الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى حواره لـ«روزاليوسف» إيهاب بسيسو: الثقافة مقاومة وإنتاج سينما فلسطينية يمثل ذروة التحدى للعدو

فى حواره لـ«روزاليوسف» إيهاب بسيسو: الثقافة مقاومة  وإنتاج سينما فلسطينية يمثل ذروة التحدى للعدو
فى حواره لـ«روزاليوسف» إيهاب بسيسو: الثقافة مقاومة وإنتاج سينما فلسطينية يمثل ذروة التحدى للعدو




حوار - سهير عبد الحميد


يزن كلماته بدقة بحكم دراسته للهندسة المعمارية، يدرك أن التخطيط للمعركة مع العدو أمر مهم، وأن المواجهة لا مفر منها، لكنه كشاعر يرى أن الحفاظ على الهوية الثقافية ليس فيه هوادة، يؤمن أن معركتنا نحن العرب فى الأساس معركة تاريخ ووعى قبل أن تكون معركة سلاح، فنحن من خصتنا السماء فى البدء بمنحة القلم، ووحدها الكلمة هى التى باستطاعتها العبور من فوق جداره العدو الأسمنتية، وحدها هى القادرة أن تحلق وتحط على رءوسهم لتخبرهم أن التاريخ أقوى من بطشهم، وزير الثقافة الفلسطينى إيهاب بسيسو، صاحب شاب تعلم فأجاد وتخصص فتفوق، لتولى العديد من المناصب، له العديد من الأبحاث وكما أن له فى الشعر أربع مجموعات فله فى الحياة الثقافية الفلسطينية صولات وجولات.. لديه اقتراحات ومناشدات لأشقائه العرب.. لديه صبر ومثابرة وتطلع.. لديه نبض ووعى يؤكد أن الهوية الفلسطينية باقية رغم محاولات العدو الإسرائيلى لطمسها.. فإلى نص الحوار معه:
■ هل فقد أدب المقاومة تأثيره عن سنوات سابقة؟
 فى رأيى أن أدب المقاومة يستمد عنفوانه من الإرادة الفلسطينية والإيمان بأن يكون هناك مستقبل أفضل لشعبنا الفلسطينى، وعندما نراه فى الإبداعات الشابة وإبداعات الجيل الجديد من الروائيين والشعراء والمسرحيين، نؤمن تماما أن هذه الإرادة تنتقل من جيل إلى جيل، فهناك الكثير من التحديات التى نواجهها جميعا على صعيد العمل اليومى والسياسات الإسرائيلية بحق شعبنا، تتطلب أفكارًا وأبعادًا جديدة لهذا الإبداع، وعلى سبيل المثال قبل 2005 لم يكن هناك جدار، فهذا البناء الأسمنتى البشع يفصل مناطق كثيرة فى الضفة الغربية عن بعضها البعض، وهذا يتطلب أن تكون له مواجهة على المستوى الثقافى إبداعيا سواء فى الرواية أو الشعر، من أجل لفت الانتباه لهذه القضايا، وهناك الكثير من الموضوعات التى يجب أن يتناولها أدب المقاومة، وفى رأيى أن هناك تنويعات واقتراحات أدبية من قبل الجيل الجديد من المبدعين تستحق الاهتمام، فالإرادة موجودة والأمل موجود لكنه يتطلب مواكبة نقدية فى هذا السياق من أجل هذه الاقتراحات والإبداعات الجديدة والمناطق التى تستكشفها فى ظل خارطة الإبداع الفلسطينى.
