الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«أنتونى كون» سفير جنوب السودان بالقاهرة يكشف فى حواره لـ «روزاليوسف»: ظروف استثنائية وراء تأجيل زيارة «قنديل».. وننتظره بأجندة زاخرة بمشروعات التعاون




شن حرب مصرية على دول منابع النيل ليس سهلاً، وعليكم النظر بواقعية لأن الجلوس للتوافق حول حصص النيل هو الحل المرضى الذى يحافظ على مستقبل مصر المائي.. هذا هو ما أكد عليه «أنتونى كون» سفير جنوب السودان بالقاهرة فى حواره مع « «روزاليوسف».. مشيرا الى أن زيارة رئيس الوزراء المصرى د. هشام قنديل الى جوبا خلال أيام ستشهد الاتفاق على برنامج متكامل لحزمة من مشروعات التعاون المشتركة بين البلدين.. وشدد على عدم مشروعية المخاوف المصرية من علاقات بلاده مع تل أبيب والتى لن تكون أبدا على حساب العلاقة التاريخية التى تربط البلدين وشعبهما.. وكشف عن أن حكومته لديها اعتراضات على استكمال قناة جونجلى وهذا ليس بايعاز من اسرائيل كما يتم الترويج، وانما لتخوفات من تكرار سيناريو صراعات درافور و آبيى .
 
■ كيف تقيم التحركات المصرية تجاه دول افريقيا وبصفة خاصة عقب ثورة 25 يناير ؟
 
التعريف الجديد للتوجه المصرى لدول النيل لم يتضح الينا حتى الآن هل هو مجرد توجه لدعم مواقف جديدة بخصوص مياه النيل، أم توجه حقيقى نحو افريقيا خاصة دول النيل، وهل هو توجه اقتصادى سياسى أم ماذا، ولكن نتمنى أن يكون توجها لكل مصر لأن مكانها الطبيعى افريقيا ويجب ان تكون حتى المناهج الدراسية فى مصر تعكس هذا التوجه الجديد لإفريقيا لأن المستقبل مع افريقيا .
 
■ وما موقف حكومة جنوب السودان من اتفاقية النيل الجديدة محل الخلاف الحالى وفى ضوء انضمامكم كعضو جديد فى مبادرة حوض النيل ؟
 
على المستوى الحكومى نحن لم نعلن موقفنا بعد، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه بقوة هو هل الموقف الحالى لمصر فى اتفاقية مياه النيل يساعدها للحصول على حل مع دول المنابع.. .القاهرة والخرطوم رافضين لأى اتفاق مع حوض النيل لاعادة النظر فى حصص مياه النيل، وهذا الموقف لم ولن يساعد مصر للحصول على أى موقف آخر .
 
شاءت الظروف وكنت أحد الممثلين لوفد السودان فى كينشاسا والذى انسحب فيه الوفد السودانى من الاجتماع حيث لم نكن مفوضين بالتوقيع على الاتفاقية وكنت سفيرا للسودان بالكونغو، وما حدث فى الاجتماع كان ان الدولة المضيفة وهى الكونغو قامت باستهلال مراسم الاجتماع بالتأكيد للوفدين المصرى والسودانى ان الاتفاقيات السابقة 29، و59 هى غير ملزمة لهما ولا لأى من الدول الأخرى وفيما بعد تنصل وفد الكونغو من ذلك، بينما باقى دول النيل أيدوا نفس الموقف من الاتفاقيات السابقة وظلوا على موقفهم.. كان هنالك شك فى الاجتماع وخرجنا بعد ان اصبح مناقشة موضوع المادة 14 ب من المبادرة والتى تنص على اعادة النظر فى الاتفاقيات القديمة، والنظر فى حصص مياه النيل، وأجمعت دول المنابع على أنه اذا كانت المشكلة تنحصر فى المادة 14 ب فطلبوا أن تحذف من الاتفاقية وتوضع فى الملاحق، وعلى أن يتم تشكيل لجنة للنظر فيها وصياغتها لتتوافق مع مصالح الدول الأخرى ، والغريب أن الوفد السودانى لم يقبل النقاش أصلا وخرج من الاجتماع، بينما وافق الجانب المصرى على أن ينظر فى عملية التوقيع ولكن فى اجتماع الاسكندرية، واستغربت من هذا الموقف ولهذا عندما وصلت الى المطار اتصلت بالسفير المصرى وسألته، كيف وافقت مصر على حذف المادة 14 ب وانتظار التوقيع فى القاهرة، وهل يعلمون فى مصر أن هناك بنودًا أخرى لها علاقة مع المادة 14 ب فلم يعقب، وأكدت له أنه ستكون هناك مشكلة وهذا لا ينسجم مع وضع الموقف المصرى، وبالفعل جاء اجتماع الاسكندرية برفض مصر التوقيع، والشيء المدهش هو أن الكونغو الدولة صاحبة الطرح الخاص بعدم الالتزام بالاتفاقيات القديمة انسحبت من الاتفاقية ولم توقع عليها.
 
