الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمن الخليج العربى بين الجمهوريين والديمقراطيين

أمن الخليج العربى بين الجمهوريين والديمقراطيين
أمن الخليج العربى بين الجمهوريين والديمقراطيين




خالد عبدالخالق يكتب:
شكل فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الأمريكية صدمة للعالم اجمع، إلا أن واقعها كان كبيرًا على الحلفاء «سواء الحلفاء الأوربيين أو حلفاء شمال الاطلسى أو فى الخليج العربى أو فى شرق آسيا» أكبر من الأعداء لامريكا؛ لأن المخاوف أصبحت تشكل تهديداً مباشراً، التكهنات أصبحت امرًا واقعاً، ما كان يعتقد انه أمر مُحال اصبح يقيناً، بات ترامب رئيسًا لأمريكا.
 الصدمة كانت فى فشل التقديرات، إخفاق التحليلات، الجهل بخفايا المجتمع الامريكى ومزاجه العام، والحقيقة أنها لم تكن المرة الأولى التى يخفق فيها العالم بصورة عامة والعرب بصورة خاصة بشأن فهم الولايات المتحدة الامريكية سواء سياسيا أو اجتماعيا؛ فقد حدث الاخفاق إبان الانتخابات الأمريكية عام 2008 والتى جاءت بباراك اوباما أول رئيس امريكى من اصول افريقية، بالرغم من ان المتابع للتحليلات العربية انذاك كانت كلها تجمع على صعوبة فوز اوباما، إلا أنه حظى بفترتين رئاسيتين نفذ خلالهما ما خطط له الجمهوريون الذين سبقوه للبيت الابيض، سواء باحداث فوضى وصفت «بالخلاقة» فى الدول العربية وتمكين التيارات الاسلامية الراديكالية فى المنطقة ودعمها.
برنامج ترامب واعلانه عن توجهاته وسياساته هى التى دفعت الامريكيين لانتخابه، بالرغم من انه جاء من خارج السياق المعتاد والمتعارف عليه، استفاد من المخاوف الاقتصادية التى تكتنف الامريكان، لعب على ملف المهاجرين، والاوضاع الاقتصادية واعلانه انه سوف يعمل على اعادة التفاوض على اتفاقيات التجارة. لكن ما أثار القلق والخوف على الصعيد الدولى هو تصريحاته خلال الحملة الانتخابية بان الولايات المتحدة لم يعد بمقدورها الدفاع عن حلفائها بدون مقابل ولابد من ان تتوافر شروط كى تقوم امريكا بهذا الدور، ولعل هذا ما دفع حلف الناتو إلى اصدار بيان عقب فوز ترامب أعلن فيه أن جميع الحلفاء اخذوا على عاتقهم مسئولية الدفاع المشترك دون شروط. كما ان رئيس البرلمان الاوروبى اعرب عن امله فى اقامة تعاون عقلانى مع ترامب، ناهيك عن التصريحات التى حملت بين طياتها التوجس والقلق الصادر عن جميع العواصم الأوروبية.
 الدول العربية لم يصدر عنها سوى بيانات ترحيب وامل فى ضخ دماء جديدة فى العلاقات اضافة الى الاتصالات الهاتفية للتهنئة. لكن السؤال الذى يطرح نفسه هو مستقبل امن دول الخليج العربى الذى ظل فى الكنف الامريكى لعقود مضت؟
الدول الخليجية خلال العام الاخير من ولاية باراك اوباما، ادركت ان هناك تحولا فى السياسة الامريكية تجاه امن دول الخليج، وذلك عبر عدد من المؤشرات، اول تلك المؤشرات هو توقيع الاتفاق النووى الايرانى مع القوى الدولية 5+1، وهو ما اعتبرته دول الخليج تخلى امريكا عن تعهداتها ووعودها بشأن حماية الخليج من التهديدات الايرانية والحيلولة دون امتلاك ايران لسلاح نووى، لأن المتابع للتحليلات العربية عامة والخليجية خاصة خلال سنوات التفاوض التى زادت عن العشر سنوات، كانت كلها تركز على أن هناك صراعًا سوف ينشب بين امريكا وإيران بسبب برنامجها النووى، لكن جاء الاعلان عن توقيع الاتفاق ليشكل صدمة للدول الخليجية حتى ان التطمينات الامريكية بعد ذلك وخلال اجتماع قمة كامب ديفيد فى مايو 2015 لم تستطع ان تقنع أو تطمئن الخليجيين.
الصدمة الثانية تمثلت فى تصريحات اوباما لمجلة «اتلانتيك» والتى تطرق فيها إلى أن الشركاء فى الخليج يطالبون دائما بالحماية والأمن دون دفع مقابل، وهو بذلك يتفق مع ترامب فى النهج وإن اختلف فى الاسلوب، الأمر الثالث هو رفض الإدارة الامريكية الاستجابة للمطالب الخليجية بضرورة توجيه ضربة عسكرية لنظام الرئيس السورى بشار الاسد وهذا ما عبر عنه أوباما فى حواره السابق الإشارة إليه بأنه اتخذ القرار الصائب بشأن سوريا.
كل تلك المؤشرات التى ظهرت وحدثت خلال فترة حكم الديمقراطيين تشير إلى أن التحول فى السياسة الامريكية اتجاه أمن دول الخليج قادم لا محالة، مع قدوم الجمهوريين وجاء فوز ترامب ليعزز تلك الفرضية، أنها منظومة متكاملة مرتبطة ببعضها، ما يخطط لها السابق يأتى اللاحق لينفذه بغض النظر عن الانتماء الحزبى، وليس امام دول الخليج وباقى بقاع العالم الملتهبة فى آسيا وأوروبا سوى الانتظار لمعرفة كيف سينفذ ترامب سياساته تجاه تلك الدول وكم ستتكلف.