الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المفكر السياسى دكتور رفعت لقوشة: ترامب سوف يبحث عن الدول المتماسكة داخل الشرق الأوسط ويمنحها مساحة تواجد قوى

المفكر السياسى دكتور رفعت لقوشة: ترامب سوف يبحث عن الدول المتماسكة داخل الشرق الأوسط ويمنحها مساحة تواجد قوى
المفكر السياسى دكتور رفعت لقوشة: ترامب سوف يبحث عن الدول المتماسكة داخل الشرق الأوسط ويمنحها مساحة تواجد قوى




حوار - نسرين عبد الرحيم  

أكد المفكر السياسى دكتور رفعت لقوشة أن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت أن تقوم بتفكيك الشرق الأوسط واعتبرت ذلك نجاحاً ولكن نتائج هذا النجاح بدأت تنقلب سلبا على الولايات المتحدة نفسها وحلفائها.
من خلال تعرضها لموجات إرهابية وأعداد متدفقة من المهاجرين غير الشرعيين وللاجئين من خلال حروب داخلية مثل اليمن وسوريا لم تعد تحت السيطرة وقد تعود إلى حروب إقليمية وهى الأخرى لم تكن تحت السيطرة وبالتالى قد تتجة إلى ما هو أسوأ وهى حروب قد تتواجد فيها قوى عظمى وبالتالى فإنه ضروريا من وجهة نظر هنرى كيسنجر وترامب وحملته أنه حان وقت للاستباق للحيلولة دون ذلك ومن هنا بدا الاستباق مرتبطا بدعم الدول الوطنية والحفاظ على تماسكها حول النتائج المترتبة على فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية وشكل وطبيعة علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط ومعايير القوى وأشياء أخرى كثيرة كان الحوار:              

 ■ كنت أول من تحدث عن ضعف النخبة فى مصر فهل ماحدث بأمريكا بعد انتخاب ترامب يؤكد ضعف النخبة هناك؟
ــــ نعم لكن ضعف النخبة فى مصر لايقارن بأى ضعف للنخبة فى أى مكان فى العالم لأن ضعف النخبة فى مصر هو الأسوأ.
■ ولكن ما يتعلق بالنخبة الأمريكية أين نقطة ضعف النخبة الأمريكية التى جاءت بترامب؟
ـــ نقطة ضعف النخبة الأمريكية أن نجاحاتها استدارت بمعنى لم تكتمل فى بعض الاحيان النجاح قد يقود إلى نجاح وقد يقود إلى فشل فى الحالة الأمريكية الاخفاقات التى جاءت بعد النجاح لم يتم رصدها جيداً.
■ هل هناك أمثلة على ذلك؟
ــ كان من طبيعة النخبة الأمريكية وأيضاً النخبة الأوروبية الحركة فيما بينها من خلال بوش الابن وهو من الحزب الجمهورى جاء ومعه عناصر من الأقليات تولت مناصب فى الادارة الأمريكية مثل كولن باول وكندليس ريس كان هناك انفتاح فى الحزب الجمهورى على الأقليات كان ممر الاتصال الذى يسمح فيما بعد للحزب الديمقراطى أن يأتى بأوباما رئيسا كان نائبه أبيض هذا النائب الذى ينتمى إلى الامريكان البيض كان على علاقة قوية بنقابات العمال وتحديدا بنقابات عمال صناعة السيارات فتح ممرات اتصال إلى النقابات العمالية للبيض.
فى حملت ترامب وجه حديثه إلى هولاء العمال البيض وهم من أعطوه أصواتهم لصالحة وبالتالى كان هناك ممرات اتصال من النخبة فى حملت الانتخابات مابين كلينتون وترامب برزت أزمات النخبة الأمريكية عندما هدد ترامب بمقاضاة كيلنتون جنائياً لأن ممرات الاتصال لا تسمح بهذا التهديدات، هنا تدخل أوباما ليذكر ترامب بقواعد ممرات الاتصال وأنه ليس بين قواعد ممرات الاتصال التهديد بالمقاضاة الجنائية، الازمة داخل النخبة الأمريكية عندما بدأت تفقد ممرات الاتصال فيما بينها فاأهمية ممرات الاتصال داخل النخبة الأمريكية أنها كانت تسمح بتبادل الخبرات عندما بدأت أزمات النخبة الأمريكية لم يعد بمقدور النخبة الأمريكية أن تتبادل الخبرات لكنها بادلت الاتهامات.