 ■ بشكل عام كيف ترى السينما الفلسطينية وتواجدها على المستوى العالمى؟
ــ فى اعتقادى أن السينما الفلسطينية حققت حضورا مميزا على خارطة السينما العربية والعالمية، فهناك الكثير من المخرجين والممثلين والمؤلفين شاركوا فى صناعات سينمائية مختلفة فى العديد من الأفلام العربية، ولكننا نتطلع دائما لمزيد من العمل والإنجاز، بالمقابل يتطلب هذا دعما عربيا ودوليا من أجل أن تكون الرواية الفلسطينية حاضرة بقوة، ونحن بحاجة إلى صناعة سينمائية تجد دعما عربيا طالما أن الإبداع موجود، والأفكار موجودة، فالسينما هى إحدى وسائل المقاومة الثقافية التى هى دعم لمفهوم المقاومة فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
■حدثنا عن صور دعم وزارة الثقافة للسينما الفلسطينية؟
ــ كل شىء تحت الاحتلال يمثل تحديا كبيرا جدا، بمعنى أن الاحتلال يضع العراقيل أمام السينما الفلسطينية والثقافة الفلسطينية، كما يضع العراقيل أمام الحياة الفلسطينية برمتها، وبالتالى عمليا إنتاج سينما فلسطينية يمثل ذروة التحدى، والذى يختلف عن الأدب كرواية وشعر أو قصة قصيرة، ونحن فى وزارة الثقافة رغم الإمكانيات المالية المحدودة، إلا أننا نقوم بدعم الأفلام ماديا ومعنويا فترشيحات الأفلام للمشاركة فى المهرجانات مثل الأوسكار وغيرها، تتم بمشاركة وزارة الثقافة، وفى وجهة نظرى أن الدعم المادى يمثل جانبا كبيرا من دعم وزارة الثقافة للسينما الفلسطينية من أجل أن تحقيق حضور على المستويات المختلفة.
■ كيف تتعامل وزارة الثقافة الفلسطينية مع محاولات الاحتلال طمس الهوية الفلسطينية؟
ــ «هذا بده لحاله مقابلة وحوار».. لكن إيجازًا هناك أكثر من جانب تقوم به وزارة الثقافة من أجل دعم حضور فلسطين عربيا فى مواجهة الاحتلال سواء على صعيد المبدع الفرد أو على صعيد المبدع المؤسسى، وسأعطيك نماذج فعلى سبيل المثال إقامة معرض فلسطين الدولى للكتاب يمثل ذروة التحدى للاحتلال الإسرائيلى، الذى لا يريد أن يكون هناك حياة فلسطينية ثقافية منفتحة على محيطها العربى والدولى، لكن لدينا إرادة أن يكون هناك معرض فلسطين للكتاب بمشاركة دول عربية ومئات من الأدباء حول الخارطة الفلسطينية فى المنطقة العربية، فهذا نوع من التحدى لسياسات الاحتلال لعزلنا عن المحيط الدولى، كما أن هناك يوم الثقافة الوطنية هذا العام الذى يتزامن مع الذكرى الـ«13» لميلاد الشاعر الكبير محمود درويش، وربطنا يوم الثقافة الوطنية بيوم الأرض فى تظاهرة ثقافية تستمر 17 يوما، تتضمن ما يقرب من 70 فاعلية فى مختلف المحافظات.
■ ما هى رؤيتك للتعامل العربى مع القضية الفلسطينية من الناحية الفنية والثقافية
ــ نحن نؤمن تماما أن فلسطين تستحق المزيد والمزيد من الدعم العربى للفنون والثقافة والمبدعين، وفى النهاية نحن ننحاز للحق فى الرواية التاريخية والثقافية والإنسانية، لهذا أقول أن الحضور الفلسطينى فى مناسبة فنية مثل مهرجان الإسكندرية السينمائى، يمثل منصة لفتح الكثير من فرص التعاون مع الأوساط السينمائية العربية من أجل دعم فلسطين، كما أننا سنتوجه بعد مهرجان الإسكندرية إلى عمان حيث ستكون فلسطين ضيف شرف معرض عمان الدولى للكتاب، وهذا مهم وسيكون من خلال مجموعة من الفعاليات المتنوعة التى ستقدم أدب الشباب والقدس، كما أن الإبداع الفلسطينى سينظم مجموعة من الندوات والأمسيات الثقافية، ولا يجب أن نغفل أنه عندما أقمنا معرض فلسطين الدولى للكتاب كانت الكويت ضيف شرف، وأرى أن هذه كلها فرص للتعاون والدعم نتطلع إليه عربيا ودوليا من خلال الانفتاح على المجتمع الدولى من خلال بوابات الثقافة عبر المهرجانات كمؤسسات وغيرها.
