الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دفاع عن الفن (2)

دفاع عن الفن (2)
دفاع عن الفن (2)




د.حسام عطا يكتب:


فى حديثنا العام المنتظم عن الدعوة لأخلاق أفضل فى مصر وعلاقة ذلك بالفنون ربما يمكن لنا أن نطرح سؤالاً مختلفاً سيؤدى بنا لتأسيس مختلف عن علاقة الأخلاق بالتحرر الاقتصادي، وهو سؤال قديم جديد طرحه ألبير باييه العلامة الفرنسى فى كتابه دفاع عن العلم، إذ سأل عن علاقة التحرر الاقتصادى بفكرة انتشار المعرفة، والسؤال هنا عن علاقة التحرر الاقتصادى بقدرة الجمهور على تذوق الفنون الجميلة؟
وللإجابة المنطقية عن السؤال يجب أن نؤكد أن سلامة الأخلاق بمعنى قدرة الناس عمليا على التمييز بين الخير والشر، لهى مسألة مرتبطة بالتحرر الاقتصادي، بل إنها تتطلبه وتتطلبه فى إلحاح، لأن ذلك التحرر هو الشرط الضرورى الأول للتحرر العقلى والنفسي، وإنها بالفعل لسخرية بائسة وكوميديا سوداء أن نطلب من عامل يعود لمنزله وقد أنهكه يومه الصعب وعاد ليأوى لبيته الكئيب المزدحم، والذى لا تدخله الشمس، اشتر كتبا ثقف نفسك، وشاهد الفنون الراقية، فهو يفرغ عنفه فى أفلام العنف، ويغيب مع دقات الطبول المكررة والرقص الحسى والضحك الخشن، كنوع من التخدير الحسى المجانى الذى يطارده من الشاشات فى كل مكان.
ولكن على صعيد الوقائع الفعلية، يظل الكاتب والفنان إنساناً كسائر الناس، وهو لذلك يجوز أن يرتكب الإثم، ولكنه إذا استعان بالفن والقلم على الإثم والكذب والضلال، فبكل تأكيد يبقى الفن بعيدا عن هذا الإثم، لأن الفن فى جوهره سعى لكرامة الإنسانية المضاءة بالحق والخير والجمال.
كان يجب أن تكون السينما والمسرح والأغنية والدراما التليفزيونية موطنا لحياة عقلية وحياة انطلاق تحرص على كرامة الفن، ولكنها ها هى وفى معظم أنحاء الدنيا تسعى لخدمة المال، حيث تصبح القوة والمال والحماقة والجنس والسخرية من الضعفاء أحد أبرز عناصر الفنون الجماهيرية التجارية فى مصر، ومعظم العالم المحكوم بالشركات متعددة الجنسيات، ومنها شركات صناعة النجوم والاتجار بها، إذن هذا هو حال الفن إذا أصبح وسيلة للربح فى يد التجار، وحتى لا نجلد الذات ونحمل باللوم طوال الوقت على الفنانين فى مصر، وجب بالتأكيد رفع الخلط الشائع بين الفن وتطبيقاته.
فهذه الحماقات ليست من صنع الفن إذن، هى من صنع التجارة، ومن يشتريها من الجهور العام فى مصر والعالم يشتريها لأنه لم يتحرر بعد التحرر الاقتصادى الإنسانى الصحيح ، بدرجة تصنع متلازمة اليسر والفراغ التى تشبع الاحتياجات الأساسية فتبدأ أسئلة العقل والفن والأخلاق.