الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر واللحاق بدول «بريكس»

مصر واللحاق بدول «بريكس»
مصر واللحاق بدول «بريكس»




 صبحى مقار يكتب:

حققت الاقتصادات الصاعدة معدلات نمو مرتفعة خلال العقدين الأخيرين مقارنة بالعديد من الدول المتقدمة التى شهدت تراجعًا فى معدلات النمو وتعرضت للعديد من الأزمات الاقتصادية. ومن بين الاقتصادات الصاعدة، فرضت دول «BRICS» (البرازيل، روسيا الاتحادية، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) نفسها كقوى مؤثرة فى الاقتصاد العالمى ليتحقق توقع جيم أونيل، كبير الاقتصاديين السابق بالبنك الاستثمارى الأمريكى، بانتقال مركز ثقل الاقتصاد العالمى بعيدًا عن الدول السبع الصناعية (الولايات المتحدة، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، اليابان) باتجاه دول بريك (قبل أن تنضم إليها جنوب إفريقيا عام 2011)، حيث توقع نموها بمعدلات متسارعة وزيادة أهميتها النسبية كدول جاذبة للمستثمرين.
وهذا ما تعكسه بعض مؤشراتها لعام 2015، حيث يمثل عدد سكانها 41.6% من سكان العالم، وتستحوذ على 44.7% من القوى العاملة فى العالم، ويبلغ ناتجها المحلى الإجمالى وفقًا للقوى الشرائية 25.5% من الناتج العالمى. كما بلغت نسبة الاستثمارات الواردة إليها 14.5% من إجمالى تدفقات الاستثمارات الواردة العالمية، فى حين بلغت نسبة الاستثمارات الصادرة من البريكس 11.5% من إجمالى تدفقات الاستثمارات الصادرة العالمية. كما ارتفعت نسبة مساهمتها فى التجارة العالمية لتصل إلى 17.2% عام 2015 مقارنة بـ 7.3% عام 2001 نتيجة لارتفاع معدل نمو حجم تجارتها الخارجية ليصل إلى 13.9% خلال الفترة 2001-2015 (أعلى من معدل نمو التجارة العالمية البالغ 7.2%). وقد بلغت نسبة تغطية صادرات دول البريكس لوارداتها نحو 125.7% مدعومة باحتياطيات من النقد الأجنبى والذهب تمثل 38.7% من إجمالى الاحتياطيات العالمية، والتى تعتبر أحد العوامل الرئيسة لتوفير الحماية فى فترات الكساد وضمان توافر القوة المالية والاقتصادية.
وقد استمرت «بريكس» فى عقد القمم السنوية إلى أن أوصت القمة السادسة بالبرازيل (15-16 يوليو 2014) بإنشاء صندوق احتياطيات نقدية، وبنك التنمية «بنك بريكس» برأسمال 200 مليار دولار. كما أقرت القمة السابعة بروسيا الاتحادية (9/7/2015) استراتيجية للشراكة الاقتصادية بين دول المجموعة حتى عام 2020 لتحسين قدراتها التنافسية، تعزيز العلاقات فى مجالات الطاقة والتكنولوجيا، الزراعة، التعليم. وتلتها القمة الثامنة بالهند (16-17 أكتوبر 2016) بهدف تعزيز العلاقات التجارية فيما بينها.
وسيدعم بنك التنمية وصندوق الائتمان الاستقلال الاقتصادى لدول البريكس، كما يسهل حصول الدول النامية على رأس المال اللازم لمشروعات البنية التحتية ومواجهة أزمات السيولة النقدية بعيدًا عن سياسات صندوق النقد الدولى الذى تتخذ فيه القرارات بطريقة التصويت المرجح. بمعنى أن الدول الخمس الأعضاء الدائمين (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، اليابان، ألمانيا، إيطاليا) والتى تمتلك حصصًا أكثر فى رأس المال هى التى تقرر سياسات الصندوق. ولذلك تعتبر دول «بريكس» الصوت الممثل للدول النامية والمنقذ من الأزمات العالمية من خلال زيادة مساهمتها فى خلق فرص العمل وتخفيض مستويات الفقر وزيادة حجم التجارة العالمية.
ومن المتوقع أن تظل دول «بريكس» المصدر الرئيسى لتحقيق النمو فى الاقتصاد العالمى نتيجة لاحتياطياتها الهائلة من العملات الأجنبية التى تمول حاليًا عجز الاقتصادات المتقدمة ما يؤدى إلى زيادة قدراتها التنافسية فى الأسواق العالمية، وتمكنها، فى حالة تعاونها بشكل جماعى، من فرض نفوذها المالى عالمياً، الأمر الذى يؤدى إلى صعوبة تراجع قوتها الاقتصادية فى المستقبل.
ووفقًا لجيم أونيل، يمكن لـ 11 دولة أخرى أن تلحق بدول «بريكس» منها مصر، إيران، نيجيريا، باكستان، تركيا سواء بمعدلات التنمية أو بالانضمام الفعلى لها، وبعد أن أصبح الانضمام للتكتلات والمنظمات الدولية عاملًا مهمًا من عوامل قوة أى دولة، لذلك يعد انضمام مصر لتجمع «بريكس» شهادة على زيادة ثقة المجتمع الدولى والتجمعات الاقتصادية الدولية فى الاقتصاد المصري. ويمكن تلخيص أهم العوامل الدافعة لانضمام مصر لتجمع «بريكس» فى كل من:
# عدم ارتباط «بريكس» مثل باقى التكتلات بنطاق جغرافى معين، تحول الهند من كونها مصدرة للعمالة الرخيصة إلى أن تصبح من كبار المستثمرين فى قطاع تكنولوجيا المعلومات، تميز الصين وروسيا الاتحادية والهند كمصادر مهمة للمعرفة النووية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب الهند والبرازيل فى مجالات التعليم والصحة والزراعة ومكافحة الفقر والأمية.
# احتياج مصر إلى تنويع الاستثمارات الأجنبية بعيدًا عن المستثمرين الغربيين الذين تنخفض لديهم نسبة المخاطرة مقارنة بالمستثمرين من دول «بريكس» الذين يملكون الخبرات المختلفة للعمل فى ظل المخاطر وأصعب الظروف.
# الاستفادة من كبر حجم أسواق «بريكس» فى تنويع الهيكل السلعى والجغرافى للصادرات المصرية، خاصة أن قيمة صادرات مصر لدول بريكس تمثل 8.6% فقط من إجمالى قيمة صادرات مصر عام 2015.
# زيادة إمكانيات مصر فى الحصول على القروض الخارجية من خلال بنك التنمية وصندوق الاحتياطات النقدية مما يجنبها ضغوط السيولة قصيرة الأجل، وزيادة التعاون فى المجالات التى تتميز بها دول البريكس مثل الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، الاقتصاد المعرفى والتكنولوجيات المتطورة، تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة.