الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مسكوكات الحكام والسلاطين تكشف «الحروب الإعلامية المضادة» عبر التاريخ

مسكوكات الحكام والسلاطين تكشف «الحروب الإعلامية المضادة» عبر التاريخ
مسكوكات الحكام والسلاطين تكشف «الحروب الإعلامية المضادة» عبر التاريخ




كتب - علاء الدين ظاهر

 

أكد الدكتور الشافعى محمد زهران مدير عام الحفائر الأثرية بوسط الدلتا أن المسكوكات العربية والإسلامية لعبت دوراً إعلامياً بارزاً، حيث سجل عليها الحكام والسلاطين بعض البيانات الهامة إلى الرعية، كما استخدمت لنشر الأفكار والمبادئ الدينية والأخلاقية، كما كانت إذاعة إعلامية تشعر بها الأنامل فيتجه النظر إليها لمعرفة نقوشها وما تحمله من لوحات فنية جميلة.
وتابع: كما كان لها دور  منذ بداية سكها لا يقل أهمية عن دورها الاقتصادى، ألا وهو الدور الإعلامى خلال فترات الاضطرابات والصراعات السياسية بين الدول والحكام، إذ عادة ما تحمل تلك المسكوكات نصوصا، أو صورا، أو رموزا للتعبير عن رسالة سياسية، أو مذهبية، تطرح لإبلاغ الرعية بذلك من خلال تداولها بينهم، إما بطريقة رسمية من قبل الدولة فى المناسبة التى سكت من أجلها، وإما بطريقة غير رسمية من جماعة أو أفراد سرا أو علنا، حسب الموقف السياسى من الدولة.
 وقال: وقد اهتم الفاطميون فى مصر بضرب نقود دعائية بهدف امتصاص سخط أعدائهم وكسب مودة شعوبهم ليس فقط بعد تأسيس القاهرة، بل كانت هناك محاولات قبل مجىء الفاطميين لمصر عن طريق هذا النوع من الوسائل الإعلامية لتعبئة النفوس والأذهان تمهيدا للفتح، باعتبار المسكوكات أهم مظاهر سيادة الدولة، فعندما انتشر الدعاة الفاطميون فى أواخر العصر الإخشيدى بمصر أخذوا البيعة للخليفة المعز لدين الله من كثير من رؤساء الجند الإخشيديين.
واستطرد: ووزعوا دنانير ذهبية باسم المعز جاءوا بها معهم بهذه المناسبة وسجلوا عليها مكان الضرب وتاريخه مصر سنة 341 هـ - 956 م والذى حمل على أحد وجهيه عقيدة المذهب الشيعى «لا اله إلا الله محمد رسول الله وعلى أفضل الوصيين ووزير خير المرسلين»، وعلى نفس هذا المنهج صار هولاكو والذى كان بوذيا، فقد حرص فى النقود الذهبية والفضية  التى أصدرها فى البلاد الاسلامية التى وقعت تحت سيطرته على الحفاظ على الطابع المألوف لنقود الدولة العباسية، وخاصة من ناحية إثبات شهادة التوحيد وغيرها من المأثورات والعبارات التى توضح العقيدة الإسلامية.
ونظرا لأهمية المسكوكات والتى كانت تعد من أهم المصادر الأساسية الدقيقة فى كتابة التاريخ لما تحمله من عبارات ومعلومات، لذلك نجد أنها كانت أهم وسيلة إعلامية للدول فى الفترات الغابرة، حيث لا غرابة أن نجد اهتمام الدولة الإسلامية كبيراً بالمسكوكات كما حدث فى الفترة العباسية فقد بلغ عدد دور الضرب فى مدنها ومدن حلفائها من الدويلات الاسلامية أكثر من 190 داراً للضرب وهذا تأكيد على أن  دور النقود  لم يقتصر كما ذكرنا التعامل التجارى فحسب، وإنما تجاوز ذلك إلى الدور الإعلامى بنوعيه الحسن والسيئ أو ما يعرف اليوم بـ«الإعلام والإعلام المضاد».
وأضاف: ولنا من الشواهد على ذلك العشرات من الأمثلة التى تؤكد أهمية هذا الدور، منها مجموعة النقود الذهبية والفضية التى ضرب بعضها فى مدينة السلام والأخرى لم يرد عليها دار الضرب، وقد نقشت بصورة أشخاص يبدو منها المنادمة وشرب الخمر، كشخص جالس وبيده كأس شراب أو آلة طرب وحوله جاريتان، أو صورة حيوان «حصان أو جمل أو بقرة صغيرة» كتب حول هذه الصورة الآدمية أو الحيوانية اسم أحد الخلفاء العباسيين المقتدر بالله والطائع بالله والقائم بأمر الله.. إن هذه النقود قد ضربت من قبل الأعداء أو المنافسين الحاقدين المقربين للخلفاء أنفسهم، بعد أن استهانوا بالخلافة العباسية فى شخصية الخليفة نفسه، فهى نقود تتنافى وصفات الخليفة الشرعى الذى يمثل الجانب الدينى علاوة على الدنيوى.