■ وما رأيكم فى اشكالية اعادة تقسيم حصص مياه النيل خاصة وأن الجنوب السودانى له نصيب منها ضمن الحصة الاجمالية للسودان والمنصوص عليها فى الاتفاقيات القديمة ؟
 
بالنسبة لاعادة النظر فى حصص المياه فالأخوة فى مصر حاولوا الاحتفاظ بما سموه بالحقوق التاريخية وهى شيء مازال الدول الأخرى ترفضه، ولكن ماذا سيحدث نظير هذا التمسك هل تكون مصر خارج المبادرة، اذا أصرت دول المنابع على اعادة التقسيم، اذا رفضت مصر الانضمام سيستمر الأخرون....ماذا سيكون موقف مصر لو قامت دول أخرى بعمل سدود دون أن تكون فى المبادرة، هل سيضطر مصر كما يروج فى الاعلام لاستخدام القوة فى حل الملف، هل الحرب هو الحل ولكن لتأخذ جيوش من مليون جندى يحتاج الملايين من الدولارات وكذلك الى أرض لتمر منها، والحرب ليس سهل، وعليكم النظر بواقعية هل هذه الدول لديها الحق.. هل هناك امكانية للجلوس للتوافق حول حصص النيل هذا هو الحل المرضى للأطراف والذى يحافظ على مستقبل مصر وعلاقاتها مع دول الحوض .
 
وللأسف الدورالاعلامى غير مساعد لملف النيل ويتطرق كثيرا للتلويح باستخدام القوة اذا لم يقبل دول النيل، ومثل هذا يعمل على استعداء واستقطاب مصر فى غنى عنه .
 
■ هل هناك تدخلات خارجية تحفز على استمرار هوة الخلاف، وهل هناك مؤامرة ضد المصالح المائية لمصر والسودان ؟
 
تجعلوا من ذلك انتم حقيقة واقعة، خاصة بشأن وجود مؤامرة اسرائيلية، المشكلة ببساطة أن لدول حوض النيل ظروفاً خاصة بها سواء اجتماعية أواقتصادية وتنموية ولديها أزمة فى تزايد لاعداد السكان، فلابد أن ينظر لها فى هذا الاطار فيما يخص انشطة الدعم من دول ما أو التعاون فى برامج التنمية وليس باعتبارها مؤامرة.. ومصر وقفت مع الكثير من دول افريقية للحصول على استقلالها.. وعبد الناصر له مكانة فى قلوب شعوب افريقيا.. فلماذا تقف دول افريقيه ضد مصر .ولعل التفاهم مع افريقيا فى هذه المرحلة أفضل من التعادى.
 
■ هل تقف حكومة جنوب السودان أمام استكمال شق مشروع قناة جونجلى والذى يوفر مليارات اضافية من حصص المياه لمصر والسودان معا ؟
 
 يروج بأن الجنوب رفض استكمال قناة جونجلى بإيعاز ومؤامرة من اسرائيل، وأن الحركة الشعبية رفضت أن يتم شق القناة، وهذا الكلام غير صحيح، فإنه ببساطة وبالعربى الواضح أننا مع أى طرف يتحدث عن استفادة من نهرالنيل لكن لسنا متفقين مع مصر فى كيفية هذه الاستفادة، مصر تريد حفر مشروع القناة لتوفير حصص اضافية من المياه، لكن الأمر أكبر من ذلك بالنسبة لنا حيث إن طبيعة الحياة فى جنوب السودان، قبائل رعوية ومستوطنة فى المستنقعات من مئات السنوات كيفوا حياتهم على أن يزرعوا ويصطادوا السمك، وسنواجه بمشاكل أخرى أسوة بمشكلة أبيى بين قبائل المسيرية والدينكا، فهناك أراض مملوكة لقبائل وفى حالة شق القناة ستغير بيئة المنطقة فتضطر القبائل الى هجرة مناطقها بحثا عن الماء والكلأ فتدخل فى أراض أخرى تابعة لقبائل أخرى فتحدث نزاعات قبلية، وحتى نحل مشكلة لا نخلق مشكلة أخرى.
 
