السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خلاف حول فتوى الهلالى بعدم مسئولية الزوج عن عدم تدين زوجته

خلاف حول فتوى الهلالى بعدم مسئولية الزوج عن عدم تدين زوجته
خلاف حول فتوى الهلالى بعدم مسئولية الزوج عن عدم تدين زوجته




كتب - عمر حسن


أفتى الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن الزوج لن يحاسب على قدر تدين زوجته يوم القيامة، بل سيحاسب إن ظلمها أو لم يعطها حقها المفروض عليه، قائلا: «اللى يقولك الزوج سيحاسب على تدين زوجته.. ده ضحك على الدقون»، مشيرًا إلى أن كل إنسان سيحاسب على عمله.
وقد أثارت الفتوى جدلا بين أوساط مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن التساؤلات فيما يتعلق بولاية الزوج على زوجته لا تزال قائمة، خاصة حول تدينها والتزامها بارتداء الحجاب أو بالحفاظ على أداء الصلاة والعبادات التى أمرنا بها الإسلام.
من جانب آخر أكد أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، على ما أشار إليه الدكتور الهلالى فى فتواه، قائلا: «الدين علاقة شخصية بين العبد وربه، ولا وصاية لأحد على أحد»، مستشهدًا بقول الله تعالى: «كل نفس بما كسبت رهينة».
وأضاف فى تصريحات خاصة أنه لا يوجد إنسان يُحاسب عن غيره، مستدلا بقول الله -عز وجل : «يوم لا تملك نفس لنفس شيئًا والأمر يومئذ لله»، لافتًا إلى أن حساب الزوج عن زوجته يأتى إذا ما عرضها لسوء، أو أكرهها على ما يغضب الله، على اعتبار «التسبب»، أى الدفع بها نحو الذنب.
واختتم: «إذا ما أجبر الزوج زوجته على ارتداء الحجاب، فلبسته كرهًا ولم تلتزم به، لا يقع ذنب على الزوج، لأنها أدت العبادة بالإكراه».
فى سياق متصل قال الداعية الإسلامى الشيخ خالد الجندي، إن من يدعى أن الزوج سيحاسب عن تدين زوجته يوم القيامة لم يقرأ القرآن الكريم، فقد جاء فى قول الله تعالى: «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، وكذلك قال المولى: «يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه»، فكيف لإنسان يفر من ذنبه يوم القيامة، أن يتحمل ذنب إنسان آخر؟
وفيما يتعلق بأحقية إجبار الزوج لزوجته بدافع التدين، أشار الجندى إلى أن الولاية نوعان هما «ولاية إجبار»، و«ولاية إخبار»، أما الأولى فلم يمنحها الله لأى مخلوق فيما يخص العلاقة معه، حتى الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له المولى فى كتابه الحكيم: «لست عليهم بمسيطر»، فهل يعُقل أن يعطى الله للعبد حق حجبه عن النبي؟
وأوضح أن ولاية الإخبار أو الإعلام، فقد منحها الله لسائر أبناء الأمة، وهى تنطبق على قول المولى - عز وجل - لرسوله: « يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ( 45 ) وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرًا»، موضحًا أن هناك فرقا بين الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فالأول اختياري، إنما المنع لا بد فيه من ممارسة سلطة الوصاية، بمعنى لو وجد أب ابنه يشترى بمصروفه المخدرات، فإن واجبه هنا أن يقطع عنه الأموال ويمنعه من ذلك، مستخدمًا سلطة الوصاية لديه كأب، وكذلك الزوجة التى ترتدى ملابس فاضحة أو مثيرة للشهوة، فإن واجب الزوج هنا أن يمنعها من هذا العمل بسلطته الوصائية.
وأردف الجندى فيما يتعلق بمسألة فرض الحجاب قائلا: «حينما يتزوج رجل مسلم من فتاة يهودية أو مسيحية لا يجوز له أن يجبرها على اعتناق الإسلام، وكذلك الزوج المسلم لا يجوز له أن يجبر زوجته المسلمة على ارتداء الحجاب».
وأشار إلى أن أصحاب الرأى القائل بإن الزوج سيحاسب عن تدين زوجته يوم القيامة، اعتمدوا على ما جاء فى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم: « كُلُّكُمْ رَاعٍ وكلمكم مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، متابعًا: «السؤال هنا مسئول عن ماذا؟ الإخبار أم الإجبار»، وضرب مثلا بالأستاذ الذى تقف مهمته على شرح الدروس للتلاميذ، مؤكدًا أنه ليس مسئولا عن نتيجة كل منهم فى الامتحان، بمعنى أن مسئولية الزوج تقف عند إخبار زوجته بضرورة ارتداء الحجاب كفرض أمر به الله، أما عدم التزامها بذلك، وإصرارها على عدم ارتدائه ليست مسئولية الزوج، ولن يحاسب عن ذلك أمام الله يوم القيامة لأنه أبلغ.
رأى مخالف
على صعيد آخر أكد الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، أن الزوج سيحاسب عن عدم تدين الزوجة فيما يتعلق بارتداء الحجاب أو الاحتشام فى الزيّ، لأن من واجبه الإلحاح المستمر على الزوجة، قائلا: «الزوج مطالب بأن يأمر زوجته بأن تؤدى فرائض الله عشان تكون نموذج للأولاد»، وتابع: «وإذا احتملت ذلك وكانت هى لا تصلى ولا تقوم بالفرائض يبقى لا شك هيتحاسب لأن فى تقصير منه»، مستدلا على ولاية الزوج على من عنده فى المنزل فيما يتعلق بتأدية العبادات بالحديث النبوى الشريف: «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم فى المضاجع».
إلا أن عاشور أكد أن النصيحة من الزوج يجب ألا يعقبها إجبار، وقال: «لقد تعرضت لموقف حينما اشتكى له أحد الأزواج أن زوجته خلعت الحجاب، متسائلا ماذا يفعل، فرد عليه الشيخ أن يتركها ولا يجبرها على ارتدائه، ومر أسبوعان ثم عاد لترتديه مرة أخرى، والشاهد هنا أن الإجبار ربما يأتى بنتيجة عكسية، ولكن الإلحاح فى النصيحة والطلب يحقق نتائج مرجوة.