■ هل من بين هذه الاتهامات المتبادلة ما وجه البعض ضد ترامب بأنه جاهل وسطحى وفاز بأصوات الغوغاء؟
ــ ليس صحيحا كله، ففى حملة ترامب لم يتم الانتباه على سبيل المثال إلى علاقة حملت هنرى كيسنجر بحملت ترامب أفكار هنرى كيسنجر مؤثرة على الحملة فهنرى كيسنجر هو الذى كتب منذ سنوات محذرا من تفكك الدول الوطنية والأسر السلبى لهذا التفكك على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى التوازنات الدولية.
وعلى سبيل المثال فان الحملة الانتخابية لترامب والحشد التصويتى وخلافه كان يعتمد على تنظيم غير معلن والحراك أثناء التصويت كان حراكاً تنظيمياً وأغلب الظن عندى أنه كان حراكاً تنظيمياً محترفاً لأنه استطاع أن يقلل مراكز استطلاع الرأى.
وعلى سبيل المثال أيضا فان محاولات العودة أمام رجل جاهل وسطحى وبالتالى ربما بعض جوانب حديثه توحى ببعض الجهل والسطحية ولكنها لا تعمم بشكل مطلق الحكم على شخصه.
■ ولكن هل أفكار ترامب المتشددة تجاه الإسلام والمسلمين ستؤثر بشكل كبير على الشرق الأوسط؟
ــ سوف تؤثر على الشرق الأوسط لأنه سوف يبحث عن الدول الوطنية المتماسكة داخل إقليم الشرق الأوسط وسوف يمنحها مساحة دور ويمنحها امتيازات استحقاقية.
■ مثل من من الدول؟
 ـــ دولة إيران واسرائيل ودولة تركيا.
■ ولكنه يهدد إيران؟
ــ نعم أثناء حملته الانتخابية هدد إيران ولكنه لم يهددها ليلغها من خريطة الشرق الأوسط ولكن لكى يصل معها إلى صفقة أفضل من الصفقة التى توصل معها أوباما فنحن أمام صفقات لا أكثر ولا أقل وبمنطق الثقافات فإن ترامب سوف يتعامل مع إيران.
■ وكيف ستكون علاقته طيبة  مع تركيا رغم عدائه الشديد للإسلاميين؟
ـــ لأنه سوف يتعامل معها بقوة إقليمية كدولة وطنية متماسكة بغض النظر عن الخلافات المتداولة بينه وبين أردوغان والأمر يتعلق بحسابات استراتيجية.
■ هل إسرائيل سترى عصر النهضة فى عهد ترامب؟
ـــ سوف تتعمق العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة فى عهد ترامب ولكننى أشك فى أنه سوف يقوم بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس كما صرح فى السابق
■ لماذا؟
ـــ لحسابات استراتيجية فهو كرئيس لة قواعد لعبة لا يتجاوزها فى المقابل فان العلاقة التى سوف تتعمق بينه وبين الولايات المتحدة وإسرائيل سوف تذهب إلى محورين رئيسيين الشراكة العلمية وصناعة الأسلحة.
