السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وراح جاب من بره؟!

وراح جاب من بره؟!
وراح جاب من بره؟!




وليد طوغان يكتب:

موقف لا يصدق من وزير التموين. قصة لا يمكن تصورها من حكومة تقول إن لها هيبة فى دولة مفترض ان لها سطوة.
لو صح ما رواه وزير التموين عن «كبير بتوع الرز» تبقى كارثة. لو أن ما قاله الوزير مرت تداعياته مرور الكرام، يبقى قول يا رحمن يا رحيم. لا تقولى حكومة، ولا تقولى وزارة. ولا تقولى مصر هتبقى قد الدنيا.
يصح أن بعد القصة دى تقول: مافيش حكومة. تجار الرز هم الحكومة، مثلهم مثل تجار السكر، وتجار السجاير.. وتجار العدس والفول.
اللواء مصيلحى وزير التموين حكى أنه طلب «الكبير بتاع تجار الرز» للتفاهم بعد ما رفض التجار توريد الأرز للحكومة. اشتكى الوزير «تجار الأرز» أراد الوزير شكوى تجار الأرز لـ«الكبير بتاعهم». قال انهم يصدرون ولا يهمهم السوق المحلية. قال وزير التموين أيضا أن تجار الارز يضاربون الحكومة فى أسعار التحصل على المحصول من الفلاحين، وأن الفلاحين يبيعون لمن يدفع اكثر، وأن تجار الأرز يدفعون اكثر، ثم يتحصلون على معظم ناتج المحصول، ويتحكمون فى الأثمان بالسوق.
فى رواية الوزير، نفسه، وبنفسه، عن نفسه، أن كبير تجار الارز نصحه بالاستيراد من الخارج. قال كبيرهم: لو مش عاوزين يدولك.. هات رز من بره. صمت الوزير، ثم قال انه استورد رز من الهند.. على مكتبه حفنة منه!
المعنى أزمة. المعنى مصيبة. والمصيبة الاكبر، ان الوزير لم يجد حرجا فيما يحكى، ولا وجد حرجا فى اعلانه.
المعنى، أن هناك من يتلاعب بالحكومة، عينى عينك، بينما الحكومة فى فمها الماء، وعلى ايديها «نقش الحنة». وزير تموين مطيباتى، جاء بكبير المحتكرين، يشكو له المحتكرين، ثم يخرج ليحكى للإعلام كيف نغص تجار الرز حياته، ثم لا شىء بعد ذلك.
المعنى، أن الحكومة تعرف التجار، وتعرف المحتكرين، وتعرف المتلاعبين بالسلع، ثم تعقد اجتماعات تقول إنها تبحث الاوضاع، وتبحث الاجراءات، وتشدد العقوبات، ثم يحكى وزير التموين، قصة ذات دلالة بمنتهى الاستهانة.. والبراءة، معناها أن الحكومة ليس بيدها حيلة.
ما الذى تنتظره الحكومة بعد واقعة «الكبير بتاع تجار الرز»؟ هل تسمح لكبيرهم تصدير الارز اليوم، لتستورد أرزا من الهند والصين غدا؟ لماذا لا توقف الحكومة تصدير الارز؟ لماذا لا ترغم التجار، على ضخ كميات مقدرة للسوق، حتى تسمح لهم بتصدير الباقى؟
إذا كانت السوق المحلية عطشانة، فلماذا تسمح بالتصدير اصلا؟ واذا كان التجار يضاربون اسعار الحكومة فى الشراء من الفلاحين، لماذا لا ترفع الحكومة اسعار الشراء من الفلاحين، وتضرب التجار فى مقتل؟
كلها أسئلة لا اجابات لها للآن. حكومة فيها وزير تموين، يحكى قصته مع «كبير الرز»، ثم لا تتخذ اجراءات، ولا احتياطات ولا قرارات تانى يوم «تبقى مش حكومة».
وزير التموين حكى القصة، وأراد أن يوضح للنواب فى البرلمان مدى معاناته من المحتكرين. اكيد له قصص اخرى، مشابهة، مع تجار السكر، ومحتكرى الزيت. لو كان الوزير «بهذه النية الصافية»، واليد الخفيفة، فكيف يمكن ان يتعامل فى سوق مليئة بالحيتان وتجار يبيعون الهواء، لو جاب فلوس، وشح فى السوق؟
كيف تتعامل الحكومة مع سوق الاحتكارات؟
لا أحد يجيب، والواضح انه ليس لدى احد اجابة. نواب فى البرلمان سبق وطالبوا بتسعيرة جبرية للسلع الأساسية. ردت الحكومة بأن سياستنا الاقتصادية هى «السوق الحر»، لا يمكن تدخل الدولة فى فرض الأسعار، ولا التأثير على السوق.
هذا ما قرأناه فى كتب الاقتصاد: السوق الحر يعنى لا تدخل للدولة فى الأسعار. صحيح مائة بالمائة.. لكن فى كتب الاقتصاد ايضا، ان السوق الحر لا تستقيم مع الاحتكارات. ومتى دخلت الاحتكارات من الباب، خرجت كل نظريات الاقتصادية «المحترمة» من الشباك، لتدخل السوق عصر البلطجة.
ولأن الحكومة ردت على بلطجة تجار الارز، وكبير تجار الارز بالاستيراد من الخارج.. دون أى إجراءات أخرى، يبقى من النهادرة مافيش حكومة.. تجار الرز همه الحكومة.
ويقولك وزير تموين؟ عمل ايه وزير التموين لما قاله كبير تجار الرز هات من بره؟
الاجابة: راح جاب من بره!!