الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المستشار عبدالله قنديل رئيس نادى النيابة الإدارية: دستور بدون توافق لا يستحق الحبر المكتوب به.. وتجميد التأسيسية مطلوب الآن





قال المستشار عبدالله قنديل رئيس نادى مستشارى هيئة النيابة الإدارية: إن الأزمة التى دارت بين النادى ممثلا لأعضاء النيابة الإدارية والجمعية التأسيسية للدستور انتهت بشكل عام عقب الاتفاق على الخطوط العريضة من الناحية الدستورية وعلى النص صراحة يجعل هيئة النيابة الإدارية هيئة قضائية لها جميع الضمانات.
وأشار قنديل خلال حواره معنا إن إلغاء المحكمة الدستورية العليا أو تقليص صلاحياتها لا يليق بدولة فى حجم مصر، وألمح فى نفس الوقت إلى أن الحديث عن العودة للمربع «صفر» بشأن مواد النيابة الإدارية داخل أروقة التأسيسية وارد إذا تم التراجع عن النص الخاص باستقلالها، وشدد «قنديل» على أن باب الحريات هو الباب الوحيد الذى تم صياغته بشكل جيد جدا بل تم التوصل إلى صياغة خاصة بتعويض من يحبس احتياطيا من جانب الدولة.
وأبدى «قنديل» فى نفس الوقت تخوفه من المادة المرتبطة بتدخل الأفراد لحماية الأسرة والمجتمع من الاعتداء على الحريات موضحا أنه كان يجب أن يكون النص هنا ملزما للدولة وليس الأفراد.
تفاصيل هذه الموضوعات وغيرها بخصوص دستور مصر الجديد دار فى هذا الحوار:



■ هل انتهت الأزمة القانونية بين هيئة النيابة الإدارية والجمعية التأسيسية للدستور؟
يمكن القول إنه تم الاتفاق على الخطوط العريضة التى تضمن استقلالية هيئة النيابة الإدارية فى نص الدستور الجديد.. إذا ما تمت الموافقة على الصيغة النهائية التى تم الاتفاق عليها.. وهى «أن هيئة النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تباشر التحقيق والادعاء فى مجالها.. وما يحال إليها من المفوضية العليا لمكافحة الفساد.. ويسرى عليها ما يسرى على أعضاء السلطة القضائية من ضمانات وحقوق».
وهو ما يعنى أنه بهذا الشكل تكون الأزمة القانونية قد انتهت.. أما إذا حدث خلاف ذلك فسوف نعود للمربع صفر.
■ بماذا تقصد إذا ما تم خلاف ذلك.. نعود للمربع «صفر»؟
أقصد هنا.. أنه إذا ما واجهت الجمعية التأسيسية خلال الفترة المقبلة عقبات جديدة توقف عملها نكون بذلك قد عدنا للمربع صفر.. ونبدأ المناقشات من جديد.
■ معنى هذا أنكم تتوقعون مفاجآت فى الطريق بشأن الجمعية التأسيسية للدستور؟
المفاجأة التى يمكن أن أتوقعها هنا.. هى العدول عن النص الذى تم اعتماده من لجنة نظام الحكم وسبق أن ذكرته فى البداية.. إضافة إلى وجود عقبات أخرى أمام التأسيسية نفسها أولها دستورى والثانى شعبى.. فمن الناحية الدستورية تكمن العقبة هنا فى الطعن المقام بشأن بطلان قانون التأسيسية نفسه بحيث إذا قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون تشكيل التأسيسية نفسه نصبح أمام المربع صفر، أما إذا قضت بدستورية القانون الذى قامت على أساسه التأسيسية ننتقل إلى المرحلة الثانية وهى المرحلة الشعبية المرتبطة بجملة الانسحابات المتتالية من قوى المجتمع المدني، والأحزاب السياسية وهذه نشاهدها جميعا بشكل يومى.
■ إذن كيف ترى هنا الحل من الناحية القانونية؟
من وجهة نظرى.. أرى أنه من الأوفق طالما أن هناك عقبات دستورية والأخرى شعبية فيجب «تجميد عمل الجمعية التأسيسية للدستور» لحين معرفة الجانب الدستورى الذى ستفصل فيه المحكمة الدستورية العليا خلال شهر ديسمبر المقبل، إذا قضت بالبطلان يعاد التشكيل من جديد، أما إذا قضت بعدم البطلان تصبح العقبة الثانية وهى العقبة الشعبية من السهل حلها من حيث الاتفاق على مسار عمل التأسيسية خلال الأيام القادمة بشكل يرضى الجميع.. لأن التوافق فى هذه الحالة سيكون شعبيا بين قوى المجتمع المدنى والقوى السياسية.
