الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

منافذ القوات المسلحة.. طوق النجاة من جشع التجار

منافذ القوات المسلحة.. طوق النجاة من جشع التجار
منافذ القوات المسلحة.. طوق النجاة من جشع التجار




تحقيق وتصوير - سمر حسن

«الجيش والشعب إيد واحدة» ليس مجرد شعار يتغنى به البعض، فالجيش الذى حمى ثورتى 25 يناير، و30 يونيو ووقف بجانب الشعب ضد إمبراطوريات الظلم والفساد، مازال مستمرًا فى دوره الوطنى، من خلال حرصه على توفير السلع الاستراتيجة التى قد تعجز بعض مؤسسات الدولة عن توفيرها.
أبت القوات المسلحة الوقوف مكتوفة الأيدى لتشاهد فقط معاناة محدودى الدخل، فهى تشارك فى المشروعات العملاقة والصغيرة أيضًا لأنها المؤسسة الوحيدة التى لم يصبها الفساد بأى شكل على مدار السنوات.

استغل عدد كبير من التجار إقبال المواطنين على الشراء خصوصًا للحوم فى تلك الفترة وقاموا برفع أسعار السلع بشكل جنونى، إلا أن القوات المسلحة قطعت عليهم طريقهم فى ابتزاز المواطن وطرحت لحوم وسلع أخرى متعددة بأسعار مناسبة تخفيفًا عن كاهل المواطن.
  قامت «روزاليوسف» بجولة داخل الأسواق لرصد آراء المواطنين حول أسعار اللحوم  خلال تلك الفترة.
شملت جولتنا محلات بيع اللحوم «البلدى، المجمد، منافذ دعم محدودى الدخل، منافذ التموين والزراعة، ومنافذ القوات المسلحة».
«محلات اللحوم المجمدة»
يقف أمامها أعداد كبيرة من المواطنين فى طوابير تمتد لعشرات الأمتار، يبدو على معظمهم الفقر وعلامات التعب والإرهاق، أما عن المحال ذاتها فمظهرها الخارجى مهلهل ومتسخ، يحيطها القمامة، ناهيك عن الروائح النتنة المُنبعثة من الداخل، والعاملين بها رغم أن دورهم لا يقتصر على البيع فقط، وإنما يشمل الفرم والتقطيع لتصبح اللحوم جاهزة لطهو طبخة ما، أو لدمج مجموعة من الخضروات، بالإضافة إلى الأرز لتجهيز «كفتة أرز» والتى اعتاد عدد كبير من المصريين طهوها إلى جانب «طبق الفتة» فلا يتبعوا شروط الصحة والسلامة كارتداء قفاز فى أيديهم، والمعدات المستخدمة فى التقطيع والفرم ملطخة بالدماء الناتج عن تقطيع اللحوم عقب ذوبان الثلج من عليها.
يضعون قائمة أسعار طويلة مدون عليه أنواع مختلفة من اللحوم وأسعار مختلفة تبدأ من 15 وحتى 43 جنيهًا للكيلو، والكبدة من 9 وحتى 38 جنيهًا للكيلو، بالإضافة إلى الحواوشى والسجق بسعر 15 جنيهًا للكيلو.
أصحاب المحال واثقون أن زبائنهم موجودين مهما عصف بهم الحال، فأسعارهم زهيدة مقارنة باللحوم البلدية، ويقبل عليهم المواطن البسيط رغمًا عنه.
محمد رفاعى - صاحب محل لحوم مجمدة – أوضح أن تجارته مستمرة وزبونه دائم فهو يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تمكين المواطن البسيط من شراء لحوم حمراء ممتازة ليتناولها مثله مثل ميسورى الحال والأغنياء، بل أن ما يقوم به هو عمل وطنى.
وأشار النعمانى عطية - صاحب محل لحوم مجمدة – أن الأعياد لا تُمثل له موسم لأن زبونه دائم طوال العام، وواصل: نحن لا نستغل المواطنين كغيرنا من التُجار برفع الأسعار فى المناسبات والأعياد، ولكن تبقى أسعارها كما هى خاصة بعد طرح الحكومة للحوم بأسعار منخفضة، ومنافذ القوات المسلحة وسياراتها التى تغزو قرى ومراكز ومحافظات مصر وتوفرها بأسعار مناسبة لمحدودى الدخل.
