الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الدولة.. وأزمة قلاش!

الدولة.. وأزمة قلاش!
الدولة.. وأزمة قلاش!




وليد طوغان يكتب:

تداعيات الحكم بحبس نقيب الصحفيين مستمرة. لكن مناقشة موضوعية للأزمة مطلوبة بعيدا عن التشنج والصوت العالى. الصوت العالى والكلام وخلاص لن يجدى.
صحيح الحكم بحبس نقيب الصحفيين هو الأول من نوعه فى تاريخ النقابة، لكن لا تنسى أن الحكم صدر فى سلوك نقابى هو الأول منه أيضا فى تاريخ الصحافة المصرية.
لم يحدث فى تاريخ الصحافة المصرية الذى يمتد لأكثر من 180 عاما، أن أخفى أعضاء بمجلس النقابة هاربين من العدالة. لم يسبق فى تاريخ النقابة، أن حرض أعضاء بمجلس النقابة على القضاء، ووصفوا النيابة العامة بأنها مسيسة، ووصفوا أحكام القضاء بأنها «ضد الحريات».
مؤكد، أنه لا أحد من الصحفيين المصريين يستطيع أن يشعر بالارتياح تجاه الحكم بحبس النقيب، ولا أحد يمكن أن يشعر بالارتياح على ما آلت إليه أزمة ورَّط البعض نقيب الصحفيين فيها. لكن لا أحد يمكن أن يشعر بالارتياح أيضا، عند مطالعة تفاصيل توريط يحيى قلاش فى صراع مع القانون، حاول خلاله شد الجماعة الصحفية للأزمة باعتبارها عامة، بينما حاول آخرون تصوير الأمر على أنه عداء بين الدولة وحرية الصحافة، مع أن ما حدث لا علاقة له بحرية الصحافة، ولا بقضايا الرأى.
وسائل إعلام غربية ربطت بين الحكم على قلاش وبين حكم صدر بعدها بيوم، ضد معتز مطر المذيع بقناة الشرق الإخوانية، مع أنه أيضا لا علاقة بين الحكم ضد قلاش، وبين الحكم ضد معتز مطر.
< ما الخطورة فى الربط بين مطر وقلاش؟
الخطورة، أنه كما أن هناك من وصف الحكم ضد قلاش بالمسيس، هناك أيضا من يريد تصدير الحكم على معتز مطر بأنه مسيس هو الآخر، مع أن لا هذا صحيح ولا ذاك أيضا.
الحكم ضد يحيى قلاش صادر فى قضية جنائية. إيواء مطلوبين داخل مقر النقابة، أحدهما ليس صحفيا لا علاقة له بحرية الرأى. محاولة تيار معين داخل مجلس النقابة توريط الجماعة الصحفية كلها فى اتجاه سياسى لا يعبر عن جموع الصحفيين، لا علاقة له بالحريات فى البلاد.
 لا يمكن اعتبار اتجاه تيار معين داخل مجلس النقابة، وتوجهات هذا التيار، والنتائج المترتبة على تلك التوجهات فى التهييج، وتحدى الدولة وتحدى القانون، اتجاها عاما للجماعة الصحفية.
مخالفة نقيب الصحفيين المصريين لقانون العقوبات المصرى لا علاقة له بالحريات العامة فى البلاد. فى القصة كثير من حق يراد به باطل. صحيح حبس نقيب الصحفيين «كعنوان» هو أزمة فى حد ذاته. لكن الأزمة الأكبر فى محاولات البعض تصوير الحكم القضائى فى واقعة جنائية على أنه صدام بين الدولة وحرية الصحافة. وهذا، للمرة الثالثة، ليس صحيحا.
بالتأكيد كلنا متضامنون مع نقيب الصحفيين، لأننا أبناء لتلك المهنة. لكن أغلب المتضامنين، ليسوا مع سلوكيات يحيى قلاش، ولا مع مسالك آخرين، فى مجلس النقابة. أبسط ما يمكن وصف قلاش، وأعضاء بمجلسه، هو أنهم لا كانوا على قدر المسئولية، ولا كانوا على قدر مناصبهم وأماكنهم، ولا كانوا فى محل ثقة الأصوات التى أتت بهم إلى كراسى مجلس النقابة.
كلها شهور، وتحل انتخابات النقابة الجديدة. وقتها أعيد قراءة هذه السطور مرة أخرى، عندما يكون الصحفيون المصريون، قد صححوا أخطاءهم، وأعادوا ترتيب مجلس نقابة، يرفع المهنة فوق الرءوس، ولا يورط الجماعة الصحفيية، فى تبنى آراء لا يتبناها الجميع، ويدخل مع الدولة فى صدام لا يتعلق لا قضايا رأى، ولا الحريات.
الحكم الصادر ضد قلاش، ليس حكما ضد الجماعة الصحفية فى مصر. يحيى قلاش لم يستفتى الجماعة الصحفة فى إيواء مطلوبين داخل مقر نقابتهم. أعضاء مجلس النقابة، لم يسألوا الجمعية العمومية عن رأيها فى وصم النيابة العامة بـ«المسيسة»، ولا ما إذا كان القضاء المصرى بالفعل «ضد الحريات» من عدمه.
ليست الجماعة الصحفية بكامل فئاتها مع توجهات بعض أعضاء مجلس النقابة الحالى. نعرف أن هذا كلام محله صندوق انتخابات مارس المقبل، ليس صفحات الجرائد، لكن، وبما أن هناك من يخلط بين حقوق الصحفيين، وبين دولة القانون، فلابد من التأكيد أن أغلب أبناء المهنة لا يرى أن الحريات، مرادف للفوضى، أو الدخول فى صراع مع القانون والدولة.
منذ متى والحريات حكر على «اشتراكيين ثوريين»؟ من قال إن الحرية يجب أن تكون حكرا على «شباب ثورة» كسروا وهدموا وأحرقوا، ودخلوا فى عداء غير مبرر مع مؤسسات الدولة، ثم عادوا فى النهاية واتهموا مؤسسات الدولة بأنها ضد الحريات؟
بعض أعضاء مجلس نقابة الصحفيين لم يكونوا أمناء على المهنة. معركتهم شخصية مع الدولة. هذه ليست معركة للدولة مع المهنة.