■ وماذا عن السعودية وعلاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية فى عهد ترامب؟
ـــ سوف تتعرض لقدر من التوتر وبعض أسبابه سيعود إلى سياسات اقتصادية لترامب لقد ذكرت من قبل حديث عن ممرات الاتصال مابين الحزب الجمهورى والحزب الديمقراطى دعينا نعود لممرات الاتصال لانها قد تمنحنا فهى أفضل للاسباب الاقتصادية التى قد تقود إلى توتر العلاقات الأمريكية السعودية فى نهاية ولايات الرئيس كلينتون وهو رئيس ديمقراطى كان هناك فائض فى الموازنة الأمريكية عندما جاء الرئيس بوش وهو رئيس جمهورى قام بتوزيع الفائض على رجال الأعمال الأمريكيين وقام أيضا بخفض معدلات التعريفة الضريبية ولكن المفارقة التى تواجة ترامب أن أوباما يخلف وراءه موازنة أمريكية لا تعرف الفائض الذى خلفه كيلنتون وبالتالى يبقى عند ترامب سؤال ماهو الفائض الذى سوف يوزعه على رجال الاعمال الامريكين ويبرر له خفض معدلات التعريفة الضريبية وبالتالى يجد نفسة على الطريق إلى البحث عن هذا الفائض لدى دول أخرى ومن بينها السعودية ويطالبها بالتالى بتحمل تكلفة تتعلق باستقرار الشرق الأوسط وخلافه تتحملها الآن الموازنة الأمريكية وبالتالى سوف يلح على المملكة العربية السعودية لدفع الفاتورة على الرغم من ان المملكة العربية السعودية قد دفعت الفاتورة من قبل.
■ دول أخرى مثل من؟
ـــ دول الاتحاد الأوروبى واليابان وربما كوريا الجنوبية.
■ ذكرت فيما سبق أن هنرى كيسنجر من مرجعيات ترامب؟ هل الاسباب الاقتصادية التى ذكرتها ترتبط بهنرى كيسنجر ايضاً؟
ـــ نعم فلقد كان هنرى كيسنجر من أشد المعارضين لقيام الاستثمارات الأمريكية فى دول العالم بتمويل توسعاته من بنوك الداخل الأمريكى ولذلك كان هو أحد مهندسى الدعوة إلى خصخصة البنوك فى دول العالم بحيث تقوم الاستثمارات الأمريكية فى هذه الدول بتمويل توسعاتها من البنوك المحلية.
■ وأين موقع مصر فى هذه المعادلة؟
ــــ موقعها سوف تحدده بنفسها فاذا استطاعت أن تتجاوز الزمن العالق سوف تكون أحد أضلع الارتكاز للمربع الإقليمى ويكون مصر إيران اسرائيل تركيا.
 بمعنى إذا مصر سوف تصير دولة وطنية متماسكة وقادرة على أن تكون قوة إقليمية كبرى إذا هى أصبحت الضلع الرابع أو الثالث وفى هذه الحالة سوف تحصل مصر فى عصر ترامب على مساحة دور أكبر وامتيازات استحقاقية أكثر.
■ ولكن كيف تستطيع مصر تجاوز الأزمات والاستفادة من بعض توجهات ترامب ؟
ـــ الأمر مشروط بوجود نخبة قوية فى مواقع التأثير والفعل، بمثال كرة القدم فان ترامب قد يخلق لمصر فرصة للتهديف ولكنه لن يسجل الهدف بدلاً منها تسجيل الهدف هو مسئوليتنا.
■ بخصوص الشأن الأمريكى ماهو تحليلك وتصورك للمظاهرات التى خرجت ضد ترامب ؟ وتهديدات ترامب بأنه سيكرش الأقليات؟
ـــ فيما يتعلق بالمظاهرات ضد ترامب فهى مظاهرات منظمة وليست عفوية لأنها مظاهرات هدفها الحيلولة بينه وبين التفكير فى توجيه الاتهام الجنائى إلى كيلنتون ولذلك فان السيدة كلينتون لم تبد أى تصريح تطلب من المتظاهرين المغادرة ولم يبد الرئيس أوباما أى تصريح بهذا المعنى الاساس رسالة قاطعة بانك لن توجه اى اتهام جنائى لكلينتون.
■ وبالنسبة للأقليات فى الولايات المتحدة الأمريكية فالدستور يحمى حقوقهم ولكن هناك بعض المهاجرين والمقيمين غير الشرعيين فى الولايات المتحدة وربما هؤلاء الذين سوف يستهدفهم ترامب لان الدستور لن يحميهم.
ـــ المقيمون غير الشرعيين هم من سيستهدفهم ترامب.
■ هل سيقبل ترامب فكرة تصعيد تيار طائفى غير الاخوان أم لا؟
ـــ سؤالك وأسئلة أخرى كثيرة مماثلة ينبغى أن يكون مرجعيتها هنرى كيسنجر لابد الرجوع إلى هنرى كيسنجر.
