السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفيوم.. «بريمو» المغالاة فى سعر شبكة العروس

الفيوم.. «بريمو» المغالاة فى سعر شبكة العروس
الفيوم.. «بريمو» المغالاة فى سعر شبكة العروس





الفيوم ـ حسين فتحى


بالرغم من ضعف المستوى الاقتصادى لمعظم أبناء محافظة الفيوم، وورود المحافظة فى المرتبة الـ22 فى تقرير التنمية البشرية، إلا أنها سجلت أعلى نسبة بين محافظات مصر طلبا للذهب كشبكة للعروس، التى تتراوح من بين 250 جرامًا إلى 1000 جرام عند بعض الأسر، ما تسبب فى زيادة نسبة العنوسة التى تصل إلى 7% بعد أن كانت لا تتجاوز سوى 2% خلال فترة الستينيات والسبعينيات.
فضلا عن أن أكثر الأسر التى تغالى فى طلب الشبكة أغلب بناتهن حاصلات على مؤهلات متوسطة وأقل من المتوسطة، وتأتى قرى «تطون ـ الغرق ـ أبوجندير بمركز إطسا ـ سنهور ـ أبوكساه  بمركز أبشواى ـ فيديمين ـ سنهور بمركز سنورس» على رأس القرى التى تطلب كميات كبيرة من الذهب كشبكة للعروس.
«علا عرفة»، إخصائى صحافة بديوان عام محافظة الفيوم، تصف المغالاة فى طلب الشبكة للعروس بأنها تجارة وليست «جوازة»، حيث إن الرسول «صلى الله عليه وسلم» قال فى أحد أحاديثه: «أقلكن  مهرا أكثركن بركة»، ما يدل على أن الاقتصاد فى متطلبات الزواج يساعد على تكوين أسرة مستقرة بخلاف الأسر التى تطلب مهورا باهظة تصل الشبكة فيها إلى كيلو ذهب، ما حول الزواج إلى عملية تجارية وابتعد تماما عن معايير الأخلاقيات والمودة والتوافق الفكرى والاجتماعى، منوهة إلى أن بعض الأسر تغالى فى طلب الشبكة حتى لو كلفها ذلك إلى الاستدانة من أجل المظاهر الفارغة، ما أدى إلى تزايد نسب الطلاق خلال السنوات الأخيرة.
وتضيف مرفت محمود، مدرس لغة ألمانية بكلية السياحة والفنادق بجامعة الفيوم: إن التفاهم والتوافق بين الطرفين أهم كثيرا من المغالاة فى طلب الشبكة، خاصة أن الفتيات ليست سهلة تقاس بالذهب، مشيرة إلى أن بعض الأسر فى القرى تغالى تماما فى طلب الشبكة، ناهيك أننا نرى على سبيل المثال فتاة طبيبة أو معيدة فى الجامعة لا تتعدى شبكتها الـ100 جرام، فى حين نرى أخرى حاصلة على مؤهل متوسط وأسرتها تطلب كيلو ذهب من النوع «اللازوردى» بخلاف طلب الشبكة، ويحدث ذلك فى بعض قرى مركز إطسا التى تعرض فتياتها فى «بورصة  الزواج لمن يدفع أكثر بالرغم أن تلك الأسر كانت تعانى الفقر قبل سفر أبنائها لدول «الفرنجة» ليتحول اليورو إلى أسلوب حياة.
وتقول تهانى رمضان، موظفة بإذاعة شمال الصعيد: إننى أنتمى لقرية أبوكساة التابعة لمركز أبشواى، وأن بعض العائلات بهذه القرية يطلبون «شبكة» لبناتهم لا تقل عن 250 جرامًا وذلك بسبب ارتفاع المستوى الاقتصادى لكثير من الأسر نتيجة عملهم فى التجارة بالخارج، خاصة أن أغلب الأهالى يملكون مزارع للفاكهة، إضافة إلى وجود أعداد كثيرة من شباب القرية بالخارج، ما جعل القرية تأتى فى مصاف القرى المصرية التى تغالى فى طلب الشبكة لبناتها.
