السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القانون فى مصر لا يعاقب الآباء!

القانون فى مصر لا يعاقب الآباء!
القانون فى مصر لا يعاقب الآباء!




د. دينا أنور تكتب:

كثيرا ما نتشدق بفضل الآباء والأمهات على أبنائهم، كثيرا ما نردد الشعارات ونرفع اللافتات عن تضحياتهم ومحبتهم غير المشروطة، ولكن ثمة حقيقة مؤكدة موجودة على أرض الواقع، حقيقة وجود آباء وأمهات ينجبون أبناءهم ثم يتخلون عنهم ويتنصلون من المسئولية وواجب الرعاية والإنفاق تجاههم، وهو ما تعتبره الدول المتحضرة سلوكا معاديا لقيم الأبوة والأمومة والطفولة، وله عقوبات منصوص عليها قانونا وتطبق بصرامة شديدة، أما الوضع فى مصر دائما مختلف، فيبدو أن قانون الأحوال الشخصية المصري، والذى تم وضعه تحت إشراف ذكوري، ديني، متسلط، ولا إنساني، لا يرى غضاضة فى امتناع آباء عن الإنفاق على أبنائهم لسنوات، بل يتساهل معهم فى تنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم، ويوفر لهم خدمة تقسيط المبالغ التى امتنعوا عن إنفاقها على صغارهم، ولتذهب الأم المطلقة بصغارها إلى الجحيم، وعليها أن توفر نفقات طعامهم وكسوتهم وتعليمهم ومسكنهم فى مجتمع يضع المرأة دوما فى مقصلة الاختيار بين الحياة بتنازلات أو الموت بشرف، إلى أن يحكم لها القانون العقيم بمبالغ دفعتها من دمها ودموعها وقت استحقاقها، ثم لهثت خلف تحصيلها فى المحاكم بسبب أب ظالم منزوع القلب محمى من القانون العنصري.
بطلتى هذا الأسبوع ضحية التربية المنغلقة، فتاة سقطت ضحية الاختيار الخاطئ لأول شاب أبدى لها إعجابه، لأنها كانت لا تعلم شيئا عن الجنس الآخر سوى أنه موجود!
تزوجت فى سن مبكرا، ولم يمهلها قدرها العاثر سوى أربعين يوما مع ذاك الزوج، الذى لم تمنعه دناءته من خيانتها رغم حداثة زواجهما، الأمر الذى صدمها فى عمرها الصغير، وأعادها لمنزل والدها حاملة لقب مطلقة بعد ثلاثة أشهر من عقد قرانها..!
وجدت المسكينة نفسها تحمل فى أحشائها طفلا من تلك الزيجة التعيسة، ورغم عمرها الصغير جدا حينها لم تقدم على إجهاض طفلها لتبدأ حياة جديدة دون معوقات، بينما ذهب الزوج الظالم وتزوج التى كان على علاقة بها وقت زواجه من بطلتي، وسرعان ما أنجب منها واستقرت حياته وذهب بها إلى مقر عمله بالخارج، تاركا بطلتى وطفلها فى ويلات المجتمع الظالم الذى لا ينصر مظلوما، خاصة لو كان المظلوم أنثى..!
بطلتى تعيش قرابة الـ12 عاما وهى تلهث على حقها وحق ولدها فى المحاكم دون جدوى، لم تتزوج وترهبنت لكى لا تفقد حضانة طفلها خاصة بعد وفاة والديها فى حادثة، كبر صغيرها وأصبح مراهقا ويطلب من أمه أن تتوقف عن التضحية من أجله وأن تتزوج إنسانا كريما يعوضها عما قاسته، تتعذب بين مماطلة القوانين وانعدام الضمائر بين موظفى المحاكم وألاعيب المحامين، تتعرض كل يوم للاستغلال والطمع ممن يريدون استغلال ظروفها ووحدتها، تعانى من نظرات المجتمع لها كمطلقة، وفوق كل هذا تبحث عن محام لديه ضمير وشيء من الإنسانية ينفذ لها الأحكام التى حصلت عليها ولا تستطيع تنفيذها بسبب إهمال محاميها واستغلاله لها ماديا!
هذا هو حال المطلقات يا رجال الدولة ويا مشرعى القوانين، ظلمكم للمرأة بيّن، وإثقال كاهلها بالأعباء والمسئوليات قهر لا يطاق، أين المؤسسات المعنية بحقوق المرأة من تلك الألاعيب الحقيرة التى تذل المرأة وتهين إنسانيتها؟ أين أنتم يا رجال القانون من تنفيذ أحكام الأمهات الحاضنات؟ أين الدولة من تشريد المطلقات وأطفالهن وعدم حصولهن على حقوقهم؟
أليس الأحرى بكم بدلا من أن تشرعوا مزيدا من القوانين لتعذيب النساء وإذلالهن، أن تشرعوا قانونا يعاقب كل أب أهمل فى رعاية أبنائه والإنفاق عليهم بعد الانفصال عن أمهم؟ أليست هذه جريمة تستحق العقاب؟ أم أنكم دائما تدعمون الجانى وتجلدون الضحية فقط لأنها امرأة!