الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نـُشطاء يتبعهم الغاوون؟!

نـُشطاء يتبعهم الغاوون؟!
نـُشطاء يتبعهم الغاوون؟!




وليد طوغان يكتب:

الأزمة فى قانون الجمعيات الأهلية الجديد ليس فى الدولة، لكن فى الجمعيات الأهلية نفسها. بعض الجمعيات تريدها «سداح مداح» بحجة الحريات، من قال إن المجتمع المدنى لا يجب أن يُسأل عما يفعل؟
بدعوى الديمقراطية رفض حقوقيون سلطان الدولة على تأسيس الجمعيات. بدعوى الديمقراطية رفضوا سلطان القضاء على تمويل ومصادر إنفاق، ونطاق عمل المنظمات الأهلية. قالوا إنها الديمقراطية. وأن تلك هى الحرية.
منذ متى والحريات مرادف للسداح مداح؟ فى أى دولة ديمقراطية فى العالم، يحق للجمعيات تلقى تمويلا من الخارج دون إخطار الدولة، ودون رقابتها على أوجه إنفاقها؟
لا يلدع مؤمن من جحر مرتين. قبل يناير 2011، بلعنا طعم الجمعيات وأنشطة الجمعيات. بعضها راقب الانتخابات دون ترخيص. بعضها تلقى أموالا من الخارج، وجمع معلومات وبيانات حساسة من الشارع دون موافقة الدولة.
سبق قبل 2011 وطالبوا بتوسيع نطاق حريات المجتمع المدنى. الحجة كانت نصرة الشارع، وإنقاذ المواطن البسيط. ساهمت النخبة فى تزويق عمل تلك المنظمات. اسقتطنا النخبة بالكلام المعسول، والأفكار المثالية، ثم اكتشفنا بعد يناير أن كثيرا من منظمات المجتمع المدنى عملت ضد الدولة، وضد أمن الدولة.
الذى حدث، أنه لا استفاد المواطن البسيط من تمويل أجنبى، ولا استفاد الشارع من خطط هدم الدولة والتحريض على مؤسساتها بفلوس الأمريكان. كثير من منظمات المجتمع المدنى استعانت على قضاء حوائجها بالأمريكان. لا كان الغرض مواطنا، ولا كانت النتيجة ديمقراطية.
فى القانون الجديد لا يمكن إعادة الكرة. لا يمكن التسليم بأن الرقابة على تدفق الأموال من دول أوروبا ديكتاتورية. لا يمكن اعتبار حق الدولة فى الرقابة على أعمال المجتمع المدنى ضد حقوق الإنسان أو مخالفا للدستور.
فى الجدل على قانون الجمعيات الجديد، اعتبر حقوقيون أن كثيرا من مواد القانون الجديد خاصمت التزامات مصر الدولية بضمان الحقوق المدنية والسياسية. قالوا إن المنظمات الأهلية فى الدول الديمقراطية، لا سلطان عليها ولا تضييق، لكن مهما قالوا، فكل كلامهم غير صحيح.. ولا دقيق، ولا منطقى.
الولايات المتحدة، مثلا، أكثر الدول تضييقا على التدفقات المالية للمنظمات الأهلية من الخارج. الأمر كذلك فى فرنسا، وفى المملكة المتحدة. أى كلام غير هذا مخالف الواقع. أى معلومات غير تلك كاذبة مليون فى المائة.
المجتمع المدنى فى الخارج ليس «سداح مداح». سيادة أعتى الديمقراطيات على أراضيها، لا يخالف الحريات ولا دياولو. دعك مما كان يتم ترويجه، على ألسنة نخبة من عينة علاء الأسوانى أو إسراء عبد الفتاح. ثم إنه ليس كل كلام الحقوقيين مرجوا منه وجه الله. ليست كل نياتهم خالصة.
من حق الدولة وضع ما تراه من ضوابط فى قوانين الجمعيات الجديد. من حق الدولة السيطرة والسيطرة ومزيد من السيطرة. مفترض اعتبار السنوات الماضية مرحلة وعدت. لو قال أحد إن تدفق الأموال من الخارج على حسابات خاصة يجب أن يمنح مزيدا من الضمانات والتيسيرات، فالمعنى أن مفهوم الحريات معتل.. ومفهوم الدولة فى أدمغة هؤلاء ضبابى.
إذا كانت الرقابة على تدفقات الأموال الخارجية لمنظمات المجتمع المدنى واجبا، ومنطقيا وطبيعيا، فإن أنشطة فلك المنظمات فى الداخل يجب أن توضع أيضا تحت سيادة القانون ورقابة الحكومة. مثلا، ليس من حق المنظمات الإشراف على الانتخابات إلا بتصريح. ليس من حق المجتمع المدنى تنظيم ندوات، وشحن شباب مصريين للخارج لتلقى تدريبات، أو حضور دورات إلا تحت سمع ونظر أجهزة الدولة أيضا.
قبل 2011، قالوا إنهم أرسلوا شبابا مصريين لتعلم الديمقراطية، وأساليب تمكين المواطن المصرى فى الحصول على حقوقه. بعد 2011 اكتشفنا أنهم أرسلوا شبابا إلى الخارج للتدرب على مقاومة قوات مكافحة الشغب، وتعطيل أفواج الشرطة، ونصب الفخاخ لسياراتها فى الشوارع.
مفترض أن حقوق الدول ثابتة لحماية أمنها القومى. لم يعد خافيا فى السنوات العشرين الأخيرة، أن كثيرا من منظمات المجتمع المدنى كانت طابور خامس فى بلدانها. الإعداد لقانون جديد يعنى تلافى آثار وأخطاء وآثام الماضى. وضع الدول ما تراه مناسبا لتنظيم آليات عمل وتمويل المنظمات حق وسيادة، مهما قال الحقوقيون، ومهما شجب النشطاء.
الحريات غير الفوضى.. والنشطاء يتبعهم الغاوون.