الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

علي مسئولية التحقيقات الأوروبية: قبرص محطة غسيل أموال عائلة مبارك






روزاليوسف اليومية : 20 - 07 - 2011


كشفت صحيفة هيرالد صن الإنجليزية في 18 أبريل الماضي أن التحقيقات الفعلية حول حقيقة ثروة الرئيس المصري المخلوع تجري في سرية تامة في قبرص بحضور وفود أمنية من الإتحاد الأوروبي ودول أخري وفي نفس اليوم أكدت الخبر وكالة نيوز الإسترالية وذكرت أن التحقيقات الجادة تجري في نيقوسيا العاصمة القبرصية، أما مجلة ديبلوماتيك أوبزرفر عدد 27 يونيو 2011 فخرجت بعنوان: "الديكتاتور المصري لعبها قبرصية" وفجرت المجلة مفاجأة إذ أكدت أن الرئيس السابق حسني مبارك كان صديقا لزعيم صرب البوسنة المتوحش مجرم الحرب "رادوفان كراديتش" وأن الأخير هو الذي أشار علي مبارك ونجليه باللعب من خلال الوضع الخاص في قبرص. الأخطر جاء في صدر التحقيقات السرية الأوروبية التي أشارت للعقلية الإجرامية والدراية بالقوانين الدولية لدي نظام مبارك، فقد وجدوا شركات عائلة مبارك في قبرص مقسمة لقسمين وكانت الإدارة في أنحاء عديدة في العاصمة القبرصية نيقوسيا حيث المكاتب والشركة تتبع الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي لكن التحويلات المالية السرية تجري كلها عن طريق بنوك "الجمهورية التركية لشمال قبرص" والسبب أن ذلك الإقليم من قبرص غير معترف به دوليا وأنه منذ أن أعلنوا عن جمهوريتهم في 15 نوفمبر 1983 لا تزال دول العالم لا تعترف بهم سوي تركيا وأذربيجان ومن خلال ذلك الوضع أجروا ما يشاؤون من تحويلات مالية بلا حساب ومن ثم حولوها لقبرص الأوروبية ومنها لسائر دول العالم علي أساس أنها أرصدة صادرة من الاتحاد الأوروبي. الجهات الأمنية التي تحقق في قبرص حاليا أكدت أن عائلة مبارك حصلت علي دعم كامل من أجهزة المخابرات القبرصية ومن "تياسوس بابادوبولوس" زعيم القبارصة الأتراك الذي فتح لهم كل الأبواب السرية لغسيل أموالهم بطرق رسميه مشيرة إلي أن شركات عائلة مبارك لا تزال تعمل بكل طاقاتها ولا تزال تتحايل علي القوانين حتي وأصحابها في السجون المصرية.
ومن جانبه أمد البنك المركزي الإسباني فريق التحقيق بأول دليل لديه أكد أن شركة "بوليون للمعاملات المالية وخدمات الأمن" المملوكة لعلاء مبارك بها تلاعب واضح وأنها استخدمت في عمليات نقل الأموال عبر بنوك العالم كوداً مشفراً صدر من بنك "هيلينيك ليميتد" القبرصي الكبير وأن الشفرة الخاصة بعلاء مبارك رقم (سي واي آي إف 0009) هي شفرة تشير لبداية حساب يتبع جهاز مخابرات معروف للعالم كله وهو جهاز المخابرات المركزية الأمريكية.
تضيف إسبانيا عن طريق بنكها المركزي علي معلومات فريق التحقيق أن بوليون مكتوب فعلا أمامها مصطلح (استثمارات أمنية) وأن عنوان إدارتها المسجل لدي الاتحاد الأوروبي هو 20 طريق ثوما إيديس ليماسول قبرص وأنها شركة استثمار دولية بنظام المشاركة وترسل صورة مما لديها عن بيانات تحويلات الشركة وقد ظهر في المستند الذي حصلنا علي نسخة منه أمام كود الشركة 12 حرف إكس بما يعني بنكيا أن الرقم مشفر وسري.
