الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أهمية التعليم فى عصر المعرفة «1»

أهمية التعليم فى عصر المعرفة «1»
أهمية التعليم فى عصر المعرفة «1»




يكتب: صبحى مقار

يعرف التعليم بأنه مجموعة من الممارسات يقوم بها الفرد لكى يكتسب بعدها مهارة أو معرفة أو خبرة، بمعنى أنه أى فعل له تأثير على تكوين عقل وشخصية الفرد. ويختلف مفهوم التعليم عن مفهوم التعلم، فالتعلم هو تغيير شبه دائم فى سلوك الفرد نتيجة الخبرة والممارسة، أما التعليم فهو أشمل من مفهوم التعلم لتضمنه عنصرين آخرين هما تحديد السلوك الذى يجب تعلمه، تحديد الشروط التى يتم فيها هذا التعلم والتحكم فى الجوانب المؤثرة فى سلوك التعلم بهدف تحسينه كمًا وكيفاً. وأما مفهوم التدريس فيعتبر الجانب التطبيقى لكل من التعلم والتعليم.
ويعتبر التعليم جهاز المناعة الطبيعى لأى دولة، فإذا ضعف تعليمها ضعفت مناعتها وأصبحت قابلة للتأثر بمختلف الأفكار المنحرفة وغير الخلاقة، كما تصبح غير قادرة على النمو والتطور. وذلك لأن التعليم يلعب دورًا إيجابيًا وحيويًا فى حياة كل مواطن من خلال محو أميته وتزويده بالمعلومات المختلفة فى كافة مجالات الحياة ما يزيد من قدرته على الإبداع والابتكار وتحسين مستواه المعيشى ما يساهم فى زيادة فرص الحراك والتقارب بين الفئات الاجتماعية المختلفة، الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وتحقيق خطط التنمية.
ووفقًا لتقرير التنافسية العالمى 2016-2017، يلاحظ تدنى ترتيب مصر بالنسبة لمؤشرى الصحة والتعليم الأساسى (المركز 89)، التعليم العالى والتدريب (المركز 112)، وذلك من بين 138 دولة تناولها التقرير. ووفقًا للتقييم البريطانى للجامعات (QS Top Universities)، تراجع ترتيب جامعة القاهرة لتصل إلى المركز رقم 551 من 916 جامعة عام 2016 مقارنة بالمركز رقم 500 عام 2015، محققة بذلك المركز العاشر على مستوى الجامعات بالدول العربية. كما لم تدخل جامعتا عين شمس والإسكندرية قائمة أهم 700 جامعة. ويخصص هذا التقييم 40% من إجمالى درجة التقييم للجانب العلمى، 20% لنسبة هيئة التدريس إلى الطلاب، 20% لقيمة وأهمية البحث كمرجع لبحث أكاديمى آخر منشور، 10% للنظرة العامة لمكانة الجامعة، 5% لأعضاء هيئة التدريس من جنسيات أخرى، 5% للطلاب من جنسيات أخرى. ويتم هذا التقييم من خلال استطلاع يشمل إجابات نحو 9 آلاف أكاديمى لأسئلة تشمل جميع الجوانب التى تتوزع عليها درجات التقييم.
وهناك تقييم آخر أكثر دقة ومصداقية (لعدم اعتماده على استطلاع الرأى)، وهو تقييم شنغهاى الصينى، الذى يختار أفضل 500 جامعة على مستوى العالم سنويًا، ويعطى 20% للأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات العلمية الشهيرة (Nature & Science)، 20% للأبحاث الخاصة بالعلوم الطبيعية والاجتماعية، 20% للعلماء المشهورين عالمياً، 20% للعلماء الحاليين الحاصلين على جائزة نوبل وتخصصاتهم، 10% للعلماء السابقين الحاصلين على جائزة نوبل وتخصصاتهم، بالإضافة إلى 10% لحجم كل جامعة. وقد جاءت خمس جامعات إفريقية ضمن أفضل 500 جامعة لعام 2016، منها 4 فى جنوب إفريقيا، جامعة القاهرة من مصر.
وتبرز التقييمات السابقة أهمية وضرورة التركيز على وسيلة التقدم الحقيقية المتمثلة فى إصلاح التعليم لكى تستعيد مصر مكانتها الطبيعية المتميزة إقليميًا وعالمياً. فجميع الدول المتقدمة تضع التعليم فى مقدمة سياساتها وبرامجها التنموية لكونه الركيزة الأساسية فى بناء وتكوين الإنسان، وتأهيله لاستيعاب آليات التقدم ومواكبة التغيرات المتسارعة لعصر تكنولوجيا المعلومات، فلن يستطيع أى مجتمع تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة متطلبات المستقبل إلا بالمعرفة التى تكتسب عن طريق التعليم الذى يعتبر العامل الأساسى فى تطور الحضارات ونمو المجتمعات وتحولها لاقتصاد المعرفة الذى تشكل فيه عملية إنتاج المعرفة وتوزيعها واستخدامها المحرك الرئيسى لعملية النمو المستدام وخلق الثروة وفرص التوظيف فى كل المجالات، بحيث تشكل المعرفة المصدر الرئيسى لثروة الدولة ورفاهيتها.
وختاماً، يجب أن نؤكد حقيقة أن التعليم هو الحاضنة الأولى لعملية الإبداع والابتكار، حيث يصقل العلم ملكة الإبداع عند أى فرد، وذلك لأن اقتران الموهبة بالعلم يؤدى إلى الإبداع والتطور وإكساب الفرد قدرات جديدة لم تكن لديه من قبل مثل التفكير العلمى المنطقى والقدرة على الاستنتاج الصحيح لحقيقة الأشياء. ووفقًا للعالم الفذ «أينشتاين» يعتبر العلم سعادة الفرد، حيث يشعر الشخص المتعلم بقيمة المعرفة المتاحة لديه ما يزيد من انشغاله بها وكيفية تعظيمها أكثر من انشغاله بغيره من الناس. وهذا ما توضحه مقولته الشهيرة «إذا أردت حياة سعيدة، فعلق حياتك على أهداف لا على أشخاص»، بمعنى أن التعليم يجعل الإنسان فردًا ذا هدفا بارز وأسمى فى هذه الحياة ما يرفع من مكانته العلمية والاجتماعية ويكون قدوة ومثلًا للآخرين مما يزيد الوعى المجتمعى بأهمية التعليم والعمل على تطويره باستمرار.