الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى ذكراك يا سيدى: أدرك أمتك؟!

فى ذكراك يا سيدى: أدرك أمتك؟!
فى ذكراك يا سيدى: أدرك أمتك؟!




د. ناجح إبراهيم يكتب:
تهل ذكرى مولد النبى «صلى الله عليه وسلم» من جديد على قلوبنا التى صدأت لقلة تضلعها من هدى النبوة.. فإذا بالحب لصاحب الرسالة العظيم يغمرها مجددا.ً
فقد كانت رسالة الإسلام عظيمة وكنت يا سيدى على قدرها.. ولم يبق إلا الضلع الثالث فى المثلث وهى الأمة التى تحملت تكاليفها.. فإذا بها الآن فى أسوأ حالاتها وأشرها وأضعفها وأكثرها تمزقاً.. فالسنى يتقاتل مع الشيعى.. والتركى يتقاتل مع العراقى أو السورى.. واليمنى يقاتل اليمنى.. والسوريون لا يريدون تحرير القدس بل يخوضون المعارك  لتحرير دمشق من سوريين آخرين.. أو تحرير صنعاء أو عدن من أيدى يمنيين آخرين.. فلا هؤلاء أو أولئك أعاروا القدس التفاتاً  ولا اهتماماً.. بل إن البعض أراد أن ينهى القضية الفلسطينية برمتها بزعم أن المسجد الأقصى هو فى الطائف وكأن آلاف الأجيال من الصحابة والتابعين وتابعيهم بداية من عمر بن الخطاب الذى فتح القدس ومروراً بصلاح الدين وكل الأجيال كانوا جهلاء وأغبياء وحمقى لا يدركون أين هو المسجد الأقصى.
يا سيدى يا رسول الله ذكراك تجدد الإيمان فى قلوبنا وتنفث روح العزيمة فى نفوسنا الخائرة.. فتستمد عزمة من عزماتك.. وتستدر همة من هممك العظيمة.. وترتشف مجدداً من رحيق دعوتك وكلماتك شهداً طيباً.. فمع ذكرى مولدك نعيش معك رسولاً أميناً وقائداً رحيماً وداعية يبشر ولا ينفر وييسر ولا يعسر، وأباً عطوفاً وزوجاً رقيقاً ودوداً وجداً لأمثال الحسن والحسين يركبانه كالجمل وهما يتضاحكان.
رغم تقصيرنا وغفلتنا إلا أننا نجدد عهد الإيمان وعقد الإسلام معك مرات بعد مرات.. لقد ضعف الجسد ووهن العظم وقلت الحيلة وطال السفر وكثر الشوق، ولكن قلوبنا ما زالت تنبض بحبك.. وأيدينا تتوق أن تنام فى حضن يديك الشريفتين لتبايعك من جديد «إننا على عهدك ووعدك ودينك ما استطعنا».
يا سيدى الكريم نعاهدك فى مثل هذه الأيام الصعبة الشاقة ألا نظلم أحداً مهما تظالم الناس وبغى بعضهم على بعض وفجروا فى الخصومة والشقاق.
ونعاهدك يا سيدى أن نصون الدماء المعصومة.. فالأصل فى كل الدماء العصمة وقد علمتنا يا سيدى فلسفة الإحياء .. وحذرتنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.. وأعلاها سفك الدماء.
ستحزن يا سيدى كثيراً إذا علمت أن الدنيا غير الدنيا التى تركتها.. والمسلمين غير المسلمين .
ستحزن يا سيدى إذا علمت أن الدماء الآن تراق بأوهى الأسباب أو دونها.. وأنها أرخص من الماء وخاصة  دماء أمتك.. فبعضها يراق فى مباراة كرة.. أو فى تفجيرات عشوائية أو اغتيالات مجنونة قام بها حمقى غاب عنهم القلب الرحيم والعقل الذكى.. أو تراق ثالثة من حكام ظلمة يقصفون شعوبهم بالبراميل المتفجرة أو بالأسلحة الكيماوية.. وتراق بالقتل بالجنسية أو الاسم أو المذهب أو العرق والوظيفة..  أو فى صراعات سياسية لا قيمة لها أو على مناصب سلطوية لا قيمة لها.
فمنذ متى يا سيدى كان الإسلام فى حاجة لسلطة تسنده أو تعطيه الشرعية أو تنشره.. لقد كان أمثال أبوحنيفة ومالك وابن حنبل من رعيتك يرفضون المناصب ولو علموا أنها تخدم الإسلام وترفعه ما أدبروا عنها ولكنهم أدركوا أن الدعوة أقوى من السلطة وأبقى.. وأن الحق أعظم من القوة وأسمى.. وأن العالم أقوى من الحاكم.. وأن الإسلام يستمد شرعيته وقوته من رب العالمين لا من مناصب الدنيا مهما علت.
يا سيدى يا رسول الله لقد نسيت أمتك اليوم حرمة الدماء».. نسيت وقفتك العظيمة وأنت تشير للكعبة المشرفة: «ما أعظمك وما أعظم حرمتك.. فو الله إن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمتك».
أمتك يا سيدى نسيت أنك لم تورث ديناراً ولا درهما ولكنك ورثت علماً ينشر، ودعوة تبلغ، وهداية تبعث فى الآفاق ناشرة للضياء.
واليوم نحن لا نبحث عن الدعوة والعلم والهداية لنورثها ولكننا نريد توريث الحكم وهو الذى جر على بلادنا الويلات.. فقذافى ليبيا وصالح اليمن وصدام وحافظ الأسد لم يكتفوا بالحكم والظلم أعواماً طويلة فأرادوا توريث أبنائهم كذلك.. وكلهم لا يستحقون الحكم أصلاً.
يا سيدى يعرض الناس اليوم عن ميراثك غافلين أنه أسلم على يديك فى عمرك القصير قرابة خمسة ملايين.. أما من ربيت من الصفوة والقيادات من الصحابة فيجاوز عددهم ثمانية آلاف بينهن ألف امرأة.
يا سيدى يا رسول الله أمتك اليوم أعرضت عن هداية الخلق إلى الحق واهتمت بالتوافه فضيعت دينها ولم تتقدم حضارياً فأضاعت دنياها.. أمتك يا سيدى لا هم لها إلا التفحش الذى نهيت عنه والصراع الذى حذرت منه والشقاق الذى وصفته بأشنع الأوصاف.. والتكاسل وتقليد الآخرين فى التوافه وليس فى العظائم.
اللهم أنقذ هذه الأمة قبل أن يفتك أو يعذب أو يسجن أو يفجر بعضها بعضاً.