الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إهمال محافظ الإسكندرية «يفرم» تلاميذ «الناصرية»

إهمال محافظ الإسكندرية «يفرم» تلاميذ «الناصرية»
إهمال محافظ الإسكندرية «يفرم» تلاميذ «الناصرية»




الإسكندرية ـ إلهام رفعت

صرخات مستمرة من الصغار وهم يشاهدون الدماء تسيل على الأسفلت فى مشهد يومى على الطريق السريع أمام مجمع المدارس بمنطقة الناصرية بـ«أبيس»، فضلا عن تكرر حالات التشوه والحرق والإصابة بأمراض مزمنة كثيرا بفضل أبراج كهرباء الضغط العالي، وسط صمت رهيب من المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية، وجموع المسئولين والأجهزة التنفيذية داخل المحافظة، وكأن «الجنازة حارة والميت كلب».
لكن «روزاليوسف» لم تنس قط مشاكل المنطقة التى تناساها المسئولون، حيث رصدنا معاناة المواطنين اليومية ممن اضطروا للعيش تحت أبراج الضغط العالي، وأولياء الأمور الذين تبكى أعينهم دما على فراق فلذة أكبادهن يوميا فى حوادث الطرق.
فى البداية تقول منال السيد، مدرسة: طالبنا مرارا وتكرارا بعمل مطب صناعى على الطريق الزراعى المؤدى إلى المدارس، لكن لا أحد يستجيب لنا على الرغم من وجود مدارس عبدالسلام المحجوب، وأحمد زويل، والتحرير، وكلها مدارس لتلاميذ الابتدائى والإعدادى ويوميا تحدث كوارث، مؤكدة أنها تشاهد يوميا حوادث لأطفال، وأولياء أمور ومدرسين تدهسهم السيارات التى تسير بسرعات جنونية دون رحمة.
وتتساءل السيد: هل دمنا ودم أولادنا وفلذة أكبادنا رخيص لمجرد أن تلك المدارس حكومية؟ منوهة إلى أنها لو كانت مدارس خاصة كان الأمر سيختلف تماما وسينقلب رأسا على عقب، لأن أصحابها صوتهم مسموع، مشددة على ضرورة عمل مطبات صناعية لإجبار السيارات على تخفيض سرعتها حرصا على سلامة التلاميذ وأولياء الأمور، خاصة مع التكدس أثناء الدخول والخروج من المدرسة.
ويقول مداح أحمد، عامل بناء: أنا من الصعيد وأعمل فى بناء المنازل منذ 4 سنوات فى المنطقة وشاهدت وسمعت الكثير من الحوادث بسبب أبراج كهرباء الضغط العالي، علاوة على أنه عايش حادثة مؤخرا لطفل صغير كان يلعب فى الشارع سحبته الكهرباء ومات صعقا، الأمر الذى أجبر أسرته على ترك منزلهم ورحلوا من المنطقة بأثرها خوفا من فقدان أحد آخر من أفراد العائلة.
ويلفت مداح إلى أن هناك رجلًا أيضا كان يعمل على سيارة نقل وأثناء رفع صندوق على السيارة أصيب بصعق كهربائى مات فى الحال، وحوادث كثيرة نراها ونسمع عنها باستمرار فى هذه المنطقة المحيطة بهم، خاصة فى فصل الصيف مع ارتفاع الحرارة وتراخى أسلاك الضغط العالى التى تصل إلى الجدران والمنازل.
وتضيف عالية محمد، إحدى المتضررات: «كان فيه مدرسة قديمة اسمها الرابعة الناصرية، وكانت شغالة ومكتظة بالتلاميذ رغم مرور أسلاك تيار الكهرباء العالى من فوق المدرسة، وإحنا صغيرين كنا بنروحها، بس حاليا تهدمت وتم بناء مدرستى «أحمد زويل» و«عبدالسلام المحجوب التجريبية» بديلا عنها»، علاوة على تحويل مكان المدرسة القديمة إلى مقلب للقمامة والحيوانات الميتة، وحظيرة للحيوانات، وانتظار للسيارات يستغله البلطجية، ما عكس بدوره انتشار الأمراض بسبب الحشرات والزواحف فى مقلب القمامة.
