السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمود السعدنى:يقولون «الكلام من فضة» وأقول: «الكلام من رصاص»




«رغم الظلام الذى اكتنف حياتي، ورغم البؤس الذى كان دليلى وخليلي، الا أننى لست آسفا على شيء، فقد كانت تلك الأيام حياتي، ومن رحم تلك الأيام، ومن رحيق تلك الليالى خرج إلى الوجود ذلك الشيء الذى هو أنا» ... هكذا وصف محمود السعدنى نفسه، فهو الكاتب حتى النخاع، يكتب قصصه ورواياته عن الواقع الذى يعيش فيه، وعن المجتمع المصري.. فى ذكرى ميلاده الـ«84» تحتفل «روزاليوسف» بالكاتب الراحل الذى طالما أضحكنا وأبكانا.
انه رائد الكتابة السخرية الهادرة واشهر ظرفاء العصر، قدم فى ستينيات القرن الماضى برنامجا إذاعيا فى شهر رمضان وكان يقول: يعتقد كثير من الناس أن الكلام من فضة والسكوت من ذهب .. لكننى أقول لهم إن الكلام من رصاص، وأدعو كل الفنانين المتفننين الى مبارزة من رصاص يحسبون لها ألف حساب.
 
 

 
 
 
 
هيكل سفير عبد الناصر لدى الدوائر العالمية .. وأنا سفير ناصر فى الداخل
 
كتب- خالد بيومى
 
والسعدنى من مواليد 20 نوفمبر 1927 بمحافظة المنوفية، رحل عن عالمنا فى 4 مايو 2010، وتوقف عن الكتابة نظرا لمرضه الشديد عام 2006، عمل فى بداية حياته فى عدد من الصحف الخاصة مثل «الكشكول» مع الشاعر الراحل مأمون الشناوي، ثم «جريدة المصري» لسان حزب الوفد، التى كان يرأس تحريرها أحمد أبوالفتح، وبعد قيام ثورة يوليو عمل بجريدة «الجمهورية»، التى كان يرأس تحريرها الشاعر كامل الشناوي، وعمل مديرا لتحرير مجلة «روزاليوسف» مع الكاتب إحسان عبدالقدوس، ثم تولى رئاسة تحرير مجلة «صباح الخير»، قضى فى سجن الواحات 16 شهرا معتقلا فى الحقبة الناصرية مع مجموعة من الشيوعيين، حيث عكف على كتابة الكتاب الاشهر (الطريق الى زمش)، الحروف الأولى من كلمات (زى ما انت شايف).
وفى عهد السادات دخل السجن مرة أخرى عام 1971 بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم، حيث صدر حكم بالسجن لمدة خمس سنوات تم تخفيفه لعامين وخرج عام 1973، وسافر إلى الإمارات وتولى رئاسة تحرير جريدة (الفجر الجديد) عام 1976 لصاحبها عبيد المزروعي، وتمت إقالته بعد ضغوط من إيران، لأنه وصف الجريدة بانها تعبر عن العرب من المحيط الهادى إلى الخليج العربي، وغادر الإمارات إلى الكويت ولم يقم بها طويلا حيث طاردته الضغوط الإيرانية، فسافر إلى لندن حيث أصدر مجلة 23 يوليو التى كرست صفحاتها لمهاجمة اتفاقية «كامب ديفيد» والتأكيد على البعد الناصرى القومى ولم يعد إلى مصر إلا بعد اغتيال السادات عام 1981.
وعقب العودة إلى مصر نظمت له مجلة «روزاليوسف» ندوة حضرها حشد من الكتاب والفنانين حيث سأله الزعيم عادل إمام: يا عم محمود لقد اعتقلت فى عهد عبد الناصر وبعد خروجك من السجن أصدرت كتابا، واعتقلت فى عهد السادات ثم خرجت وأصدرت كتابا .. فمتى نرى لك كتابا فى عهد الرئيس مبارك .. وانفجر الجميع بالضحك.
طارد فى مقالاته رموز الفساد فى عهد مبارك حيث يقول: لم يهزمنا الاستعمار الإنجليزي، ولم يهزمنا العدوان الإسرائيلى ولكن هزمتنا اغذية السيد المستورد، وطاردونا بسلعهم المغشوشة على شاشة التليفزيون، وربحوا الملايين وقتلوا الألوف من شعبنا، الله يخرب بيوتهم ويكب زيتهم.