محمد نعيم – صاحب محل لحوم مجمدة – قال «معنديش وقت أصور أو أتكلم معاك، إحنا فى وقت موسم» بهذه الكلمات أكد على ضغط الشغل الذى يواجهه فى المواسم، فالبيع غير مُقتصر على المواطن العادى فقط، وإنما يقوم بتجهيز كميات كفتة وحواوشى، وسجق لعدد كبير من المطاعم، وعربات تقديم الأغذية للمواطنين بالشوارع.
أما الزبائن فرغم علمهم بقائمة الأمراض الفتاكة الناتجة من تناول هذه اللحوم إلا أن الفقر وضيق الحال أرغمهم عليها.
روت عايدة سيد – ربة منزل – قصتها، فهى أم لثلاث أطفال ومضطرة لشراء اللحوم لهم خاصًة فى الأعياد، ولكن دخلها لا يكفى لشراء اللحوم البلدى، فتشترى المجمد بدلًا منها رغم علمها بخطورتها ولكن لا بديل أمامها، حتى انها وجدت ذات مرة جزءًا متعفنًا فى اللحم فقامت بإزالته وطهى الباقى.
«مفيش عيد لحمة من غير لحمة» بهذه الكلمات أوضح عبدالمنعم عبدالمنعم – عامل – ضرورة شراء اللحوم فى فترة عيد الأضحى المبارك، حتى وإن كانت مجمدة، فهو يرى أنه رغم امتلائها بالميكروبات إلا أن طهوها على درجة حرارة 100 مئوية يقتل أى «ميكروب» بها.
«محلات اللحوم البلدى»
رغم ارتفاع أسعارها المُبالغ فيه بشكل سريع ومستمر، والذى ارتفع قرابة الـ15 جنيهًا فى أقل من شهرين «من 90 إلى 105 جنيهات» وفى طريقها إلى  110 جنيهات فى عيد الأضحى المبارك، إلا أن هناك عددًا غير قليل يقف أمامها، معظمهم ميسور الحال، يطلبون من الجزار قطع معينة، حتى ولو ارتفع سعرها عن المحدد للكيلو بمبلغ قد يصل إلى 10 جنيهات، ويقبلون على حجز «الكبدة» قبل أن تُستنفذ الكمية المتاحة وسعرها يرتفع عن اللحوم 10 جنيهات.
أصحاب المحال والذين يبررون لأنفسهم رفع أسعار اللحوم بسبب ارتفاع سعر الدولار والذى ارتفع بسببه أسعار جميع السلع، بما فى ذلك ارتفاع أسعار رؤوس الماشية عليهم، وذلك فى كل المواسم بما فيها أعياد المسيحيين.
يقول حمدى شلبى – صاحب محل لحوم بلدى – أن أصحاب محلات الجزارة يتضروون أكثر من الزبائن، فكلما ارتفع سعر اللحوم قل عدد الزبائن، وأنه يتمنى أن توفر الدولة لهم رؤوس ماشية بأسعار منخفضة لإنعاش تجارتهم من جديد.
أما محمد أبو ستة – صاحب محل لحوم بلدى – أوضح أن سبب ارتفاع الأسعار هكذا هو غلاء رؤوس الماشية، وتابع: هناك «عجول» مريضة ويمكننى شراؤها والحصول على مكسب أعلى وطرح سعر أقل للزبون إلا أننى أرفض ذلك، وأفضل المكسب الحلال حتى ولو كان قليلاً.
«منافذ القوات المسلحة وسياراتها المنتشرة فى كل مكان قسمت ظهرنا» هذا ما قاله محمد الشحات – صاحب محل جزارة – موضحًا أن الزبائن هربت من نار ومرض اللحوم المجمدو وجحيم غلاء البلدى إلى جنة لحوم القوات المسلحة البلدى المضمونة، واستطرد: نحن ننتظر المواسم بفارغ الصبر لتعويض خسائر العام.
وأشار السيد أبوالذوق – صاحب محل لحوم بلدى – أن حركة بيع وشراء اللحوم البلدى من خلال محلات الجزارة تقلصت بشكل كبير عقب عزوف المواطنين عن شرائها واتجاههم للمجمعات الاستهلاكية، ومنافذ الجيش التى ذهبت إلى المواطن فى القرية، ولا استبعد أن توزعها عليه داخل منزله، وواصل: بعد أن كنت أذبح يوميًا «عجل» وأحيانًا اثنين، الآن نشترك 3 أو 4 جزارين لشراء «عجل» واحد وبيعه.
