الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. الشتاء

واحة الإبداع.. الشتاء
واحة الإبداع.. الشتاء




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

اللوحات بريشة الفنانة
إيمان حكيم



الشتاء

كتبها - السيد الزرقانى

جلست (أمل) خلف النافذة تراقب تساقط قطرات المطر الذى ينبئ عن شتاء غير اعتيادى هذا العام فالمطر غزير بشكل لم يسبق له مثيل الأطفال الصغار يلهمون فرحا بتلك الأمطار ويداعبون تلك القطرات الباردة فى سعادة بليغة  وكأنها جاءت تغسل عنهم بواقى الصيف أو الأمل المفقود فى زمن سار فيه الجشع من أهم السمات فيه.
قامت (أمل) تعد لنفسها فنجان من الشاى لعله يدخل الدفىء الى قلبها الذى كساه الزمن بالبرودة الشديدة منذ انفصالها عن زوجها منذا ما يقرب من العامين وهى تمارس مع الوقت لعبة الغضب المستمر الذى يصل بها إلى حد الخنقة المميتة، تذكرت عندما كان يأتى إليها فى الشتاء عائدا من عمله فى أطراف المدينة وكان قلبها كله شوق إليه فى لحظة احتضان بينهما إلا أن رده البارد كان يكسر هذا الشوق ويحوله الى جفاء قاهر لكل ما هو رقيق فى حياتها، تحولت مع الزمن إلى كائن بارد حتى فى مشاعرها التى كانت رقيقة جدا قبل الزواج وانقلب بها الحال بعده وصار الأولاد مصدر إزعاج لها من كثرة صدها لهم وضربها لهم على أتفه الأسباب، كانت تصب اللعنات دائما على أبيهم الذى قتل بداخلها كل شيء حلو كانت تتمناه فى حياتها من وافقت على الارتباط برجل اكبر منها فى السن كان أستاذها فى المدرسة التجارية التى التحقت بها، فى فترة الدراسة كان يتقرب منها فى شغف وتودد يحاول أن يمسك يدها او يلامس أجزاء من جسدها.. كان يميزها من دون البنات فى المعاملة  كثير الكلام معها  حتى تزوجا ومرت بهم السنوات وخفتت نيران الحب وشوقه رويدا رويدا ولا تدرى لماذا هل هو فعل الزمن؟!، قررت الانفصال لأنها أدركت أن الحياة عندها مع هذا الرجل تساوى الموت وان تريد أن تتحرر من قيود الرباط المقدس بينها وبينه إلى الأبد ربما يمنحها الوقت قليل من الهدوء النفسى فى زمن التوترات النفسية من ضغوط الحياة؟
خرجت إلى الوحدة والحرية، فاقت على طرقات سريعة على باب شقتها أسرعت الخطى إلى الباب لتجد ابنها الصغير قد سقط اثنا اللعب فى الشارع مع الأطفال وأصيب فى وجهه وينزف دما وقد تلطخت ثيابه بالدماء، انقبض قلبها فزعا، أخذته فى حضنها ضمته بشدة كأنها استيقظت على إحساس الأمومة، غسلت وجهه بالماء البارد اكتشفت موقع الجرح النازف حاولت إيقاف الدم، وضعت قطعة من القطن المطهر عليه وربطته بالشاش  صمت الطفل فى حضنها ربما للمرة الأولى يشعر هذا الإحساس انه أمان الصدر الحانى، نظرت فى عينيه قبلته، نسيت أن هناك فنجان من الشاى بجوارها كما أنها تناست ملامح الشتاء وبرده وأدركت أن الأمطار كفيلة بأن تغسل  رواسب الزمن مهما كانت، ابتسمت فى وجه صغيرها وأحست بالعالم يتراقص من حولها وأن الأمل يتسرب إلى قلبها فى رقة ودلال.