الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صفعة إلغاء عقد الغاز المصرى إلى إسرائيل




 قرار إلغاء عقد إمدادات إسرائيل من الغاز المصرى الطبيعى الذى تم الكشف عنه رسمياً مساء أمس كان قد تم اتخاذه فى الرابعة والنصف من مساء الخميس الماضى والأهم أنه استغرق 2160 ساعة هى ساعات البحث والدراسة وقراءة الأوراق والتقارير من جانب لجنة قانونية من خبراء مصريين وأجانب.
الاجتماعات بدأت عندما دعا المهندس عبدالله غراب وزير البترول إلى تكوين لجنة طوارئ للبحث فى ملف تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل، خاصة بعد أن ترددت أنباء عن توجه الجانب الإسرائيلى إلى التحكيم الدولى والتهديد المستمر بتلك الورقة فى مقابل التفجيرات الثلاثة عشر للخط بالإضافة إلى ظهور رغبة شعبية فى الشارع المصرى على وقف التصدير الذى أصبح على رأس المطالب الحزبية والشعبية!
 
كان كريستوفر هولمز وهو أحد كبار المختصين فى بحوث الغاز بالعالم ويعمل نائباً لرئيس شركة برفن وجرتز وهى أكبر شركة لاستشارات البترول والغاز فى العالم ولها مكاتب فى تكساس ولندن ودبى وموسكو وسنغافورة وأهم عملائها شل وبريتش بتروليوم واكسون موبيل وGp مورجان وH.S.B.C والذى أوضح فى تقريره عن عقد التصدير الموقع بين الهيئة العامة للبترول وشركة شرق البحر المتوسط عدداً من النقاط المهمة مثل التوازن التعاقدى الذى كان فى صالح الجانب المصرى بنسبة كبيرة، حيث إن سعر المليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز المصرى إلى إسرائيل لم يقل عن 3.1 دولار منذ بدء التصدير وأن العقد من خلال رؤية تجارية تضمن فى الملحق 5 أن شركة شرق المتوسط للغاز هى المالك الوحيد لخط أنابيب الغاز وأن هذا الاستثمار سيظل عرضة للمخاطر وحسب المادة 19 من العقد التى تنص أساساً على أنه لا تقع المسئولية على مصر التى لا تتحمل أى خسائر ناتجة عن عدم التشغيل ولا لعدم التصدير «التشغيل» إذا ما تم ضخ الغاز من خلال الأنابيب فإن المشترى لا يمكنه استعادة استثماراته، وأن بائع الغاز - مصر - لا يزال يضع يده على الغاز بغرض بيعه فى أى وقت لأى جهة أخري.
 
 
وأن المادة الثانية 3/4 من ملحق واحد هى الاتفاقية بين ثلاثة أطراف تشرح العقوبات التى ستتم إذا ما قام البائع بإنهاء الاتفاقية وقام المشترى بإلغاء هذه الاتفاقية والعقوبات التى ستوجه للبائع مادة 3/6 ضئيلة جداً والعقد يتيح لمصر أن تعدل الأسعار بقوة.
 
 
وأضاف كريستوفر هولمز فى تقريره: إن مصر لم يكن عليها أى التزامات مادية فى حالة عدم توفير الغاز لشركة EMG كما هو منصوص عليه فى مادة 19 من الملحق بينما الشركة لا تتمكن من الحصول على أى عائد إذا لم تسلم الغاز من خلال الأنابيب وأن الاستثمارات التى قامت بها الشركة وهى مليار دولار لا يمكن استعادتها وهو ما يعطى مصر موقفاً قوياً للتفاوض - إذا أرادت - بشأن تغيير أى أجزاء من العقد بما فيها شروط الأسعار.. وفى المادة 2 فقرة واحد من ملحق العقد رقم واحد والمسمى الشروط العامة نلاحظ - كما جاء فى التقرير - أن مصر توافق على تسليم الغاز فى نقطة التسليم بالعريش.. ويوافق المشترى على أخذ الغاز ودفع ثمنه.. ويكون المشترى ملزمًا بدفع ثمن الغاز الذى تم توفيره فى نقطة التسليم حتى لو لم يتم أخذه حسب العقد، وهذا هو ما يعرف بمبدأ الأخذ والدفع ويسمح به البائع وهو ما يمنح البائع - مصر - العائد المضمون حتى إذا لم يأخذ المشترى الغاز، وهذا شرط متعارف عليه.. والمادة 6/2 تشكل الآلية اللازمة للمشترى لزيادة الكميات السنوية المتعاقد عليها والتى يلتزم البائع بتسليمها وفقاً لهذه الآلية.
 
يذكر أن وزارة البترول اعتمدت فى قرارها إلغاء عقد تصدير الغاز إلى عدم التزام شركة غاز شرق المتوسط بدفع ثمن الغاز المستلم، وقد تمثل فى عدم التزام الشركة بدفع قيمة ما حصلت عليه من غاز خلال 120 يوماً، حيث جاء فى العقد إذا لم تقم شركة شرق البحر المتوسط بسداد ما عليها فى خلال شهرين يوقف التدفق بينما يتم فسخ العقد إذا تخلفت عن السداد لمدة أربعة شهور.
 