وعن رأيه فى الرجل الشرقى يقول: الرجل الشرقى عديم الصبر لأن «مصرانه» الغليظ ملتهب وهو كسول وبطيء الحركة وتتلون حياته بلون الزفت، إذا لم يتمدد ساعتين فى الظهيرة والسبب إن معظم المواد المتفجرة التى يأكلها تحتاج إلى غلى دم كثير، فتسحب المعدة الكمية اللازمة لها وتترك باقى الجسم يعانى من نقص السيولة، ولهذا فهو ينام فى المكتب وفى الأتوبيس، وينام على القهوة وأحيانا ينام البعض وهم سائرون فى الطريق العام.
وكان من عاداته أنه يحب أن يكون المتحدث الرسمى فى أى جلسة ويستأثر بالحديث دون الآخرين، وكان سببا مباشرا فى عدم تعرف نجيب محفوظ على شخصية الموسيقار محمد عبد الوهاب على مائدة غداء فى منزل الدكتور مصطفى محمود حيث استغرق الوقت كله فى الحديث ولم يترك الفرصة لأحد من الحاضرين ومن بينهم الدكتور لويس عوض وحكى نجيب محفوظ هذا الموقف فى الكتاب الذى أصدره رجاء النقاش عن نجيب محفوظ تحت عنوان (فى حب نجيب محفوظ) عام 1998.
وقد رد السعدنى على كلام محفوظ فقال: لا أعرف هل كانت ملاحظة عمنا نجيب محفوظ ضد العبد لله أم لصالحه؟ بالرغم من إبدائه إعجابه الشديد بشيخ المتكلمين عمنا الموسيقار الخالد الشيخ زكريا أحمد، الذى كان إذا بدأ الحديث فى أول الليل لا ينتهى منه إلا فى صباح اليوم التالي، والعبد لله من دراويش عمنا نجيب محفوظ ويشرفنى جدا أن أكون اسكت مجموعة من صفوة أدباء وكتاب مصر لدرجة إننى كنت السبب فى الحيلولة بين عمنا نجيب محفوظ ومحاولته التعرف على شخصية محمد عبد الوهاب عن قرب، ولعلنى أكشف سرا لعمنا نجيب محفوظ بأننى من القلائل الذين تكلموا فى حضرة شيخنا زكريا أحمد وربما استحق جائزة الدولة التقديرية فى علم الكلام لأننى أجبرت عمنا زكريا أحمد على الصمت بعض الوقت.
أما بالنسبه لرأيه فى زعماء مصر الثلاثة .. فقد كان معجبا بالفترة الناصرية رغم أنه سجن خلالها حيث يرى أن الحقبة الناصرية لم تكن ناصر ونوابه ومدير المخابرات وأجهزة الاتحاد الاشتراكي، ولكنها كانت العمال والفلاحين والرأسمالية الوطنية والجنود والمثقفين.
أما عهد السادات فلم يكن زمن الانفتاح وتجار الشنطة وأصحاب بوتيكات شارع الشواربى ومالكى الكباريهات ورواد الحانات، ولكنها كانت أيضا مصر التى تضم ملايين الشحاتين والمتسولين، الذين عانوا المرض وخيبة الأمل والجوع.
وبعد عودته من لندن عقب اغتيال السادات استقبله الرئيس مبارك، ويحكى الكاتب محمد حسنين هيكل أن السعدنى زاره فى منزله بدون موعد سابق وقابله مستفسرا عن الزيارة المفاجئة فقال له السعدني: لقد حضرت لك عقب مقابلة مع الرئيس مبارك .. وماذا حدث؟ فقال السعدني: فى حوارى معه قلت له: تذكر يا سيادة الرئيس أنك تجلس على الكرسى الذى جلس عليه محمد على وجمال عبد الناصر فتصور ماذا كان رده: (إن كان عاجبك الكرسى خده معاك) وعقب واصفا الرئيس بوصف يصعب نشره.
وقال السعدنى عن نفسه: إذا كان هيكل سفير عبد الناصر لدى الدوائر العالمية، فأنا سفيره لدى الشعب المصرى فى الداخل.
كون السعدنى مع الفنان محمد رضا فرقة (ابن البلد المسرحية) فى نهاية الستينيات ولا غرور فى ذلك فهو خير مثال لابن البلد الحقيقى المشغول بهموم الناس وأحزانهم وأفراحهم.
 
