الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الآثار اليهودية بمصر.. معابد ومقابر وحجاب «جميلة بنت روبيكا»

الآثار اليهودية بمصر.. معابد ومقابر وحجاب «جميلة بنت روبيكا»
الآثار اليهودية بمصر.. معابد ومقابر وحجاب «جميلة بنت روبيكا»




كتب - علاء الدين ظاهر

 قال الدكتور محمد مهران رئيس الإدارة المركزية للآثار اليهودية أن الأثار اليهودية فى مصر تضم 3 أفرع رئيسية،أولها المعابد ومنها ١٠ مسجلين،٩ معابد فى القاهرة ومعبد واحد فى الإسكندرية،وقد بنيت المعابد اليهودية بجوار المساجد والكنائس، ما يدل على سماحة الشعب المصرى وبعده عن التعصب واحترامه لكل الأديان، ثم المقابر اليهودية ومنها مقابر عائلة موصيرى التى قمنا بتسجيلها فى مقابر اليهود بالبساتين ومنها مقبرة الجنيزا، وذلك لانها تحتوى على تراكيب رخامية فخمة.
 وتابع مهران لـ«روز اليوسف» اليومية:والنوع الثالث من الآثار اليهودية هو «أوراق الجنيزا»، وهو مصطلح أطلق على الوثائق والمخطوطات التي «جنزها» اليهود فى معبد بن عزرا بمصر القديمة، والجنيزا مشتقة من اللفظ العبرى «جنز» بمعنى خبأ أو أخفى وتعنى الحفظ والاقتناء، وأطلق اسم الجنيزا عند اليهود على مستودع حفظ الاوراق البالية من كتابات يهودية مقدسة لا تجوز ابادتها.
 وقال أن اليهود كانوا لا يبيدون الاوراق وتوسعوا فى تفسيرهم لتحريم إبادة الاوراق المكتوبة، وبالغوا بشدة فى ذلك لدرجة ان اى ورقة مكتوبة لا تحمل تقديسا يحتفظون بها، ونتيجة لتحريم إبادة الاوراق البالية نجد ضمن وثائق الجنيزا مثلا فاتورة حساب وخطابات وعقود زواج وطلاق واوراق صفقات بيع وشراء، حيث قاموا بتخزين وحفظ الاوراق القديمة التى لم تعد يستعملونها فى مكان مخصص بمعبد بن عزرا يسمى «حجرة الجنيزا» التى توجد فى الطابق الثانى نهاية شرفة النساء.
 وتابع: حجرة الجنيزا فى معبد بن عزرا تقع فى نهاية شرفة النساء فى الطابق الثانى، ومساحتها 5م × 2م وارتفاعها ٢.٥ م ويتم الصعود اليها بسلم متنقل، حيث كانوا يلقون الاوراق من فتحة الشباك داخل الحجرة، خاصة أنها لم يكن فيها أى أبواب أو نوافذ أو فتحات غير هذه الفتحة الصغيرة، ومخطوطات ووثائق الجنيزا فى معبد بن عزرا تعتبر من اهم واخطر المخطوطات مطلقا،وكانت تضم وثائق من العصر الفاطمى وحتى منتصف القرن ١٩، وهذه الوثائق اول من علم بها الرحالة اليهودى سيمون فون الذى زار القاهرة عام ١٧٥٢ والقى نظرة عليها لكنه لم يأخذ شيئا منها،وقد كتب ذلك فى مذكراته.
 وقال: بعدها تمكن ابراهام ميكروفيتش وهو عالم يهودى روسى من الحصول على هذه الوثائق، حيث دخل الحجرة واستخلص منها بضعة آلاف من هذه الوثائق، واخذها ووضعها فى المكتبة العامة فى سانطرسبرج، وفى ١٨٨٨م زار عالم بريطانى يهودى مصر وذهب الى المعبد ولم يكتشف هذه الحجرة، وبعد ٨ سنوات عاد مرة أخرى ودخل عن طريق الحاخام الأكبر بالقاهرة، وظل بها ٤ساعات قام خلالها باستخلاص الاف من هذه الوثائق وموجودة حاليا فى مكتبة نيويورك.
