الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العلماء يوضحون سبب بدء العام الهجرى بـ«المحرم» بدلا من «ربيع الأول»

العلماء يوضحون سبب بدء العام الهجرى  بـ«المحرم» بدلا من «ربيع الأول»
العلماء يوضحون سبب بدء العام الهجرى بـ«المحرم» بدلا من «ربيع الأول»




كتب - عمر حسن


يحتفل العالم الإسلامى بحلول عام هجرى جديد، نودع به 1437 عامًا مضى على هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، ونستقبل العام 1438 بشهر محرم الذى هو بداية التقويم الهجرى للشهور العربية، رغم أن الهجرة النبوية كانت فى شهر ربيع الأول، وفى هذا الشهر أيضًا وهو شهر محرم، نحتفل بيوم عاشوراء،  وتثار عدد من الأسئلة أهمها لماذا بدأت السنة الهجرية بشهر محرم؟ وما هى أهمية الاحتفال بعاشوراء ولماذا يوجد خلاف بين السنة والشيعة فى طبيعة هذا الاحتفال؟
من جانبه قال الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، إن بداية وضع التاريخ الهجرى ترجع إلى خليفة المسلمين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - حينما بعث برسالة إلى أحد الولاة كتب فيها: «ويكون ذلك فى شهر رجب»، فرد الوالى عليه قائلا: «أى رجب من أى عام يا أمير المؤمنين»، وهنا اجتمع الخليفة بحكماء المسلمين ومستشاريه لبحث وضع تأريخ للأيام والشهور العربية.
وأضاف عاشور أن خلافًا نشب بينهم حول بداية التأريخ الإسلامى، فهل يكون العام الأول له هو العام الذى ولد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ أم يكون عام البعثة؟ واستقر الأمر فى النهاية على اعتبار عام الهجرة النبوية بداية للتأريخ الإسلامي، لافتًا إلى أن اختيار شهر محرم كأول شهر فى السنة الهجرية على اعتبار أنه أول الشهور العربية التى كان معمولا بها عند العرب قبل هجرة النبي، وكما جاء فى القرآن الكريم، فى حين كان شهر ربيع الأول الذى هاجر فيه النبى ثالث تلك الشهور، فاستقر الحكماء أن يكون محرم هو بداية العام الهجرى تجنبًا لإحداث أى خلل فى ترتيب الشهور المتعارف عليه من قبل.
فى سياق متصل أوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر أن العرب كانوا يقوّمون أحداثهم بالأعوام المشهورة، كعام الفيل مثلا، أو غزوة بدر بعد مجىء الإسلام، فلم يكن هناك بداية للتقويم، لكن الشهور العربية كانت موجودة من قبل ميلاد النبى محمد - عليه الصلاة والسلام - وتم توحيد أسمائها بين القبائل فى عام 412 ميلاديًا خلال اجتماع اختضنته مكة، فى حياة كلاب بن مرة خامس جد للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لافتًا إلى أن أول من وضع بداية التقويم الهجرى كان عمر بن الخطاب بعد عامين ونصف العام من توليه خلافة المسلمين، واختار من هجرة الرسول بداية لهذا التقويم.
أما عن مناسبة الاحتفال بيوم عاشوراء، فسرد الأطرش حديث رواه البخارى ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -  أن النبى صلى الله عليه وسلم عندما دخل المدينة وجد اليهود صياما فقال لهم: ما هذا الذى تصومونه؟ قالوا هذا يوم عظيم مبارك أنجى الله فيه موسى وقومه من الغرق، فصامه موسى شكرا لله ونحن نصومه. فقال صلى الله عليه وسلم: نحن أولى وأحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه، وقال: لو عشت إلى قابل، أى إلى العام المقبل، لأصومن تاسوعاء وعاشوراء، حتى يخالف اليهود فى صيامهم، وعليه فإن الاحتفال بهذا اليوم يكون بصيام يومى التاسع والعاشر من شهر محرم، أو العاشر والحادى عشر، أو الثلاثة معًا، وكل قدر استطاعته.
وأردف أن الاحتفال بيوم عاشوراء جائز ولا شيء فيه، شرط الالتزام بتعاليم الإسلام ومنهجه القويم، بعيدا عن البدع والمنكرات، والاحتفال المشروع يكون بالصيام والدعاء والذكر والاستغفار، أما ما يفعله بعض العامة مما يطلقون عليه بخور العاشورة المبارك، وما إلى ذلك من الأشياء التى أدخلها الفاطميون فى مصر وأصبحوا يقدسونها ويقيمونها حتى الآن، فهى أمور ليست من سنن الإسلام وتعاليمه فى شيء، وإنما تعاليم الإسلام أن يصوم المسلم فى هذا اليوم لوجه الله تعالي، موضحًا أن التوسعة على الأبناء فى ذلك اليوم أمر مستحب لا غضاضة فيه، فمن وسع على أبنائه وسع الله عليه، شرط عدم الإسراف.
وأكد الأطرش صحة الحديث القائل إن صيام يوم عاشوراء يغفر ذنوب سنة خالية، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله».
بينما أشار الشيخ صبرى عبادة، مستشار وزير الأوقاف، إلى أن مخالفة الرسول لليهود فى صيام يوم سابق أو تال ليوم عاشوراء يعد اعترافًا من الإسلام بجميع الرسل، بعيدًا عن أى تحريف فى الدين اليهودى.
وأوضح عبادة أن معتنقى المذهب الشيعى يختلفون عن السنّة فى توصيفهم لمناسبة الاحتفال بيوم عاشوراء، فهم يحيون ذلك اليوم بحضور جلسات النحيب والبكاء، وشق الجيوب ولطم الخدود، وضرب الأجساد بالسيوف إلى أن تزرف دمًا، تكفريًا عن تخاذل أجدادهم لنصرة سيدنا الإمام الحسين - رضى الله عنه - حينما اُستشهد فى موقعة كربلاء، وإن كان هناك شك فى صحة ذلك التاريخ، مؤكدًا أن تلك الأفعال بعيدة كل البعد عن الإسلام، وتنافى تعاليمه، والإسلام منها براء.
وتابع قائلا: «إن كان هناك ذنب ينبغى التكفير عنه، فهذا يكون برد الحقوق إلى أصحابها فى حالة كان ذنبًا متعلقًا بحقوق العباد، أما إذا كان ذنبًا فى حق الذات الإلهية، فالله عز وجل وضع حدوداً للتكفير عن ذلك الذنب بالاستغفار، والتوبة إلى الله»، مضيفًا أن الإسلام قال إنه لا تزر وازرة وكل نفس بما كسبت رهينة، بما يعنى أن التفرد فى الذنب للإنسان وليس للجماعة.
وعن مدى قبوله لحضور أنصار الشيعة ذلك اليوم إلى مسجد الحسين فى القاهرة لإحياء الذكرى، أكد أن مصر حاضنة لكل الأديان، ولكن بما لا يخالف وسطية أزهرها الشريف، أو ينافى تعاليم وأخلاقيات الإسلام، ما يعنى أن حضورهم إلى مسجد الحسين فى حد ذاته لا مشكلة فيه، أما ممارسة تلك المعتقدات والطقوس المشينة فى حرم المسجد هو ما لن يقبله الأزهر أو علماؤه بأى شكل كان، ليس فى مسجد الحسين فقط، وإنما فى حدود جمهورية مصر العربية.