■ ذكرتم أن السبب الحقيقى وراء أزمة الفهم القانونى بشأن استقلالية هيئة النيابة الإدارية فى الدستور الجديد المستشاران حسام الغريانى وناجى دربالة؟
هذا صحيح.. لأن الاعتراض منذ البداية هنا على النص على هيئة النيابة الإدارية فى الدستور كهيئة قضائية مستقلة، كان من جانب المستشارين حسام الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية للدستور نفسه.. وناجى دربالة نائب رئيس محكمة النقض وعضو الجمعية، وكان اعتراضهما على أن دور النيابة الإدارية يجب أن يتم إلغاؤه لأنها لا تقوم بالفصل فى المنازعات.. ونحن من جانبنا أوضحنا بالحجج الدامغة أن هذا كلام غير صحيح وغير دقيق.. لأن دورنا تماما مثل دور النيابة العامة تقوم بالتحقيق والادعاء، ولكن الفصل فى الدعاوى يكون من سلطة المحاكم كما فى النيابة العامة تماما.
■ هل أخذا برأيكم.. أم ناورا بشكل آخر؟
عندما اقتنعا بما قدمناه.. تغير فكرهما ووافقا على ما انتهت إليه لجنة نظام الحكم من النص على هيئة النيابة الإدارية فى الدستور الجديد كهيئة قضائية مستقلة كاملة الضمانات.
وأقول هنا إن الدستور هو وثيقة إدارة الدولة، المرجعية النهائية للدولة نفسها والدستور أشمل من القوانين التى تصدر من السلطة التشريعية، والمرجعية هنا الشعب باعتبار أن الشعب مصدر السلطات، وعندما تضع دستورا غير معبر عن الارادة الشعبية فهو هنا يهدم الشرعية.. لأن المسألة ليست فى كيف تضع مواد تملأ بها الدستور.. ولكن كيف تضع مواد تحقق طموحات الشعب.. والتطبيق والتنظيم يكون من خلال أرض الواقع.. أما إذا جاءت النصوص مغايرة لطموحات الشعب فلا عبرة هنا حتى للحبر الذى كتب به هذا الدستور ومواده.
■ بوضوح.. هل هناك مزايدة دينية تحت شعار تطبيق الشريعة الإسلامية؟
هذا الأمر محسوم وفقا لنص المادة الثانية من الدستور والتى اعتبرت الشريعة الإسلامية المصدر الأساسى للتشريع.. والشريعة بشكل عام صالحة للتطبيق فى كل وقت وكل زمان ومن يقول بخلاف ذلك يكون مجافيا للحقيقة لأن مفهوم تطبيق الشريعة «بحذافيره» يحتاج إلى بيئة معدة لذلك من حيث الشروط وأحكام الحدود.. ولكن مفهوم الشريعة بشكل عام موجود.. ومطبق فى مصر.. والشريعة الإسلامية صالحة للتنفيذ إلى يوم القيامة.
■ كيف حدث التوافق بين نادى هيئة النيابة الإدارية برئاستكم.. ونادى القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند؟
أفسر هنا.. بأن الهدف منه الوقوف أمام تغول السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية.. والدفاع عن استقلال المؤسسة القضائية يبدأ من الروافد.. ومن الثوابت أيضا أن يتم النص دستوريا على استقلال القضاء من حيث النص صراحة على استقلال كل هيئة بذاتها فى الدستور نصا عاما يمكن من خلاله تحقيق المساواة التامة بين أعضاء الهيئات القضائية عقب النص عليهما دستوريا بشكل مستقل.. ويصبح لكل هيئة دستورية أيضا ميزانيتها الخاصة ومجلس أعلى يدير شئونها كما هو الحال حاليا.. وإذا لم يتم النص على هذه الأمور دستوريا.. لن نستطيع فى المستقبل منع تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية.
■ هل ترى أهمية فى المستقبل من الناحية الدستورية لوجود مجلس رؤساء الهيئات القضائية؟
من وجهة نظرى يجب أن يلغى هذا المجلس لأنه عندما يكون لكل هيئة قضائية نص دستورى خاص بها يحدد استقلالها من الناحية الفنية والمالية لن يكون هناك دور لهذا المجلس.. خاصة أن دوره كان مقتصرا على الأمور الاستشارية.
■ هل ستطرحون قانون هيئة النيابة الإدارية الجديد وتعديلاته على الأعضاء لمناقشته؟
سوف نؤجله الآن.. وعلى ضوء النصوص الدستورية الجديدة يمكن أن نطرحه.. لأن القانون يصدر عقب صدور الدستور باعتبار أن الدستور أشمل من القوانين ولا تخالفه.