 
من أهم أعماله
 
 
- بالطول بالعرض رحلة الى بلاد الخواجات
- ملاعيب الولد الشقى
- أمريكا يا ويكا
- مذكرات الولد الشقى_ملف صوتى
- على باب الله.. كتاب ساخر وناقد.
- مسافر بلا متاع
- مسافر على الرصيف
- مصر من تانى
- الموكوس فى بلاد الفلوس
- المضحكون
- الاورنس.. مسرحيةالاورنس
- الحان من السماء
- السماء السوداء
- السعلوكى فى بلاد الأفريقى
- الغربال
- الولد الشقى
- الولد الشقى فى المنفى
- الولد الشقى فى السجن
- النصابين .. مسرحية
- الطريق الى زمش
- احلام العبد لله
- تمام يا فندم
- بالطول بالعرض
- بين النهدين - مسرحية
- حمار من الشرق
- جنة رضوان
- خوخة السعدان1
- حكايات قهوة كتكوت
- رحلات ابن عطوطة
- عزبة بيانوتى.. مسرحية
- عودة الحمار
- وداعاً للطواجن
 

 
 
 
احتفاءً بذكرى ميلاده الـ84.. الأدباء يتذكرون «الولد الشقى»
 
 
 
الروائى يوسف القعيد قال: محمود السعدنى كاتب مثقف له نظرة خاصة إلى الحياة الاجتماعية، هناك أناس نستمتع بقراءاتهم والاستماع إلى حديثهم، لكن عندما تتبدل الأدوار ونكون مطالبين بالحديث عنهم، نجد أنفسنا فى موقف صعب، فكيف نتحدث عن عمالقة تنفسنا أدبهم وتتلمذنا على كلماتهم؟! ... مجموعة من أدبائنا يتحدثون هنا عن «الولد الشقي» .. عن حياته وكتاباته وذكرياتهم معه:
 يعرف ما يريد ويعرف نوع الحياة التى يتمنى أن تسود فى بلادنا، يؤمن بقيمة الإنسان وحريته، ويؤمن بتطور الجماعة فى نفس الوقت الذى لا يحب فيه للجماعة أن تسحق الفرد وتقضى على استقلاله، والسعدنى يستفيد من وعيه فى اختيار موضوعاته، وإيمانه بما يختاره من موضوعات، إيمانا لا يمكن بدوره أن تنطلق موهبة الكتابة بصدق وإخلاص، والسعدنى فيه نفسه جانب هو سبب حضوره الشخصى جعلنا لا نهتم به فهو روائى وكاتب قصة قصيرة وكاتب مسرحى من رواياته: «حتى يعود القمر» ومن مجموعاته القصصية: «بنت مدارس» ومن مسرحياته: «عزبة بنايوتي» ... فهو متنوع الموهبة لكن حضوره السياسى ككاتب مقال جعل الناس تهتم بمقالاته الساخرة ولا تلتفت كثيرا إلى مشروعه الإبداعي.
 ويضبف القعيد: والجانب الاهم فى انتاج السعدنى هو مذكراته التى كانت تحمل اسم (الولد الشقي) بجميع أجزائها مثل الولد الشقى فى السجن التى قدم فيها اروع صورة قلمية لقصة بعنوان (سيد الحليوة) لشاب وسيم الطلعة يعانى مشاكل فى التعامل مع المساجين وعتاة المجرمين، والولد الشقى فى المنفى وهذه المذكرات لا تقل أهمية عما كتبه الكاتب المغربى الراحل محمد شكرى فى كتابه الأشهر (الخبز الحافي)، وللأسف لم نروج لأدب محمود السعدنى بما يستحقه، ولم نهتم به فى حياته وأنا أوجه الدعوة للأستاذ أكرم السعدنى بضرورة تجميع أعماله