الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الائتمان الزراعى».. الراعى الرسمى لسجن المزارعين بالوادى الجديد

«الائتمان الزراعى».. الراعى الرسمى لسجن المزارعين بالوادى الجديد
«الائتمان الزراعى».. الراعى الرسمى لسجن المزارعين بالوادى الجديد




الوادى الجديد - محمد عمر


لا يزال فلاحو محافظة الوادى الجديد، يعانون الأمرين، بسبب ديونهم المتعثرة مع بنك الائتمان الزراعى، ما يتسبب فى تشرد عشرات الأسر بسبب تراكم الديون والأحكام القضائية عليهم، الأمر الذى جعلهم مهددين بالحبس فى أى وقت إن لم يقوموا بسداد مديونياتهم، علما بأنهم لا يملكون فى الدنيا شيئا سوى قوت يومهم من الزراعة، حتى أحجم كثير من مشاريع الشباب وصغار المزارعين بالواحات.
فى البداية يقول علاء عبدالله، من مركز الداخلة بالوادى الجديد: إن والده اقترض من البنك وتوفى ولم نعلم شيئا عن تلك القروض ولم نضمنه أيضا، وفجأة وجدنا البنك يطالبنا بالسداد، وعندما رفضنا لأننا لم نقترض ولم نضمن، وجدنا أنفسنا وقد اختصمتنا المحكمة الاقتصادية برفع قضايا ضد الورثة أنا وأخوتي، وحصرت المحكمة ممتلكاتنا وهددتنا بالحبس والحجز على جميعها، مطالبا المسئولين بضرورة التدخل لوضع حلول عاجلة لمشكلات بنك القرية، وإلا ضاعت حياتنا وانهارت بيوتنا وتشرد أبناؤنا.
إسلام أبوالحسن، منسق رابطة أبناء الوادى الجديد للتنمية، يؤكد أن حرائق النخيل المستمرة أدت إلى هلاك الزارعات وقلة الاستثمار والتوسع فى زراعة أشجار النخيل، بالإضافة إلى هلاك العديد من الأشجار المثمرة، ما تسبب فى خسائر فادحة للمزارعين، خاصة المتعثرين فى ديونهم بل وزاد أكثر على مديونياتهم للبنوك وزج بهم فى السجون بعد أن تعثروا فى سداد قروض بنك التنمية والائتمان الزراعى بالمحافظة، منوها إلى أن ذلك دفع بعضهم إلى الهرب خوفا من السجن وأصبحوا مطاريد فى الصحارى والحقول، أو قاموا بالنزوح إلى القاهرة بحثا عن مأمن فى زحامها ومناطقها العشوائية.
ويطالب بضرورة إلغاء الضمانات التى يطلبها البنك من الفلاحين التى كانت تتمثل فى الحصول على منزله وأرضه ويتم الاتفاق على أن تكون ضمانات القرض للفلاح هى الحيازة الزراعية فقط، مؤكدا أن مزارع الوادى الجديد يختلف عن باقى المزارعين فى الجمهورية، فالمزارع يستخرج المياه من باطن الأرض عن طريق حفر الآبار على حسابه الشخصى التى تكلفه آلاف الجنيهات، ويقوم أيضا باستصلاح الأرض وتسويتها وتمهيدها وزراعتها على نفقته الشخصية.
ويشير أبوالحسن إلى أن تكلفة استصلاح الفدان الواحد تتعدى 10 آلاف جنيه، بالإضافة إلى أن التربة الرملية للوحات تستغرق سنوات عديدة حتى تعطى إنتاجية، فضلا عن أنه يتم تسميدها بالأسمدة الكيماوية والعضوية وكل ذلك يحتاج إلى نفقات كبيرة، لذلك يجب على الدولة أن تراعى كل هذه المشكلات والظروف التى يوجهها المزارع البسيط فى الوادى الجديد، وأن تقدم له التسهيلات حتى يمكنه تعمير الصحراء وتنميتها.
