الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كوفية بألوان علم مصر!
كتب

كوفية بألوان علم مصر!




 


كرم جبر روزاليوسف الأسبوعية : 05 - 12 - 2009



الأحمر والأبيض والأسود هي أجمل وأشيك الألوان، وهي ألوان علم مصر الجميل، الذي احتضنّاه ورفعناه عاليا وخفاقا في السماء.. وهتفنا له: مصر.. مصر، تعبيرا عن الحب والتوحد، والعودة إلي منابع الوطنية، التي تجري في عروقنا مثل النيل العظيم.


العلّم لا يجب أن يختفي أو يكون ظهوره في مباريات كرة القدم والمناسبات الوطنية، بل في كل الأوقات والأماكن، نزين به صدورنا ونضعه فوق رءوسنا، فهو الرمز الباقي الذي لا نختلف عليه، لا حكومة ومعارضة، ولا أقباط ومسلمين، ولا شبابا وعواجيز، مصر الباقية، ونحن جميعا زائلون.
كوفية بألوان علم مصر، يجب أن تكون شعارنا جميعا، وأن نستبدل بها كل اليافطات والشعارات، نخرج بها في الشوارع لنؤكد للجميع أن المصريين مهما اختلفوا، فإن هناك شيئا رائعا يجمعهم.
--
بالروح بالدم.. نفديك يا مصر
لا شيء يستحق أن نفتديه بالروح والدم سوي مصر، الأرض والوطن الذي يحتوي الجميع، ويوفر لهم الحياة الآمنة المطمئنة والاستقرار والهدوء.. وهي أشياء يجب أن ندافع عنها ونتمسك بها، ونضرب بيد من حديد كل من يحاول أن يعكر صفو هذا الوطن، ويهدده بالفوضي والعودة لعصور الظلام.
الضرب بيد من حديد لمن يشعلون نيران الفتنة.. وبدلا من أن يخرج بعض المهاويس في الشوارع يهتفون بالروح بالدم نفديك يا صليب.. أو بالروح بالدم نفديك يا إسلام.. ليكن الهتاف هو بالروح بالدم نفديك يا مصر.. وأن يرفعوا علم مصر بدلا من السيف والصليب، فهو الذي يرفع قيم المحبة والتسامح والعيش الآمن لأبناء الوطن جميعا، وما أجمل أن يتفق المتخاصمون علي شيء نحتكم إليه ونرضي حكمه هو علم مصر.. فأنا مسلم وأنت مسيحي، لكننا نتوحد خلف شيء واحد.
--
الشباب هم أصحاب الاكتشاف العظيم
يجب أن نعترف أن الشباب المتحمس الذي خرج وراء المنتخب الوطني هم الذين أعادوا العلم إلي القلوب والصدور، ورسموه علي وجوههم، ورفعوه فوق سياراتهم.. هم أصحاب هذا الاكتشاف العظيم، الذي يعيش بيننا ولكننا دائما ننساه، ولا نتذكره إلا حين يُعزف السلام الوطني.
الشباب بحثوا عن شيء يوحدهم، بعيدا عن التعصب للأندية، شيء يجمع كل ألوان الطيف في لوحة واحدة، فاهتدي تفكيرهم إلي علم مصر الذي تراجعت أمامه كل الانتماءات والألوان الأخري، وللأسف الشديد فلم يساعدهم الكبار في شيء، ووقفوا يتفرجون عليهم.
مستقبل مصر في شبابها، في تلك العقول والحناجر التي تبحث عن شيء تعشقه وتدافع عنه، لأن جيناتهم فيها الوطنية والحماسة وحب الوطن، رغم اتهامات الكبار بأنهم جيل بلا لون ولا طعم ولا هوية، لكنهم أثبتوا للجميع أنهم بلا موروثات أو ضغائن أو أحقاد، وأن النزعة الوطنية لديهم تعلو فوق كل النزعات الأخري.
هؤلاء هم الكنز العظيم الذي يجب الحفاظ عليه، وأن يوظف المجتمع كل إمكانياته وطاقاته ليفتح في وجوههم أبواب الأمل والحياة، لأنهم يستحقون ذلك وجديرون به، وخاب من اتهمهم باللا مبالاة والميوعة والسلبية، فهم أكثر وعيا وتفهما وحبا لوطنهم، ولكن ليس في زمانهم حروب ليثبتوا أن دماءهم تهون في سبيل وطنهم.
--
ڤيتو ضد المعاملة السيئة والإهانة