وترى علا عبد الجواد، إخصائى تكنولوجيا التعليم بإدارة غرب التعليمية، أن سبب المغالاة فى طلب الشبكة بمحافظة الفيوم يرجع للطبيعة العصبية والقبلية لبعض القرى التى تتباهى أمام العائلات الآخرى بوزن الذهب الذى تم إهداؤه لبناتهم، ما جعل هناك صراعًا قبليًا فى التنافس على وزن الشبكة التى تزيد على الـ500 جرام لبعض الفتيات غير الحاصلات على مؤهلات دراسية عليا وهى عادات يتوارثها الأبناء على مر السنين.
وتشير عبدالجواد إلى أن شباب القرى بدأ يهرب إلى الزواج من بنات المدن ومحافظات الوجه البحرى للتغلب على مغالاة الأسر فى طلب الشبكة، خاصة أن فتيات الوجة البحرى أكثر جمالا وتحضرا ويقدسن الحياة الزوجية المستقرة بعيدا عن صراع المهر والشبكة، الأمر الذى يبحث عنه الكثير منهم فى ظل انعكاس الحال تماما فى قراهم.
ويؤكد الكابتن أيمن محمود، مدرب كرة سلة بمحافظة الفيوم، أنه تعرض لحالة ابتزاز من أسرة فتاة كان يريد خطبتها، حيث طلب والدها 250 جرامًا من الذهب على سبيل الشبكة بخلاف المهر وتكاليف الشقة، ما دفعه إلى الهرب من هذه الزيجة التى اعتبرها مجرد صفقة تجارية، حيث كان أول شروط والد الفتاة هو وزن  الشبكة، مطالبا أولياء الأمور بالبعد عن المغالاة فى طلب الذهب حتى لا يصابوا بالعنوسة التى انتشرت بكثرة فى الفيوم بسبب هذه المغالاة.
ويلفت رجب سيد جودة، رجل أعمال، إلى أن المغالاة فى طلب الشبكة يؤدى فى كثير من الأحيان إلى إفساد العلاقة الزوجية، حيث من الممكن أن يرتبط شاب بفتاة وبسبب مغالاة أسرة الفتاة فى طلب الشبكة يضطر الشاب إلى الاستدانة، ويضطر العريس إلى بيع الشبكة لسداد مديونياته حتى لا يقع فى غيابات السجون، ما يتسبب فى إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق لسداد ديونه وهذه الحالات تحدث كثيرا، منوها إلى أن هناك إحدى الأسر طلبت من أحد الشباب 120 ألف جنيه شبكة وبالفعل وافق الشاب على طلب والد عروسة وقام بتدبير هذا المبلغ عن طريق بعض ممن يعملون فى الربا وبالفعل دخل السجن وفشلت الزيجة.
ويؤكد أحمد حلبة، صاحب محل مجوهرات، أن هناك تفاوتًا كبيرًا فى طلب الشبكة، حيث ذكر له والده أن الأحيان كان يشترون 100 جرام لبناتهم وكان الجرام يساوى 70 قرشا وحاليا هناك أسر جديدة تصر على شراء الشبكة لبناتهم لا تقل عن 600 جرام بما يوازى 288 ألف جنيه على اعتبار أن سعر الذهب حاليا 480 جنيه للجرام، مشيرا إلى أن الطلب على الذهب انخفض كثيرا ولم يعد هناك مغالاة بالشكل المعروف بسبب ارتفاع سعر الجرام، وأن هناك فتيات تطلب خاتمًا ودبلة ألماظ تبدأ أسعارها من 50 ألف جنيه للطاقم.
الدكتورمحمد جمال، عميد كلية الخدمة الاجتماعية بالفيوم، يرى أن الموروثات الشعبية لبعض الأسر خاصة الذين ينتمون للعائلات والقبائل العربية وراء عادة المغالاة فى طلب الشبكة، بالإضافة إلى ظهور طبقة جديدة من رجال الأعمال والعاملين فى الخارج  الذين يريدون المساواة بالعائلات القديمة والظهور بمظهر جديد من حيث الإسراف فى الإنفاق على شراء الحلى الذهبية للعروس، منوها إلى أنها عادات بالية يجب التخلص منها لمواجهة حالات العنوسة خاصة أن عدد الإناث والسيدات فى الفيوم وصل إلى مليون و530 ألفًا و480 سيدة من إجمالى عدد سكان المحافظة الذى يبلغ 3 ملايين و171 و923 ألف مواطن حسب آخر إحصائية.