 وأشار إلى أن عددا من علماء اليهود كانوا يتطلعون لدراسة هذه الوثائق نظرا لقيمتها، وأشهرهم هو عالم الآثار اليهودية سلومون شيختر، وهذا الرجل وصل مصر بتوصية من الحاخام اليهودى الاكبر فى بريطانيا حيث كانت مصر حينها تحت اللاحتلال الإنجليزى، خاصة أنه قبلها قد وقعت فى يده مخطوطات حصلت عليها شقيقتان مسيحيتان من اسكتلندا وقامتا بشرائها من تاجر عاديات فى مصر، واكتشف انها نسخة اصلية من كتاب «حكمة ابن سيرا» وفكر سريعا فى النزول لمصر والاطلاع على هذه الوثائق.
 وتابع: قابل سلومون شيختر زعماء الطائفة اليهودية فى مصر ودخل حجرة الجنيزا واستخلص منها ١٤٠ الف وثيقة وورقة، وعبأها فى صناديق وارسلها إلى بريطانيا، وكون مجموعة هناك سماها شيختر فى جامعة كيمبردج، وقد استولى شيختر على حوالى 90% من أوراق ووثائق الجنيزا فى معبد بن عزرا.
 وعن الجنيزا فى مقابر البساتين، قال: أعطى أحمد بن طولون فى القرن 9 ميلادى مساحة كبيرة جدا لليهود ناحية المعادى والبساتين وجعلها مقابر لهم، وقاموا بتخصيص مساحة لبناء مقابر الجنيزا، وذلك حتى إذا إمتلأت حجرة معبد بن عزرا ينقلونها للمقبرة وتدفن تماما كنوع من التقديس، وكانت عملية النقل من المعبد للمقابر تتم فى احتفالية كبيرة جدا لدرجة أنهم كانوا يعلنون عنها قبلها، ويدعون الناس للاحتفال وكانوا يجرون صلوات مقدسة عليها قبل نقلها وعند المقبرة يقوم الحاخام بنفس الطقوس الدينية لدفنها.
 وتابع: عائلة موصيرى أجرت حفائر لمقابر الجينزا وكانت عبارة عن حجرات تحت الأرض مخصصة لتلك الوثائق، وكانت نتيجة تلك الحفائر التى حدثت عام 1910 أن عائلة موصيرى استخرجت كميات كبيرة من وثائق الجنيزا ووضعت فى الجامعة العبرية بالقدس وسميت مجموعة موصيرى.
 وأشار إلى أن قطاع الآثار الإسلامية فى عام 1978 قام بعمل حفائر فى هذه المقابر، واستخرج كميات ضخمة من الجنيزا وتم تسجيلها، ثم أرسلت للمتحف الإسلامى وظلت به فترة ثم نقلت بعدها إلى دار الوثائق القومية، وهذه الوثائق بلا شك أفادت دراستها فى التاريخ اليهودى بمصر خاصة من العصر الفاطمى حتى منتصف القرن 19 وشكلت تاريخ اليهود فى مصر، وعرفنا منها الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية فى مصر فى تلك الفترات.
 وكشف مهران عن واحدة من أهم أوراق الجنيزا فى معبد بن عزرا، وهى عبارة عن حجاب لسيدة ونصه «إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم.بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. كهيعص.. ألم.حم.ق والقرآن المجيد.. أقسمت عليكم يا معشر الأرواح الروحانية اصرفوا عن «جميلة بنت روبيكا» واحفظوها حفظا متينا وحصنا حصينا.. بحق أنه من سليمان..وأنه بسم الله الرحمن الرحيم.. أجب يا ميمون يا سعيد الخير بحق جبريل33، قدوس سبوح رب الملائكة والروح»
 وأضاف: نص الحجاب نفهم منه أن من كتبه شيخ مسلم، حيث يحتوى على آيات قرآنية لكنه صنع لامرأة تدعى جميلة بنت روبيكا وهى يهودية، وهذا يعنى أنها ذهبت لشيخ مسلم كان يصنع الأحجبة وصنعت حجابا عنده، وهذا الحجاب مكتوب باللغة العربية وخط جميل جدا، ودراسة مثل هذا الحجاب تكشف جانبا مهما من الثقافة التى كانت سائدة فى ذلك الوقت، حيث يظهر مدى التلاحم وروح التعايش بين المسلمين واليهود حينها.