الكاملة وإعادة طباعتها حتى تتمكن الأجيال الجديدة من الاطلاع عليها، لأنها لا تعرف عن محمود السعدنى سوى مواقفه السياسية وجلساته وقفشاته .. فالسعدنى كان حكاء كبيرا لكنه فى جلساته كان يتعمد احتكار الكلام ويعترف بذلك ويطلق كلامه فى الهواء دون أن يقوم بتدوينه شأنه شأن كامل الشناوى وكامل زهير الذين اهتموا بالحديث، ولم يعيروا اهتماما لتسجيل ما يقولونه رغم قيمته الكبرى.
ويتذكر القعيد أن محمود السعدنى هو الوحيد الذى أجبر نجيب محفوظ على تغيير إحدى عاداته وهو جلسته الأسبوعية بمركب «فرح بوت» حيث جاء السعدنى فى إحدى ليالى رمضان، واصطحب نجيب محفوظ وبعض جلسائه إلى منزل الحاج إبراهيم نافع بشارع الملك فيصل وعندما رفض محفوظ قال له السعدنى هتمشى يعنى هتمشي، واستجاب محفوظ وقضينا سهرة جميلة، انتهت بمأدبة للسحور وكانت ليلة جميلة.
 الإعلامى حمدى الكنيسي: لقد التقيت بالكاتب الكبير محمود السعدنى كثيرا، وتصادف أن حضرت اللقاء السنوى للرئيس السابق بكتاب مصر فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، ولم تكن مفاجأة أن يطلب السعدنى الحديث وبطريقته الساخرة يوجه النقد إلى نظام الرئيس السابق، ويطلب منه أن يحميه من أعوانه فى النظام بطريقته الساخرة، وكنت من أشد المعجبين بكتاباته لأنه مدرسة متميزة ومتفردة، ولم يكن هناك شبيه له أو تكرار، كان له مواقفه القوية والجريئة، وأتذكر أنه كان يقدم برنامجا فى اذاعة صوت العرب بعنوان (من أسبوع لأسبوع) وابتكر مدير الشئون المالية والإدارية نظاما جديداً مفاده أن يقوم كل مذيع يقدم برنامجا بكتابة كل كلمة تقال فى البرنامج، وعندما تم إبلاغ السعدنى بالتعليمات الجديدة سأل عن صاحبها وصعد إلى مكتبه وسأله: كيف تطلب منى أن أتذكر كل كلمة قلتها أنا أو الضيف؟ فقال له المسئول أكتب ما تتذكره وسوف اعتمد لك الميزانية فورا، فاستجاب السعدنى وكتب وسلم ما كتبه للمسئول ووقع على الورقة بدون أن يقرأها .. وسأله السعدني: هل اعتمدت الميزانية للنص؟!.. اقرأ النص مرة أخرى لكى تعرف أنك وقعت على كلمات كلها سباب لشخصك.
فالسعدنى كان يمتلك الجرأة التى تجعله يقتحم أى مجال أو يسخر من أى شخص مهما كانت العواقب .. وليس سرا أننى حينما أسمع عن كتاب صدر يضم بعض مقالاته أسارع إلى شرائه واقتنائه، كذلك لا يمكن تجاهل موهبته القصصية، التى ظلمها اتجاهه إلى كتابة المقالات اليومية.
