الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سعيد الكفراوى: (2-2) أزمة الثقافة المصرية فى الجمع بين النقائض و«الضرب فى الميت حرام»

سعيد الكفراوى: (2-2) أزمة الثقافة المصرية فى الجمع بين النقائض و«الضرب فى الميت حرام»
سعيد الكفراوى: (2-2) أزمة الثقافة المصرية فى الجمع بين النقائض و«الضرب فى الميت حرام»




حوار- مروة مظلوم

الموت حقيقة يهاب البعض ذكرها فى كلماته خشية أن يحضر.. لذا يموت الجبناء مرات عديدة قبل أن يأتى أجلهم.. ويذوقه الشجعان مرة واحدة.. أما أصحاب القلم فيأتى ذكره بين سطورهم على استحياء خشية إشاعة المناخ التشاؤمى فى خواتيم قصصهم فلا تقرأ ولا تباع.. متناسين أن الدنيا كلها ليست إلا فصل واحد من رواية متعددة الفصول.. والموت ليس نهاية القصة وإنما بداية لقصة أخرى  بقلم سعيد الكفراوى.. استكمالاً لحوار الأمس نقلب فى صفحات الكفراوى وذكرياته.

■ على عكس الكثير من كتاب القصة أصحاب النهايات المفتوحة لا تخلو قصص الكفراوى من ذكر الموت.. لماذا علاقتك بالموت فيها أقوى من الحياة؟
- أول قصصى مع الموت كانت فى قريتى  كفر حجازى وبدأت علاقتى  معه منذ ذلك الوقت.. كنت طفلاً فى كُتاب القرية وزميلتى فتاة ضريرة تمتلك صوتًا مرعبًا فى قراءة القرآن يملؤه الشجن والحنين، وأوكل إلى الشيخ مهمة صُحبتها ذهاباً وإياباً من الكتاب لمنزلها، وأثناء رحلتنا اليومية تلك كانت تصف لى الأماكن وكأنها تراها رؤية العين.. وعندما ماتت الفتاة أمرنا الشيخ بحمل المصاحف فى جنازتها وبدخول جثمانها إلى القبر رأيت رفات الموتى فى تلك اللحظة تشكلت علاقتى بالموت فصارت متنًا أساسيًا لما أكتب.. لذلك معظم قصصى لا تخلو من إحساس الفقد والموت فيها ليس فناءً إنما مرحلة انتقالية من الحياة إلى حياة أخرى.. تهيأ لإدراك حياة أخرى تأكيداً للوعى الدينى الفرعونى فى البعث بعد الحياة والحساب والعقاب وهو تصور سابق لحقت به الديانات ثم الدراسة والانتقال إلى المدينة ثم الدخول إلى عالم آخر من الاكتشاف.
لكن هذا لا يعنى أننى حصرت قصصى فى هذا النطاق  لكنها اتسعت فى الكتابة والتعبير عن المهمشين المالك والأجراء والحكام والمحكوم  الذين تشكلت علاقتى بهم منذ الصغر.
■ بعض قصصك كانت تجسيدًا لتجربة شخصية كما فى مجموعتك «يا قلب مين يشتريك».
- من أكثر ما أحببته وكتبت عنه «العالم الخفى وكيف تجسده.. فعندما حضرتنى أزمة قلبية ونُقلت إلى المستشفى وبين الحياة والموت فى غرفة العناية المركزة وصل إلى سمعى صوت الطبيب يقول لزميله «يلا يا دكتور عادل معانا رجل ميت».. رأيتنى أهبط من سريرى، وأسير  فى ممر المستشفى الطويل حتى تقاطع الممر بآخر وظهر فى نهايته والدى المتوفى فدفعنى للرجوع وقتها عادت أنفاسى إلى صدرى مرة أخرى، وسمعت الطبيب يقول «النبض رجع» فأيقنت أننى فارقت الحياة لدقيقة وأبت إلا أن تستردنى من الموت ثانية.. تلك هى التجربة الذاتية للكاتب تنبهه فيها الحياة،وبفطرته وموهبته يحول تلك اللحظة إلى نص أدبى
مقروء، لذلك يقول إبراهيم أصلان «نحن لا نكتب الواقع ولكن نكتب به» الدنيا أغنى من خيال الكاتب وبها حوادث كثيراً ما يعجز خياله عن نسجها فى قصص.
