبيا تجتاح أوروبا




كتب - خالد عبد الخالق

عكست نتائج الانتخابات التى جرت مؤخراً فى عدد من الدول الأوروبية حالة من الخوف والهلع تنتاب شعوب القارة الأوروبية من الإسلام والمسلمين، وقد اصطلح تسميتها «بالإسلاموفوبيا». وهى أيديولوجية اختزلت الإسلام فى صورة سلبية نمطية عبرت عنها الأقلام والأفلام الأوروبية بحيث أصبح المواطن الأوروبى لا يرى فى الإسلام ومعتنقيه إلا الإرهاب والقتل، وهذه النظرة ليست وليدة اليوم بل إنها تنامت بصورة كبيرة بعد احداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، وان كانت إرهاصاتها الأولى بدأت كاطروحات نظرية فى كتابات المفكرين والكتاب الغربيين أمثال صمويل هانتنجتون عندما حذر من الخطر القادم من الدول الإسلامية والذى وصفه بالخطر الأخضر بعد ان تم القضاء على الخطر الأحمر «الشيوعية» وأعاد طرح إشكالية المواجهة بين الإسلام والغرب.
وقد استغل عدد من الأحزاب اليمينية فى الدول الأوروبية تلك الأيديولوجية بحيث انها أصبحت تمثل قاسمًا مشتركًا فى البرامج الانتخابية لتلك الأحزاب ويكاد لا يخلو الخطاب السياسى لأى مرشح يمينى من التهديد والتحذير من الإسلام والمسلمين خاصة مع تزيد عدد اللاجئين من دول الشرق الاوسط نتيجة الحروب والصراعات الأهلية التى تفاقمت خلال الخمس سنوات الأخيرة ونزوح الملايين إلى القارة الأوروبية.
وقد استطاعت الاحزاب اليمينية أن تحقق مكاسب انتخابية كان آخرها منذ أيام «التصويت العقابى» للألمان ضد سياسات ميركل التى انتهجت سياسة الباب المفتوح بحق اللاجئين، إذ حقق حزب «البديل من أجل ألمانيا» الذى أسس عام 2013 تقدما كبيرا بانتخابات الولايات الألمانية بعد هزيمة الحزب المسيحى الديمقراطى بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل فى دائرتها الانتخابية ومسقط رأسها «ماكلنبورغ فوربرومن».
 أما فى فرنسا، فيبدو حزب الجبهة الوطنية برئاسة (مارين لوبين) ابنة زعيم الحزب الأسبق (جون مارى لوبين) أكثر أحزاب اليمين المتطرف تصدراً للمشهد السياسى فى أوروبا وأول حزب استخدم الإسلاموفوبيا فى دعايته السياسية وحملته الانتخابية للتخويف من الإسلام والمسلمين.
وفى الدنمارك استطاع الحزب اليمينى الشعبى تحقيق تقدم ملحوظ فى الانتخابات التى جرت قبل بضع شهور وان يكون ضمن الائتلاف الحاكم الدنماركى، وقد اعتمد الحزب فى دعايته الانتخابية على التحذير من الإسلام كمصدر تهديد لأوروبا، علاوة على أنه ضد الحضارة الغربية.
كما استطاع حزب الحرية الهولندى ان  يحقق المركز الثانى فى الانتخابات بزعامة فيلدرز الذى صرح قبيل اجراء الانتخابات بأنه سيعمل على تقليص عدد المغاربة فى هولندا.. لقد انعكست نتائج الانتخابات على منظومة القوانين التى تنتهك حقوق المسلمين فى الدول الأوروبية فكان قانون حظر الحجاب فى فرنسا وبلجيكا، قانون حظر المآذن فى سويسرا، ناهيك عن الانتقاد الإعلامى الصريح للمجموعات المسلمة من المهاجرين فى الغرب تحت غطاء القيم الليبرالية كحرية التعبير وحقوق المرأة، وهو ما تؤكده التقارير الأوروبية نفسها التى تشير إلى أن واحدا من ثلاثة مسلمين فى أوروبا يتعرض للتمييز العنصرى..لقد استطاع اليمين المتطرف تحقيق مكاسب انتخابية ملحوظة؛ لأنه استغل إخفاق الأحزاب الاشتراكية اليسارية فى معالجة قضايا البطالة والهجرة ومكافحة الإرهاب، ومن ثم ظهر اليمين المتطرف مدافعا عن الهوية والقيم الأوروبية.
لذلك جاءت النتيجة فى شكل تصويت مكافئ من المواطن الأوروبى لليمين المتطرف الذى استطاع خفض الخوف والقلق لدى الأفراد من خطر المهاجرين.
وليس خافياً على أحد أن سلوك بعض الجاليات المسلمة فى الدول الأوروبية أثار حفيظة تلك المجتمعات، خاصة مع ما شهدته عدد من العواصم الأوروبية من اعمال ارهابية وتفجيرات سواء فى بروكسل او باريس اتضح  فيما بعد ان من قام بتنفيذها هم ابناء الجيل الثانى والثالث للمهاجرين المسلمين والعرب فى تلك الدول وهو ما شكل صدمة للدول الأوروبية خاصة فرنسا، التى تعكف حاليا على مراجعة سياساتها بحق المهاجرين ومنح الجنسية، لذلك لم تكن نتائج الانتخابات الأخيرة فى فرنسا مفاجئة للكثيرين، حيث حلت الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) فى المرتبة الأولى، وبفارق كبير فى الجولة الأولى وبتحقيق نسبة قياسية تتراوح بين 25 و26%، وهى أعلى النسب التى حققتها فى تاريخها.
لذلك وفى ضوء المؤشرات التى افرزتها نتائج الانتخابات السابق الإشارة إليها فإنه من المتوقع ان نلحظ تغييراً جوهريًا فى مجمل السياسات الاوروربية اتجاه قضايا الشرق الاوسط عامة والقضايا العربية خاصة، تضمن فى الاساس حماية الحدود الأوروبية من موجات الهجرة الجماعية، ولن يكون أمام المهاجرين المسلمين إلا الاختيار بين الموت فى بلدانهم من الفقر وقمع الأنظمة الاستبدادية أو الموت فى البحر أو فى الغابات الأوروبية.. وبذلك يكون المهاجرون كالمستجيرين من الرمضاء بالنار.