الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإشمئناط !
كتب

الإشمئناط !




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 25 - 11 - 2009


كامب ديفيد وراء أحداث أم درمان


1


- الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، ولكن التطرف فى الرأى هو الذى يفسد الود والقضية، فماذا نقول مثلاً لمواطن مصرى يبرر جريمة الجماهير الجزائرية، ويحمّل مصر وشعبها المسئولية؟


- ماذا نقول لشاعر مصرى يصرخ فى الفضائيات ويتهم الجماهير المصرية بالشغب والفوضى، وأن الجماهير الجزائرية كانت على مستوى المسئولية؟.. وهل يقول ذلك تشفياً فى مواطنيه أم انتقاماً من الضحايا؟


- ماذا نقول لإعلامى آخر يزعم أن الجماهير المصرية هى التى حطمت السيارات واعتدت على الشرطة وحطمت واجهات المحلات فى الزمالك؟.. وهل يقول ذلك إحقاقاً للحق أم خدمة للجهة التى يعمل لديها؟
2
- كله كوم والدكتور أحمد عكاشة كوم، فهذا الرجل لا يرى إلا المرضى والمجانين والمشوهين نفسياً والضعاف جنسياً.. وإذا سألته فى أى شىء أحال الدنيا كلها إلى سواد فى سواد.
- الدكتور عكاشة يطلق الأرقام والإحصاءات والأحكام فى سهولة مثل حنفية المياه، فإما 09٪ من المصريين محبطون، أو 9،59٪ مصابون بالعجز الجنسى، وهكذا وكأنه رئيس الجهاز النفسى للإحصاء.
- الدكتور عكاشة يخلط علم النفس بالسياسة بالتاريخ بالآراء، والأهواء الشخصية بالانطباعات السماعية بالألفاظ غير العلمية.. وله خلطة غريبة تصيب من يسمعها بالعجز التشاؤمى.
3
- الدكتور عكاشة قال فى تحليل نفسية الشعبين المصرى والجزائرى "فى جريدة الشروق": إن لهما خصوصيات لأنهما يعيشان فى ظل نظم سياسية تحكم بقانون الطوارئ ولا توجد حرية تعبير.
- سؤالى هنا: هل يجوز علمياً أو حتى عشوائياً أن نشخص لشعبين مختلفين فى كل شىء؟ وهل يجوز علمياً مجاملة الجزائريين على حساب المصريين، ونفاق شعب على حساب شعب؟
- الدكتور عكاشة "ينفسن" كل شىء بقانون الطوارئ، فهل وقف قانون الطوارئ حائلاً فى أن يعبر هو نفسه عن آرائه المفعمة باليأس والإحباط والسوداوية؟
4
- يقول: لقد كانت المباراة تطهيراً وتنفيساً للإحباط السياسى ونسأله: وهل الإنجليز والألمان والفرنسيون وحتى الأمريكان مصابون بالإحباط السياسى لأنهم يشجعون الكرة بجنون أكثر من الجمهور المصرى؟
- لو صدقنا كلامه، فالعالم كله مصاب بالإحباط السياسى والذين يحضرون المباريات مصابون بالإحباط السياسى، وأنا وأنت إحباط سياسى.. والمجد للإحباط السياسى.
- ويقول: هذه الحالات التى تبدأ بالإحباط "تتطور" إلى الإنكار ثم الغضب، ثم الحسرة، ثم الكبت، ثم تعود إلى القبول بالموقف.. وأقول له: لماذا لا تتطور الحالة من الإحباط إلى الإشمئناط؟
5
- نأتى لمربط الكراهية، ويقول إن أسباب عداء العرب للمصريين هى أن الشعوب العربية رأت بعد توقيع كامب ديفيد أن مصر تخلت عن القومية العربية وعن الدول العربية الأخرى.
- وهنا نسأل: وهل لو لم تكن كامب ديفيد وظلت سيناء محتلة كانت الشعوب العربية ستحب مصر والمصريين؟ وما تفسيره للشماتة الهائلة حين كانت سيناء محتلة، وهل نترك أرضنا محتلة حتى لا يكرهونا؟
- أسأله: لماذا كرهوا عبدالناصر، وخرجوا ضده فى شوارع بغداد ودمشق وتونس يتهمونه بخائن العروبة وعميل إسرائيل، فجرجروه إلى حرب 76، ثم شمتوا فيه ومازالوا حتى اليوم؟
6
- تمنيت من كل قلبى أن يقول الدكتور عكاشة هذا الكلام فى أى برنامج "توك شو" عالى المشاهدة وليس فى صحيفة، حتى يعلم حجم الغضب والهجوم الذى سيتعرض له من مواطنين بسطاء.
- وحتى يعلم أن مثل هذه التحليلات النفسية لا تصلح إلا للمشوهين والمكتئبين الذين يزورون عيادته، وأنه لا يصح أن يعمم ما يحدث فى غرفة الكشف على المصريين جميعاً.
- وحتى يعلم أنه لن يكسب شعبية أو جمهوراً عندما يقول مثل هذا الكلام، بل سيفقد تقدير واحترام الناس كلية، لأنه سخر علمه لوصمهم بصفات سيئة.
7
- لم يفعل الدكتور عكاشة ذلك وحده، ولكن هناك أسماء بعينها لا أريد أن أذكرها، انتهزت فرصة ما حدث لتنفث كل غلها وحقدها وسمومها، أكثر مما فعله الجزائريون.
- أهانوا مشاعر الناس، ولم يراعوا حجم الألم من المساس بالكرامة والكبرياء، وأن هذا الجمهور الهمجى أخذنا على خوانة، وغدر وخسة.
- ارحمونا من عقدة كامب ديفيد وقانون الطوارئ و"التحاليل" السياسية المريضة التى تشوه الحقائق وتضلل الناس.. ولكن فى أحداث المباراة كان الشعب كله شاهداً على ما حدث.


E-Mail : [email protected]