■ أسرة محمد على لها مهابة فى حياة الكفراوى وقصص وذكريات مازالت تُثرى كتاباتك من الطفولة وحتى الآن؟
- هناك واقعة  هى الأعظم فى طفولتى مع أحد أبناء هذه الأسرة إذ كان أبى يجعلنى على رأس شحنة الطماطم لحراستها من غول الناس  وقتها قضيت ساعات على الطريق الزراعى أراقبه طمعاً فى رؤية  الأميرات «أخوات فاروق»  فى طريق ذهابهن لافتتاح مبرة محمد على بالمحلة، كانت حرارة الجو عالية وتأخرن كثيراً ولم يأتين، فخلعت عنى ملابسى كاملة ونزلت إلى «الترعة» عارياً وأنا فى الماء رأيت الموكب قادم  فتسلقت جذر شجرة ومع اقتراب الموكب هتفت فى حماس «عاش الملك فاروق ملك مصر والسودان»، فتوقف الموكب وتراجعت عنه سيارة وهبطت منها الأميرة فوزية وسألتنى «أنت بتحب الملك فاروق أفندم» فكررت «عاش الملك فاروق ملك مصر والسودان» وإذا بها تخلع  عن رقبتها قلادة تلبسنى إياها وأنا مجرد طفل صغير عارٍ.. هذه القصة  ستتضمنها مجموعتى الجديدة «20 قمر فى حجر الغلام».
■ عصر فاروق لم يكن بالسوء الذى نقلته الدراما والكثير من النصوص الأدبية.
- على الإطلاق عصر فاروق عصر ليبرالى متعدد الأحزاب لدولة مدنية ليبرالية به نخبة تقود المجتمع كما يجب فى الموسيقى عبدالوهاب وأم كلثوم وطه حسين والعقاد وحسين أمين وهيكل والمازنى والمؤسسون الكبار من أيام رفاعة رافع الطهطاوى حتى قيام حركة يوليو.. ما يتردد عن عظمة جيل الستينيات وإنجازاته ليس نتاج ثورة يوليو وإنما بقايا الحقبة الليبرالية فى عهد، كل الفاعلين فى الستينيات هم أبناء الحقبة الليبرالية من تكون وعيهم فى تلك الفترة فى المسرح نعمان عاشور يوسف إدريس عبد الرحمن الشرقاوى وفى الرواية محمد عبد الحليم عبد الله وعبد الحميد جودة السحار ونجيب محفوظ وسعد مكاوى والسحار والمازنى فى العلم والسياسة الأمر سيان أبناء تلك الحقبة ظل أثرها فاعلاً فى الثقافة والضمير المصرى حتى هزيمة يونيو 1967 التى جبت  كل ما قبلها من إيجابيات لثورة يوليو.
■ بداية من الخمسينيات وحتى فترة ليست بالبعيدة كان هناك  تشويه واضح لحكم فاروق ثم بدأت إنجازات حكمه فى الظهور مرة أخرى بماذا تفسر هذا التغيير من النقيض للنقيض؟
- ما يحدث الآن ليس تصحيحًا للتاريخ هناك عدة كتب تناولت تلك الفترة بحيادية وتفاصيل دقيقة ليس تمجيداً لشخص «فاروق» وإنما فى عصره بوصفه آخر مشروع دولة أنشأها جده محمد على  مؤسس الدولة الحديثة فى مصر على مستوياتها العدة فى الصناعة والإعمار «على مبارك» والتخطيط «زكى مبارك» التعليم  رفاعة الطهطاوى وأرسل 300 شاب إلى فرنسا غيروا وجه مصر من زمن الترك وبؤسه إلى زمن الحداثة والمدنية يختم بحفيد وهو «إسماعيل» صاحب رؤية مدنية للتعمير والتخطيط من قام ببناء باريس بنا القاهرة، حتى إنها فى عام 1927 حصلت  جاءت فى المرتبة الأولى كأجمل مدن العالم تلتها الإسكندرية ثم باريس فى النظافة والجمال ما قرأته عن القاهرة كتب تدمى