 القصة أن هنرى كيسنجر وضع هذه الفكرة تبدو منطقية ومؤثرة فى حملت ترامب وطريقته فى التفكير فى مناطق متعددة فى العالم ووضع تصور لماهو خطر يهدد أمريكا ثم انتهى إلى أهمية الدولة الوطنية هذه الفكرة يتبناها ترامب وبالتالى يبدو على هذا النحو لن يدعم ترامب تيار إسلامى ثبت بالتجربة أنه بدا عاجراً عن التئام الدولة الوطنية وبالتالى قد يدعم أى تيارات اخرى ولكن شريطة أن تكون قادرة على التام الدولة الوطنية أو لا تعترض طريق الالتام.
■ وهل أمريكا تريد دولاً متماسكة أنها تعمل طول الوقت على تفكك الدول فى الشرق الأوسط؟
ـــ كما ذكرت لك سابقا أن النجاحات قد تقود إلى نتائج سلبية الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت أن تقوم بتفكيك الشرق الأوسط واعتبرت ذلك نجاحًا ولكن نتائج هذا النجاح بدأت تنقلب سلبا على الولايات المتحدة نفسها وحلفائها.
كيف؟
ـــ من خلال تعرضها لموجات إرهابية وأعداد متدفقة من المهاجرين غير الشرعيين وللاجئين من خلال حروب داخلية مثل اليمن وسوريا لم تعد تحت السيطرة وقد تعود إلى حروب إقليمية وهى الأخرى لن تكن تحت السيطرة وبالتالى قد تتجه إلى ماهو أسوأ وهى حروب قد تتواجد فيها قوى عظمى وبالتالى فإنه ضروريا من وجهة نظر هنرى كيسنجر وترامب وحملته أنه حان وقت للاستباق للحيلولة دون ذلك ومن هنا بدا الاستباق مرتبطا بدعم الدول الوطنية والحفاظ على تماسكها.
■ هل وجود ترامب سيشجع على وجود وخلق تيارات يمينية متطرفة بأوروبا؟
ـــ عبر التاريخ السياسى كانت هناك تفاعلات وتأثيرات متبادلة بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة على سبيل المثال ظهور مارجريت تاتشر ببريطانيا كان لة تاثيرة على انتخاب ريجان «الرئيس الأمريكى الأسبق» لأن سياساتهما كانت واحدة هذا التفاعل لم يسقط عبر الزمن مازال حاضراً بتأثيره وبالتالى لا يمكن أن نتجاهل ان فوز ترامب سوف يعزز من وجود  حضور للتيارات اليمينية المتطرفة فى أوروبا، هل ستفوز هذه التيارات بالانتخابات الأوروبية المقبلة نعم أم لا سؤال معلق ولكن بعض الشواهد تؤكد أن المعسكر اليمينى المعتدل فى أوروبا بدأ بفتح جسور معلنة مع اليمين المتطرف ويبقى أن ننتظر الانتخابات الفرنسية لانها سوف تعطينا مؤشراً قويا أو لمدى تأثير فوز ترامب فى الولايات المتحدة الأمريكية.
■ كانت لك نبوءة أطلقتها فى بداية الاحداث السورية بأن هذه الاحداث سوف تقود إلى حرب إقليمية وهذا ماحدث، بفوز ترامب هل نتوقع فى المنطقة حروباً إقليمية أخرى أو انحصار هذه الحروب؟
ـــ أرجح انحصار هذه الحروب.
■ لماذا؟
ــ ترامب كما قلت مراراً  لك من قبل يرغب فى العودة إلى المثلث الفاعل فى أعقاب الحرب العالمية الثانية وهو مثلث الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا ووفقاً لتصوره، كما أرى وقفا لهذا المثلث فإن آليات الحركة سوف تقود إلى ضبط آليات الصراعات الإقليمية ولأن ترامب سوف يمنح مساحة حركة أكبر للقوى الإقليمية الكبرى فإنه بالضرورة سوف يأخذها إلى معادلة الضبط هذا لا يعنى أن الحروب الإقليمية سوف تنطفئ الآن لكنها قد تكون أكثر خضوعاً لآليات ضابطة ولتسويات سياسية.