السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د.أحمد عبدالعال رئيس هيئة الأرصاد المصرية لـ«روزاليوسف»: الشتاء الأسوأ لم يأت بعد!

د.أحمد عبدالعال رئيس هيئة الأرصاد المصرية لـ«روزاليوسف»: الشتاء الأسوأ لم يأت بعد!
د.أحمد عبدالعال رئيس هيئة الأرصاد المصرية لـ«روزاليوسف»: الشتاء الأسوأ لم يأت بعد!




كتب ـ عمرو الأنصارى

أمطار غزيرة، وسيول جارفة، وإهمال حكومى، اقتلعوا الأخضر واليابس.. والأرواح أيضا!
هكذا قدم فصل الشتاء لنا نفسه هذا العام مخلفًا أكثر من 32.5 ألف متضرر فى الفترة ما بين نهاية أكتوبر وأول نوفمبر الجارى – وفقا لقوائم مساعدات الاتحاد الأوروبى   للمتضررين المقدرة بــ166 ألف يورو.
«برد الشتاء فى هذه المدينة لا يعمل إلا على إيقاظ الجروح القديمة» كما يقول الروائى الجزائرى الشهير «واسينى الأعرج».
وحتى لاتتكرر جروح أعوام 47 و75 و87 و90و94و95و2013 و2015 التى أغرقت العريش وأسيوط وسوهاج وجنوب سيناء ومرسى علم وقنا والأقصر وأسوان والإسكندرية والبحيرة وأخيرا رأس غارب.
أجرينا هذا الحوار مع المسئول الأول فى مصر عن الطقس وأحواله الدكتور أحمد عبدالعال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأرصاد المصرية.
بعلمه وخبرته الطويلة «35 عاما» فك طلاسم الجو وقدم لنا دليلًا نروض به الشتاء وننعم به على طريقة جارة القمر فيروز.

 

