الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

تحت شعار «حياة للنهاية»: «روزاليوسف» تشارك مرضى السرطان فى هزيمة «القاتل اللعين»

تحت شعار «حياة للنهاية»: «روزاليوسف» تشارك مرضى السرطان فى هزيمة «القاتل اللعين»
تحت شعار «حياة للنهاية»: «روزاليوسف» تشارك مرضى السرطان فى هزيمة «القاتل اللعين»




تحقيق- سمر حسن – محمد السيد

«الصحة تاج على رؤوس الأصحاء» لا يعلم قيمة ما تحتويه هذه العبارة إلا من حرم منها ووقع فريسة للمرض، والأبشع من ذلك هو السرطان والمعروف باسم «المرض الخبيث»، فقد يظل الشخص مصابًا به سنوات دون علمه أنه أحد ضحاياه فى حين أن المرض ينخر فى جسده وينتشر ويتشعب فى خلسة من الوقت.
هزيل الجسد .. ضعيف البُنيان .. غير قادر على الحركة .. فاقد الشهية للحياة .. مكسور الخاطر .. يرتدى دائمًا قبعة ليدارى علامات الكيماوى التى أزالت شعر رأسه .. إنه مريض السرطان.
بعد رحلة العذاب مع المرض وصولًا إلى بعض الأطباء الذين أغلقوا باب الرحمة فى وجوههم، فلم يكتفوا بتركهم للمرض ينهش فى أجسادهم فقط، بل قضوا على ما تبقى لهم من أمل، فطلبوا منهم التوقف عن أخذ جرعات العلاج وانتظار الموت، ولكن سرعان ما تجدد الأمل مع مؤسسات خيرية تُقدم خدمات طبية واجتماعية ودعم نفسى متكامل لهؤلاء المرضى دون أى مقابل.

 

«روزاليوسف» شاركت فى دعم هؤلاء المرضى لبث روح الأمل من جديد فيهم، وشهدت على فعالية دعم المجتمع لهم برعاية مؤسسة «جوساب» الخيرية، ورصدت رحلة عذاب ومعاناة هؤلاء المرضى.
مرض السرطان
مرض السرطان هو عبارة عن انقسام خلوى غير محدود فى الخلايا المصابة بالمرض، تقوم بغزو الأنسجة والخلايا المحيطة بها داخل الجسم وتدمرها، وصولًا لجميع الجسم ولذلك يُطلق عليه «المرض الخبيث»، فهو على عكس أى ورم آخر حميد الذى لا يستطيع غزو خلايا أخرى أو الانتقال إليها كما ان نموه محدود جدًا، ولكن إن لم يتم توخى الحذر منه ومعالجة الأمر فى بدايته غالبًا ما يتحول لمرض لخبيث.
كما أن اكتشاف المرض فى بداية مراحلة يزيد من فرص الشفاء، ويمكن المريض من الاعتماد على العلاج سواء كان «إشعاعياً»، أو كيماويًا»، ولكن فى معظم الحالات يتم اكتشاف المرض فى مراحل متأخرة، وقد تتشابه أعراضه مع أمراض أخرى، ويعتبر هذا سبباً آخر لتسميته «المرض الخبيث»، وبسبب التأخر فى اكتشاف المرض غالبًا ما يقوم المريض بإجراء جراحة استئصال الجزء المصاب بالورم السرطاني، إلا أن مهاجمته للعظام تُعد هى الأخطر، فلا يمكن للطبيب أن يستأصل جزءًا من عظام المريض، كما أنه ليس له أعراض واضحة، ولكن غالبًا ما يُكتشف بالمصادفة أثناء إجراء مُصابيه الفحوصات.
الضحايا وذويهم
منى منير – زوجة مريض - سيدة كانت تعيش حياة هائة، وسط جو أسرى مُترابط، فلم تكن تتوقع أن يكون زوجها أحد ضحايا مرض السرطان الخبيث وينتهى بها الحال بعد رحلة عذاب فى البحث وراء الأطباء وعياداتهم من أجل شفاء زوجها أن يخطفه منها الموت وتبقى وحيدة، تتذكره كل يوم وهى حزينة ومكلومة.
