الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا ترامب؟

لماذا ترامب؟
لماذا ترامب؟




مصطفى أمين يكتب:

شكل فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب بمنصب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأمريكية على منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، «مفاجأة غير متوقعة» للعرب ولجميع التوقعات السياسية واستطلاعات الرأى، وحتى مراكز الدراسات والأبحاث العالمية والمحلية، ولكن فى الوقت نفسه يمكن اعتبار الأمر حدثا منسجما مع المزاج العام للمواطن الأمريكى.
الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى من الواضح أنها محكومة بالعديد من الاعتبارات غير العارف ببواطنها كثير من العرب والمسلمين والتى منها على سبيل المثال وليس الحصر، وجهات النظر المتناقضة لدى الأمريكيين تجاه ساستهم، فعندما يدرك المواطن فى بلاد العم سام أن بلاده تتجه إلى السياسات الفاشلة، يبحثون مباشرة عن شخصيات غير كلاسيكية من خارج النظام وهو الأمر الذى شعر به الأمريكيون فى سياسات الرئيس الراحل خلال أيام عن كرسى البيت الأبيض باراك أوباما ووضعت معه وزيرة خارجيته السابقة والمرشحة المتنافسة على مقعد الرئيس القادم هيلارى كلينتون، والتى لم تحاول أن تجهد نفسها بأفكار خارج «صندوق أوباما» فكان من الطبيعى أن يكون البديل هو ترامب كرجل حاسم قادر على إنجاز الأمور.
ثمة أمر آخر يتعلق بالتكوين الأيديولوجى لشريحة واسعة من الشعب الأمريكى وهو (ماذا سيقدم لنا نحن الرئيس القادم) فالشأن الخارجى لا يعنى معظمهم بقدر ما يعنيه ما قد يقدمه المرشح الرئاسى من أفكار اقتصادية مثيرة قد تخفف الأعباء عن كاهله وهو ما قدمه ترامب للناخب فى وجبة كلامية دسمة وبأرقام مثيرة (خفض أعلى معدل لضرائب الأفراد 39.6% إلى 33%، خفض معدل ضرائب الشركات من 35 إلى 15%، خفض الضرائب بما يقدر بنحو 4.4 تريليون دولار إضافة عائدات ضريبية بنحو 14 مليار دولار سنويا نمو اقتصادى سنوى سيبلغ 3.5%، وسيخلق 25 مليون وظيفة خلال 10 سنوات، إلغاء الضريبة العقارية، فتح الأراضى أمام التنقيب والنشاط النفطى والتشديد فى فرص عمل العمال غير الشرعيين، شككت جهات بحثية رصينة (موديز وأكسفورد إيكونوميكس) فى إمكانية تحقيقها وعلى الرغم من ذلك صدقتها الأكثرية التى أوصلته إلى البيت الأبيض.
المواطن الجالس على ضفاف بحيرة «غيتشى غومي» الأمريكية الكندية يبدو أنه قد قرر أن يكون له تصوره الخاص عن الرئيس القائد للنظام السياسى الأمريكى الجديد بعيدا عن سياسيين اعتبرهم لا يمثلون مصالحه، وبعيدا أيضا عن 200 صحيفة ووسيلة إعلامية اعتقدت أنها ستغير الرأى العام بالخروج عن الحيدة الإعلامية ودعم هيلارى كلينتون فبحث عن حالة استثنائية صاعدة فى الشارع الأمريكى فكان ترامب. ولماذا لا؟ وقد سبق لنفس المواطن أن اختار دوايت أيزنهاور، الجنرال العسكرى عقب حرب طويلة فى كوريا وانكماش اقتصادى مؤلم وأرنولد شوارزنيجر «الممثل» كحاكم لولاية كاليفورنيا وجيسى فينتورا «المصارع» كحاكم لولاية مينيسوتا.. كقيمة دافعة تأثيرية معاكسة لكل ماهو متوقع أو موجه إليه.
يبقى الشرق الأوسط ومحيطه الإقليمى المتأجج بالصراعات الدموية وعلى الرغم من أنه وقضاياه أقل تأثيرا على حسم التنافس على مقعد البيت الأبيض لكن يحسب لدونالد ترامب حسم موقفه مبكرا منه بالإعلان عن محاربته واستئصالها للجماعات الإسلامية المتطرفة وعلى رأسها «داعش» و«القاعدة» والتى أثارت ولا تزال تثير مخاوف المواطن الأمريكى بخلاف هيلارى كلينتون الذى استمرت فى ترديد «تُرَّهات» رئيسها اوباما والبقاء فى المنطقة «الضبابية» التى وضعت واشنطن فى موقف العاجز أمام الروس وفواعل أخرى فى بؤرة الصراع فى الشرق الأوسط.
الخلاصة أن مواقف «ترامب» من الإرهاب وجماعات المصالح الأمريكية وشركات تجارة السلاح والإصلاح الاقتصادى والمزاج العام للمواطن الأمريكى شكلت جميعا حالة «استثنائية» هيأت مقعد الرئيس ال45 للولايات المتحدة الأمريكية لترامب.