الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السعادة فعل سياسى

السعادة فعل سياسى
السعادة فعل سياسى




هشام فتحى يكتب:
قرأت مرة أن دولة اليابان تضىء شوارعها، شوارع المواطنين بالحقيقة، تضيؤها باللون الأزرق، لون ينتج السلام فى نفوس المارة، ويشغل فى نفوسهم أحاسيس الراحة والصفو والسعادة. بالحقيقة لم تبلغ اليابان هذه الرفاهية من فراغ، فعلامات اليابان الاقتصادية على اللوح الاقتصادى لا تخطئها عين، دولة ذات حكومة تعمل لهذا الشعب، شعبها بالطبع، لرفاهيته، وسعادته، ونموه، وازدهاره.
نعم السعادة فعل سياسى لا شك فى هذا. لا يكفى - أيها النظام - أن تشغل إعلامك ليخرج على الناس ليظهر علامات وأرقام اقتصادية تتحدث عن ارتفاع فى مستوى النمو، أو ارتفاع فى مستوى العملة أمام الدولار والدينار، لا يكفى أن تعلن فضائياتك أن مرتبات العاملين فى الدولة قد زادت بنسبة كذا، ولا يكفى أنك أنشأت طرقا جديدة وكباري، أو أنك حصلت على قرض هذا مقداره، ما الفائدة ولم تشعر أغلبيتك الفقيرة بهذا (النمو) على مستوى معيشتها و«سعادتها»؟!
لا ليس للأرقام دلالة فى حد ذاتها، ما لم تنعكس على «قناعة» و«رضا» للشعب الفقير فى أن حكومة تعمل من أجله على الأرض، حكومة نبراسها العدل، ولا شىء غيره، غير ذلك حرث فى بحر.
قل لى ما الذى غير عشرات الحكومات وأقالها قبل حكومة شريف إسماعيل؟ أليست نفس الأعراض والأمراض؟ أليس فرض باهظ الضرائب على الفقير ورفعها عن الغنى؟ أتظن أن الشعب فاقد للإحساس فاقد للوعى فاقد للمعرفة؟ ألا تعلموننا فى مدارسكم منذ الصغر أنه ما فشلت الدول والإمبراطوريات والأنظمة إلا بسبب فرض الضرائب على الفقير والتثقيل عليه بما لا يحتمل، والتيسير على الغنى الموسر؟، لا، ليس صدفة أن شوارعنا فى (المحروسة) تضاء باللون الأحمر، لون لا يتركك بعد نصف دقيقة من التعرض له إلا عصابيا مضطربا مكتئبا، تلتفح تحته بنيران جهنم ولما تلقاها بعد، نعم يا صاح، إن السعادة فعل سياسى، والكآبة أيضا.
ماذا تنتظر الحكومة ليصلح الأحوال؟ علام تراهن؟ هل تراهن على الوقت؟ متى كان الوقت فى صالح المهمل الخامل المضيع لحقوق البلاد والعباد؟ يا حكومتنا الرشيدة، ألا تعلمين أنك حكومة بالوكالة لا بالأصالة؟ ألا تعلمين أن الشعب هو الحاكم الأصيل بنص الدستور؟ ألا تحذرون غضبة الشعب؟ أما يستطيع الشعب الفقير سحب صلاحياتكم وإحالتكم للاستيداع من خلال برلمانه أو من خلال غيره؟ لماذا لا تحكمون ضمائركم؟ بل أين مهنيتكم؟ بل أين أقسامكم التى صدعتم بها أدمغتنا على التلفاز يوم توليتم مقاصد المسئولية؟
لا تخطئ مسامعكم بل وأعينكم أيضا أن كثيرا من أفراد «النخبة» المصرية وغيرهم من محللين وأصحاب رأى ومراكز دراسات وعلماء جامعات ومجامع نقاشية يدقون كل يوم نواقيس الخطر على مصير هذا البلد، يقدمون النصح بأفكارهم، وتجاربهم، وعلومهم لأهل الحكم، عل آذانا تسمع، وعيونا تبصر، وأفهاما ترى وتعقل.
فمصر للجميع، سفينتها تحمل الجميع، الفقير والغنى، الحاكم والمحكوم، فلا تضيعوها، وكفاكم ما أهدرتم من وقت، على الجميع أن يقبل الجميع عضوا فى الهيئة المصرية، مواطنين أصلاء، لاعبيدا أجراء، فغرق السفينة – لا قدر الله - لن يبقى أحدا فوق السطح، وسيندم الجميع، خصوصا من كانت بيديه مقاليد الأمور.
مصر فى حاجة لمؤسسات حكم فاعلة، شغلها وشاغلها المهنية، أهل الكفاءة لا أهل الثقة و«الهمبكة» لرفع السفينة من منزلقها الخطر، مصر فى أمس الحاجة لتعود قائدة لهذا الإقليم من العالم، بدستور علمانى وطنى يجعل «المواطنة» هاديه الأسمى، والمواطن تاج رأسه الأعلى، مصر المنتجة، صانعة مجدها الذى كان، غير ناظرة لدنانير الشرق وريالاته، أو دولارات الغرب وتحكماته، مصر المستقلة بقرارها عن ذئاب العالمين.
اللهم بلغت ويا مصر اشهدى.