 الشاعر عبد المنعم رمضان: أنا من الناس الذين يفتقدون وجود أدب ساخر ،خاصة فى الشعر العربى المعاصر باعتبارى شاعراً، فهو شعر يفتقد الى السخرية والضحك والقدرة على صناعة الضحك وربما علاقاتى ببعض الكتاب الذى احببتهم مثل المازنى ويحيى حقى وراء هذه الإمكانية الهائلة على صناعة الضحكة الساخرة غير المسيئة للإنسان، وقبلهم كان الجاحظ فى النثر وابن الرومى فى الشعر، استطاعا أن يصنعا على شفتى ابتسامات ساخرة كثيرة أحببتها لإنسانيتها، ويعد محمود السعدنى فردا فى هذا الطابور الغائب وغير الموجود ويسبقه محمد عفيفي، ربما سخرية محمود السعدنى سخرية عالية الصوت واحيانا تكون غير عميقة بالقدر الذى يصنع انسانيتها لكنها تظل احد مطالبى الاساسية .. وانا صغير السن كنت استمع الى مذكرات الولد الشقى فى الراديو وكان يقدمها صلاح السعدنى وسعيد صالح، لكننى بحثت عن الولد الشقى على الورق لأنه اكثر خصوصية من الراديو والتليفزيون، فالورقة أقرأها بمفردي، اما الراديو فأحس عندما استمع ان الكثيرين يشاركوننى الاستماع... فالورق يخصنى اما الراديو لا يخصنى .. طزاجة محمود السعدنى فى الولد الشقى وفى جنة رضوان والسماء السوداء واعماله الاولى ربما يكون قد افتقدها فى اعماله الاخيرة .
لكننى ما زلت أقول اننا نفتقد أدباً مثل أدب محمود السعدني، فى رواية (اسم الوردة) للروائى الايطالى امبرتو ايكو حيث البطل يبحث عن الجزء الضائع وهو كتاب (فن الشعر) لأرسطو، والجزء المتوفر هو الجزء الخاص بالتراجيديا، اما الجزء الضائع فهو خاص بالكوميديا والضحك .. فالدولة ممثلة فى الكنسية تخشى الكوميديا وربما تكون قد اسهمت فى ضياع هذا الجزء، وكل السياسيين والفاسدين يهتمون بالتراجيديا، ويهملون الكوميديا، لأن الكوميديا فعل أكثر براءة وأكثر قدرة على الكشف، والسعدنى آخر الضاحكين الذين عرفتهم، لن أحاسبه على مواقفه السياسية والتى بعضها لم يعجبنى ولكنى احاسبه على تلك الضحكة التى استطاع ان يزرعها فى فمى.
 الدكتور عبدالناصر حسن: محمود السعدنى يعد من المفكرين الساخرين وكان لديه شجاعة إعلان موقفه من الحياة والمجتمع الذى يعيش فيه هو وسيلته لنقد المجتمع وما فيه من أخطاء وممارسات سيئة أدت إلى التدهور والتخلف طيلة العقود السابقة، وقد كشف عن هذه الأمور وعالجها بلغة سلسة وسهلة واستطاع من خلالها أن يوسع نافذته على التفاعل مع المجتمع المصرى الذى أحبه السعدنى وعاش مخلصا له، وحان الوقت للتناول النقدى لفكر وابداع السعدنى ولابد من الاعتراف بأن التغييرات فى ميادين السياسة والاقتصاد فى العالم خلال الربع الأخير من القرن الماضى وأول القرن العشرين غيرت الكثير من أشكال ومفاهيم وثوابت الكتابة فى الوطن العربى والعالم وبعضها اتخذ وجها فجائيا، وأدى ذلك إلى انتشار اليأس والعزلة بين البشر وواكب السعدنى هذه التغيرات فى كتبه سواء التى تتناول الجانب المحلى أو الغربة أو السجن ليخلق تياراً جديداً فى الكتابة أقرب إلى الثورة.