الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

انهيار القطاع الطبى يسقط «المنايفة» فى بئر المستشفيات الخاصة

انهيار القطاع الطبى يسقط «المنايفة» فى بئر المستشفيات الخاصة
انهيار القطاع الطبى يسقط «المنايفة» فى بئر المستشفيات الخاصة




المنوفية - منال حسين

فى ظل الإهمال الشديد فى مستشفيات القطاع الحكومى بمحافظة المنوفية وغياب الرقابة الفعالة من جانب المسئولين بمديرية الشئون الصحية فى المحافظة، وتدهور الخدمات الصحية المقدمة، وعدم حصول المواطنين على أبسط حقوقهم فى الرعاية الطبية والصحية المتكاملة، فضلا عن عدم تطبيق مبدأ العقاب للمخالفين، وعدم تواجد الأطباء بشكل مستمر، خاصة فى النوبتجيات.
لم يكن هذا فحسب، حيث إن البنية التحتية والأساسات منهارة، بالإضافة إلى وجود أعطال وصدأ فى المعدات الطبية لعدد من المستشفيات العامة والمركزية، وانتشار الفساد المالى والإدارى داخل أروقة جدران عدد من المستشفيات، وقيام مجالس الإدارات بزيادة أسعار الخدمات الطبية المقدمة للجمهور تحت مرأى ومسمع وكيل وزارة الشئون الصحية، والدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية.
ناهيك عن انعدام النظافة داخل المستشفيات وخارجها، الأمر الذى عزز من انتشار أكوام القمامة حول جدران المبانى، الأمر الذى جعل المواطنين فريسة سهلة للوقوع تحت يد مافيا المستشفيات الخاصة بالرغم من تدهور الأحوال الاقتصادية لهم واستدانتهم لسداد مستحقات تلك المستشفيات المالية التى تتجاوز آلاف الجنيهات أملا منهم فى الحصول على خدمات صحية أفضل.
ويمكننا أن نصف العلاج داخل المستشفيات الحكومية بمحافظة المنوفية، بأنه بداية رحلة إلى الدار الآخرة، فمعظم حالات الوفاة التى حدثت، خاصة فى السنوات الأخيرة كانت نتيجة الإهمال الواضح من جانب الأطباء، والاستهتار بأرواح المرضى والمصابين وأعطال عدد من الأجهزة الطبية الحيوية والمهمة، فضلا عن رفض القائمين على المستشفيات بدخول حالات حرجة بحجة عدم وجود أماكن خالية أو عدم تمكن الحالة من دفع تذاكر الدخول.
فى البداية يقول الحاج حسين سالم، أحد المواطنين: إننى ذهبت بزوجتى التى تعيش مراحل متأخرة من مرض فيروس سى إلى معهد الكبد القومى بشبين الكوم، إلا أن المعهد بعد أن وقع الكشف عليها بالاستقبال رفض دخولها بحجة أن حالتها لا تستدعى دخولها المعهد للعلاج، فى الوقت الذى تدهورت حالتها الصحية دخلت على إثرها فى «غيبوبة كبد».
ويتابع: حينها لم أجد أمامى سوى الذهاب بها إلى أحد المستشفيات الخاصة بمركز قويسنا، الذى اشترط الاستقبال به سداد 4 آلاف جنيه مقابل الموافقة على دخول الحالة فقط، ما دفع الزوج للاستدانة لإنقاذ حياة زوجته التى تصارع الموت بعد تخلى المستشفيات الحكومية عنها.
ويلفت سالم إلى أنهما مكثا فى المستشفى الخاص ليلتين فقط، ثم قرر بعدها الدكتور المعالج لحالة زوجتى الخروج، مطالبا إياهم بالذهاب له بالعيادة الخاصة لمتابعتها بشكل أفضل، لكنه فوجئ بعدها بطلب من إدارة المستشفى بضرورة سداد 4 آلاف جنيه أخرى ثمن الليلتين، وتوفيت بعدها الزوجة بيوم واحد فقط من خروجها.
