السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الرأسمالية تتوحش والطبقة المتوسطة مهددة بالاختفاء

الرأسمالية تتوحش والطبقة المتوسطة مهددة بالاختفاء
الرأسمالية تتوحش والطبقة المتوسطة مهددة بالاختفاء




كتب – رضا داود

 

الرأسمالية المتوحشة واقتصاد السوق الحر.. إلى أين يتجه الاقتصاد المصرى بعد قرارات تعويم الجنيه وتخفيض الدعم عن المنتجات البترولية.. هل نسير فى الاتجاه الصحيح أم نحن نسير فى طريق خطأ.. كل مواطن مصرى بين عشية وضحاها فقد حوالى 40% من دخله ومدخراته وأصوله اللى بيمتلكها وده بسبب قرار واحد بس عندما فكرنا فى تعويم الجنيه.. أسعار الصرف بدأت فى أول يوم تحرير فى قيمة العملة  بـ13 جنيه للدولار والآن أصبحت بـ 15 جنيهًا وكسور لكن المشكلة الكبيرة أن الحكومة توقعت إن الدولارت سوف تنهال على البنوك بكثرة وأنها ستجد طوابير لبيع الدولار على أبواب البنوك المهم الحصيلة بلغت حتى الأن نحو 3 مليارات دولار بعد أسبوعين من التعويم.. بغض النظر عن حجم الحصيلة الدولارية التى دخلت البنوك بعد التعويم.. نحن نطرح تساؤلاً لماذا تركت الحكومة الجنيه فى مهب الريح والأمواج العاتية وقررت تعويمه.. هل كانت هناك حلول بديلة.. ولماذا وصلنا إلى عنق الزجاجة وماهو مصير الفقراء والذى وصل عددهم لـ27%  من الشعب بحسب تقرير الجهاز المركزى لتعبئة العامة والإحصاء؟ وكان هذا الرقم  قبل قرار التعويم.. تخيلوا جهاز الإحصاء بيقول إن حوالى 12 مليون مواطن ينفقون أقل من 333 جنيهًا شهريا.. إذن الفقراء سيزدادون فقرا والطبقة المتوسطة مهددة بالاختفاء رغم أنها عماد الدولة، الحكومة من جانبها أكدت أنها ستتوسع فى برنامج تكافل وكرامة لإنقاذ الفقراء من المصير المجهول، فضلا عن طرح عبوات غذائية تصل إلى 8 ملايين عبوة بنصف ثمنها ويتولى الجيش توزيعها للوصول الى اكبر عدد ممكن من الفقراء.
من جانبه شخص الدكتور جودة عبدالخالق المفكر الاقتصادى البارز ووزير التضامن والعدالة الاجتماعية الأسبق مشكلة الاقتصاد المصرى. بمفعول عدة صدمات خارجية سلبية (انخفاض إيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وتراجع الاستثمارات الأجنبية وتباطؤ النمو)، ونتيجة لسوء إدارة الحكومة للاقتصاد، أصبح اقتصادنا يعانى من نوعين من العجز(عجزًا داخليًا وعجزًا خارجيًا) نتج عنهما مستويات خطيرة للدين العام (داخلى بنسبة حوالى 100% من الناتج وخارجى بنسبة حوالى 15%) والتضخم (بنسبة 14% سنويًا) واحتياطى النقد الأجنبى (17.5 مليار دولار) وزعزعة قيمة الجنيه. فى أرقام معدودات: عجز الموازنة تخطى 11%، عجز الميزان التجارى تجاوز 8%، معدل التضخم 14%. فوائد الدين العام أصبحت أهم بنود الموازنة بنسبة 7.6%، بالمقارنة بـ7.4% للأجور و5.1% للدعم. وتتم تغطية العجز بالاقتراض وطبع البنكنوت (كمية النقود زادت بمعدل خطير بلغ 16% فى العام الأخير).
وأضاف أن برنامج  الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى جوهره تقليص دعم الطاقة (برفع أسعار الكهرباء للمنازل بمتوسط 42% وإلغاء دعمها للمصانع تمامًا)، وتجميد الأجور مما يعنى خفض الدخول الحقيقية للعاملين، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وطرح  بعض شركات قطاع الأعمال العام فى البورصة، وتخفيض الجنيه، ومزيد من الاقتراض الداخلى والخارجى.  وأشار إلى أنه اقتصاديًا، قد يحقق هذا البرنامج بعض الإيجابيات، مثل جذب استثمارات أجنبية إلى البورصة لشراء أسهم شركات وبنوك القطاع العام التى ستطرح للاكتتاب كما صرح وزير المالية. وبالطبع سيعزز احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى. وكل هذا يمكن أن يزيد معدل نمو الاقتصاد المصرى وهو أمر ضرورى ومطلوب بإلحاح. لكنى أعتقد أن سلبياته كثيرة، وأنها فى المحصلة الأخيرة أكبر من الإيجابيات، فهو دواء لغير الداء، وسبق لمصر تعاطيه ولم يتعاف اقتصادها.
وطرح الدكتور جودة عبد الخالق برنامجًا بديلًا تمثل محاوره فى محاربة جادة للفساد، وإعلان اقتصاد حرب، وتطبيق برنامج جاد للتقشف لتقليل الطلب الكلى، وضغط الإنفاق الحكومى بالتخلص من غير الضرورى مثل سفر المسئولين إلى الخارج والاحتفالات فى الداخل، ومراجعة قائمة المشروعات الكبرى بتأجيل بعضها وإلغاء البعض الآخر (مشروع العاصمة الجديدة)، وإعادة النظر فى نظام دعم القمح والخبز والسلع التموينية وردع المتلاعبين بأقوات الغلابة؛ وتنفيذ مشروع قومى لتأهيل شبكة الصرف المغطى للأراضى الزراعية؛ وتشغيل المصانع المعطلة والتى قيل إنها بالآلاف؛  والأخذ بنظام الضرائب التصاعدية وإعادة العمل بالضريبة على أرباح البورصة بدلا من ضريبة القيمة المضافة مع وضع سقف معلن للدين العام حماية للأجيال القادمة؛ بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار النقدى بوضع حد أقصى لزيادة كمية النقود لحماية القوة الشرائية للجنيه فضلا عن وضع ضوابط على حركة رءوس الأموال من وإلى الخارج، وضبط الواردات بتقليل غير الضرورى منها إعمالا لحقوق مصر كعضو فى منظمة التجارة العالمية طبقا للمادة 18-ب من اتفاق الجات وليس بتخفيض الجنيه  كما شمل البرنامج البديل تغيير نظام سعر الصرف بربط الجنيه بسلة عملات بدلا من الربط بالدولار؛ وإصدار تشريعات لتحقيق الكفاءة والعدالة، وبالذات تعديل قانون إيجارات العقارات القديمة وقانون العلاقة الإيجارية للأراضى الزراعية.