السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء يردون على ادعاء متحدث «نتنياهو» بأن القرآن أكد يهودية فلسطين

علماء يردون على ادعاء متحدث «نتنياهو» بأن القرآن أكد يهودية فلسطين
علماء يردون على ادعاء متحدث «نتنياهو» بأن القرآن أكد يهودية فلسطين




كتب – عمر حسن

 

فى محاولة جديدة للتأكيد على صهيونية الأراضى الفلسطينية، ونفى هويتها العربية من قريب أو بعيد، خرج علينا «غندلمان» المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى بينيامين نتنياهو، عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، ليستفز جموع العرب والمسلمين قائلًا: «إن أرض إسرائيل هى أرض يهودية منذ آلاف السنين ولا حق لشعب آخر فيها سواء كان عربيا أوغير ذلك»، مضيفًا: «العرب المسلمون والصليبيون والعثمانيون لا حق لهم فى أرض إسرائيل التاريخية وهم بمثابة محتلين لا أكثر»، متابعًا: «أرض إسرائيل هى أرضنا منذ آلاف السنين، والشعب اليهودى هو الشعب الأصلى فيها، والقرآن الكريم نفسه، ناهيك عن التاريخ، يعترف بذلك، لأن هذه هى الحقيقة».
ويستند الصهاينة فى أحقيتهم بالأراضى الفلسطينية إلى ادعاءات تاريخية تؤكد اليهودية الخالصة للأرض، وبالتالى فهى ملكهم ولا يحق لأحد الإقامة عليها، أى أن أنصاف الحلول من حيث وجود دولتين على أرض فلسطين لن تجدى فى الفترة المقبلة.
وحول الرد على هذه الادعاءات يقول الدكتور عبد المقصود الباشا، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر، أن إدعاءات «غندلمان» بأن أرض فلسطين هى أرض إسرائيل، ينطبق عليها القول بأنه إذا صدر العيب من أهل العيب فهو ليس بعيب، وبالتالى اذا صدر الكذب من كذاب فهو يسير سيرته ويتبع منهجه فى الكذب، وهذه عادة اليهود عبر الزمان، فالكذب دأبهم وإيهام الآخرين طريقتهم، ونشر الكذب إعمالا بمبدأهم الذى يقول اكذب واكذب واكذب حتى تصدق نفسك فاذا صدقت نفسك صدقك الآخرون».
وأضاف أستاذ التاريخ الإسلامى لـ«روزاليوسف» قائلًا: «من أين لهذا الأفاق أن يقول ذلك، وعلى أى أساس، وأنا اسأله هل أنت حافظ للقران الكريم؟ والسؤال الثانى هل أنت دارس لتفسير القرآن، ولو كنت كذلك لآمنت بمحمد ودينه، فكيف لك وأنت على صهيونيتك أنت تدعى على القرآن ما ليس فيه؟»، موضحًا: «حينما أمر النمرود بقذف إبراهيم فى النار، خرج هائمًا على وجهه بماشيته وأغنامه، عابرًا النهر مع مجموعة من الناس، تم تسميتهم بالعابرين، ونزل قرية أورسالم، وهى مدينة عربية كنعانية، فلم يكن له مكان يأويه، ولكرم العرب فى هذا الزمان، سُمح له بإقامة خيمة هنا، كما سُمح له ولمن معه بإطلاق أغنامهم لترعى».
وتابع: «فلما أصاب المنطقة قحطًا ولم يجد إبراهيم ملجئًا، ذهب إلى مصر، وطلب العون من ملكها»، وهذا يعنى أن أرض كنعان «فلسطين» كانت عربية حتى من قبل مجىء اليهود، ولم ينقطع وجود العرب واستمرارهم فى فلسطين إلى يومنا الحالى، فالعرب عاشوا فى فلسطين قبل مجىء اليهود إليها، وفى أثناء وجودهم فيها، وظل العرب فيها بعد طرد اليهود منها.
وأوضح الباشا أن آخر تواجد لليهود على أرض فلسطين كان فى أوائل القرن الثامن عشر، تحت حكم الدولة العثمانية، لافتًا إلى أن «تيودور هرتزل»، مؤسس الصهيونية، ذهب إلى السلطان العثمان آنذاك «عبدالحميد»، وطلب منه أن يعطيه بعض المناطق الصغيرة فى فلسطين، مقابل تسديد جزء من ديون الدولة العثمانية، ولكن السلطان رد عليه قائلًا: « فلسطين ليست ملكى، وإنما هى ملك المسلمين، فإتنى بتوقيعات المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، حتى أعطيك جزءًا من الأرض الفلسطينية».