في ذات الوقت كانت الأجهزة البريطانية موجودة للمساعدة وقدم فريقها عدداً من المستندات المهمة حصلنا علي نسخة منها تظهر فيها لأول مرة بيانات لم تظهر من قبل في بيانات البنك المركزي القبرصي وهي أن شركات (حورس للأغذية والمنتجات الزراعية الإستراتيجية وشركة بوليون الدولية المحدودة للأوراق المالية والإستشارات الأمنية وشركة ميد إنفيست الإنجليزية) هي أملاك كاملة لعلاء وجمال مبارك وتأتينا المفاجأة وهي أن صفوت الشريف وزكريا عزمي وحبيب العادلي وممدوح إسماعيل شركاء من الباطن كل بنسبة 7% ويظهر كود شركة بوليون بوضوح برقم (آي سي آي إس 6 20510) وأمام نشاط الشركة كتب إدارة «حوافظ نقود دولية ومعاملات مالية غير محدودة» ولأول مرة في المستندات يتضح أن جهاز المخابرات القبرصية مشارك بنسبة محدودة في بوليون وأن مكتباً تابعاً له في 4 إيروليف هاوس طريق إيفيرو بنيقوسيا قبرص هو الذي يدير الشراكة وأمامنا تبدأ الأسماء في الظهور لنجد لأول مرة اختلافاً في بيانات تعريف علاء مبارك، فقد ذكر علاء وشهد في أول التحقيقات معه أنه مجرد مستشار لكن هنا نجد أنه مدير كامل الصلاحيات وأنه كان يدير حصته بالشركة من خلال مكتب له في 3 شارع أميرو منذ أغسطس 1996 وأنه من المؤسسين وفي المستندات الإنجليزية يظهر لأول مرة مكتب آخر تابع له لم يعلن عنه بعد هو مكتب (إكس بي إم جي متيكساس سيريميس) بنيقوسيا ويظهر شخص تابع له يدير ذلك المكتب يدعي بانيكوس لويزو كما نجد لأول مرة المستشار القانوني الخاص بعلاء مبارك وهو "شيريسيس ديمترياديس" وعنوانه 284 شارع مكاريوس فورتونا كورت بليماسول ولا تخفي المستندات الإنجليزية أن تثبت وتكشف أنهم حصلوا علي تسهيلات استثمارية مفتوحة منذ ديسمبر 1996 وتؤكد أن الحسابات السرية موجودة هذه المرة بالتحديد في بنك "هيلينيك المحدود بقبرص" وعنوان كود البنك هو 1394 نيقوسيا.
معلومات غزيرة تثبت أن أجهزة العالم مصرة - ربما أكثر من جهات عدة في مصر - علي كشف ألغاز تلك العائلة الفاسدة لنجد المستندات الإنجليزية تكشف لهم عن شركة جديدة لم يعلن عنها حتي الآن وربما لم يشهدوا أو يعترفوا بها أيضا وهي شركة باسم (شركة قبرص المحدودة للاستثمار والأوراق المالية) وملاكها بالترتيب هم: وليد كابا ويمثل ذلك الرجل لغزاً حقيقياً فهو شريك متكرر في كل ممتلكاتهم حول العالم إنجليزي الجنسية مؤسس منذ 1996 ثم علاء مبارك مؤسس منذ 1996 مصري الجنسية ثم سقراطس سولوميديس قبرصي مؤسس منذ يونيو 2003 ثم السيدة رانا زين العابدين ويتضح هنا لأول مرة أنها قريبة للرئيس التونسي زين العابدين بن علي وأنها كانت تشارك بأموال تونس وباسم الرئيس التونسي من الباطن وذلك من ديسمبر 2003 ويظهر بعد ذلك عزت جراح مواطن كويتي قبرصي مؤسس منذ ديسمبر 2003 ثم تأتي المفاجأة الأخري لتثبت - ربما لأول مرة في مستندات - أن عملاء التسويق بشركات علاء مبارك هما: عمر طنطاوي مصري مشارك منذ ديسمبر 2003 ومعه عميل تسويق وليد شاش مشارك منذ ديسمبر 2003 وبالتحري يتضح أن الأخيرين كانا قصة حقيقية فقد كانت لهما علاقات متشعبة مع عدد كبير من أجهزة المخابرات العربية والأجنبية ولهما علاقات خاصة بمخابرات قبرص أنهما يحملان فيزا زعيم القبارصة الأتراك التي تمكنهم من فتح أي باب في قبرص ومنها للاتحاد الأوروبي مباشرة وأنهما كانا المسئولين الفعليين عن غسيل الأموال وأكدت البيانات الإنجليزية صحة المعلومات عنهما حيث وثقت مع بيانات البنك المركزي الإسباني أن الرجلين كانا يعملان في فريق متكامل من العملاء السريين الذين أخفوا أرصدة النظام المصري وفي البيانات تؤكد الوثائق أن توقيعاتهما كانت بكل مكان.