روت لنا رحلة مرض زوجها وهى فى حزن شديد على فراقه، وبدأت قائلة أصيب زوجى بـ «فتاء» نتيجة عملية جراحية أجراها منذ 15 سنة، وذهبنا إلى الطبيب المُختص وقام بإجراء الفحوصات كاملة، ثم حدد له موعد إجراء عملية جراحية، وتم تعقيم زوجى وتجهيزه لإجراء الجراحة، وبعد أقل من 15 دقيقة بغرفة العمليات فوجئنا بأن الطبيب يأمر بإخراجه، انتابنا إحساس مختلط بين الدهشة والخوف، وعلى الفور استفسرنا من الطبيب، فأكد لنا أن الصفائح الدموية لدى زوجى قليلة جدًا، واستطردت: قُمنا بإجراء أشعة عادية ولكن عجزت عن إيضاح العلة الموجودة بزوجي، فأجرينا أشعة أخرى «مقطعية» والتى بإمكانها إظهار وتوضيح العلة الموجودة، وبالفعل أوضحت أن لديه «ورم» فى البنكرياس حجمه 9 سم، وكانت مفاجأة مُحزنة وصادمة لنا، وعلى الفور اتجهنا إلى مرحلة العلاج.
وأضافت: عندما ذهبنا إلى معهد ناصر كان هناك إهمال شديد، والأطباء الموجودون هناك لا يهتمون بأحد، فلم يعتنوا به، وأمروا بخروجه، حتى وصلنا لحالة نفسية سيئة، وانتابنا إحساس شديد باليأس والعجز والوحدة، ومرت ليال صحيح ليست كثيرة ولكن كل دقيقة كانت تمر عليا كانت ألف سنة، حتى أن النوم فارقنى تمامًا من شدة حُزنى على زوجي، ولكن أرسل الله لنا طاقة أمل ونور جديدة حينما استطعنا التواصل مع مؤسسة «جوساب» ، كان ذلك من خلال إحدى المتطوعات، بعد مرور عدة أيام فوجئنا باتصال هاتفى من أحد الأطباء التابعين للمؤسسة وبعدها قاموا بزيارتنا، ودعمونا نفيسًا ومعنويًا، وكانوا مُلازمين لنا فى كل الأوقات، ووفروا لنا كل ما ينقصنا من أدوية أو غيرها، وفى حالة احتياج زوجى لدواء خاص بمرضه ولم نستطيع شراءه لأى سبب كانوا يوفرونه.
 وواصلت: توفى زوجى بعد صراع طويل مع مرض السرطان، فقدموا لنا نحن أسرة المريض بعد وفاته الدعم النفسي، وكانوا حريصين على مُساندتى أنا شخصيًا فى وقت كنت أكاد أنهار فيه حزنًا على زوجي.
محيى صالح – 59عامًا – مهندس -  كان أحد الموجودين ولكن بمجرد أن بدأنا الحديث معه ظل صامتًا لبعض الوقت، الحزن والألم يسيطر عليه والكلام يقف على «طرف لسانه» ولكنه عاجز عن النطق به من شدة الحزن والألم، وروا لنا قصة صراع شقيقته مع المرض، والتى كانت تذبُل يوم تلو الآخر أمام عينيه على يد القاتل «مرض السرطان» والجميع عاجزون عن مساعدتها، أمام الألم المُميت التى تشعر هى به.
حدث والدموع كادت تنهمر من عينيه: عانت شقيقتى من المرض، وفى بداية الأمر كنا لا نعلم ما سبب الألم الشديد الذى كانت تشعر به، وبعد إجراء الفحوصات الطبية تبين أنها مُصابة «بورم خبيث» على المبيض، وأخبرها الطبيب المعالج بأنها تحتاج إلى إجراء جراحة عاجلة لاستئصال الورم، بالفعل أجرت شقيقتى العملية الجراحية، واستطرد: الكارثة الأكبر هى انتشار المرض فى جسدها، فعندما قام الطبيب بإزالته أثناء العملية الجراحية نشر الورم فى الحوض، وتابع: مرت على شقيقتى أيام أقل ما يُقال عنها أنها «سوداء»، وظل هذا المرض اللعين ينخر فى جسدها ما يقرب من السنة، والألم يقتلها كل يوم أمام عيني.