■ كيف ترى العلاقات المصرية الفلسطينية فى ظل محاولات الوقيعة بين البلدين؟
ـــ بالنهاية العلاقة المصرية الفلسطينية تستند لتاريخ كبير وعميق جدا على المستوى الثقافى، من خلال المساهمات الفلسطينية فى الثقافة المصرية والدعم المصرى للثقافة الفلسطينية، نحن نتحدث عن علاقة تاريخية ومميزة لأنها تأتى فى سياق البعد التاريخى والوطنى والاجتماعى، وواجبنا أن نعزز هذه العلاقة بالاستناد إلى هذا الإرث الكبير فى العلاقة المصرية الفلسطينية، والبناء عليه وتطويره نحو أفق أكثر رحابة، والدليل أننى تواجدت مؤخرا بمهرجان الإسكندرية السينمائى، وهذا فى حد ذاته إجابة على أهمية العلاقة بين مصر وفلسطين، وهذه عناوين نلمس من خلالها عمق العلاقة وتميزها.
■ هل هناك أنشطة مرتقبة لوزارة الثقافة الفلسطينية خلال الفترة المقبلة؟
ـــ بعد معرض فلسطين الدولى للكتاب تلقينا دعوة من الكويت، وهناك فعاليات ثقافية تقوم سفارة فلسطين بها بالكويت، وقبل شهرين كنت فى تونس وتم توقيع اتفاقية تعاون بين القدس كعاصمة للثقافة العربية 2017 وصفاقس عاصمة للثقافة 2016 كنقطة نحو تفعيل العلاقات الثقافية التونسية الفلسطينية، وسيتم ترجمة هذه الاتفاقية للعديد من الفعاليات منها معرض مشترك للصور يحمل عنوان«فلسطين بعيون تونسية وتونس بعيون فلسطينية» وبرنامج مشترك للنشر والأمسيات الثقافية، كما أننا نتواجد كضيف شرف فى الأردن، وهناك الكثير من العمل الفلسطينى العربى المشترك نستطيع من خلاله أن نحقق الكثير من الحضور لفلسطين ثقافيا.
■ أنت فى الأساس شاعر قبل أن تكون وزيرا للثقافة حدثنا عن رؤيتك لهذا المنصب؟
ـــ أنا أؤمن قبل وبعد أن توليت الوزارة، أن الثقافة مقاومة، ودورى على المستوى الشخصى أو على صعيد الوزارة، يتمثل فى تحويل الثقافة إلى فعل يومى مقاوم، من خلال دعم المبدع والمبدعة ودعم العملية الإبداعية فى مواجهة الرواية الإسرائيلية، فنحن أمام مواجهة على المستوى الثقافى، وهى ليست بالهينة، لأن الاحتلال الإسرائيلى عبر سياساته المختلفة، يحاول طمس الهوية الوطنية وتزييف الوعى وسرقة التاريخ، وهذه مسئولية تقع على عاتقنا كمثقفين قبل أن نكون مسئولين، لهذا السبب أقول هناك الكثير من العمل يتطلب فى هذا السياق أن نقوم به على صعيد دعم الثقافة الوطنية على المستوى الشخصى، وأقول أن دور وزير الثقافة فى توفير المناخ الموائم والملائم للعملية الإبداعية من خلال دعم المبدع وتوفير بيئة قانونية وإدارية وبيئة من التفاعل وعقد الاتفاقيات التى هى بمثابة الجسور مع العلاقات الثقافية عربيا ودوليا، وأتطلع لوجود مهرجانات متعددة تقام على أرض فلسطين لمجمل أنواع الثقافة والآداب، كما أتطلع لحضور عربى مميز لدعم فلسطين وحضور فلسطينى فى الخارطة الإبداعية العربية خلال هذه الآليات التى أتحدث عنها ونحن فى طريق تحقيق ذلك شيئا فشىء، ففى التسعة أشهر الماضية بدأنا فى رسم ملامح الإستراتيجية الثقافية الفلسطينية داخل فلسطين عربيا ودوليا.
