السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القانون يخيرنى بين أمومتى وأنوثتى!

القانون يخيرنى  بين أمومتى وأنوثتى!
القانون يخيرنى بين أمومتى وأنوثتى!




د. دينا أنور تكتب:

قانون يدعون أنه فى صالح المرأة، ومجتمع يظنون أنه متدين ويكرم المرأة، ولكن الحقيقة أقسى بكثير.
القانون يجبر المرأة على التنازل عن حقها فى بناء حياة جديدة إذا ما فشلت فى حياة سابقة، ينتزع منها حضانة أبنائها إذا ما تزوجت رسميا بعقد شرعى، ولا يضمن لها حقوقا إذا ما تزوجت عرفيا، ويتهمها بالعهر والزنا إذا أقامت علاقة بدون زواج، ويلوثون سمعتها لو ظلت بدون زواج وتصبح مطمعا لكل جائع ومستغل!
حكايتنا النهاردة لصيدلانية تزوجت من ابن خالتها مهندس بدولة عربية، عانت معه الأمرين بسبب علاقاته النسائية ومعايرته لها ومقارنتها بمن عرفهم من نساء قبلها، شاء القدر أن تنجب منه طفلا منذ عام زواجهما الأول، وبعد أن وضعت طفلها بأقل من ثلاثة أشهر حدث بينهما الطلاق بعد أن أجبروها على التنازل عن جميع حقوقها الشرعية لتحصل على حريتها.
ولأنها صديقة شخصية شاهدت بنفسى معاناتها فى تحصيل نفقة صغيرها المتواضعة من والده الذى سرعان ما تزوج وأنجب توأما، وشاهدت تضييق أهلها عليها فى خروجها وسفرها وعملها رغم عملها فى إدارة صيدليتها الخاصة وتوزيع وقتها بين عملها ورعاية صغيرها، شاهدت أيضا مقدار الطمع والاستغلال الذى عاشته من قبل أنصاف رجال حاولوا استغلال ظروفها وضعفها الأنثوى لإقامة علاقات جنسية بدون زواج وتحت مسمى حب زائف، رأيت كيف كدحها لتوفر لصغيرها ملابس جيدة وألعابا شيقة وحياة أفضل لتعوضه عن غياب أبيه ونفقته المتواضعة التى لا تكفى ثمن الحلوى التى يحبها، إلى أن أنصفها القدر ووجدت إنسانا أحبها بصدق وأحب ولدها كما لو كان ابنه وتزوجها رسميا واصطحبها معه إلى الدولة العربية ذاتها التى يعمل بها طليقها!
ولأننا فى مجتمع ظالم للمرأة، ولأننا ما زلنا نحتكم إلى قوانين عنصرية ذكورية ورجعية لا تعرف للإنسانية سبيلا، رفع طليقها دعوى إسقاط الحضانة عنها وكسبها فورا، وأجبرت على ترحيل الصغير ليمكث فى الأرياف مع جدته المسنة التى تناهز الثمانين عاما، رغم وجود والدته ووالده فى دولة عربية متقدمة!
بطلة حكايتى تبكى الآن وتعتصر ألما على صغيرها الذى كانت ترتب له حياة أفضل برفقتها هى وزوجها المحب، تحترق ما بين احتياجها لصغيرها بغريزة الأمومة ومشاعرها كامرأة بغريزة الأنوثة، ترتعد خوفا من وفاة والدتها المسنة لأن ذلك يعنى أن تذهب الحضانة لوالدة طليقها التى لا تحمل إلا القسوة والفتور تجاه الصغير!
من يضعون القوانين يجب أن يكونوا بشرا فى المقام الأول قبل أن يكونوا رجال قانون أو علماء دين، أى ظلم أقسى من أن تعاقب سيدة على زيجة فاشلة طيلة حياتها، ما ذنب الأم لكى تخير بين إنسانيتها وأمومتها، لماذا تريدون المرأة دائما ضعيفة ومنكسرة ومتنازلة، لماذا يذهب الرجل للزواج والبدء فى حياة جديدة بينما تعيش المرأة مهددة بفقدان حضانة أطفالها إذا ما غلبتها مشاعرها كأنثى واحتاجت إلى شريك يحميها ويعوضها؟
ارفعوا هذا الظلم عن المطلقات، والغوا هذا القانون الظالم الذى يزيد من حالات الزواج العرفى ويشجع على العلاقات السرية وغير الشرعية، أعطوا المرأة حق الحياة وتكرار التجربة كما تعطونه للرجل بشكل مطلق وبدون ضوابط.