الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دراما ضد الحضارة

دراما ضد الحضارة
دراما ضد الحضارة




يكتب: د.حسام عطا

لا يزال الجدل دائرا حول تأثير نموذج البطل الفتوة الذى تحول مع العشر الأوائل من القرن الحادى والعشرين فى مصر إلى البلطجى القادر على الإشتباك مع الحياة ليصبح هو بنفسه معيارا كل شىء، حيث لا توجد فكرة تدير سلوكه، وليس له كبير أكبر منه يردعه، لأنه هو الوجه الآخر للإرهاب، لكنه لا تقف خلفه فكرة عقدية أو سياسية خاطئة جديرة بالتصحيح، يقف خلفه مصلحته الخاصة ورؤيته للحياة التى تمثل فيها القوة المفرطة والعنف والتهديد وإذلال الخصوم وفرض السيطرة عبر ترهيب المحيط الاجتماعى الخاص، ثم العام لتأسيس جديد لمجتمع الخوف والجهل والاستعباد عبر قاتل دموى صغير يستطيع أن يسيطر على الأحياء، والمدن ويفرض سطوته خارج نطاق الدولة والمجتمع، ما تؤسس له سينما ودراما العنف الجديد، ثم يتحدث أصحاب الوعى المزيف والمصالح المباشرة الفورية الضيقة عن ممثل موهوب رغم كل شىء أو عن منتج يراه البعض منقذا للصناعة من التوقف، بينما صحيح الأمر أن أمثال هؤلاء من الممثلين والمنتجين يجمعهم بالأساس أمر جوهرى وهو الخروج التام من صناعة الدراما بمعناها الحقيقى، والتى أصبحت تحتاج بالفعل لضبط وترتيب وإعادة تعريف.
وجدير بالذكر أيضا وهو أمر جوهرى ذلك أن صناعة دراما العنف الملونة موجهة بالأساس للأطفال فى بداية مرحلة المراهقة لأنه سن البطولة للأولاد والبحث عن التحقق الخيالى للأنوثة الحرة المنعتقة من سيطرة الأسرة للبنات، ولذلك فالتصدى لتلك الموجة العنيفة تحتاج لدراما المواجهة، وهى فى جوهرها دراما للأطفال وللمراهقين من الشباب، وفى ذلك أعود للخبرة التاريخية الثمينة يعقوب الشارونى الذى يحدد بحيويته وقدرته على المتابعة التصور الحقيقى للإنقاذ والمواجهة إذ يرى:
«أن كثيرا من هذه القصص تدور حول سلسلة متصلة من حوادث العنف الجنونية، قبل أن ينتصر البطل الذى يأخذ بناصية المظلومين فى دراما العنف، هذا فى حين أنه ينبغى أن يكون سلوك أشخاص القصة من بدايتها إلى نهايتها سلوكا سويا لا شذوذ فيه، لأن هذا النوع من الدراما مفرطة العنف تمثل قيما معادية لكل ما قامت عليه نظم الدول المتمدنة الحديثة فمن القيم التى ينبغى أن تشيع فى نفوس الناشئة، إحترام القانون، وترك مهمة محاكمة المخطئ والحكم علية وتنفيذ الحكم، للقضاء ولسلطات الأمن ولكن كثيرا من دراما العنف تجعل البطل هو الذى يحدد ما هو الخير وما هو الشر، وتتركه يحكم بنفسه على الآخرين وبمعياره الشخصى، ثم ينفذ بنفسه ما ينتهى إليه من أحكام، حتى لو كانت الحكم بالإعدام، وبالتالى تلغى هذه الدراما الدموية كل ما قدمته الحضارة من نظام للدولة، يخضع فيه كل شخص للقانون الذى سنته الجماعة المصرية» إنها إذن قيم معادية للدولة وللمجتمع المدنى المتحضر، لذا وجب الانتباه.