الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ثورة الجياع!

ثورة الجياع!
ثورة الجياع!




يكتب: د. الأمير صحصاح

تظل ثورة  30 يونيو التى قام بها الشرفاء من شعب مصر هى آخر الثورات ومسك الختام والتى عالجت أخطاء الثورة التى سبقتها فى 25 يناير. وبعد مضى 3 سنوات أو يزيد على هذه الثورة العظيمة، نجد من يخرج علينا ويطلق الدعوات لثورة جديدة فى 11 نوفمبر المقبل يطلقون عليها «ثورة الجياع»!
شىء لا يصدقه عقل!!
بعد أن استقرت مصر وأصبح لها دستور ورئيس وبرلمان، ماذا يريد الجياع منها؟!! يريدونها بيتا بلا حيطان!! أم يريدونها خزائن بلا أقفال!! وأى جياع تقصدون؟ جياع السلطة أم جياع المال أم جياع البطون؟
إن كنتم تقصدون جياع السلطة، فإن السلطة إذا لم يعز الله بها مَن يشاء من عبادة ويجعلها تسعى إليهم  ولا يسعون اليها فإنها تصبح بالنسبة للذين يجرون وراءها مثل العظمة وطلابها كلابها.
وإن كنتم تقصدون جياع المال، أما كفاهم ما جمعوه من السوق السوداء والمتاجرة فى الدولار؟!! وإن كنتم تقصدون جياع الفكر، أما كفاهم ما روجوه من ضلال وإلباس الحق بالباطل فى وضح النهار؟!! وإن كنتم تقصدون جياع البطون، أما كفاهم ما تجود به مصر من نعم، وإن ضنت عليهم أليس الخالق بضامن لهم أرزاقهم؟
اليكم ما جاء فى كتاب «أرزاق العباد» لصاحبه محمد قحطان سندى، لعل جياع البطون يهتدون.
قسم الله تعالى بين عباده أرزاقهم فوسع على أناس وضيق على آخرين، لحكــمة بالغة قضــاها، يستوجب الحمد على اقتضاها. قال تعالى: ﴿والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق﴾النحل:71. وقال تعالى: ﴿الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر﴾ العنكبوت : 62.
من الحكم العظيمة فى تقسيم الأرزاق:
1- ليعرف العباد بذلك أنه سبحانه المدبر لجميع الأمور وأن بيده مقاليد السماوات والأرض، فهذا يوسع عليه والآخر يضيق عليه ولا راد لقضائه وقدره.
2- بسط العليم الحكيم الرزق لبعض العباد وضيقه على بعضهم ليعتبروا بهذا التفاوت فى الدنيا، تفاوت ما بينهم فى درجات الآخرة، فكما أن الناس فى هذه الدنيا متفاوتون، فمنهم من يسكن القصور المشيدة العالية، ويركب الراكب الضخمة الغالية، ويتقلب فى ماله وبنيه فى سرور وحبور، ومنهم من لا مأوى له ولا مال ولا بنون، ومنهم ما بين ذلك على درجات مختلفة؛ فإن التفاوت فى درجات الآخرة أعظم وأكبر وأجل وأبقى ﴿انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا﴾ الإسراء :21.
3- قسم الله الرزق بين عباده ليعرف الغنى قدر نعمة الله عليه بالإيسار فيشكره عليها ويلتحق بالشاكرين، ويعرف الفقير ما ابتلاه الله به من الفقر فيصبر عليه وينال درجة الصابرين ﴿إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب﴾ الزمر: 10.
4- قسم الله الرزق بين عباده لتقوم مصالحهم الدينية والدنيوية فلو بسط الرزق لجميع العباد لبغوا فى الأرض بالكفر والطغيان والفساد، ولو ضيق الرزق على جميعهم لاختل نظامهم وتهاوت من معيشتهم الأركان.
لو كان الناس فى الرزق على درجة واحدة لم يتخذ بعضهم بعضاً سخرياً، لم يعمل أحدهم للآخر صنعة، ولم يحترف له بحرفة، لأن الكل فى درجة واحدة فليس أحدهم أولى بهذا من الآخر .
أين الرحمة والعطف من الغنى للفقير إذا قدرنا أن الناس كلهم فى درجة واحدة؟ أين الموقع العظيم الذى يحصل بصلة الأقارب بالمال إذا كان الكل فى درجة واحدة؟
إن هذا وأضعافه من المصالح يفقد لو تساوى الناس فى الأرزاق ولكن الحكيم العليم قسم بينهم أرزاقهم، وأمر الأغنياء بالشكر والإنفاق، وأمر الفقراء بالصبر وانتظار الفرج من الكريم الرزاق. فعلينا معشر المسلمين أن نرضى به رباً، فنرضى بقسمه وأقداره، ونرضى به حكماً فنؤمن بحكمه وأسراره.