واختتم قائلًا: «إن الأرض التى كانت معروضة كوطن قومى لليهود فى القرن التاسع عشر، كانت أحد الأماكن الثلاثة، إما فلسطين أو أوغندا أو فى البرازيل، وتم اختيار فلسطين من جانب القوى الاستعمارية لأن الوطن العربى من المحيط للخليج كان يمثل قوة ضاربة لا يستطيع أحد الوقوف أمامها، فضلًا عن معرفة الغرب للثروات المعدنية الهائلة هناك».
فى سياق متصل قال أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة: إن ما قاله المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى مغالطات تاريخية، وجهل بحقيقة ما جاء فى القرآن الكريم، ويدل على أنه لم يقرأه ولم يقرأ التوارة ولا الإنجيل ولا حتى الزابور.
وتابع قائلًا: «الثابت تاريخيًا أن العرب اليوبيسيون هاجروا من جنوب شبه الجزيرة العربية واستوطنوا أرض فلسطين قبل المجيء العابر لبنى إسرائيل بقرون، ولم يكن هناك تواجد لبنى إسرائيل فى كنعان إلى بعد نزول سيدنا موسى ومن معه فيما عُرف بالخروج، وكانت هذه إقامة مؤقنة، فلم يستوطنوا فلسطين استيطانًا دائمًا».
من جانبه أوضح د.أحمد كريمة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن اليهود كانوا يقيمون أيضا لفترة مؤقتة فى مصر، وكان الفرعون يعاملهم كالغرباء، ويوكل إليهم الأعمال المتدنية مثل التنظيف وكنس الشوارع، فكيف يقول ذلك الرجل «غندلمان» أن بنى إسرائيل موجودون مع بداية خلق الدنيا؟ على حد قوله.
وشدّد أستاذ الفقه المقارن على أن التكليف الشرعى الآن فيما يتعلق بفلسطين، يستوجب تحريرها بقوة السلاح لأنها أرض محتلة بهدف سياسى وليس ديني، لأن فلسطين كانت دومًا مطمعًا للكثيرين.
وأكد كريمة ضرورة التفرقة بين العرب والمسلمين، لأن فلسطين عربية وليست إٍسلامية، فالتواجد العربى بها كان قبل ظهور الإٍسلام بقرون، وهذا يتضح من المسميات للأماكن فى فلسطين قبل تهويدها، فجميعها كانت عربية، مختتمًا: «لا يجب أن نعتبر فلسطين من حق المسلمين، وإنما هى من حق العرب ككل، بغض النظر عن ديانتهم، فالتواجد العربى هو الأهم».
من جانبه أكد أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمى، أن القضية الفلسطينية تتعرض لأكبر مخططات تصفية لما تبقى منها، لافتًا إلى أن خطورة ما ورد عن لسان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى يكمن فى توقيته أكثر من محتواه، مضيفًا: «الأمر مرتبط بما يجرى داخل إسرائيل حول محاولة فرض واستدعاء الأيديولوجيات للتعتيم على المشهد الراهن».
وأردف أستاذ الإسرائيليات أن الدولة الصهيونية تسعى الآن لتدوير الأدلة التاريخية التى استندت عليها مسبقًا فيما يتعلق بيهودية أو صهيونية الأرض، بدعوى أن أرض إسرائيل بدأت من «أورشليم» القدس، وأن لا يحق لأحد التنازع عليها، وهذا يعنى انتهاء الحديث عن فرة دولتين، لأن الأرض الفلسطينية تم تهويدها، ولم يتبقى منها سوى 23% من مساحتها.
وأشار فهمى إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى نفسه قال إن القدس عاصمة تاريخية وأبدية لإسرائيل، وليست مجرد مستوطنة، متابعًا: «فى هذا الإطار يتم استدعاء المفكرين والأدباء الإسرائيليين للحديث حول الارتباط التاريخ بالأرض، وتغذية ذلك الاتجاه بهدف التصعيد».
واختتم أن بعض المفكرين العرب يعتبرون أن كيان الدولة العبرية بدأ بكيان فلسطين والعكس، لأن بعض الأساطير تقول إن أصل الدولة الفلسطينية «يهودى»، لكن لا ينبغى مناقشة ذلك فى هذا التوقيت، لأن الدخول فى هذه المناقشة تضفى عليها شرعية، وتكرس للفكر الأيديولوجى الذى يتبناه هؤلاء.