■ ما آلية العمل داخل الهيئة ومراحله لرصد التقلبات الجوية والتنبؤ بالطقس؟
- الهيئة قائمة على عنصرين: الراصد الجوي، ويكون من خريجى المعاهد المتوسطة بشرط حصوله على الثانوية العامة «قسم علمى»، ويعهد إليه بعد تدريبه فى معهد التدريب الإقليمى التابع لمنظمة الأرصاد الجوية الرصد عن طريق المحطة عناصر الطقس المختلفة، ثم يرسل هذه الرصدات كل ساعة للبنك الدولى الذى تحدده المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، لترسل بدورها رصدات العالم كله إلينا، لتنتهى العملية بتوقيع الراصد على الخريطة النهائية.
العنصر الثانى هو الإخصائى الجوى، ويكون من الحاصلين على  بكالوريوس العلوم بالإضافة إلى دبلوم الأرصاد الجوية، ويعهد إليه بعد قضائه مدة تدريب عام، بفصل الكتل الهوائية الساخنة عن الباردة ثم فصل الضغط العالى عن المنخفض، لتنتهى مهمته بالتنبؤ بحالة الطقس.
يتم إبلاغ جميع المحافظات والوزارات ومجلس الوزراء والجهات المعنية ووسائل الإعلام بتوقعات الأرصاد للطقس.
■ وماذا عن الظواهر الجوية السيئة مثل السيول وغيرها؟
- السيول تكون دائما فى فصل الخريف، ودائمًا ما نرسل تحذيرًا استباقيًا للجميع خاصة المحاطة بالمناطق الجبلية مثل البحر الأحمر وسيناء والجنوب، بأن هذا الفصل من سماته هطول غزير للأمطار تصل لحد السيول فى المناطق الجبلية، كما أننا نحرص على إرسال تحذيرات أخرى قبل موعد هطول الأمطار المتوقع بـ72 ساعة، وهو ماحدث فى السيول الأخيرة التى ضربت رأس غارب وسوهاج.
■ هل لدى الهيئة القدرة على توقع كميات السيول ومناطقها؟
- الأجهزة المتاحة فى الهيئة لاتستطيع تحديد كميات السيول. فقط نستطيع أن نحدد ما إذا كانت الأمطار ستكون شديدة أو متوسطة.
■ ما الذى ينقص الأرصاد المصرية لتطور أداءها فى التنبؤ بدقة بما يمكن الدولة من تلافى الكارثة قبل وقوعها؟
- هيئة الأرصاد المصرية متطورة بالفعل، ولدينا باحثون أكفاء فى مجال الأرصاد، وهم معروفون على مستوى العالم، وتنشر أبحاثهم فى أهم المجلات العلمية.
ينقصنا فقط بعض الأجهزة الحديثة، ونحن بصدد جلبها بعد قرار السيد رئيس الجمهورية بتخصيص 100 مليون جنيه لتطوير الأرصاد الجوية. تعاقدنا على شراء رادارات عملاقة، وكمبيوتر عملاق نستطيع بها تحديد كمية المياه التى ستهطل، وموعد ومكان هطولها بدقة، ونتعاون مع القوات المسلحة لإنشاء 30 محطة رصد اضافية، وهو ما سينقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة جدًا فى مجال الأرصاد،  مثل أمريكا وألمانيا واليابان والصين .
■ ما السبب فى التغيرات المناخية التى طرأت فى السنوات الأخيرة؟
- الاستخدام المفرط للفحم، والبترول ينتج عنه غازات تكون غطاء من الملوثات حول الكرة الأرضية، ويرفع درجة حرارة الأرض، ويساهم فى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى أحد أهم مسببات التغير المناخي.
■ ولكننا مازلنا فى مصر ماضين فى استخدام الفحم والبترول كمصدرين أساسيين للحصول على الطاقة؟
مصر تتجه الآن نحو الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية والطاقة الناتجة عن الرياح والطاقة النووية التى تنشئ من أجلها محطة الضبعة، وقد أعلن السيد الرئيس فى قمة المناخ التى أقيمت بباريس ذلك.
■ وماذا عن ظاهرة تفاوت الفصول؟!
- نحن تخطينا مرحلة تفاوت الفصول، واختلاف مواعيدها إلى تغيرات فى صفات الفصول المميزة لها ،على سبيل المثال لا الحصر فصل الربيع الماضى انتهى دون هبوب رياح الخماسين لأول مرة فى التاريخ، كما أن فصل الصيف الماضى شهد ارتفاعًا هائلًا فى نسبة الرطوبة، وفصل الخريف أيضا شهد كميات هائلة، وغير مسبوقة من الأمطار على غير المعتاد تخطت 120 مليون متر مكعب، وهو ماساهم فى تفاقم المشكلة فى البحر الأحمر، وكل ماسبق ناتج عن التغير المناخى.
■ ما توقعاتكم لفصل الشتاء الحالى والصيف القادم؟
