الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

معابد «الوداى الجديد» أكبر شاهد على الإهمال و«تطفيش» السائحين

معابد «الوداى الجديد» أكبر شاهد على الإهمال و«تطفيش» السائحين
معابد «الوداى الجديد» أكبر شاهد على الإهمال و«تطفيش» السائحين




الوادى الجديد ـ محمد عمر

يعد معبد «هيبس» واحد من أقدم المعابد المصرية فى الصحراء الغربية، حيث تروى رسومات وكتابات جدرانه أسرار حضارة أهالى الواحات فى الماضى، علاوة على أنه المعبد المصرى الوحيد المتبقى من العصر الصاوى الفارسى «الأسرة 26»، وسمى «بهيبس» نسبة لاسم واحة الخارجة وهو اسم يونانى قديم يعنى «هبت» أو «المحراث» ويدل على الخير والزراعة والنماء.


ويقع معبد هيبس بمدخل واحة الخارجة بمحافظة الوادى الجديد بمنطقة زاخرة بالتراث الأثرى والسياحى، فيحده من الشرق معبد الناضورة وتقع بجواره من الناحية الغربية مقابر البجوات الأثرية وجبل الطير، الذى يحوى مخربشات للإنسان المصرى، حيث كانت هذه المنطقة قديما تسمى بممر درب الأربعين.
علما بأن ممر درب الأربعين كان مخصصًا للقوافل التجارية القديمة التى كانت تأتى بالجمال من صعيد مصر لـ«دارفور» مرورًا بالواحات وكانت تقل التوابل والعطور وغيرها من المنتجات التجارية التى كان يتم مبادلتها مع دولة السودان، ما جعل واحة الخارجة وتحديدا معبد هيبس نقطة التقاء هذه القوافل لكى تتزود بالماء والطعام لتستكمل رحلاتها.
أيضا شيد قديما معبد هيبس على ارتفاع نسبى عن باقى المساكن التى تحيط حوله بواحة الخارجة، وذلك لأهميته كمكان مقدس ومركز للعبادة وكانت تحيط به عيون المياه وأشجار النخيل والدوم والسنط، فضلا عن أن المنطقة التى كانت تقع بجواره هى منطقة زراعية فى الأساس يزرع فيها القمح والشعير والزيتون وبها حتى الآن بقايا منازل المزارعين القدماء.
لكن شكلت المياه الجوفية والزراعة المحيطة بالمعبد خطرا كبيرا عليه، خاصة أنه مشيد بالحجر الرملى، فكان لابد من نقله من مكانه وإعادة ترميمه بعد أن تساقطت أجزاء كبيرة منه وتسربت المياه إلى أساسات جدرانه، وأصبح مهددًا بالانهيار بشكل كبير، لذلك قررت وزارة الآثار إطلاق مشروع إنقاذ وترميم معبد هيبس، وهو المشروع العملاق الذى بدأ منذ عام 1999 بإعداد الدراسات وتحديد الجهات التى سوف تشارك فى المشروع.
بداية يقول محمد جابر، مفتش آثار معبد هيبس: إن عملية ترميم المعبد اشتملت عدة مراحل مهمة من بينها مرحلة أعمال الأساسات، التى احتوت على تنفيذ الحائط الفلترى حول المعبد وملحقاته، لمنع وصول أى مياه رشح أسفل أساسات المعبد كى لا تنهار جدرانه، بالإضافة إلى عملية تربيط الجدران عندما تم فكها ونقلها من مكان لآخر.
وأضاف: وتضمنت أيضاً استبدال الأرضيات التالفة بأخرى من نفس الرمال المصنعة منها بهدف الحفاظ على تراث وأثرية المعبد، وإنشاء السور الخارجى المحيط بالمنطقة الأثرية الخاصة بالمعبد الذى يعمل على الحفاظ على بنية الأثر، مشيرا إلى أن عملية الترميم استغرقت أكثر من 15 عاماً بداية من الدراسات وحتى افتتاح المعبد أمام السياح العام الماضى، وذلك بتكلفة تجاوزت 71 مليون جنيه.
ويلفت محمود علي، أحد الأهالي، إلى أنه بالرغم من التكلفة العالية والسنوات العديدة التى قضتها وزارة الآثار فى ترميم المعبد، إلا أنه مازال بعيدًا عن أعين السياحة العالمية، نظرا لعدة عوامل، أولها: أن محافظة الوادى الجديد لم تقم بالترويج للمعبد سياحيا وإعلاميا، فضلا عن أنه مغلق طوال الوقت، ولم يتم إنارته ليلا، بل ولم تستكمل خدماته الداخلية من كافيتريا أو الطريق المؤدى إليه.
ويستنكر حسين محمود، من أبناء الخارجة، ارتباط تذكرة دخول المعبد بـ4 مزارات أخرى، فضلا عن ثمنها المبالغ فيه والبالغ 10 جنيهات، ما أحجم السياحة الداخلية عنه بالإضافة الى نقص العمالة المخصصة لخدمة المعبد، الأمر الذى يجبر المشرفين القائمين عليه بنظافته بأنفسهم، ناهيك أن الوادى الجديد معزولة بسبب شركة الطيران المدنى.
ويوضح المتضرر أن هناك مطارًا وحيدًا فقط بالمحافظة هو الذى يعمل ويستقبل طائرة صغيرة مرتين أسبوعيا سعة 50 فردا تابعة لإحدى شركات البترول، بالرغم من امتلاك المحافظة لمطارين آخرين أحدهما بواحة الداخلة، والآخر بمنطقة شرق العوينات، الأمر الذى أثر بالسلب على السياحة، وجعل الكثير من السياح يحجمون عن زيارة الواحات ومعرفة معالهما، خاصة أنها تبعد عن محافظة القاهرة بحوالى 700 كم.
يشار إلى أن اللواء محمود عشماوي، محافظ الوادى الجديد، أكد أن المحافظة بها أكثر من 139 موقعًا أثرياً وسياحياً موزعين بمراكزها الخمسة «الخارجة ـ الداخلة ـ بلاط ـ الفرافرة ـ باريس»، ما بين معابد وقصور وقلاع أثرية ومحميات بيئية وعيون كبريتية، منوها إلى أنه جار العمل على التنسيق مع الجهات المختلفة للترويج لكل هذه المزارات، وذلك بمخاطبة شركة الطيران المدنى لتشغيل المطارت المغلقة وعودة الرحلات اليومية لخدمة عملية السياحة بشكل كبير.
وقال عشماوى: إنه أيضا تمت مخاطبة الشركات السياحية لوضع مزارات الواحات ضمن برامجها، كما يتم أيضا مخاطبة السفارات الأجنبية والجامعات الحكومية والخاصة لإيفاد الرحلات الطلابية لتنشيط السياحة الداخلية، فضلا عن أن وزير الآثار خلال زيارته للمحافظة أكد أنه يتم حاليا دراسة مقترح دخول المزارات الأثرية بالواحات لدار السينما وذلك لإنتاج أعمال درامية على غرار فيلم «غرام فى الكرنك» الذى تم تصويره فى معبد الكرنك بمحافظة الأقصر وحقق ترويجا كبيرا للمعبد.