وهذا البند تحديداً هو الأقوى بل إن عقد بيع الغاز إلى إسرائيل هو الوحيد الذى تضمن هذا البند.. من ناحية أخرى كشف تقرير حول عقد بيع الغاز إلى إسرائيل أن سعر تصدير المليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز المصرى بلغ 3.1 دولار وهو سعر عادل فى هذا الوقت وأن العقد كان متوازناً وهو لصالح الجانب المصرى ولم يكن عادلاً للشركة الوسيطة.
 
 
يذكر أن الجانب المصرى كان سيتحمل 180 مليون دولار فى حالة الامتناع عن التصدير فى الظروف العادية، من المؤكد أن عملية تصدير الغاز إلى إسرائيل سواء التفاوض أو السعر كان رغبة من حكومة البلدين وأن السعر كان يتلاءم مع الأسعار العالمية فى هذا الوقت حيث لم يشتمل على أى عقوبات ضد الجانب المصرى فى حالة عدم التصدير وسط الظروف الطبيعية، بينما تتحمل الشركة الوسيطة كل الخسائر.. وهو ما علق عليه أحد خبراء البترول بأن قوة العقد وصياغته أتاحت للمسئول المصرى الإلغاء دون تحمل أى خسائر وأن الإلغاء بهذه الصورة قلل من الأضرار السياسية واتضح أن العقد يتضمن عددا من البنود الضامنة لحق مصر سواء فى تغيير البنود بما فيه السعر وأيضا فى كيفية المحافظة على الموارد المصرية.
 
فى نفس السياق أكد مهندس عبدالله غراب وزير البترول والثروة المعدنية أن الإجراء الذى تم فى شأن عقد تصدير الغاز الموقع بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية مع شركة غاز شرق البحر المتوسط EMG وهى شركة منشأة طبقا للقانون المصرى يعد استخداما لما تنص عليه بنود التعاقد فى حالة إخلال أحد الأطراف وهو ما تحكمه بنود التعاقد كعلاقة تجارية بين شركات ولا يخرج عن كونه خلافا تجاريا ولا تحكمه أيه اعتبارات سياسية ولا يعكس أيه توجهات من الدولة.
 
يذكر أن أكثر من مفاجأة فجرتها جلسات محاكمة المتهمين فى عملية بيع الغاز إلى إسرائيل حيث تم التأكيد على غياب المعلومات الحقيقية بشأن أسعار بيع الغاز فى العالم.
 
 
وأن عدم وجود سعر عالمى للغاز ترك الباب مفتوحا لكل دولة فى التفاوض حول سعر بيع يتيح لها الحصول على أكبر عائد واتضح أيضا أنه لا مجال للمقارنة بين بيع الغاز الروسى إلى ألمانيا وبيع الغاز المصرى إلى إسرائيل، من حيث اختلاف الظروف وأن عقد البيع استند إلى مجموعة من الحقائق تصب فى صالح الجانب المصرى برغم أن العقد تم التفاوض حوله وتوقيعه وتنفيذه تحت رعاية حكومية ورغبة وإرادة سياسية حيث تم فى أروقة وزارات غير البترول فى مصر.
 
 
من ناحية أخرى علمت «روزاليوسف» أن شركة EMG تدرس الرد على القرار المصرى نظرا لحالة الإفلاس التى سوف تلحق بها حيث تعتمد فى نشاطها على شراء وتصدير الغاز المصرى دون غيره وهو ما يعنى إلغاء عقد التوريد من جانب مصر أن ضياع 6 مليارات جنيه مصرى هى جملة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة فى بناء خط الأنابيب وقد علمت «روزاليوسف» أنها قد تلجأ إلى القضاء ضد أحد البنوك المصرية والتى كانت قد بدلت أولويات تسديد المستحقات مما ألحق بها ضررا بمنع تسديد مستحقات الجانب المصرى.
 
العاملون بالبترول أعلنوا عن فرحتهم بقرار الغاء عقد تصدير الغاز إلى إسرائيل حيث كان يمثل نوعا من الضرر المعنوى لهم.
 
 
 يذكر أن مهندس شريف إسماعيل رئيس القابضة لجنوب الوادى قد علق بشهادته فى قضية بيع الغاز المصرى إلى إسرائيل وكشف عن عدم وجود بند لمراجعة الأسعار بالعقد لكن توقيته فى العام الثالث عشر من التعاقد، والمراجعة تمت قبل الموعد المحدد ولم تكن عائقا لتعديل السعر، والسعر الذى تم التوصل إليه بمعادلة التسعير واقتسام الزيادة السعرية بين الهيئة والقابضة للغازات وEMG.
 
 
بينما أوضح مهندس حسن مهدى الرئيس السابق للقابضة للغازات أن العقد يتيح لمصر الكثير من الخيارات.. وفى نفس السياق عملت «روزاليوسف» أن فريقاً من الخبراء الفائزين فى اجتماعات متواصلة استعدادا لكل الخيارات المطروحة من الجانب الإسرائيلى وشركة EMG وأن فريق العمل القانونى المكلف من مهندس عبدالله غراب يناقش كل السبل للمحافظة على الحقوق المصرية بشأن الغاء العقد.
 
 

عبدالله غراب
 

محمود لطيف
 

هاني ضاحي