- يصعب التنبؤ بفصل كامل. الا أننى أستطيع القول أن الشتاء الحالى ليس الأسوأ، ونفس الأمر ينطبق على الصيف الماضي، فالتغيرات المناخية ستتفاقم إذا لم تتخذ الدول قرارات شجاعة لإنقاذ الأرض بالحد من التلوث، واللجوء للطاقة النظيفة.
■ كيف ترى التوقعات بغرق الدلتا المصرية عام 2050؟
- الحديث عن غرق الدلتا، وأن البحر المتوسط سيتحول إلى شمال القاهرة كاذب، وغير منطقى، ويستند إلى بعض الأبحاث العالمية المتشائمة.
نظريًا صحيح أن ارتفاع درجة حرارة الأرض سيؤدى بالطبع إلى ذوبان الجليد فى القطبين الشمالى والجنوبي، وبالتالى إلى ارتفاع مستوى البحر، وعندها سيكون الغرق هو مصير بعض المدن المصرية بالفعل وليس الدلتا بأكملها. لكن عمليًا البحر ارتفع فى 100 عام 11.3 سم فقط وهو ما أثبته فى بحث لى، ونسبة الارتفاع التى تؤدى إلى الغرق مقدرة بـ2 متر على الأقل، فكيف سيرتفع هذا الارتفاع فى أقل من 50 عامًا؟!، حتى لو أخذنا فى الاعتبار التغيرات المناخية الطارئة!
فضلًا عن أن هيئة حماية الشواطئ، ووزارة الرى يعملان على قدم وساق بتجنب ذلك، وكل ذلك يجعلنى اطمئن المواطن المصرى تمامًا.
■ هل تملك هيئة الأرصاد القوة البشرية التى تجابه التطوير والتوسع فى انشاء المحطات؟
- لدينا 176 محطة على مستوى الجمهورية وعدد الراصدين فى الهيئة فى جميع المراصد لا يتخطى المائة! ما يمثل ضغطًا كبيرًا على الراصدين الذين يعملون فى ظروف صعبة للغاية، ويقضون عددًا كبيرًا من الساعات الإضافية، كما أن بعضهم يعمل فى مناطق نائية، ويكفى أن نعلم أن المعدل الرسمى لعمل الراصد هو 42 ساعة أسبوعيًا بينما هم يعملون لأكثر من 72 ساعة أسبوعيًا وهو مايؤثر بالسلب على حالتهم الصحية وكفاءتهم.
لذا نحن  فى حاجة عاجلة لضم المزيد من العاملين بالهيئة فى حدود 150 إخصائيًا، و100 راصد  فى ظل إنشاء محطات رصد جديدة، خاصة وأننا نحتاج إلى تدريب المنضمين  لمدة تستغرق من 2-4 سنوات، وننتظر توفر مخصصات مالية تكفى لذلك.
■ هل  أنتم فى حاجة لكلية متخصصة للأرصاد الجوية؟
- هناك مشكلة فى قلة عدد المتقدمين لدراسة تخصص الأرصاد الجوية برغم وجود قسمين فقط على مستوى الجمهورية فى جامعتى القاهرة والأزهر، ويرجع ذلك لعدم ضمانهم للتعيين بالهيئة، وهو ما يضطرنا عند الاحتياج إلى ضم وجوه جديدة من تخصص الرياضة، والفيزياء فى كليات العلوم.
■ ما سر الأزمة مع وزارة الرى؟
- ليس لدينا مشكلة حقيقية مع وزارة الرى، ولكن فى الآونة الأخيرة خرجت تصريحات تحمل توقعات لهطول الأمطار من بعض الباحثين، والمسئولين بالوزارة الذين يفتقدون للخبرة والتدريب الكافى، تدخل ضمن صميم عملنا كهيئة أرصاد، اعتمادًا على وجود بعض الأجهزة لديهم التى تمكنهم من تقدير حسابات السيول، لتجنب ضررها، وهو ما آثار بلبلة داخل الشارع، خاصة وأنه ثبت أنها توقعات غير صحيحة، والحقيقة أن السيد وزير الرى عندما علم بالأمر أعطى توجيهاته بمنع ذلك.
■ هل يمكن أن نرى تكرارًا لكارثة سيول أسوان 2010؟
- محافظة أسوان معرضة لسيول قادمة شأنها شأن جميع المحافظات التى تحيطها الجبال وأتمنى أن تكون المحافظات قد استعدت لذلك.
■ ما قصة تسييس هيئة الأرصاد؟!
- هذه شائعة أطلقها الإخوان. نحن تابعون إداريًا لوزارة الطيران، ونعمل دون توجيهات من أحد، والحقيقة أننى طوال رحلة عملى بالهيئة على مدار 35 عاما لم أتلق مكالمة واحدة من أى مسئول فى الدولة.
■ ولكن ما علاقة الأرصاد الجوية بوزارة الطيران؟
- عمل الهيئة يخدم بالأساس الطيران بنسبة 62%.
■ ما نصائحكم للمواطنين فى هذا الشتاء؟
- ننصح قائدى السيارات فى الصباح الباكر بأن يتخذوا حذرهم بسبب الشبورة الكثيفة التى تصل فى بعض الأحيان إلى حد الضباب، وفى حالة قلة الرؤية أو انعدامها يجب التوقف تماما بالسيارة حفاظًا على الأرواح والممتلكات.
كما ننصح بتهدئة السرعة فى حالة سقوط الأمطار، لضمان عدم انزلاق السيارة، ووقوع حوادث لاقدر الله.
أما بالنسبة للمواطنين الخارجين فى المساء المتأخر أو الصباح الباكر ننصحهم بارتداء الملابس الثقيلة حتى وإن كان الجو يبدو جيدًا بسبب انخفاض درجات الحرارة الصغرى.