وإذا تحدثنا عن ترحيل القبائل علينا أن نحدد أولا من المسئول لو تم الاتفاق مع القبائل.. من يقوم بتحمل تكلفة الترحيل.. من سيقوم بفتح المدارس لهم فى المناطق التى سينتقلون بها والكبارى والمجمعات، هى مشاكل معقدة خاصة وأن هذه القبائل ستتحول من رعوية زراعية الى انها لا تفعل شيئا ، وهذا جزء من تعقيدات استكمال قناة جونجلى وليس له علاقة باسرائيل أو أى جهة أخرى.. نحتاج لدراسة وافية وامكانات ومساعدة دول أخرى.. وعندما بدأ المشروع فى السبعينيات قامت الدنيا ولم تقعد.. ويجب على الأخوة فى مصر أن يعرفوا ان مصر أقرب إلينا من كثير من الدول.. لدينا آلاف الجنوبيين داخل، مصر جزء من أرضهم.. نهتم بعلاقات مع اسرائيل فهل لدينا آلاف الطلاب فى « تل أبيب» أسوة بالقاهرة لماذا يعترض على علاقاتنا مع آخرين رغم أن علاقاتنا معكم أعمق إنه اتهام باطل.. وقول الحق مهم جدا فى بناء علاقات متينة .
 
■ وما موقف حصص المياه من المفاوضات الحالية بشأن التوافق على تقسيم الثروات بين شمال وجنوب السودان ؟
 
مشاكل السودان بالأساس ترجع للمياه.. تفجر أزمة دارفور فى الثمانينيات كان بسبب التصحر وعندما نزحت قبائل من مناطقها ودخلت مكانها ونتيجة لذلك تمت الحروب وتم التداخل بين ماهو أفريقى وما هو عربى.. هناك أيضا جنوب كردوفان هى مناطق مأهولة بالسكان ولا توجد بها مياه رغم انها قريبة من النيل، والموقف الحالى والسابق للحكومات بالسودان لا ينسجم مع الواقع فى السودان.. واجتماعات كينشاسا كانت محل خلاف فى الرآى العام.. فهناك وجه ترى أنه ماذا ستستفيد السودان من عدم الانضمام لاتفاقية عنتيبى فى حين أن أكثر من 60% من مياه حوض النيل تمر فى السودان، إذا تم تقسيم مياه النيل حسب طول، نجد أن السودان يحصد حصة أكبر مهما تم التقسيم.. ما مصلحة السودان هذا هو الموقف الشعبى والذى يختلف عن الموقف الرسمى.
 
■ ما أهم الموضوعات المطروحة على أجندة زيارة رئيس الوزراء المرتقبة الى جنوب السودان؟ وما سبب تأجيلها ؟
 
نحن بصدد التجهيز للزيارة، وهناك ملفات كثيرة سيتم طرحها خلال الزيارة فى مجالات المياه والتعليم والصحة والمساهمة المصرية فى اعمار الجنوب، وهناك استثمارات كثيرة فى جوبا واعداد المصريين تضاعف عشرات المرات.. لدينا استثمارات بمليارات .هناك الآن احمد بهجت يبنى فندق جوبا دريم ضخم وويبنى مول ضخم أيضا فى العاصمة وهناك أحمد السويدى يقوم بتمويل مشاريع كهرباء ب200 مليون دولار ونجيب ساويرس بيعمل على الدخول باستثمارات ضخمة جدا وهناك البنك الأهلى يعمل على افتتاح فرع للبنك موافقة وشركة فور اوميجا وشركة المقاولين العرب موجودة فى جوبا.. هناك استثمارات مصرية كبيرة فى الجنوب حاليا.
 
وكان سبب تأجيل الزيارة نتيجة ظروف استثنائية فى مفاوضات أديس أبابا بين حكومتنا وحكومة الخرطوم، ولم يكن هناك أحد سواء الرئيس أو الوزراء فى استقبال قنديل فى الوقت السابق للزيارة، وسيتم التناقش حول مشروع جامعة اسكندرية وسبب تأخر المشروع جامعة الاسكندرية هو أن المختصين مة الجانب المصرى كانوا يريدون أن يكون فرع الجامعة فى العاصمة جوبا، إلا أن السلطات بدولتنا ترى أنه من الافضل أن ينقل مشروع الجامعة إلى منطقة أخرى تسمى التنوج إلا أن الجانب المصرى يرى صعوبة فى تنفيذ ذلك لقلة الخدمات ونحن فى انتظار رد الحكومة، وسيتم خلال الزيارة افتتاح وتشغيل مشروعين لمراكز صحية فى منطقتى بور وكون.