الأعين مقارنة بما وصل إليه حالها الآن.. شارع طلعت حرب كان به 70 مطعماً وباراً يخدم بها أرمن وفرنسيون وجريج.. جاردن سيتى كان يسكنها الأقليات المتحضرة فى العالم ميدان التحرير موقع المجمع كان قصر «إسماعيل» وإلى جواره قصر الوالدة باشا «خوشيار» زوجة محمد على  كانت تملك جاردن سيتى وعندما باعت أرضها بنيت القصور لم تكن هناك ضاحية تشبهها فى العالم لكن يأكلها البلاء الآن، وتضربها الرطوبة والخراب، وما قيل عن الباشاوات لا يمت للواقع بصلة هم  من أصلحوا الأراضى الزراعية وردموا البرك والمستنقعات وحولوها لأراضٍ زراعية وأنشأوا مصانع الغزل والنسيج ومنحوا مصر مذاق الصناعة الحديثة وفتحوا باب الاستيراد والتصدير مع إنجلترا هم من بنوا الأوبرا وحرقناها نحن.. الحديث عن تلك الأيام نوع من الحنين المرضى..  تلك الحقبة انتهت من التاريخ ولن تعود إلا بشروطها.. أن يكون هناك دولة مدنية ودستور وأحزاب واحترام للقوانين ومساواة وحرية تعبير وقيمة للقضاء ألا تزيد فترة حكم الرئيس عن 4 سنوات يرحل بعدها بلا رجعة.
■ هل تُحمل كتاب وأدباء تلك الحقبة مسئولية تزييف مشاهد من التاريخ وتشويهه  لنيل رضا الحاكم؟
- كُتاب السلطة لا يخلوا منهم عصر هم صوت السلطة والمعبر الحقيقى عنها وتقديمها من خلال تبييض وجهها وإنجازاتها لكن هناك كُتاب آخرون  قدموا دراسات علمية أكاديمية رصدوا فيها تلك الحقبة بأمانة دون تزييف للحقائق أو إجحاف لحقوق حكامها ورصدوهم كأفراد عرابى عباس الأول الخديو إسماعيل  وفؤاد الأول «العيب فى ذات أفندينا» ذاكرة مصر محمد على مؤسس الدولة ونوبار باشا.. إبراهيم باشا وبعدة لغات وأخيراً فاروق «الفرعون الكبير.. وهناك أقلام ندمت على ما كتبت فى حق تلك الفترة  كـ«محمد حسنين هيكل».
■ كيف ترى المشهد على الساحة الثقافة المصرية؟
- تعيش الثقافة المصرية أزمة تقوم على أسباب فى غاية الأهمية لم يلتفت إليها أحد.. الثقافة المصرية تحيا أكثر من زمن تعيش الماضى بتراثها وسلفها وفكر وأدب ما مضى وتعيش الحاضر بنتاج الكتاب الحاليين وتعيش المستقبل بالوسائط الإلكترونية الحديثة وهو مايسبب مشكلة وهو الجمع بين النقائض لا يعطى مسارًا حقيقيًا للثقافة المصرية فتعيش بفضل ذلك تحت المطرقة والسندان بضغط الماضى السلفى بتراثه وقمع السلطة بأجهزتها فلا يوجد مناخ حر للتعبير والكتابة والاستجابة لآراء الكتاب أو مايتطلبه هذا المناخ.. تحولت إلى ثقافة مهرجانات قضايا   على الرغم من كثرة إنشاء الجامعات والمعاهد إلا أن المنتج الحقيقى للثقافة المصرية منتج متخلف عديم القيمة ولا يوازى المنتج الغربى.. فضلاً عن تهميشها للإنتاج الجيد والكتاب الجيدين كلهم خارج التأثير وطفى على السطح غير المثقفين والانتهازيين ورجع الإعلام الذى تحول من وسيط لاستنارة الناس وتنويرهم إلى دفاع عن نظام سياسى يعانى الكثير من المشاكل .. فلنكتفى بهذا  لأن  «الضرب فى الميت حرام».