كشوف المحاسبات الخاصة بعائلة مبارك كانت تقدم للبنك القبرصي ديسمبر من كل عام ولأول مرة يتأكد أن علاء وجمال مبارك كانا يديران الشركات بالتبادل وأنهما كانا يحصلان علي عمولة إدارة سنوية قدرها 2% ومن كشوف أرباح حساب بوليون وحدها عن 30 يونيو 2004 قد حصل كل منهما علي 9 ملايين و751 ألفاً و987 دولاراً أمريكياً.
تحقق الجهات الأمنية التي تبحث عن أرصدة الرئيس المصري الأخير فتجد أن التاريخ الرسمي لتسجيل شركاتهم في قبرص كان في 27 سبتمبر 2002 ونعلم أن البنك المركزي القبرصي لا يسجل الشركات إلا بعد عدد من الأعوام تثبت فيه الشركة قدرتها علي الاستمرار والمنافسة وأنهم حصلوا في 4 نوفمبر 2002 علي أول كود لهم بالبنك المركزي القبرصي وهو:
(آي بي إف إس إس ذ آي سي آي إس 30510/12) وأنهم تسلموا رقم تسجيل سري هو (إتش إي 133192) وسجلوا يومها في 17 شارع سبارتاكوس ساكسيجو كورت رقم 401 3021 ليماسول قبرص وتثبت الأوراق أنهم في 15 يناير 2004 رفعوا التقدير العام لبوليون وحدها وأضافوا نشاطاً جديداً ربما سيصبح مفاجأة التحقيقات القادمة وهو التجارة في سبائك الذهب والعقارات.
ومن الواضح أن البنك المركزي البريطاني وجد أنه من الضروري كشف معلومات مهمة للغاية ليؤكد أن شركة بوليون لم تكن وليدة عام 1996 كما يذهب البعض بل إن الشركة كانت مملوكة للأب مبارك منذ عام 1981وتأتي المفاجأة الأكبر حيث تثبت المستندات قيامه في عام 1982 بعملية من المؤكد أنها ستكون مثار جدل واسع فقد أخرج من مصر عبر مكتب له في قبرص 19 كيلو جراماً من خام البلاتين في شكل سبائك ومن قبرص إلي لندن برقم إيداع (إن تي القاهرة 270711098 ترقيم دولي بي إن القاهرة 207107 دي إس إل 40707 إل إس 709) وقد قيد يومها في البنك المركزي الإنجليزي بلندن برقم 711071 فلاينج هاوس بوزن 19 كبلو جراماً بثمن تقديري بسعر 11 ديسمبر 1982 يقدر ب14 ملياراً و900 مليون دولار أمريكي وأمام اسم المودع نجد حسني مبارك.