 وأضاف بحزن شديد: كانت فى البداية تتبع قسم النساء أثناء العلاج ولكن بعد ذلك تم تحويلها إلى قسم الأورام وذلك بسبب انتشار الورم وبذلك أصبح مرضها خارج نطاق عيادات النساء، وتابع: أخبرنى الطبيب بأنه هو وزملاؤه سيبذلون قصارى جهدهم من أجل وصول شقيقته لمرحلة الشفاء، وأكد له أنها فقط مسألة وقت وستتعافى، وبعد أن تم تحويلها إلى قسم الأورام أخبرتنى إحدى الممرضات بأن مؤسسة خيرية تقدم للمرضى شتى سُبل العلاج والراحة النفسية والجسدية دون أى مقابل، وبمجرد أن أنهيت الحديث معها تواصلت مع تلك المؤسسة، وكلى أمل فى الله أولًا أن أجد فرصة علاج لشقيقتي، كما أننى كنت أبحث عن طبيب أو علاج أو مركز أو غير ذلك من أجل أن يُساعدنى أحد فى علاجها «كما لو كنت أبحث عن إبرة فى كومة قش».
فلم يقتصر دورهم على المساعدة المادية أو الربط بيننا وبين الأطباء ولكنها قدمت رعاية متكاملة لها، وقاموا بتوفير كل المتطلبات، وبذلوا جهدا كبيرا إلى أن توفاها الله.
آمال إبراهيم محمد – 63 عامًا مدير مركز معوقات الطفولة بجامعة الأزهر سابقا – لها نصيب من اسمها، فوجهها كله آمال فى الشفاء رغم كل المعاناة والألم المُحيط بها، رحلة عذاب داخل المستشفيات وعيادات الأطباء الخاصة على مدار 15 عامًا، خلالها أمل يتجدد وألم يزداد، تسلل المرض اللعين إلى جسدها وفعل بها ما لا يوصف من الألم والعذاب، مرض لعين لا تأخذه أى شفقة أو رحمة بمرضاه.
فى البداية لم تكن تعلم بإصابتها بهذا المرض، وفى وقت الدورة الشهرية كانت تعانى من ألم شديد، إضافة إلى استمرار النزف حتى عقب انتهاء فترة الحيض، وبسبب تكرار هذه الأعراض ذهبت إلى أحد أطباء النساء، طلب منها مجموعة فحوصات وتبين من خلالها أنها مصابة «بورم خبيث» فى الرحم، قالت وهى مكلومة: أخبرنى الطبيب بأنى بحاجة لجراحة استئصال الرحم، وبالفعل أجرت الجراحة فى عام 2000، وواصلت: بعدها أخذت جرعات من «العلاج الكيميائى» الذى أنهك جسدى إلا أن المرض اللعين أبى أن يترك جسدي، وفى عام 2007 علمت بأننى مصابة بهذا المرض فى «الطحال» واضطررت من جديد الخضوع لجراحة استئصال جزء من جسدي، يدفن وأنا مازالت على قيد الحياة للتخلص من الورم والألم المُصاحب له، هل اكتفى هذا « السرطان» بكل ما فعله بجسدى ورحل عنه؟ للأسف لم يأب، فأصاب هذا اللعين «أمعائي».
وللمرة الثالثة أخضع لجراحة استئصال جزء جديد من جسدى «جزء من الأمعاء» فى نفس العام، وعقب 4 أشهر من الجراحة السابقة، واستطردت: آلام من المرض والجراحة ناهيك عن الآثار الناتجة عن خضوعى للتخدير عدة مرات وعلى فترات مُتقاربة، وتابعت: رغم ما عانيته من ألم إلا أننى لم أفقد الأمل نهائيًا، وتابعت: لم يرحل عنى هذا اللعين ووصل إلى جزء جديد داخل أمعائى إلا أن الطبيب المعالج أخبرنى بأننى إذا قمت بإجراحة داخل المعدة من جديد ستكون سبباً فى انتشار السرطان» داخل الجهاز الهضمى بالكامل إن لم يكن فى جسدى كله، ولم يمر وقت طويل وكان المرض قد وصل إلى عظامي، فماذا استئصل بعد؟
مصطفى محمد – مدرس لغة إنجليزية بالمعاش – أُصيب «بسرطان المرئ» قام بإجراء جراحة استئصال ورم، قال أنه كان يشعر بألم وصعوبة فى البلع، حتى شربة المياه كانت تُسبب له ألمًا شديد، فذهب إلى طبيب مختص، وتبين أنه مصاب بهذا المرض، وعلى الفور أجرى جراحة استئصال ورم.
الوفيات بسبب بالسرطان
أعلنت منظمة الصحة العالمية فى عام 2012 أن 8.2 مليون وفاة سببها السرطان، ومن أهم أسباب الإصابة به تعاطى التبغ والمكيفات، عدم تناول الفواكه والخضروات، تناول الوجبات السريعة، قلة النشاط البدنى والسمنة المفرطة.
