الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رفض أزهرى لقانون تركى يوجب «الإخصاء الكيميائى»

رفض أزهرى لقانون تركى يوجب «الإخصاء الكيميائى»
رفض أزهرى لقانون تركى يوجب «الإخصاء الكيميائى»




ترجمة - داليا طه - كتب - عمر حسن

فى ظل التخبط الذى تعيشه تركيا قررت الحكومة التركية وضع برنامج لـ«الإخصاء الكيميائى» الجبرى لمرتكبى الجرائم الجنسية، فى ظل التخبط الذى تعيشه تركيا قررت الحكومة التركية وضع برنامج لـ«الإخصاء الكيميائى» الجبرى لمرتكبى الجرائم الجنسية، موضحين أن هذه العقوبة لن تعالج الأسباب الجذرية الكامنة وراء انتشار العنف ضد المرأة، بل قد يكون لها آثار سلبية، وذلك وفق ما نقلته صحيفة «الجارديان» البريطانية.

وأشار بعض خبراء الصحة إلى أن الاستخدام طويل الأمد لأدوية «الإخصاء الكيميائى» قد يؤدى إلى آثار جانبية خطيرة ودائمة، بما فى ذلك زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وهشاشة العظام.
والإخصاء الكيميائى، وفق تعريف الأخصائيين، عبارة عن إعطاء أدوية معينة لتقليل فرز هرمون الذكورة «التستوستيرون»، مما يؤدى إلى تقليل الرغبة الجنسية، وبالتالى تلاشى الشعور بالرغبة فى التحرش بالنساء أو الاعتداء على الأطفال.
وتعد تركيا ضمن مجموعة صغيرة من الدول التى شرّعت العقوبة مثل: اندونيسيا وبولندا وروسيا، وبعض الولايات فى أمريكا، فى حين أدخلت ألمانيا وفرنسا والسويد والدنمارك الاستخدام الطوعى لهذا الاجراء، ووفقا لبحث من الدول الاسكندنافية، انخفضت معدلات العودة إلى تلك الجريمة من 40٪ إلى ما بين صفر و 5٪، بعد تطبيق هذه العقوبة.
ومع ذلك، فإن القانون التركى الجديد لا يتطلب موافقة الجانى، بل سيتم إصدار القرار من جانب المحكمة، ومن ثم تقوم إدارة العلاج بتطبيقه ضد المتحرشين ومرتكبى الجرائم الجنسية.
العقوبة من وجهة نظر البعض منافية للإنسانية، بل ومحرمة فى جميع الشرائع، ولكن نتيجتها السحرية على تقليل نسبة هذا النوع من الجرائم، جعلها مستحسنة من جانب البعض، مما قد ينبأ بمطالبات بتطبيق تلك العقوبة فى مصر، نظرًا لارتفاع نسبة التحرش الجنسى، وجرائم العنف ضد المرأة والأطفال، لذا كان لزامًا معرفة رأى الفقهاء والعلماء فى هذه القضية، وما إن كانت تتماشى مع ما أقره الإسلام من عقوبات بشأن مرتكبى الجرائم الجنسية.
ففى البداية يرى الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن هذا القانون يُعد انتهاكًا لمعصومية بدن الإنسان، ومساسًا بخصائصه التى وضعها فيه الله – عز وجل - واصفًا إياه بالقانون «البربري».
وأضاف النجار فى تصريحات لـ «روزاليوسف» أن كل إنسان يتحمل مسئولية خطأه، وليس من حق أحد أن يمنع ارتكابه للخطأ، بسلبه الإرادة من خلال «إخصائه»، موضحًا أن هذه العقوبة إجرام فى حق البشر، ولو كانوًا مخطئين، فالشرع يريد الإنسان مُريدًا، وليس مسلوب الإرادة.
وأشار النجار إلى أن الاهتمام بالتعليم، ونشر الأنشطة الثقافية تقلل من حدة التفكير الجنسى، وتقلل من ارتكاب مثل هذه الجرائم فى أى دولة، حتى وإن لم تكن إسلامية، لكن هذا القانون يقتل الرغبة لدى البشر، ولن يكون حلا مطلقًا لمشكلة التحرش.
من جانبه أوضح الدكتور سعد الدين هلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وعضو المجلس القومى للمرأة، أن هذا الأمر قضية معاصرة، لم يأتِ فيها قول بالإسلام، ويختلف عليها الفقهاء بين مؤيد ومعارض، والكلام هنا وفق قناعة الإنسان بدينه، مطالبًا هيئة كبار العلماء بالانعقاد للبت فى هذا الأمر، وهل يمكن تطبيقه فى مصر أم لا..وأردف فى تصريحات خاصة قائلا: «الجهة الوحيدة التى تمتلك الحكم الفقهى فى المتحرشين الآن هو مجلس النواب الذى يشرع القوانين، ويتفق على العقوبة المناسبة، التى يقرها البشر ولا تُتنسب إلى الشرع فى شيء».
واختتم: «حقوق الإنسان لن تسكت وستقف ضد تلك العقوبة، فالعبث بالجسد البشرى ممنوع حتى للمحكوم عليهم بالإعدام».
فى سياق متصل قال الداعية الإسلامى، الشيخ خالد الجندى: «إن العبث بجسد الإنسان هو انتهاك لسر العظمة الإلهية، فلا يجوز تحويله أو إتلافه، وإن كان صاحبه مخطئًا، لأننا لو سمحنا بما يسمى بالإخصاء الكيميائى سيأتى ما هو أعظم كالعبث فى عقل الإنسان وذكائه، وستفتح بابا للشر لن ينغلق».
وتابع: «لو كان الإخصاء الكيميائى جائزًا لكنا استعملناه لمقاومة الزيادة السكانية فى مصر، أخشى أن تأتى إحدى الحكومات وتقتنع بالفكرة وتخصى شعبًا بأكمله»، لافتًا إلى أن الشريعة الإسلامية كفلت بالعقوبات التعزيرية منع ظواهر التحرش، كالتشهير بمرتكب الجريمة، وإسقاط سمعته وعدالته فى المجتمع، فكما قال الله –عز وجل-: «وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين»، فيكون ذلك بمثابة زجر اجتماعى له، إنما العبث بالجسد البشرى بهذه الطريقة يُعد تطاولا على خلق الله.. وأكد الجندى فى تصريحات خاصة أن التحرش مهما كانت مساوئه فهو أهون كثيرًا من تحويل الكائن البشرى لفأر تجارب، مشيرًا إلى أن «الإخصاء الكيميائى» ربما يقلل التحرش بشكل ظاهرى، ولكن النتائج المترتبة بعد ذلك ستكون مشجعة لحكومات متسلطة فى كثير من الدول لاستخدام التكنولوجيا بشكل وحشى ضد شعوبها.
واختتم قائلا: «التحرش جريمة مشتركة بين الرجل والمرأة ولا داعى لمجاملة النساء، وأنا لا أدافع عن أصحاب الخلق الوضيع من المتحرشين، إنما أقول هناك جانب آخر يساهم فى زيادة التحرش لا نلقى الضوء عليه وهو اهتمام المرأة بزيها، وصحيح هناك تحرش بالمنتقبات والمحجبات ولكن ليس بالنسبة التى يتعرض لها غير الملتزمات».