الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«زير.. طست.. رنك».. مقتنيات «قايتباى» فى المتحف الإسلامى

«زير.. طست.. رنك».. مقتنيات «قايتباى» فى المتحف الإسلامى
«زير.. طست.. رنك».. مقتنيات «قايتباى» فى المتحف الإسلامى




كتب - علاء الدين ظاهر

يعتبر السلطان الأشرف قايتباى «872-901 هجرى / 1478-1496ميلادى» من بين أبرز حكام المماليك الشركس وواحد من الرعاة الرئيسيين للفنون، وحكم لمدة 28 عاما وكانت تلك الفترة هى ذروة دولة المماليك، وكان مشهورا بالتقوى والإحسان فضلا عن اهتمامه الشديد بالفن والهندسة المعمارية، وعندما مات ترك وراءه العديد من المعالم المعمارية الأثرية فى جميع أنحاء القاهرة ومدن أخرى فى مصر والقدس ومكة المكرمة والمدينة المنورة وغزة ودمشق وحلب، والتى كانت فى ذلك الوقت تقع تحت حكمه.

ويمتلك متحف الفن الإسلامى مجموعة من مقتنيات السلطان قايتباى كشف عنها الدكتور أحمد الشوكى مدير عام المتحف عبر مجموعة صور كبيرة، وذلك على ضمن فعاليات المعرض الذى افتتحه وزير الآثار الدكتور خالد العنانى وزير الآثار بعنوان «السلطان بين القديم والحديث» فى مقعد قايتباى بصحراء المماليك، وضم مجموعة من أعمال الحرفيين المقيمين فى المنطقة منها الزجاج المنفوخ والمنتجات النحاسية والنحاس المطعم بالفضة والأعمال المطعمة بالصدف والأثاث وغيرها من المنتجات اليدوية.
ومن أبرز تلك المقتنيات شمعدان من النحاس المدقوق، والجسم والرقبة الأسطوانية ورأس الشمعدان جميعها مزينة بشرائط من الزخارف الكتابية بخط النسخ على خلفية نباتية، وتحدها شرائط رقيقة من الزخارف النباتية، وتوجد على الجسم نقوش أوسع محددة بحافتين رقيقتين من النقوش النباتية تشبه سعف النخيل يتوسطها رنك قايتباى، والحروف على الرقبة والجسم مميزة الشكل، حيث إن نهايات الحروف تنتهى بمنحنيات تتقاطع بشكل يشبه المقص، وربما يقصد بها شكل الهلال على المأذن.
ومنقوش على جسم الشمعدان ما نصه «هذا ما أوقف على الحجرة النبوية مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباى عز نصره بتاريخ سنة سبع وثمانين وثمانمائة فى شهر رمضان المعظم قدره»، حيث قدم السلطان ما لا يقل عن 5 من هذه الشمعدانات إلى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة، وحاليا منها شمعدانان فى القاهرة، وشمعدان آخر فى متحف باناكى فى أثينا.
كذلك من مقتنيات قايتباى مصباح معلق «ثريا» من النحاس المنقوش، والجوانب مثقوبة للسماح لضوء المصابيح أن يمر من خلالها، وهذه الثريا محفورة ومطعمة بتصميم يحتوى على أنواط منقوشة تشيد بالسلطان قايتباى على خلفية من الزخارف النباتية، والأنواط المركزية تحمل رنك بخط النسخ يقول «عز لمولانا السلطان الأشرف أبو النصر قايتباى عز نصره»، ويمكن الاستمتاع بالعمل الفنى للخطاط وفنى النحاس فى النهار فقط، حيث إنها تصبح غير مرئية عندما يشع الضوء من داخلها، ونهايات الحروف على الشريط الكتابى مميزة الشكل.
وهناك أيضا «طست» من النحاس، ويتكون من قاعدة بسيطة وجوانب تميل قليلا وذات حافة واسعة، والسطح الخارجى به شريطان من الزخارف النباتية نقش بينهما النص الرئيسى مع مجموعة من الكتابات بخط الثلث تتضمن المديح، وتتخللها حليات من الزخارف النباتية على خلفية متشابكة نباتية أو هندسية، ومن الداخل على خلفية كتابية بخط الثلث تتخللها أنواط تحتوى على رنك السلطان قايتباى، وهذا النوع من الزخرفة الدنيوى يشير إلى أن هذا الطست كان عنصرًا محليًا مصنوعًا لقصر بدلا من مبنى دينى، وهذا مثال للأسلوب المميز الذى انتشر خلال القرن الأول من حكم المماليك،عندما كانت السلطة فى أوج قوتها.
ومن مقتنيات قايتباى أيضا زير وحامل «كلجة» من الرخام الأبيض ومقابضها الأربعة مفقودة، وهذا النوع من الكلج الرخامى فريد من نوعه فى مصر، وصنعت من قبل فى العصر الفاطمى، وكانت تستخدم أصلا لحمل الزير الفخار الذى كان يصب فيه مياه النيل وتتم تصفيتها عن طريق مسامات الزير،لتتجمع وتتدفق إلى الأسفل وكانت تستخدم أيضا لتبريد المياه، وبعد ذلك تم استخدامها مع الزير الرخام بهدف تخزين المياه، والكتابة بخط الثلث توضح أن هذا الزير هبة وتبرع من السلطان قايتباى.
وتوجد أيضا حشوة مستطيلة من عاج منحوت بالنحت البارز وموضوع داخل إطار خشبى غامق اللون، ويحدها من الخارج شريط رفيع من العاج وموضوعة ضمن إطار من الخشب أخف وزنا، وتتضمن اللوحة نقشًا كتابيًا بخط الثلث من النحت البارز ويتضمن اسم السلطان وألقابه السلطان الملك الأشرف قايتباى، عز نصره»، وزينت الخلفية بزخارف نباتية مثل المحالق والبراعم والأوراق، ومن المرجح أن هذه اللوحة كانت جزءا من باب وربما منبر مسجد ومدرسة المجمع الذى بناه السلطان قايتباى فى صحراء المماليك، كذلك حشوة من الخشب تتضمن الرنك الكتابى الثلاثى للسلطان الأشرف قايتباى موضوعة على خلفية من الأرابيسك، ورنك كتابى من السيراميك المزجج يتضمن اسم السلطان وألقابه، ويتميز بتناسق الألوان الأزرق والأبيض، حيث كانت تقنية السيراميك المزجج تعتبر ترفا عظيما فى ذلك الوقت.
كذلك نجد من مقتنيات قايتباي «نفيس» من البلاط السيراميك المزجج والملون الموضوع فى الجبس، حيث لم تكن بلاطات السيراميك المزخرفة منتشرة فى عمارة القاهرة، وتم استخدام النفيس المزخرف تحت العقود الإنشائية فوق عتب الأبواب أو الشبابيك فى بعض الحالات النادرة، وتم الحصول على هذه القطعة عن طريق المتحف من سبيل وكتاب السلطان قايتباى فى شارع الصليبة.