الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كفى للقتل وهيا للحوار

كفى للقتل وهيا للحوار
كفى للقتل وهيا للحوار




أحمد عبده طرابيك يكتب:

تواجه الأمة العربية حالة غير مسبوقة فى تاريخها الحديث من الصراعات الداخلية، والحروب الأهلية، والنزاعات المذهبية، والتدخلات الأجنبية، وتفشى ظاهرة التطرف والإرهاب بشكل أصبح خلاله العديد من الأقطار العربية مهددة بالانهيار والتفتيت بكل ما يرافق ذلك من آلاف الضحايا الأبرياء بين قتيل وجريح، وتدمير المرافق والبنية التحتية والمؤسسات الوطنية، ونزوح ملايين المواطنين وتحولهم إلى لاجئين، وتدمير التراث الثقافى والحضارى للأمة، والعودة بالمواطنين مئات السنين إلى الوراء.
كل تلك الأحداث المؤسفة وما ينتج عنها من تفاقم حالة الفقر وزيادة معدلات البطالة والهجرة والنزوح عن أرض الوطن وما يصاحبهما من معاناة قد تصل بالإنسان إلى أن يفقد حياته، وفى ظل حالة من عدم الاستقرار وتداخل المصالح فى السياسات الإقليمية والدولية واستمرار الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية، والفلسطينية منها بشكل خاص باعتبارها قضية العرب الأولى، وما يرافق ذلك الاحتلال من تبعات سلبية فى المنطقة، وحرمان الشعب الفلسطينى من إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطنى.
 تلك الصورة القاتمة لأحوال أمتنا ووطننا العربى، تتطلب من الجميع الوقوف لحظة تأمل فى هذه الحالة وما يعقبها من تبعات على مستقبل الأمة، ولذلك فلا سبيل سوى بذل الجهود على شتى المستويات والاتجاهات لوقف التدمير الذاتى وسفك الدماء والاختراق الخارجى ومن ثم التقاط الأنفاس لإعادة البناء.
فى هذا الصدد صدر فى العاصمة الأردنية عمان، مبادرة وقع عليها حوالى مائة شخصية مستقلة، من سياسيين سابقين، وأكاديميين وكتاب وباحثين وسفراء سابقين وناشطين وصحفيين وإعلاميين وأدباء وغيرهم، من عدد من الدول العربية منهم الدكتور عبدالسلام المجالى، رئيس وزراء الأردن الأسبق ورئيس جمعية شئون الدولة، والمهندس سمير حباشنة وزير الداخلية الأردنى الأسبق ورئيس الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة، والدكتور عدنان بدران رئيس وزراء الأردن الأسبق، والدكتور طاهر المصرى رئيس وزراء الأردن الأسبق، والدكتور الراحل يحيى الجمل، والمستشارة تهانى الجبالى، وغيرهم من مصر والعراق، فلسطين، لبنان، موريتانيا، الكويت، تونس، ليبيا. وقد صدرت المبادرة تحت عنوان «النداء العربي» والتى حملت شعار «كفى للقتل والتدمير وهيا للحوار والمصالحة».
طالبت المبادرة الجميع، مؤسسات وأفراد بمؤازرة هذا النداء الموجه إلى أبناء الوطن كافة فى الداخل والمهجر، ووصفت المبادرة بأنها نداء لا يحمل أى غايات سياسية أو طائفية، ولا مصالح ولا أهداف لها سوى وقف نزيف الدماء، والتدهور فى بنية الدول والمجتمعات العربية، والعودة إلى البناء وفى الإطار التالى:
تكوين حركة شعبية ضاغطة تحت شعار «كفى للقتل والتدمير وهيا للحوار والمصالحة» تشارك فيها جميع الفئات والجماعات والمذاهب والأديان والقوميات والأفراد والأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى والبرلمانات من مختلف أنحاء العالم العربى.
استخدام جميع وسائل التواصل والتعبير السلمية بما فى ذلك شبكات التواصل الاجتماعى والمسيرات والبرقيات والكتابات والأحاديث والحوارات بهدف اقناع أكبر عدد من المواطنين لدعم هذا التوجه والضغط على جميع الأطراف المتنازعة أياً كانت لكى توقف العنف والتدمير وتبحث عن المصالحة والاتفاق.
دعوة أطراف المعادلة الوطنية فى كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن وأى بلد عربى آخر يشهد نزاعاً داخلياً لوقف الاقتتال بكافة أشكاله، والجلوس معا على مائدة التفاوض لوضع حل للأزمة القائمة التى أدت إلى هذا الصراع، يقوم ذلك الحل على التوافق والتراضى وليس القهر وإلغاء أو تهميش الآخر.
 ولأن كل إنسان له الحق الكامل فى الحياة الكريمة، والحرية والمواطنة، والمشاركة، والأمن  والمساواة والاستقرار والتنمية دون أى تمييز دينى أو عرقى أو مذهبى أو طائفي، فإن مجموعة «النداء العربى» تعمل طواعية على تقريب وجهات النظر والتوسط بين الأطراف، من أجل الجلوس على مائدة المفاوضات، مع التأكيد على الحرص على بذل كافة الجهود للمساعدة فى إنهاء الاقتتال والعنف ونبذ التعصب والإرهاب والوصول الى مصالحة دائمة تقوم على المشاركة والمواطنة وارساء قواعد القانون من أجل بناء المستقبل.
تحمل المبادرة أمنيات كافة الشعوب العربية، التى تعيش فى صدمة وهول ما يحدث فى بلادهم من عدم استقرار، وتدهور واقتتال وتناحر بين مكونات القطر الواحد، ومن ثم فهى تحتاج إلى دعم وتفعيل والتجاوب معها لعلها تستطيع أن تعمل على توحيد الشعوب العربية، لوقف تلك الحروب المدمرة ووقف القتال واللجوء إلى لغة الحوار بدل لغة السلاح، والاتفاق على رؤية توافقية للجميع تحفظ لأمتنا العربية وحدة أرضها وشعبها، والبدء فوراً بإصلاح ما دمرته تلك الحروب، وبداية صفحة جديدة من صفحات البناء والتقدم والازدهار.