ولا يقتصر مرض السرطان على جراحة استئصال المرض، أو التعرض للإشعاع أو تلقى العلاج الكيميائى فقط،  كما أن مُصابيه لا يستطيعون نقل ورقة من مكانها عقب تلقيهم جلسات العلاج القاسية، إضافة إلى الحالة النفسية السيئة التى يصلون إليها خاصة عقب سقوط شعرهم بسبب الأثر الكيميائى لجلسات علاجهم، لهذا السبب بدأت مؤسسة «جوساب» عملها وتقديم خدمة «الهوسبيس» أى العلاج المنزلى بنفس المستوى الذى تقدمه المستشفى، فهى ليست مؤسسة خيرية كغيرها تقوم بالدعم المادى أو الربط بين الطبيب والمريض، لكنها تقوم بدور نفسى بحت من خلال دعم فريق المتطوعين التابع لها «أطباء وتمريض وأخصائيين نفسيين واجتماعيين وأطباء علاج الألم ومحامين»، بحيث يقومون بمتابعة المريض وأسرته، ويكونوا مرافقين له فى رحلة مرضه والذهاب بصحبته للأطباء ومساندة أسرته، وتوفير الدعم المادى أيضًا فهى جمعية خيرية تتلقى الدعم من الأفراد والشركات لمساعدة المحتاجين من المرضى فهى لا تهدف للربح بل لراحة أكبر قدر من المرضى.
من جانبه قال الدكتور صبرى الجندى – مستشار وزير التعليم العالى –  يوجد لدينا 91 مستشفى جامعى بينها 5 تابعين للأزهر، و86 تعليم عالى يقدمون الخدمة للمجتمع بأكمله، مشيرًا إلى أنهم على أتم الاستعداد للتعاون مع مؤسسة «جوساب» ويكونوا حلقة وصل بين المرضى والمؤسسة من خلال استقبال المرضى فى عيادات الأورام داخل مستشفيات الجامعة، وليس الأورام فقط بل وجميع التخصصات، وهذا من شأنه حصول المرضى على خدماتهم فى منزلهم تخفيفًا عليهم، مضيفًا إلى أنه يصعب على المستشفيات أداء الخدمة فى المنازل، والمؤسسة الخيرية متاح لها الزيارات، وأوجه الرعاية المادية والاجتماعية.
واستطرد: لدينا أساتذة وعلماء فى مختلف التخصصات، إضافة إلى المراكز الطبية العالمية التابعة للمستشفيات الجامعية، مُجهزة ومفتوحة لاستقبال كل المواطنين،  وأشار إلى أن وزارة الصحة والسكان دورها تقديم الرعاية الصحة لكل المواطنين فى المحافظات والمراكز والقرى ولكن فى معظم الأحيان يميل المريض إلى العلاج فى المستشفيات الأميري، وأوضح أن40% من المرضى يترددون على المراكز الجامعية، و70 % من العمليات الكبرى تجرى فى المستشفيات الجامعية وذلك لثقتهم فى خبرة أساتذتها.
مبادرة الإعلاميين
من خلال هذا التحقيق الصحفى تلقى روزاليوسف الضوء على المجهود الخيرى ومؤسسات المجتمع المدنى الداعمة لمرضى السرطان نفسيا وماديًا واجتماعيًا، كما أكد الإعلامى أحمد خليل عن دعمه مؤسسة «جوساب» من خلال برنامجه التليفزيونى على قناة «القاهرة والناس» وذلك من خلال دعوة مشاهير «الفن والرياضة» لدعم المرضى، خاصة الدعم النفسي، والالتحاق بهم أثناء زيارة المؤسسة للمرضى.
وأشار إلى الدعوة التى يتبناها فى برنامجه لحث الأطباء على مساعدة المؤسسة فى علاج المرضى، ليس فقط ولكن توفير الأدوية أيضًا التى يحتاجون إليها، على أن يُلقى الضوء على مجهودات المؤسسة كنمووذج مشرف كى ينضم أكبر عدد من المتطوعين لها، ودعمها سواء من خلال الدعم المادي، أو النفسى من خلال الانضمام لفريق العمل والذهاب لزيارة المرضى ومصاحبتهم فى رحلة علاجهم والتخفيف عنهم.