■ لم تغامر بكتابة الرواية لكن ترددت أنباء عن عزمك بإصدار واحدة هى «بطرس الصياد»؟
- وقعت فى خطأ عمرى عندماعزمت على كتابة رواية -لامثيل لها بالنية – فذة مفارقة لكل الروايات فى السوق فلم تكتب حتى الآن.. لأن الكتاب ليست بالنوايا والعزم الكتابة كما يقول أستاذنا إبراهيم فتحى «رزق وعليك أن تتواضع أمامها وأن تحسن وفادتها لعل الله يفتح عليك بماتكتب عليك أن تتواضع»، أمام هذه الحالة المستعصية وقعت فى غرام القصة القصيرة كانت هى الشك الأمثل للتعبير عن تجربتى وعالمى وناسى، وإذا كان تشيخوف عبر عن ملح الأرض والمصدورين وخدم البيوت والممرضات والحوذيين «العربيجية» وكل مكسورى القلب فى الدنيا عبر عنهم تشيخوف وإذا كان بلذاك عبر عن بنات الليل وهيمنجواى عبر عن الصيادين والمغامرين أنا عبرت عن تلك المنطقة الغامضة من الواقع المصرى.. تلك المنطقة المليئة بالأسرار والسحر والخرافة والأسطورة عالم الجماعات المغمورة من يعيشون على ضفاف الحياة وأستطعت أن أكتب عنهم اثنا عشر مجموعة قصصية ولخصت تجربتى فى جداليات عن عوالم «القرية والمدينة»، «المكان والزمان»، «الأسطورة والواقع» وكيفية تحويل واقعنا المؤلم إلى فن، «الطفولة والكهولة» أسئلة الأطفال التى لا إجابات لها وتدفع إلى الدهشة، وكتبت عن «المرأة والانكسار» وبحثها عن الدائم عن الملاذ والحضن الدافئ، وأخيراً ضمت كتاباتى العديد من القصص عن المعتقل.
■ رواية بطرس الصياد أول عهد بكتابة الرواية متى تخرج إلى النور؟
- أنا أعشق الرواية وقرأت أغلب نماذجها بطرس الصياد كتبت منها حوالى 140 صفحة أنا وإدوارد الخراط وهى رواية قبطية لها تجلى خاص.. وما زالت فى الدرج.. هل أعاود الكتابة فيها؟.. هل أكتب رواية فى آخر العمر؟ كلها أسئلة حتى الآن لا إجابات لها عندى.. كل ما أعلمه جيداً أن حصاد ماكتبت من القصص القصيرة قدرتها الدولة ومنحتنى جائزة الدولة التقديرية، وقدرها  النقد  فى الداخل والخارج  من فيصل دراج  إلى أدونيس ومحمد برادة وصبحى حديدى على الراعى،  شكرى عياد، جابر عصفور وترجمت لعدة لغات. فإذا كان هذا الشكل فى الكتابة حقق استجاباتى واهتماماتى.. فليس بالضرورة أن أكون روائياً.. أذكر أن صبحى الحديدى الناقد السورى قال «إياك أن تغروه بكتابة الرواية.. دعوه يكتب ما يريد لن نكتسب روائياً كبيراً ولكن بين يدينا قصاص جيد.. اتركوه يكتب ماخلق له.
هناك ثلاثة فى العالم العربى بارزون فى هذا المجال ليس لتميزهم فقط ولكن لأعمارهم التى تنتمى إلى أجيال قديمة. زكريا تامر وأحمد بسفور فى المغرب وأنا فى القاهرة.. نكافح ونحاول استعاة هذا الفن الذى يدافع عن المعرفة من أهوال الحياة والموت.
■ معاصرتك لأربعة عهود.. فى رأيك  أيهم تمتع بمناخ حر سمح لك بالإبداع كقاص؟
- الحرية  فترات فى العهود الثلاثة عبدالناصر السادات مبارك لكن بالنسبة لى هذا الزمن كله منذ عام 1952 وحتى الآن أنا معارض له  ولست راضياً عنه على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى.. لقد قرأت باهتمام فى تاريخ مصر وعشت الحقبة الليبرالية فى أواخرها وقرأت عن المائة العام التى سبقت ثورة يوليو وعرفت جيداً كيف كانت الدولة المدنية  قائمة بكل شروطها رغم وجود طبقات فقيرة حفرت القناة وجاعت وماتت لكن كان هناك هامش من حرية التعبير وشروط لدولة المدنية.. فى حقبة يوليو أنا عشت انهيار الآمال وضياع الحلم واستبدال الزعيم جمال عبدالناصر نفسه للأمة، لاشك أنه كان محباً للفقراء واعياً باحتياجاتهم أصدر قوانين الإصلاح الزراعى والتأمين الاجتماعى وخدم الاقتصاد بمشاريعه الاشتراكية لكن بسبب تسلط القيادة السياسية وعدم وعيها بالرأى الآخر وقعت هزيمة يونيو فـ«كنس» مشروعه بالكامل.