أيضا هناك مأساة أخرى يرويها المهندس أيمن مصطفى، الذى ذهب بوالدته لمستشفى قصر العينى بشبين الكوم بعد إصابتها بـ«قرحة» فى المعدة، ولم يستطع الأطباء عمل الفحوصات اللازمة والاشعات المطلوبة بسبب توقف جهاز الأشعة الخاص بالمستشفى، فى ظل تدهور حالة والدته.
لكن لم ينتظر «أيمن» كثيرا فقرر ترك المستشفى بشكل سريع والذهاب إلى أحد المستشفيات الخاصة بشبين الكوم، ليفاجأ بأن المستشفى الخاص طالبه بضرورة سداد 4 آلاف جنيه مقابل استقبال الحالة، ومكث فيها لمدة يوم ونصف اليوم لعدم تمكنه من سداد مبالغ مالية أكبر ليفاجأ بعدها بقرار آخر يطالبهم بسداد 3 آلاف جنيه أخرى.
وتقول خديجة عشماوى، من سكان قرية شبرا باص، التابعة لمركز شبين الكوم: إن الوصول إلى معهد الكبد القومى أصبح حلماً بعيد المنال لا يدخله سوى المتمتعين بوساطة أو محسوبية، حيث إن زوجها «الحاج كمال»، مصاب بمرض العصر «فيروس سى الكبدى» حدثت له مضاعفات نتيجة إصابته بالمرض أدخلته فى غيبوبة، فقاموا على الفور بالاتصال بجميع المستشفيات الحكومية بالمحافظة فلم يلتفت إليهم الكثير من المسئولين، والآخرون اعتذروا لعدم وجود سرير.
وتلفت عشماوى إلى أنها اصطحبت زوجها إلى أحد المستشفيات التخصصية بشبين الكوم، وأكد الأطباء بالمستشفى أن جميع التحاليل الطبية والفحوصات التى تمت للمريض قبل الدخول فى الغيبوبة جميعها ممتازة، مشيرة إلى أن «كمال» مكث يوما فى المستشفى تحسنت بعدها حالته وآفاق من الغيبوبة الكبدية.
وتابعت: فى ذلك الوقت قرر الطبيب المعالج خروجه فى اليوم التالى، بعد عمل تحاليل أخرى للتأكد أن زوجها خرج من أزمته الصحية، لكن سرعان ما تلاحظ أهل المريض وجود حركة غير طبيعية داخل أروقة المستشفى من قبل الممرضات وأطباء الامتياز الموجودين بالعناية المركزة، علاوة على صراخ «كمال» المتواصل من شدة الألم الناتج عن مغص كلوى.
وتكمل عشماوى: بعد الصراخ بدأ زوجى يدخل فى غيبوبة الكبد مرة أخرى، وعلى الفور تم استدعاء استشارى كلى بالمستشفى، الذى أقر بأن المريض أصيب بخلل فى وظائف الكلى، ما عرضه للإصابة بالفشل الكلوى بعد ارتفاع نسبة الكرياتنين واليوريا واليورك أسيد لديه، والكارثة أن إدارة المستشفى أجبرتنا على سداد 7.5 ألف جنيه، مقابل السماح للضحية بالخروج من المستشفى.
وتنوه إلى أنها قررت بعدها التوجه إلى قسم شرطة شبين الكوم وتم تحرير محضر بالواقعة، لإثبات تدهور الحالة الصحية لزوجها وإصابته بخلل فى وظائف الكلى، لافتة إلى أنها علمت بأن صاحب المستشفى طيار سابق، تم بعدها حفظ المحضر، لأنها من أسرة بسيطة، لم تستطع الحصول على حقها.
أما سامية زيدان، متضررة، فتقول: إن والدها توفى داخل العناية المركزة بأحد المستشفيات المتخصصة داخل المنوفية بعد إهمال طاقم الأطباء فى علاجه، بالرغم من كونه مستشفى تخصصيا، وقمنا بسداد 12 ألف جنيه فى 5 أيام فقط، ومع ذلك لم يتلق والدى الخدمة الصحية المطلوبة، نتيجة علاجه على أيدى طلاب الامتياز من ذوى الخبرات المحدودة.