الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نوبل.. ووحدة الفن والأدب

نوبل.. ووحدة الفن والأدب
نوبل.. ووحدة الفن والأدب




يكتب: د.حسام عطا
إن منح المغنى الأمريكى بوب ديلان البالغ من العمر 75 سنة جائزة نوبل للآداب فى 13 أكتوبر الماضى ظل مسألة قابلة للتأمل والتفسير والفهم، وظلت الصدمة محيطة بأسباب منحه الجائزة، وظللت أنتظر تفسيرا أبعد من مجرد حصوله على الجائزة لقاء «إبداع صور شعرية فى إطار التقليد الغنائى الأمريكى العظيم»، كانت الصدمة فى الأوساط الأدبية المتعددة، ومنها المصرية أمرا واضحا، مما دفعنى للانتظار لأبعد من تفسير إضافى صدر عن الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة ألا وهو أن بوب ديلان يشبه الشاعر الإغريقى هو ميروس الذى كتب شعرا للغناء، وبقصد العرض الشفاهى على الجماهير ولكنه شعرا يمكن تدوينه فيما بعد، كانت الجملة التى تحمل مقارنة الشعر الشفاهى الغنائى القديم بالشعر الشفاهى الغنائى المعاصر جملة شديدة الاختزال لكنها دالة على نظرة معاصرة جديدة للأدب، صحيح أن ديلان أصدر عدة كتب ضمت أغنياته التى كتبها من أجل فن الأداء بالتحديد ألا وهو الغناء، إلا أن تلك الإشارة إلى الشعر الشفاهى المغنى ليست مجرد إشارة للاستبدال التاريخى، ولكنها إشارة لفكرة حديثة برزت مع النصف الثانى فى القرن العشرين ألا وهى فكرة وحدة الحساسية التى تتأسس على فكرة وحدة العقل الأوروبى، ويقصد بهذا العقل اليونانى القديم، الذى يؤمن الغرب كله بما فيه الغرب الأمريكى خارج أوروبا بالانتماء لحساسيته الفنية والفكرية، وبعض من السياسيين يستخدمونه كمصدر لتوحيد مصالح الشعوب، إلا أن المعنى الأكثر دقة لمصطلح وحدة العقل الأوروبى، يمكن رصده فى مجال الفنون الجميلة ليمكن تدقيقه ليصبح وحدة الحساسية وهى حساسية فنية تطورت مع بداية القرن الحادى والعشرين إلى حساسية تستعيد الشفاهية الأولى فى ما قبل الميلاد، لكنها شفاهية جديدة تماما لارتباطها بالتكنولوجيا والصور والبث الفضائى والتواصل اللامحدود عبر الشبكة الدولية للمعلومات وهكذا ومع السنوات العشرين الماضية تداخلت الحدود مرة أخرى بين الأنواع الفنية بين الرسم والشعر والسرد وهو النموذج الذى فعله بوب ديلان، وهو تداخل حر بين الفن والأدب يستهدف الجماهير الكبيرة العريضة، إنه حقا عصر جديد فى العلاقة بين الأدب والفنون، وهو التأثير اللامحدود للتكنولوجيا المعاصرة التى أدخلتنا لعصر شفاهى جديد لكن كل شىء فيه قيد الحفظ والرصد والاستعادة، لعلنا نعيد النظر حقا فى تلك العلاقة بين الفن والأدب لدى النخبة المصرية والعربية.