لم يكن الغضب الذي اجتاح المصريين بسبب خسارة مباراة، لكنه هو انتفاضة الكرامة ضد الإهانات التي حدثت، فليس المصريون هم الشعب الذي يفرط في كبريائه بسهولة، وليسوا الشعب الذي يعايره الآخرون بأشياء سخيفة مثل الفول والطعمية.. وهي من نعم الله سبحانه وتعالي، وليست مثل القات أو اللواط أو الرذائل الأخري التي تخيم علي شعوب عربية كثيرة.. ويمكن أن تكون موضوعا للتنابز والسخرية.
انتفاضة الكرامة يجب أن تكون بداية جديدة لإعلاء كرامة المواطن المصري في بلده قبل أي مكان آخر، وأن يتعامل معه الجميع بتقدير واحترام سواء في المصالح الحكومية، أو أقسام الشرطة، وفي كل الأماكن التي يذهب إليها ويقاسي الأمرَّين.
كرامته في العلاج والصحة، فلا يذهب إلي مستشفي يسيطر عليه الإهمال فيدفع صحته أو حياته ثمنا لذلك، وكرامته في الحصول علي طعام نظيف بعيد عن التسمم والتلوث، وكرامته في الحصول علي مياه نظيفة غير مختلطة بمياه المجاري، وكرامته في وسائل مواصلات آمنة.. وكرامته في الحياة الكريمة بعيدا عن كل صور الفساد والاستغلال.
--
لا.. لتمصير هزائم العرب
الانتماء لمصر طاقة هائلة لدي الشباب، ولكنهم لا يجيدون في أحيان كثيرة التعبير عنها، أحيانا يتظاهرون أمام الجامعات من أجل القدس وفلسطين وغزة، وهي مشاعر قومية نبيلة تجسد حجم مصر والتزامها علي مر العصور بالقضية الفلسطينية، ولكن قد تسيء بعض القوي والتيارات السياسية والدينية استغلال حماس الشباب، وتتجه به لخدمة أغراضها وأهدافها.
فعندما يتظاهر الشباب من أجل فلسطين لا يجب أن تكون المشاعر والهتافات ضد مصر، بل ضد إسرائيل، وضد من تسببوا في نكبة فلسطين، وضد الذين يتاجرون بقضية فلسطين.. وليس ضد البلد والشعب اللذين تحملا أكبر التضحيات، ولم يبخلا بدماء وأرواح الشهداء، ولا يجب أن يكون نصيب من يضحي هو النكران والجحود.
كوفية بألوان علم مصر في المظاهرات من أجل فلسطين وغزة، هو الذي يحبط المتاجرين والمزايدين ويفسد تآمرهم، ويقول لهم بأعلي صوت: لا لتمصير هزائمكم، فالهزائم من صنعكم، أما الانتصارات فمن صنع مصر وشعبها.
--
أيها المثقفون.. أين أنتم؟
للأسف الشديد لعب بعض المثقفين دور الطابور الخامس ضد المشاعر الوطنية التي تفجرت احتجاجا وغضبا، واقتصر دورهم إما علي التهوين مما يحدث أو الانحياز لصالح الطرف الآخر، وتمسك بعضهم بنفس المبررات والأسانيد القديمة في الدفاع عن العروبة، حتي لو كان ذلك ضد مشاعر المصريين، ومجافيا للغضب.
في مثل هذه الأحداث كان المثقفون يلعبون دور الضمير الحي اليقظ، الذي يستشعر أماني وأمنيات الرأي العام واتجاهه وطموحاته ويعبر عنها خير تعبير، فارتبطوا بوطنهم وبمشاكل أمتهم، ولكن لم يعد للمثقفين نفس الدور القديم.. وكأنهم مثل الفارس النبيل الذي خرج ولم يعد، ومازلنا في انتظار عودته.
المثقفون الذين ألهبوا حماس الأمة وقادوا وعيها وفكرها، وشكلوا وجدانها وأحاسيسها يعيشون حالة اغتراب، ولم يعد لهم القوة والتأثير والنفوذ في القضايا العامة والهموم الوطنية، ولم يستلهموا من روح الحماس في انتفاضة الكرامة أية قوة للعودة من جديد إلي صفوف الناس والتأثير فيهم وتعبئة وحشد مشاعرهم في الاتجاه الصحيح، بدلا من العشوائية المفرطة التي شابت بعض التصرفات والمواقف، وخرجت بالغضب المشروع عن أهدافه المشروعة.
--
الكوفية المصرية.. والفلسطينية