ورأى زبائن محال اللحوم البلدى أنهم يفضلون تقليل وجبة اللحوم إلى النصف فضلًا عن شراء لحوم مجهولة المصدر أو مجمدة.
قالت سالى عبدالرحيم – موظفة – أنها قلصت الكمية التى كانت تشتريها من اللحوم بعد ارتفاع أسعارها الجنونى، وتابعت: أفضل أكلها مرة واحدة فى الأسبوع بدلًا من أكل اللحوم المجمدة.
ووافقتها الرأى ولاء تعلب – ربة منزل – وأنها تضطر لشراء اللحوم البلدى خوفًا من الأمراض التى قد تلحق بها من أنواع اللحوم الأخرى.«التموين والزراعة ومحدودى الدخل»
يتم استيراد رؤوس الماشية وذبحها فى مجازر أبوسمبل، وطرحها فى منافذ وزارتى التموين والزراعة، ودعم محدودى الدخل، وتكون بسعر موحد ومخفض وهو 55 جنيهًا للكيلو من القطع، و45 للمفروم، وتعاقدت الشركة القابضة للصناعات الغذائية مع وزارة الزراعة لتورد لها 10 آلاف خروف بحيث يتم توزيعه على المنافذ.
وأوضح عدد من العاملين داخل المنافذ «محمد يوسف، طارق شعبان، محمد حمدي» أنه يتم التفتيش اليومى على هذه المنافذ من قبل هيئة الطب البيطرى، وواصلو: أن مسئولى الهيئة قاموا باستبعاد عدد من العمال بعد إدخالهم «عجل» من ماشيتهم الخاصة.
وأشاروا إلى أن هذه اللحوم ولها مدة صلاحية، ولو تبقى أى كمية فإنه يتم إعدامها، ولكن الجودة والسعر يجذبا الزبائن ولا يتبق ولو قطعة لحم واحدة، وأكدوا أن المنافذ كلها توفر لحوم بسعر 55 جنيهًا للكيلو، بخلاف خرفان للأُضحية بسعر 38 جنيهًا للكيلو، وتوفر معها مكان وجزار للذبح توفيرًا على المواطن.
«منافذ القوات المسلحة»
برغم الشكاوى المستمرة من ارتفاع أسعار اللحوم، ووقوع المواطن فريسة بين تجار مُستغلين، أو اللحوم المجمدة وما تحويه من أمراض قد تصل لسرطان المعدة والمرئ، دفعت القوات المسلحة بكميات كبيرة من اللحوم فى المنافذ الخاصة بها، ومن خلال المجمعات الاستهلاكية التابعة لها «صن مول»، بخلاف السيارات التى وصلت إلى قرى ومراكز ومحافظات مصر، ولم يقتصر دورها على توفير اللحوم فقط، وإنما وفرت عددًا كبيرًا من السلع بين دجاج ولحوم وجبن وألبان، ومواد غذائية عديدة على مدار العام.
هذه كانت جولتنا الأخيرة لرصد مجهودات القوات المسلحة حصن الأمان لرفع العناء عن البسطاء، ولتضح الصورة، وهى أن المشكلة ليست فى ارتفاع الأسعار أو ندرة السلع، ولكن غش وجشع التاجر الذى استحل دم المواطن.
قال محمد حسن – مهندس – احرص دائما على شراء اللحوم من منافذ القوات المسلحة، فهى الأكثر جودة، والأضمن، علاوة على سعرها المناسب.
ووافقه الرأى عصام على – مدرس بالمعاش – مؤكدًا أن حالته المادية جيدة جدًا وتمكنه من شراء اللحوم من محلات اللحوم البلدية، إلا أنه لن يقدم على فعل ذلك خوفًا من انعدام ضمائر عدد كبير من التُجار، فكيف لى أن أعرف إذا كانت هذه لحم «عجول» أو أنها لحوم «حمير»، ولكن القوات المسلحة التى لا يغفل لها جفن من أجل الوطن تضخ منتجات مضمونة وجيدة.
وأشارت كريمة السعيد – موظفة – أنها تشترى اللحوم من سيارات القوات المسلحة، والدجاج أيضًا وكل ما تحتاج إليه من سلع، فهى توفرها بأسعار ثابتة وموحدة ويتم التعامل مع الجميع على حدٍ سواء، وسعر الكيلو 45 جنيهًا للقطع، و45 جنيهًا للمفروم، والكبدة 28 جنيهًا للكيلو، والكلاوى 20 جنيهًا للكيلو، والدجاج الكيلو 20 جنيه، وأوراك الدجاج 28 جنيهًا للكيلو.