لا تقف عملية الإخفاء عند ذلك الحد فلا تبقي الوديعة في البنك المركزي الإنجليزي طويلا إذ يطلب صاحبها تحويلها من جديد لأحد بنوك سويسرا بشكل غير مبرر لكنه معروف للعاملين بمجال البنوك أنها أوليات عمليات غسيل الأموال وفي المستندات نجد أن الوديعة لم تبق في البنك المركزي الإنجليزي سوي ساعات قليلة لتحول في نفس اليوم برقم (بي ايه 7110753 سي دي إل 787 رقم مسلسل 070987114025 بي إس إن دي إس 11107110 إل 27098110789 اما البنك المستقبل فهو نفسه بنك يو بي إس السويسري الذي جمدت السلطات السويسرية فيه أرصدة مبارك كما أعلنوا في 11 فبراير 2011 وربما كانت تلك المعلومة وأخري هي التي دفعت النائب العام المصري لإصداره قراراً في 27 فبراير بمنع تصدير الذهب. في التحقيقات نجد أن المحقق لم ينس أن يذكر كل البيانات حتي الضئيل منها فمثلا ذكر أن بنك هيلينيك المحدود في حقيقة الأمر هو البنك الدولي المعترف به لأجهزة مخابرات العالم وأن ذلك البنك لا يعلن فيه عن البيانات سواء عن مصدر الأموال أو أسماء العملاء ويديره مجموعة من أكبر وأشهر ضباط المخابرات السابقين بالعالم ونتعجب عندما نعرف أن مكتب علاء مبارك وجمال مبارك يقع مثلا في الدور الثالث من مبني 20 طريق أوميرو برج ثوماإيديس بليماسول في حين أن مكتب جهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد يقع بنفس المبني في الدور الرابع وفي مفارقة غريبة للغاية نجد أن المخابرات المركزية الأمريكية تشغل من نفس المبني الدور الأول.
وعندما نتوقف أمام بيانات البنك المركزي القبرصي عن شركة الأخوين مبارك الثانية تكشف المستندات الجديدة حقيقة خطيرة لنجد لأول مرة قد ذكر علاء وجمال مبارك في مستندات تأسيس شركة "حورس للأغذية والمنتجات الزراعية الإستراتيجية" تعريفًا مباشرًا وصريحاً عن نشاطهما ليقدما تقريبا اعترافاً رسمياً ضمنياً عن حجم الفساد الذي كان يحدث فقد كتبا أمام النشاط: "السعي وراء رؤوس الأموال في المقام الأول من خلال الاستثمار في الأوراق المالية في القطاع الخاص مع عدم تداول بيانات المستثمرين علنا" وربما هذا هو السر المباشر الذي جعل شراكتهما للعادلي وصفوت وزكريا عزمي وممدوح إسماعيل خافية حتي كتابة تلك السطور أما الأخطر في النشاط فقد كان في: "الحصول علي المناقصات الحكومية السرية التي لا يعلن عنها في مصر لتنشيط قطاع الأعمال الزراعية والصناعات المرتبطة بها"، وشركة حورس كانت هي المستورد الفعلي للبذور والأسمدة والمبيدات المسرطنة بينما كانت بقية الشركات التي تنقل الشحنات باسمها مجرد شركات كومبارس بل كانت كل الصفقات تعقد وتوقع في مكتب الأخوين في قبرص ومن هنا نتعرف علي السبب المباشر الذي جعلهم يمنحون الحماية لوزير الزراعة الأسبق "يوسف والي" الذي صدر الأمر باعتقاله يوم 11 يوليو الجاري.
وأخطر معلومة ذكرت في مستندات التحقيق الأوربية عن شركة حورس التي استوردت المبيدات المسرطنة هي قيام البنك العربي الإفريقي فرع ميدان السراي الكبري بجاردن سيتي بالقاهرة بكل عمليات التحويلات المالية لحورس, ويقف وراء حورس أيضا "محمد تيمور" و"ياسر الملواني" و"جمال مبارك" و"علاء مبارك" و"وليد كابا" طبعا و"حسن هيكل" وقد أوكلوا مكتب المحاسبات (كيه بي إم جي) وعنوانه 10 شارع منسيادو إلما هاوس نيقوسيا قبرص، أما أرباح جمال وعلاء مبارك ومن معهم الاسنوية عن الإدارة فهي 2.5%.