■ هل أفرزت ثورات الربيع العربى أدبا يذكره التاريخ ويكون معبر عن المرحلة التى عايشناها؟
ـــ من المبكر جدا الحكم على التجربة الإبداعية فى ظل حالة الاضطراب السياسى فهناك أعمال أدبية واكبت الأحداث التى شهدتها المنطقة العربية سواء فى الشعر أو الرواية أو المسرح، وفى اعتقادى أنه من المبكر جدا هضم هذه التحولات والتنوعات فى إطار نقدى، لأنها فترة قصيرة مقارنة بعصور سابقة ونحن بحاجة أن تأخذ هذه التجربة الإبداعية مداها، بعد ذلك نستطيع أن نقرأها نقديا، وأرى أن ما يتم تقديمه الآن اقتراحات أدبية هذه الاقتراحات أمامها فرص إما أن تبقى وتصبح اقتراحات أدبية مكرسة، وإما أن تنتهى بفعل التطور السياسى، فى النهاية من المبكر جدا الحكم نقديا على هذه التجربة الإبداعية لأن الحدث مازال مستمرا والمبدع كما قال «محمود درويش» ليس مؤرخا ولكن يتفاعل مع الحدث أكثر من تأريخه، على عكس السينمائى الذى يستطيع تأريخ إبداعي.
 ■ هل أهملت الشعر بعد توليك الوزارة؟
ــ من المهم جدا إيجاد الوقت من أجل شحنى بمزيد من الطاقة الداخلية، فأنا أجد وقت للقراءة ولا أريد للوزارة أن تسرقنى من هويتى الثقافية، فأتابع وأقرأ قدر المستطاع، وهذا ينطبق على الكتابة فأنا فى النهاية أعمل على مشروعى الأدبى، وهناك مجموعة شعرية جديدة أعمل عليها، وهذا التوازن مهم جدا ما بين المبدع والوزير وأقدم قراءات نقدية لكتاب كبار فى أمسيات شعرية.
■ حدثنا عن الشعراء الأكثر تأثيرا فى شخصية الشاعر إيهاب بسيسو؟
هناك الكثير من المبدعين الفلسطينيين أثروا بتجربتى ومثلوا حالة، مثل «إدوارد سعيد» الذى يمثل حالة مميزة من حالات الإبداع الفلسطينى، وهو ابن مدينة القدس وعاش طفولته بمصر قبل أن ينطلق إلى الولايات المتحدة الأمريكية واعتبره رمز من رموز الثقافة الفلسطينية، كذلك الشعراء معين بسيسو وغسان كنفانى، كذلك جبرا إبراهيم جبرا، الذى قدم أفضل الترجمات لشكسبير، وهناك شاعر لم يلق الحظ الكبير من الحضور فى التجربة الفلسطينية، وهو الشاعر توفيق الصايغ، أما محمود درويش فهو حالة فلسطينية كاملة، عندما نقرأ محمود درويش فإننا نقرأ الأوديسة الفلسطينية بكل تنوعاتها، فقد كان دائم الطموح لهذا كان مميزًا فى حضوره الشعرى واقتراحاته المميزة ما بين النثر والشعر، وحتى العمل الإعلامى كرئيس تحرير لمجلة الكلمة كذلك مراسلاته مع سميح القاسم التى اعتبرها وثائق أدبية.