الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا انهارت تركة طلعت حرب؟

لماذا انهارت تركة طلعت حرب؟
لماذا انهارت تركة طلعت حرب؟




كتب – رضا داود

 

صناعة الغزل والنسيج واحدة من أعرق وأقدم  الصناعات التى عرفتها مصر  فى التاريخ الحديث والتى مر عليها ما يقرب من قرن من الزمان إلا أنها فى السنوات الأخيرة بدأت فى طريقها للانهيار وبالتحديد فى فترة التسعينيات وحتى الان لدرجة أن خسائرها السنوية بلغت 3 مليارات جنيه.. محاولات كثيرة بذلت لإحياء القلاع الصناعية بالمحلة وكفر الدور ولم تؤت ثمارها وتحولت الآن إلى «خرابات» وجثث هامدة.. كانت أولى تلك المحاولات  فى عهد وزير التجارة والصناعة الاسبق رشيد محمد رشيد حينما طرحت الحكومة ارض شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى بنظام حق الانتفاع امام شركات القطاع الخاص لإعادة إحياء تلك الصناعة إلا ان المشروع فشل بسبب ارتفاع سعر المتر فى ذلك الوقت والذى بلغ 1600 جنيه وبنظام حق الانتفاع  مما ادى إلى انسحاب رجال الأعمال.. أما شركات الغزل والنسيج بكفر الدوار فالحكومة طرحت الأراضى  فيها بنظام التمليك وبأسعار مخفضة لم يتعد فيها المتر 500 جنيه ولاقى المشروع نجاحا نسبيا إلا أن آلات ومعدات وخطوط إنتاج الصروح الصناعية القديمة  لم تحدث وظلت كما هى .على مدار العقود الثلاثة الماضية ترك الساسة  والحكوميون تلك القلاع الصناعية لتسقط فى هوة الديون  تمهيداً لخصخصتها فى فترة التسعينيات إلا أن ضغوط العمال كانت اكبر من مخططات هؤلاء إلى أن جاءت ثورتا  25 يناير و30 يوينو لتسقط تلك المخططات وتوقف قطار الخصخصة الذى جرف معه كل شىء وترك القلاع الصناعية بكفر الدوار والمحلة لتتهاوى.
وعلى الرغم من أن مصر كانت دولة رائدة فى زراعة القطن لدرجة أن المساحة المزروعة سجلت خلال السنوات الماضية نحو 2 مليون فدان  وكانت هناك بورصة للقطن المصرى قبل ثورة 23 يوليو وبعدها وكان الانجليز والعالم يعتمدون بشكل اساسى على القطن المصرى فى التصنيع حتى وصل إلى العالمية إلا أن الواقع حاليا يرثى له بعد أن تقلصت تلك المساحة إلى 250 ألف فدان فقط لدرجة أن حجم ما يتم استيراده من الاقطان سنويا بلغ حوالى 2.5 مليون قنطار نتيجة لاعتماد مصانع النسيج على الأقطان القصيرة والمتوسطة بدلا من القطن المصرى طويل التيلة
وكان لرجل الأعمال الوطنى طلعت حرب دور بارز فى إنشاء تلك القلاع الصناعية من خلال تمويل بنك مصر لتلك الشركات إلا أن تلك التركة أصبحت فى مهب الريح ..فهل ممكن اننا نحيى تلك الصروح الصناعية من جديد ولا الضرب فى الميت حرام..وإننا لابد أن نسلم بالواقع الجديد وعصر اقتصاد السوق الحر ونعول على القطاع الخاص لتحقيق التنمية فى هذا القطاع الحيوى.. ولماذا حتى الآن لا توجد لدينا ماركة فى صناعة الملابس كما أن صادرات قطاع الغزل والنسيج والملابس متواضعة مقارنة بدول مثل تونس والمغرب والتى كانت تصدر بحوالى 5 مليارات دولار اما صادراتنا فى حدود 2- 2.5 مليار دولار .
من جانبه قال المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة ان منطقة الصناعات النسيجية بكفر الدوار تأتى ضمن مخطط الوزارة لانشاء تجمع صناعى متكامل لصناعات الغزل والنسيج والصباغة والملابس الجاهزة والذى يقع ضمن نطاق احدى شركات قطاع الاعمال العام وذلك بهدف تحقيق الاستغلال الأمثل لقطع الأراضى غير المستغلة والتى تقع فى زمام الشركات المملوكة للدولة، لافتا إلى أن مساحة المشروع تبلغ 570 ألف متر مربع مقسمة على ثلاث مراحل، حيث من المخطط تقسيم المساحة الكلية للمشروع إلى قطع أراض صناعية تتراوح مساحتها من ألف متر وحتى 12 ألف متر مربع.
واشار إلى أن المرحلة الأولى للمشروع تبلغ مساحتها 230 ألف  متر وتم الانتهاء من إنشائها بالكامل باستثمارات بلغت 2.5 مليار جنيه وجار تشغيل 55 مصنعاً يعمل بها 15 ألف عامل موضحاً أن المرحلة الثانية تبلغ مساحتها 170 ألف متر وتحتوى على 30 قطعة أرض تم تخصيص 9 قطع وجار تخصيص 17 قطعة ومتبق 4 قطع فقط بإجمالى استثمارات متوقعة تصل إلى حوالى 2 مليار جنيه وبطاقة تشغيلية تصل إلى 13 ألف عامل، لافتاً إلى أن المرحلة الثالثة للمشروع تبلغ مساحتها 170 ألف متر مربع وتحتوى على 50 قطعة أرض باستثمارات تصل إلى 2 مليار جنيه وبإجمالى فرص عمل تبلغ 13 ألف عامل حيث سيتم تسليم أراضى هذه المرحلة للجهاز التنفيذى للمشروعات الصناعية (التابع للوزارة) قريباً.
وحول جهود الوزارة لتوفير العمالة الفنية المدربة للارتقاء بصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة أشار قابيل إلى أن وزارة التعليم وافقت مؤخراً على إنشاء تخصص لتدريس مادة «الغزل» فى المدرسة الفنية الصناعية ببرج العرب (نظام الثلاث سنوات) اعتباراً من العام الدراسى الحالى 2016/2017 وذلك لأول مرة، حيث تم إعداد هذا المنهج وفق أحدث منهج إيطالى فى هذا المجال، لافتاً إلى أنه سيتم إعداد تدريب للمدرسين من خلال الاستعانة بخبراء إيطاليين متخصصين وسيتم توظيف الخريجيين فى مصانع الغزل والمنسوجات بمصانع برج العرب.
وأشار إلى أن هناك تنسيقاً كبيراً مع وزارة التعليم لتطوير منظومة التعليم الفنى وتطوير المناهج وإدخال مناهج متخصصة فى هذا المجال بهدف تخريج دفعات ذات كفاءة فنية عالية تلبى احتياجات القطاع الصناعى من العمالة الفنية المدربة.