كوفية بألوان علم مصر لن تكون أبدا بديلا للكوفية الفلسطينية، لكنها تعيد تصحيح الأوضاع، لأن الكوفية الفلسطينية كثيرا ما استخدمها بعض المزايدين والمتاجرين والشتامين ضد مصر وشعبها، وتصور من يلبسها من المصريين أنه يحتل درجات أعلي في سلم النضال والوطنية والمباهاة.. استخدموها لتصنيف المصريين بين وطنيين وخونة.. مع أن هؤلاء لا يختلفون عن أولئك، إلا في الخطب ورفع الشعارات.
كوفية بلون علم مصر هي من أجل فلسطين التي يتوحد شعبها خلف علمه وكوفيته دون أن يتناحروا ويتشاجروا وتضيع قضيتهم بين فتح وحماس، بينما غالبية الشعب الفلسطيني تدفع ثمنا فادحا للفرقة والتشرذم.
كوفية بلون علم مصر يجب أن يكون الرمز السائد في كل المناسبات الوطنية، وأن يضعها شباب الجامعات علي صدورهم وهم يتظاهرون من أجل فلسطين وغزة، لأنها تجسد تضحيات وطنهم وشعبهم وتقطع ألسنة المزايدين الذين لم يقدموا شهيدا واحدا أو نقطة دماء واحدة.. ولم يفعلوا أكثر من الشعارات والكلام الأجوف الذي يقود العرب من هزيمة إلي هزيمة ومن نكسة إلي نكسة.
--
صنع في مصر وليس الصين
كوفية بألوان علم مصر، تكون مصنوعة في مصر وليس في الصين، فليس معقولا ولا مقبولا أن تستثمر الصين كل شيء فينا، المراوح والدفايات والسيارات والأعلام والكوفيات، وليس من قبيل التكنولوجيا المعقدة أن نصنع علما من القماش أو كوفية من الصوف والحرير فنترك صناعتها للصين، التي تتاجر فينا، ولا تترك لنا شيئا نصنعه أو نتفوق فيه.
العلم المصنوع في الصين يجعلنا نبكي علي صناعة الغزل والنسيج، التي كانت مصر ملكة العالم فيها، وكانت الأقطان المصرية علامة الجودة والإتقان علي مستوي العالم كله.. كانت ماركة مسجلة يفخر بها الجميع.. والآن تراجعت أمام الزحف الصيني الذي نباركه ونستسلم له.
العلم المصنوع في الصين ليس وحده الذي يحتاج لإعادة النظر.. أشياء أخري كثيرة، مثل الاستثمارات المصرية في الخارج التي تقدر بالمليارات، بينما تلهث الحكومة لجذب استثمارات أجنبية وتغدق عليها التسهيلات والمزايا والإعفاءات.. فأيهما أولي بالرعاية المصري أم الأجنبي-!
لن يستطيع أحد أن يجيب عن سؤال: ما هو حجم الاستثمارات المصرية في الخارج.. في الصين وإيطاليا واليونان وجنوب أفريقيا وأمريكا وغيرها-.. صحيح أن رأس المال ليس له وطن إلا الربح، ولكن ليس من مهام رجال الأعمال أن يجرفوا الأموال من الداخل ويستثمروها في الخارج.
كوفية بألوان علم مصر، هي التي تدفئ صدورنا وقت البرد.. وربما لو نظرنا لها تذكرنا بأغلي اسم في الوجود: مصر.-
البرادعي المنتظر !
- لا يصلح مرشحاً للرئاسة لأنه مزدوج الجنسية
- يستخدم فزاعة الشرعية لهدم الشرعية والتشكيك في الانتخابات
- يقول كلاماً فيه رائحة هيكل.. نفس الشكل والمضمون
- يبحث عن ضجيج يعوضه عن المسرح الدولي الذي فقده
من الذي أوهم الدكتور محمد البرادعي بأنه المرشح لمنصب مبعوث العناية الديمقراطية، وقبل أن يجيء جلس واضعا ساقا علي ساق، ويملي شروطه، وملخصها أنه يريد انتخابات رئاسية تسليم مفتاح.
أولاً: دستورياً.. هو لا يصلح مرشحا للرئاسة لكونه مزدوج الجنسية، وإذا كان محظورا علي المزدوجين أن يصبحوا نوابا بالبرلمان، فمن باب أولي أن يشمل الحظر المرشحين للرئاسة، باعتباره المنصب الأهم والأكثر خطورة.