ويحكى الحاج على عبدالسلام، من سكان المنطقة، عن حادث مأساوى وقع أمام عينيه بسبب كهرباء الضغط العالى فى العام الماضي، حيث تم حرق حضانة بالمنطقة كانت مقامة بشقة فى أحد الطوابق، وأصيبت طفلة بسقوط جدار فوقها، وصعق طفل كان يلعب بطائرته الورقية فوق سطح منزله، وعروس فى بداية زواجها احترقت شقتها بالكامل وتم إنقاذها هى وحماتها بأعجوبة بسبب الضغط العالى المحيط بالعقار.
ويعترف عبدالسلام أن المنازل كلها مضاءة بسرقة التيار الكهربى، مؤكدا أن أهالى المنطقة يعيشون فى رعب خوفا من إصدار قرارات إزالة لمنازلهم، خاصة أنهم مرتبطون بالمكان الذى تربوا فيه، فضلا عن أن جميعهم ليس لديه بديل، ما اضطرهم للحياة تحت أبراج الموت.
ويلفت إبراهيم حسانين، من الأهالى، إلى أن هناك أسلاك الضغط العالى تمر فوق المدارس مباشرة، ما يثير ذعر أولياء الأمور والطلاب، مؤكد أنه خلال الأمطار التى تتعرض لها الإسكندرية يتم غلق المدارس بسبب سقوط أسلاك كهرباء عليها، مطالبا المسئولين بالاهتمام بـ«الرابعة» التى تقع بالقرب من مبنى المحافظة الجديد، وسرعة عمل مطبات وكوبرى مشاة، مستنكرا الغياب التام لأعضاء الهيئة البرلمانية، حيث لا يراهم المواطنون سوى أيام الانتخابات وبعدها «فص ملح وداب».
من جانبه قال المهندس أحمد الغمرى، رئيس قطاع الإضاءة العامة بالإسكندرية: إن أبراج الضغط العالى بالمنطقة تغذى الإسكندرية كلها ونقلها يتكلف مليارات الجنيهات ويكاد يكون مستحيلًا، لافتا إلى أنها أنشئت فى الخمسينيات من القرن الماضى وتتبع شركة غرب الدلتا لتوليد الكهرباء والإسكندرية لنقل الكهرباء.
وأوضح رئيس قطاع الإضاءة العامة بالإسكندرية أن البناء يجب أن يكون بعيدا عن حرم أبراج الضغط العالى منعا للتعرض للهلاك، لافتا إلى أن حرم الجهد العالى 220 كيلو يصل لـ25 مترًا، وحرم الجهد 66 كيلو يبلغ 13 مترًا، وأى بناء داخل الحرم خطر ويعرض المواطنين للصعق الكهربائي.
وأكد  الغمرى أن البناء تم دون ترخيص خاصة بعد ثورة يناير 201، وأن أرض المنطقة زراعية، مطالبا بمحاكمة فورية لجميع المهندسين الذين أدخلوا المرافق لأصحاب هذه المنازل لأنهم منحوهم شهادات موت، مناشدا المسئولين بسرعة إصدار قرارات إزالة لهذه المنازل وتوفير بديل مناسب حفاظا على أرواح المواطنين.
وقال علاء يوسف، رئيس حى شرق: إن مشكلة أبراج الجهد العالى خطيرة والمنازل التى تم إنشاؤها كلها بعد الأبراج وكلها مخالفة ويجب إزالتها فورا، مؤكدا أنها مشكلة معقدة ويصعب حلها لأنها متشابكة، حيث إن الأهالى غلابة وبنوا بيوتا يصعب إخراجهم منها، أو إعطائهم بديلا فى الوقت الذى تجدهم فيه خارجين عن القانون، مؤكدا أنه سيقوم بمعاينة المكان ومستعد لأى حل يرضى الأهالى ويحميهم من الخطر.