ويضيف: محافظة الوادى الجديد تمتلك 44% من مساحة جمهورية مصر العربية وغير مستغلة، ناهيك أن المساحة المنزرعة منها لا تتعدى 10%، فى الوقت الذى يقوم الرئيس بالمشروعات القومية واستكمال مشروع 1.5 فدان التى تقام المرحلة الأولى منه بواحة الفرافرة، لذلك يجب دعم صغار المزارعين وتوفير القروض الميسرة لهم وعدم الزج بهم فى السجون، حيث إنهم ليسوا قتلة أو مجرمين، كل ما فى الأمر أن المزارع تعثر فى السداد لأسباب من الممكن أن يتعرض لها أى شخص وذلك فى ظل التحديات التى تواجهها الدولة.
محمد عطية، نقيب الفلاحين الأسبق بالوادى الجديد، يقول: إن بنك التنمية والائتمان الزراعى يضيف على قروض الفلاحين الذين حصلوا عليها من أجل استصلاح الأراضى وحفر الآبار فوائد وعمولات ومصاريف إدارية بنسب كبيرة خلافاً للبنوك الأخرى، ما يثقل كاهل الفلاح ويعجزه عن سداد الديون، خاصة أن الدورة الزراعية بالمحافظة محددة بمدد معينة منذ زراعة المحصول وبيعه وتحصيل ثمنه كى يقوم المزارع بالسداد.
ويتابع: خلال كل هذه الفترة يكون هناك مشكلات كبيرة تضرب المزارع البسيط قد تؤدى إلى هلاك محصوله، منوها إلى أنهم يعتمدون فى الواحات على الآبار الجوفية المستخرجة من باطن الأرض ولا توجد مسطحات مائية أو أنهار، بالإضافة إلى أن التربة الرملية لا تصلح بها زراعات الخضر والفاكهة.
ويرى عطية أن عدم صلاحية التربة لزراعة الخضر والفاكهة يجبر الفلاح على زراعة أصناف معينة من المحاصيل مثل البلح والقمح والذرة، وهذه المحاصيل تزرع مرة واحدة فى العام عكس محاصيل الخضر المستهلكة لدى المواطنين، ولها أسواق على مدار العام وتحقق عائدا ماديا كبيرا، بالإضافة إلى أنها سريعة النمو ولا تحتاج زراعتها مصروفات كثيرة.
ويشير نقيب الفلاحين الأسبق بالوادى الجديد إلى أن معظم المزارعين يطاردهم شبح الزج فى السجون وذلك لعدم سداد ديونهم، منوها إلى أن هناك عدة عوامل لا دخل للمزارع فيها وخارجة عن إرادته ورغما عنه أدت إلى تعثره، خاصة فى الفترة الأخيرة، على رأس تلك المشاكل هى قيام شباب الخريجين بتأجير الأراضى من صندوق الاستصلاح التابع للمحافظة والاقتراض من أجل زراعة الأرض وحفر الآبار.
ويلفت إلى أنه فور الاقتراض يواجه المزارعون مشاكل تعطل ماكينات المياه باستمرار خاصة التى تعمل بالديزل، التى تم حفرها على أعماق كبيرة لعدم وصول التيار الكهربائى إلى مناطق الاستصلاح الحديث، ما يؤدى إلى بوار الأراضى وهلاك المحاصيل وفشل مشروعاتهم الزراعية التى بسببها يراكم الديون، فى الوقت الذى يكون عليهم سداد المديونيات، الأمر الذى يعرضهم إلى الحبس وتوقف المشروع.
وينوه عطية إلى أن أمراض الحمى القلاعية والجلد العقدى التى انتشرت مؤخرا فى الثروة الحيوانية بالوادى الجديد أدت إلى فشل عدد كبير من مشاريع المزارعين وشباب الخريجين الذين يعملون فى مجال تسمين العجول وتربية الماشية من الذين قاموا بالاقتراض من البنوك، ما أدى إلى تراكم الديون عليهم وتعثر عليهم سدادها، مطالبا بضرورة تقديم تسهيلات للمزارعين فى السداد.