السادات نصف ماحققه من انتصار فى 1973 كان فى مقابله الانفتاح الاقتصادى وهو ما أسماه أحمد بهاء الدين «سداح مداح» وصعود الطبقات المتوحشة لإدارة البلد ونهبها وغلو الأرض ونحتها وتجريفها  وبروز طبقات سافلة من قاع المجتمع لإدارته والصلح التاريخ مع العدو واتفاقية كامب ديفيد.. أما فى عهد مبارك فقد شهد هجرة المصريين كأنها هجرة الزمن الاستنبولى فى عهد الأتراك وصعود التيار الإسلامى وخروجهم من السجون وتكوين جماعات دينية وإرهابية وانفتحت الثروة والتجارة غير المشروعة وتحولت مصر من دولة فاعلة حتى منتصف الستينيات إلى دولة فقدت دورها وتأثيرها وغابت عن الساحة بسبب فوائض النفط  وتراجع مركزها من منبر للثقافة إلى أحد المراكز التى تشارك على استحياء لمواجهة جوائز دول النفط فى الإمارات والثقافة والفكر المحترم فى المغرب.. مصر تعيش أزمة حقيقية لن تخرج منها إلا بتحقيق الليبرالية وسيادة القانون والدولة المدنية وتعدد الأحزاب وحرية الرأى وإطلاق المجتمع المدنى بكل فصائله، وعلى السيد الرئيس أن ينتبه لهذا ويخرج شباب 25 يناير من السجون يشاركوا فى صناعة المستقبل ويعلن عن انتخابات جديدة يشارك فيها كل عناصر المجتمع بشروط وقوانين ورؤى وثقافة دولة مدنية متحضرة.
■ ماذا تمثل  لك الأسماء التالية؟
خيرى شلبى؟
واحداً من الروائيين الكبار فى تاريخ الرواية العربية كتب تجربة عمره  التى عاشها كأحد الحرافيش المؤسسين لثقافة تخصه وكتب عن الطبقات التى عاش بداخلها فكان واحداً من الذين استحدثوا شكلاً للسرد يمثله وحده.. هو مؤسس حقيقى لكتابة الرواية الواقعية الشعبية التى تهتم بقيم الناس وتحولات المجتمع.
يوسف ادريس؟
أتخيل أنه لو لم يكن يوسف ادريس لم نكن نحن كأجيال تلته فى الكتابة.. يوسف ادريس هو العصب الحقيقى للقصة القصيرة منشداً عبرها تاريخ مصر ومدافعاً عبرها عن روح الوطن، فمن خلال القصة واكب المتغيرات وناهض فكرة الديكتاتور الذى تجلى فى كثير من نماذج قصصه، لذا أطلقه عليه «تشيخوف مصر» فهو المؤسس الحقيقى للقصة القصيرة المصرية منذ الخمسينات حتى الآن.
يوسف السباعى؟
ضابط محظوظ قريب من السلطة هو أحد الضباط الأحرار عندما يدافع عن سلطة يوليو فهو يدافع عن وجوده هو، رجل الثورة داخل الثقافة المصرية أطلقوا عليه سكرتير عموم الثقافة المصرية، كان يرأس التضامن الآسيوى الإفريقى، نادى القصة  دار الدباء، وزير الثقافة، رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة الأهرام، كان مصدر ثقة للنظام، أديب له العديد من الروايات الرومانسية الملائمة لبنات تلك الفترة،ويشعر بالغيرة لحظه النقدى الذى كان يذهب إلى نجيب محفوظ، بينما من كتب عنه راعاه على مستوى الوظيفة أو المكافآت أو الوجود الثقافى وهو ما كان ليخفى ذلك أبداً ان مسئول الثقافة لحقبتين متتاليتين عهد عبد الناصر وعهد السادات حتى اغتيل على يد جماعة أيلول الأسود فى قبرص.