■ كرجل قانون.. ما رأيكم فى نص المادة المرتبطة بمدة بقاء النائب العام.. وما أثير حوله بأنها فصلت خصيصا للمستشار عبدالمجيد محمود؟
مسألة تحديد المدة لا بأس فيها.. ولكن الخلاف هنا على تاريخ السريان وتنفيذ هذه المادة.. حيث يرى النص الحالى بأنها تنفذ بأثر رجعي.. والأدق هنا أن تبدأ المدة من تاريخ إقرار الدستور.
■ بصراحة.. ما موقفكم من الأزمة المتأرجحة بين القبول والرفض فيما يخص تحويل هيئة قضايا الدولة إلى نيابة مدنية؟
نظريا إذا نفذت الدراسات التى قدمت إلى لجنة نظام الحكم بشأن هذا الأمر وأن تحويل هيئة قضايا الدولة إلى نيابة مدنية تساهم فى تحقيق العدالة الناجزة سوف تحقق الهدف المرجو منها.. إضافة إلى أن الذى قام بصياغة مادة تحويل هيئة قضايا الدولة إلى نيابة مدنية هم أعضاء لجنة نظام الحكم وهم أساتذة دستوريون متخصصون يرون أن هذا تحقيقا لمصلحة قانونية لمصر.. ونحن مع هذه الاتجاه.
■ عموما.. هل ترى أن مواد الدستور الحالى تحقق طموحات وآمال الشعب؟
المطروح للنقاش حاليا ليس مسودة نهائيةللدستور ولكن نقاشاً وتقليداً ويمكن الإجابة على هذا السؤال عندما تصدر المسودة النهائية.
■ هل ما طرح فى «باب الحريات» كان لضمان حقوق المواطنين من حيث قضايا الاعتقال.. والحجز والتعويض لمن حبس بدون وجه حق؟
صياغة هذا الباب بالتحديد صياغة متحضرة ولا توجد به مشاكل من وجهة نظري.. خاصة أن المواد الموجودة به تتفق والظروف العادية.. وغير العادية بل به نصوص واضحة لابد فيها من تجريم الاعتداء على الجهات العامة.. بحيث إن هذا الباب اعتبر الاعتداء على الحريات العامة يعد جريمة جنائية لا تسقط بالتقادم إضافة إلى أنه لأول مرة فى الدستور يتم النص على مادة خاصة بمسئولية الدولة عن تعويض المواطنين الذين يحبسون احتياطيا دون وجود أسباب أو صدور حكم ضدهم عقب هذا الحبس.
■ رغم ما سبق.. لماذا ترى النخبة المثقفة أن الدستور يتم «سلقه مثل البيض»؟
فى اعتقادى أن بعضاً ممن يحضرون جلسات التأسيسية يتغيبون عن جلسات أخرى ويفاجأوا بمواد تناقش أمامهم إضافة إلى أن هناك بعض المواد التى تناقش فى عجالة.
■ أمر المحكمة الدستورية العليا داخل التأسيسية لم يتم حسمه.. هناك اتجاه لحلها بالكامل واتجاه آخر لإعادة هيكلتها.. فما رأيك؟
لا يصح ولا يليق بدولة فى حجم مصر أن يلغى من دستورها الجديد النص الخاص بوجود المحكمة الدستورية العليا.. لأن وجود الدستورية أمر غاية فى الأهمية.. لأن هذه المحكمة هى التى تقول لنا إن هذا القانون دستورى وهذا القانون غير دستورى.
■ من ضمن المآخذ على نصوص الدستور الجديد.. أنه لم ينص صراحة على مبدأ المواطنة الذى يتمتع به المجتمع المصرى منذ سنوات طويلة؟
لأن هذا النص تم النص عليه ضمن المواد التى تحقق المساواة.. ومبدأ المواطنة تم ترسيخه فى المواد التى ترسخ لعدم التمييز والمساواة بين الجميع فى الحقوق والواجبات.
■ ألا ترى أن النص على استخدام المواطنين فى الرد على الاعتداء على الحقوق والحريات بشكل يمكن أن ترى معه أشخاصا يستخدمون هذا النص لإرهاب فئات بعينها؟
هذا صحيح.. وكان من الواجب أن تكون الإجراءات التى تتخذ لرد الاعتداء على الحقوق والحريات أو الأخلاق أو الأسرة من التزامات الدولة وليس الأفراد.. لأن هذا بالفعل يفتح الباب أمام بعض الجماعات للحصول على موافقة بإنشاء جمعيات لهذا الغرض وتستخدم بشكل سيئ ضد المواطنين.