السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التصنيف الائتمانى وأهميته لمصر

التصنيف الائتمانى وأهميته لمصر
التصنيف الائتمانى وأهميته لمصر




صبحى مقار يكتب:
يعتبر التصنيف الائتمانى أو الجدارة الائتمانية مقياساً لقدرة الجهة المقترضة على الوفاء بالتزاماتها، ودرجة مخاطر عدم السداد للدائنين، حيث يعرف بأنه «درجة تظهر تقييم وحكم وكالات التصنيف الائتمانى العالمية على مدى قدرة دولة ما أو مؤسسة معينة على سداد ديونها».
لذلك يعكس هذا التصنيف مدى استقرار وتنافسية وقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها باعتباره مؤشراً للأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية والتوقعات المستقبلية للدولة مما يجعله أحد أهم عوامل جذب المستثمرين وزيادة ثقتهم فى البيئة الاستثمارية.
ويتم خفض تصنيف الدولة عند تدهور المؤشرات المالية والخارجية بشكل كبير وزيادة إصدار سندات الدين، وتوقع عدم تقديم الدول المانحة للدعم المالى فى الوقت المناسب للدولة لتفى بالتزاماتها المالية الخارجية، وأيضاً عند ارتفاع مخاطر سداد الديون المستحقة.
 وتتمثل أهم وكالات التصنيف الائتمانى فى ثلاثة شركات أمريكية المنشأ هى «ستاندرد آند بورز»، «موديز»، «فيتش»، وتسيطر على تصنيف نحو 95% من إجمالى إصدارات الدين حول العالم استناداً على عدة معايير أهمها الاستقرار السياسى والأمنى للدولة، ميزان المدفوعات، عجز الموازنة العامة، احتياطيات النقد الأجنبى، الدين المحلى والخارجى والقدرة على السداد فى تاريخ الاستحقاق، معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى، التوقعات المستقبلية لاقتصاد الدولة.
وتستعمل وكالات التصنيف رموزاً لوصف الجدارة الائتمانية تبدأ من AAA (الأكثر أماناً) كأعلى تصنيف ائتمانى إلى التصنيفات الأقل جدارة ائتمانية ذات المخاطر الائتمانية العالية حتى تصل إلى متعثرة أو حالة الإفلاس (D) وفقاً لفيتش وستاندرد آند بورز، (C) وفقاً لموديز.
وتعد السندات السيادية المصدرة ذات جدارة استثمارية إذا كانت من مستوى BBB أو أعلى وفقاً لموديز وستاندرد آند بورز & Baa وفقاً لفيتش.
وتوضح هذه التصنيفات التوازن بين ارتفاع نسبة كل من عجز الموازنة والدين العام إلى الناتج المحلى الاجمالى، انخفاض احتياطيات النقد الأجنبى، عدم استقرار الأوضاع السياسية من ناحية، وبين انخفاض الدين الخارجى واستمرارية تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادى والمالى من ناحية أخرى، فكلما انخفض العجز وارتفع معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى، كلما انخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى.
وقد حافظت مصر على تصنيف ائتمانى متوسط نسبياً خلال الفترة 2004-2010، والذى يسمح بالاستثمار الآمن للديون بالعملة المحلية والأجنبية. ولم ينخفض تصنيفها الائتمانى بصورة شديدة إلا بعد 25 يناير 2011 نتيجة لعدم الاستقرار السياسى والاقتصادى، ثم قامت مؤسسة  HYPERLINK «المالية: رفع فيتش التصنيف الائتمانى لمصر خطوة لدعم البرنامج الاقتصادى» فيتش فى ديسمبر 2014 لأول مرة برفع تصنيفها لقدرة مصر على الاقتراض طويل الأجل لكل من العملتين المحلية والأجنبية ليصلا إلى درجة B (مخاطرة) مع نظرة مستقبلية مستقرة، ثم قامت بتثبيت هذا التصنيف فى شهرى مايو، ديسمبر 2015 نتيجة لتوازن الفرص الإيجابية مع المخاطر التى تحيط بمستقبل أداء الاقتصاد المصرى.
كما أعلنت ستاندرد آند بورز فى أغسطس 2016 أن التصنيف الائتمانى طويل وقصير الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية وصل لمستوى (B/B-) مع تعديل النظرة المستقبلية لتصنيف مصر السيادى طويل الأجل من مستقرة إلى سلبية نتيجة لنقص العملات الأجنبية وتوقعاتها المبنية على استمرار تراجع عائدات السياحة.
أما بالنسبة لمؤسسة «موديز»، فقد أبقت فى أكتوبر 2014 على تصنيفها الائتمانى لمصر عند Caa1 (مخاطرة عالية) مع تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، ثم رفعت تقييم مصر فى أبريل 2015 إلى B3 (مخاطرة) ثم قامت بتثبيته فى أغسطس 2016 مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة، وبالمقارنة مع الدول الأخرى الحاصلة على نفس التقييم الائتمانى، نجد أن مصر تتميز بنقاط قوة تتمثل فى ارتفاع نسبة السيولة الخارجية وانخفاض معدلات الدين الخارجى، كما تتميز بنقاط ضعف تتمثل فى ارتفاع معدل التضخم وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبى.
ويلاحظ أنه يتم تعديل درجة التصنيف الائتمانى لمصر بشكل بطىء لا يتناسب مع السرعة التى انخفض بها، كما أن مستوى B ما زال متدنياً ولا يليق بمكانة مصر التى يجب أن تصل إلى مستوى BBB مما يؤدى إلى جذب المستثمرين تلقائياً ويحفز المتعاملين بالبورصة ويحسن مستوى السيولة، فكلما انخفض التصنيف الائتمانى كلما زادت احتمالات عدم الوفاء بالالتزامات المالية مما يؤدى إلى زيادة سعر الفائدة وانخفاض نسبة إقبال المستثمرين والمؤسسات المالية، والتى تفضل الاستثمار فى أدوات الدين ذات الجدارة الائتمانية المرتفعة، ولذلك تبرز أهمية حصول مصر على تصنيف ائتمانى أعلى لتمكينها من الحصول على التمويل اللازم لخططها التنموية بتكلفة تمويلية منخفضة، ولزيادة ثقة المستثمرين فى منظومة الاستثمار.
ولرفع التصنيف الائتمانى لمصر، يجب علينا المحافظة على الاستقرار الأمنى والسياسى، والاستغلال الأمثل لقرض صندوق النقد الدولى (12 مليار دولار) لتقليل الضغوط على السيولة الخارجية مما يزيد من قناعة المستثمرين والمؤسسات المانحة بأن مصر قادرة على تخفيض عجز الموازنة والدين المحلى. وذلك من خلال ترشيد الإنفاق الحكومى ومحاربة الفساد وتخفيض دعم الطاقة وإصلاح منظومة الضرائب لتكون جاذبة ودافعة لانضمام المشروعات غير الرسمية للقطاع الرسمى. وأيضاً دعم القطاع المصرفى لتزيد قدرته على تمويل العجز الحكومى مما يحد من مخاطر الأزمات المالية، وتفعيل خدمات الشباك الواحد، والمراجعة الدورية لكافة قوانين الاستثمار وتسوية كل الخلافات مع المستثمرين مما يؤدى إلى زيادة الاستثمارات وخلق المزيد من فرص العمل.