وأوضح ابراهيم العدل – مقاول – أن منافذ القوات المسلحة وجهت ضربة قاسمة لأصحاب الضمائر الخربة، فبخلاف المنافذ الثابتة والسيارات اليومية، يتم الدفع بسيارتين فى صباح كل يوم مُحملة بلحوم طازجة للجمهور بسعر 38 جنيهًا للكيلو، يتجمهر أمامها المواطن، لجودتها وسعرها المتميز.
فيما قالت إكرام يحى – عاملة – مجرد مرورى أمام المولات التجارية الضخمة يشعرنى بالحسرة والفقر، فلا أستطيع الدخول إليها لشراء «عظمة» وليس كيلو لحم، وواصلت: «ربنا يخلى الجيش دخلت اشتريت من «صن مول» التابع للقوات المسلحة اللحوم بسعر 40 جنيهًا للكيلو» بمعنى أنه أرخص من سعر اللحوم المجمدة التى كنا نأكلها من جانب، ومن الجانب الآخر تأكل هى صحتنا وصحة أولادنا.
وطالب عدد من المواطنين أن يتم توسيع منافذ الجيش التى دائمًا تكسب الجولة أمام جميع المستغلين، لتكون أسواق كبيرة تشمل جميع السلع، للقضاء على المُستغلين، وحفاظًا على المواطن من الأمراض الخطيرة التى قد تُصيبه.
ومن جانبه قال محمد صلاح – خبير اقتصادى – أن وصول سعر الكيلو من اللحوم إلى 100 جنيه مبالغ فيه، ولابد من فرض سعر رسمى لها فهو بهذا السعر يحقق مكسب 300%  للبائع، وأشار إلى أن توفير القوات المسلحة، ووزارة التموين للحوم الجيدة بسعر مناسب، سيكبح جماح هؤلاء التجار، وأضاف أن الأسعار بدأت فى الانخفاض عما قبل طرح اللحوم فى سيارات القوات المسلحة والمنافذ، ووصولها إلى جميع المواطنين، ووصلت نسبة الانخفاض إلى 25% من الأسعار بسبب عزوف الجمهور عن شراء اللحوم المجمدة والجزارة، والشراء من منافذ القوات المسلحة.
الرقابة على الأسواق
وتابع الدكتور محمد جمعة – مدير الطب البيطرى بالدقهلية – قائلًا يتم استيراد رؤوس الماشية من السودان، وذبحها بمعرفة الحكومة المصرية وفى بعض الأحيان تكون تحت إشراف الحكومية السودانية فى «أبوسمبل» ويتم نقلها فى الحال بحيث تصل إلى المنافذ فى نفس اليوم من خلال سيارات مُجهزة «مبردة»، وأضاف نقوم بحملات دورية يومية بالتعاون مع مباحث التموين، وممثلى الصحة، على جميع محال الجزارة، ومنافذ بيع اللحوم، فمدة اللحوم 14 يومًا فقط، وفى حين رصد أى مخالفات يتم تحويل المخالف للتحقيق، وإعدام اللحوم الفاسدة وفقًا للقانون، وتطبيقًا لأحكام النيابة العامة.
وأضاف أن هناك لحومًا تتبع القوات المسلحة تربى وتذبح بمعرفتها، ويتم توزيعها على مختلف منافذها، ولم نرصد بها أى مخالفات.
شدد الدكتور إبراهيم محروس – رئيس هيئة الخدمات البيطرية بوزارة الزراعة  على تكثيف الحملات على جميع منافذ بيع اللحوم، ومرور حملات يومية لضبط الأسواق، وتم استيراد 52 ألف جمل من السودان وإثيوبيا، بالإضافة لاستيراد كمية كبيرة من العجول، بحيث يتم ذبحها فى مجزر أبو سمبل، أو فى السودان ويتم الكشف عليها فى المحجر الصحى، ثم نقلها فى سيارات مجهزة بثلاجات «مبردة» للمنافذ، بالإضافة لفتح المجازر للجمهور لذبح أضحيتهم بالمجان.
وأشار إلى أنه هذه اللحوم صالحة لمدة ما بين 7 إلى 14 يومًا، ولا يجوز البيع منها بعد ذلك، وفى حالة تبقى أى كمية منها تُعدم على الفور، وفى حالة مخالفة مسئول المنفذ للتعليمات يتم تحويله للتحقيق، ومحاسبته قانونيًا.