ثانياً: فعلياً.. هو لا يصلح مرشحا للرئاسة لأنه يهبط بالباراشوت علي المنصب الأول في الدولة، رغم أنه لا يعرف شيئا عن مشاكل مصر وهمومها لمدة أكثر من 03 سنة قضاها في الخارج بصفة متصلة.
ثالثاً: إجرائياً.. يجب عليه أن يتبع الخطوات التي رسمها الدستور للترشيح، لا أن يطالب بنسف الدستور الحالي ووضع دستور جديد مستنسخ من مجتمعات وثقافات لا تصلح لمجتمعاتنا ولا ثقافتنا.
البرادعي يقول في تصريحاته أنه لن يرشح نفسه إلا إذا رأت الأغلبية العريضة من الشعب المصري أن ذلك سيصب في مصلحة الوطن، ولكنه لم يقل لنا كيف سيقيس الأغلبية العريضة، وهل يكون ذلك عن طريق الصحف الخاصة التي يقرأها ويتوهم أنها تعكس نبض الأغلبية، أم عن طريق الانتخابات التي يرفض أن يخوضها، إلا إذا تم تفصيل شروط علي مقاسه بالتمام والكمال، تحت يافطة يرفعها هي مصلحة الوطن؟!
يخطئ البرادعي إذا تصور أنه المهدي المنتظر الذي يحلم به المعذبون في بر مصر، ويخرجون في كل مناسبة يقطعون أجسادهم ويسيلون دماءهم.. ويهيلون التراب علي كل شيء.. فبيان الترشيح الذي أذاعه بمناسبة ترك منصبه الدولي ليس أكثر من مرثية بكائية لا تختلف كثيرا عن أحقاد قناة الجزيرة وغل عبدالباري عطوان وكراهية توجان الفيصل وشماتة همج الجزائر. البرادعي ليس المهدي المنتظر، حتي يصدر الأوامر والفرمانات وأولها إجراء الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين، وهو مطلب سبق أن لقي استياء الرأي العام، لأنه يمس الكرامة والكبرياء الوطني، وإذا سلمنا له مرة فلن تسلم الجرة، وستصبح البلاد مستباحة للتدخل الخارجي في كل صغيرة وكبيرة.
بيان البرادعي لم يختلف في الشكل والمضمون عن مقترحات هيكل المرتبكة حول لجنة الوصاية علي الحكم، فهو يطالب بلجنة للوصاية علي الانتخابات، رغم أن الدستور ينص علي لجنة للإشراف علي الانتخابات الرئاسية.. فهل يتم إلغاء هذه اللجنة الدستورية وتشكيل لجنة أخري-.. ومن الذي يختار أعضاءها، وهل سيكونون هم أنفسهم الذين اختارهم هيكل-!
البرادعي يستخدم سلاح الشرعية لهدم الشرعية، ويشترط فتح باب الترشيح علي مصراعيه للانتخابات الرئاسية دون اعتبارات حزبية أو شخصية، وإذا لم يحدث ذلك - في رأيه - فإن النهاية ستكون مثل أسطورة إغريقية، والمعروف أن الإغريقيين هم ملوك المآسي الإنسانية التي تنتهي بهدم المعبد فوق الجميع، والسؤال الذي أطرحه علي البرادعي: ألا يمس هيبة المنصب الرفيع أن يكون مشاعا دون ضوابط تحميه من العبث والاستهزاء-.. وهل يتشرف منصب الرئاسة إذا ترشح له السوابق والمرضي النفسيون والباحثون عن الشهرة.
البرادعي المنتظر يمسك في يده فزاعة الشرعية، ويلوح بها مهددا ببطلان أي انتخابات لا تجري وفق الشروط التي حددها والفرمانات التي أصدرها، والغريب - أيضا - أن الصحف التي تروج له تمسك فزاعة إسرائيل ترهب بها من ينتقده، بزعم أنه يتعرض لهجوم شديد من إسرائيل. البرادعي الذي لم يشارك بلده يوما في همومه وتحدياته ومشاكله يفعل مثل المحارب المتقاعد الذي يبحث عن معركة بعد انتهاء الحرب، يحمل سيفا خشبياً يملأ به وقت فراغه، ويبحث عن ساحة فيها ضجيج تعوضه عن المسرح الذي فقده.. ولأنه ليس لديه وقت ليخوض لعبة الديمقراطية والترشيح للانتخابات الرئاسية، وفقا للدستور والقوانين المنظمة لذلك.
البرادعي العائد ليس المهدي المنتظر، حتي لو حضر عفاريت الأساطير اليونانية القديمة.


كرم جبر


Email:[email protected]