إحسان عبد القدوس؟
كاتب كبير وحظه قليل.. كتب فترة سيطرة اليسار على الثقافة المصرية تحديداً وسائل الإعلام فى الستينيات والسبعينيات ونظروا له على أنه كاتب «بنات نادى الجزيرة».. اختلف مع عبدالناصر فاعتقله وأهانه قبل سجنه كان إحسان يخاطب عبد الناصر باسمه «ياجمال» وبعد السجن تغيرت اللغة فكان يدعوه «ياسيادة الرئيس» فيجيبه جمال بشماتة «تغيرت كثيراً يا إحسان»، إحسان آمن بما فعل سابقاً عنما خاض معركته ضد الأسلحة الفاسدة  عام 1948 وكان صوته جزءاً من ثورة 1952 هو واحداً ممن مهدوا للثورة وقلب الرأى العام رأساً على عقب ضد الملك فى مواجهة هى الأشرس من نوعها لكن بعد الثورة ماكان يجب عليه أن يصدق نفسه فالسلطة العسكرية تلك المرة لم تترك له مجالًا لمراجعتها فأهانته وأقصته فتفرغ لكتابة الروايات.. فى رأيى إحسان مشروع فى الرواية العربية شأنه شأن فتحى غانم مع الاختلاف  يرجع السبب لحظه النقدى المحدود فى مواجهة عاصفة نجيب محفوظ، لكن إحسان له روايات عالقة فى الذاكرة وأحد المعبرين عن تلك الحقبة من أواخر الأربعينيات وحتى بداية الثمانينيات وله جمهوره حتى الآن ليس كاتباً لـ«بنات الجزيرة» كما رددوا على العكس لقد واكب متغيرات مهمة عن طبقة نخبة «الأثرياء»  عاشت فى المجتمع المصرى.
جمال الغيطانى؟
أحد الروائيين الكبارمن جيل الستينيات المثابرين لم يكمل دراسته الجامعية لكنه كون نفسه تكويناً ثقافياً فلسفة وتاريخًا والنقد الأدبى، خدمته الظروف لقربه قليلاً من أهل الثقة بالثقة إلى بلدان الدنيا فتجول بين أوروبا وآسيا وإفريقيا وكون رؤية عينية لعالم استخدمه جمال فى ابداع الكثير، يظل صاحب أسلوب وصاحب منطقة عمل وهى «نحت الكتابة الأدبية بلغة «بن إياس» لغة المؤرخ فى العصر الوسيطى فى التاريخ المصرى  كتب العديد من الروايات مواكباً لمتغيرات حياتنا كلها كتب عن الجيش والناس و«الزينى بركات» عن سلطة القمع والمخبرين وكان معجزة جمال فى قربه من سلطة الحكم ورضا الحاكم عنه رغم  موقفه المضاد للسلطة ونقده لها فى رواياته  عبر مجلة أخبار الأدب،خلق جمال الغيطانى تيارًا سياسيًا ثقافى ظلاً ملازماً له حتى رحيله .
■ ما رؤيتك لأدب شباب ثورة 25 يناير؟
- لاشك أن مايكتبه الشباب الآن مختلف تماماً عما نكتبه لأن تكوينهم يختلف عن تكويننا فقد تربينا على الورقة والقلم والكتاب والسماع وإذاعة البرنامج الثقافى من القاهرة  هم تربوا على تقنيات مختلفة تماماً السينما خلقت لديهم صورة حاضرة، والكمبيوتر والإنترنت والتقنيات الحديثة ومتغيرات شملت العالم فجاء أدبهم مختلف، هم أكثر جرأة منا فى تناول الواقع أكثر نقداً جذرياً لما يجرى من أحداث أبرزهم كذلك وليس كلهم .. هم أكثر جرأة على الجنس والدين وتناول السحر والخيال  العلمى متأثرين بكتب عن مصاصى الدماء والعالم الافتراضى  وأكثر جرأة على السياسة وخلقوا قارئًا يستمتع بكل هذا، وهناك من أعتبرهم هم إضافة حقيقية للكتابة العربية مثل محمد الفخرانى وحمدى الجزار وطارق إمام وهشام أصلان ومنصور عز الدين  ووائل الطوخى وأحمد ناجى جرئ وفج وفظ ومقتحم كل المعايب الأخلاقية لدى الرجل العادى بداخل عمله الأدبى لكن كاتب فى مجتمع مستنير له وجوده وأثره.