الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

هوامش من مسيرة الكاتبة شيمة الشمرى

هوامش من مسيرة الكاتبة شيمة الشمرى
هوامش من مسيرة الكاتبة شيمة الشمرى




كتب - خالد بيومى

 

شيمة الشمرى قاصة وناقدة وأكاديمية سعودية، عضو هيئة التدريس بجامعة حائل، وعضو فعال فى الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، شاركت فى العديد من المؤتمرات والملتقيات الثقافية والأدبية داخل المملكة وخارجها مثل سوريا والمغرب والكويت.
من أعمالها القصصية: ربما غدا، أقواس ونوافذ، عرافة المساء، خلف السياج. من أعمالها النقدية: «شاعر الجبل» وهى تتعمق داخل أعماق شخصياتها، وتكشف عن هواجسها الدفينة ومحنة الوجود ومهمومة بالواقع العربى المأساوى.
وهى تبنى قصصها بهندسة فنية رائعة وإتقان شعرى محكم.
وعن رحلتها مع الكتابة تقول: حينما بدأت أشعر أن قناة الكتابة متنفس لكثير من الآمال والآلام، وأنها تجعلنى فى حوار دائم مع الأشياء من حولى، كان القلم مساحتى التى أستطيع فيها أن أمارس التفكير بشكل حر، كان جزءا من تحقق الهوية المبكرة، فأن تكتب يعنى أنك قادر على أن تفصح وتتحدث لذاتك بالطبع، لم أكن أتطلع إلى نشر أو أن يقرأنى أحدا، كلما كنت أفكر فيه أننى سأسعد حينما أكتب، كنت أكتب ولا أهتم بالتصنيف كل ما أعرفه أنى أكتب وأشعر براحة واستمتاع، واصلت القراءة والكتابة حتى وصلت الجامعة فعرضت بشجاعة كانت مناسبة بعض كتاباتى على أستاذاتى ومنهن من شجعتنى، وبدأت مرحلة النشر التى جاءت متأخرة عن الكتابة.
وعن الروافد التى أسهمت فى ثراء موهبتها الإبداعية تقول:
فى بداياتى كنت أقرأ كل شىء، مكتبة والدى المتواضعة قرأت فيها كتبا دينية، أحالتنى إلى فهم اللغة التراثية التى كان يكتب بها علماء الدين، اتجهت للقراءات المدرسية عبر المكتبة ! خشعت أمام مكتبة المدرسة أقرأ وأستعير، حازت القصة على نصيبها من الحب، تطور الأمر لقراءة روايات مترجمة مع التقدم فى العمر، قرأت بحكم تخصصى الجامعى للشعراء والنقاد الذين أوصلتنا لها المناهج الجامعية، تابعت ملاحقنا السعودية ورأيت كتابات الأدباء وتحاليل النقاد، كنت أقرأ لأعرف ما يدور فى ساحتى الأدبية السعودية، معارك هنا، وأصوات إبداعية هناك، وجدل أدبى نقدى يقدم لى شيئا مفيدا، اتجهت بعد ذلك للقراءة فى مجالات مختلفة دينية وفلسفية واجتماعية وأدبية خاصة فى الشعر والقصة والرواية والنقد، واثقة أن تلك القراءات ضرورة لا مجرد ترف لكى يقف الكاتب على أرض صلبة ومنها ينطلق، ولا أزعم إلى الآن إلا أننى قارئة بعمق، وصدق من قال كلما قرأنا كلما علمنا مقدار حاجتنا إلى العلم.  
«شيمة» ناقدة وكاتبة قصة قصيرة وأكاديمية، لكنها نجحت فى التوفيق بين هذه الاهتمامات والانشغالات وتعتبرها مجالا واحدا لا فروق شاسعة بينها وتقول: أحاول التوفيق بينها، أراها تكمل بعضها بحيث يثرى كل اهتمام الآخر ويفيد منه. اتجه للفن القصصى بروحى ولن أستطيع أن أدارى بداخلى القارئ النقدى الذى يطل على كلما كتبت! وكم هو جميل أو مزعج أن تحمل فى ذاتك القاص والناقد فى الوقت ذاته! ولذا فهذه العوالم تعيش معى وأعيش معها من خلال اتفاق ضمنى بألا يزيح أحد من الاهتمامات الآخر، وهو اتفاق تعايش وائتلاف يبدو أن الأطراف المتصارعة داخلى لا زالت تحترمه حتى الآن.
وإذا كان هناك من يتساءل عن  هذا التعدد هل يعد ثراء أم تشظى للموهبة فتجيب: الأرواح التى تتنازعها اهتمامات متعددة هى أرواح متمردة على النوع والثبات والاستقرار، وعالم الأدب مهما تباعدت أجناسه فالكلمة الجميلة هى محصلته النهائية، بل إننا نتذكر ما هو أكثر من ذلك فقديما فى تاريخنا الأدبى كنا نجد العالم المؤرخ الطبيب والشاعر وينجح فى ذلك ومازالت أصواتهم تصلنا جيلا بعد جيل، لذا لا تضارب مع أن التخصص مطلب عصرى ويجعلك أكثر تركيزا وعطاء ولا ننكر أن هناك من ينجح فى كتابة تعددية ولنا فى غازى القصيبى رحمه الله خير مثال.
وعن رؤيتها للصراع المحتدم بداخلها بين الناقدة والمبدعة وكيفية التعايش بينهما وهل من سلطة للناقدة على المبدعة فتقول: أعيش فى اتفاق مبدئى تحترمه الأطراف المتنازعة، فلا إقصاء لطرف على حساب آخر على المستوى الشخصى، لكننى فى المجال الأكاديمى والحضور العلمى الخاص بالنقد أضطر إلى خلع عباءة النص والاتجاه إلى النقد، ويبقى مع كل ذلك فى النقد بقايا الأدب وهذا ما لايمكن أن يجزم به سوى باحث أو متابع محايد.
وهى لا تعتبر كتابة القصة القصيرة عتبة للرواية فتقول: ليست القصة القصيرة أو القصيرة جدا عتبة لأى جنس آخر! الذين يعتقدون ذلك يقيسون الأجناس الأدبية قياسا بيولوجيا مرحليا، القصة جنس أدبى والرواية جنس آخر! من يكتب الرواية بضعف كما هو حال بعض كتابها وكتاباتها لن يستطيع كتابة قصة قصيرة جدا! ومن يكتب الشعر ليس بالضرورة أن يكون قاصا متميزا.
 وبالتالى فليس بالضرورة ارتباطهما.. لكل منهما كتابه وقراؤه ولا مجال للمقارنة والموازنة، وإن وجد من يكتب القصة والرواية لكن ليس شرطا أن كل قاص روائى والعكس، القصة فن قائم بذاته وليس بوابة لأى فن إبداعى آخر، كما أن الرواية ليست بوابة لكتابة قصيدة جميلة.
وعن اهتمامات المرأة السعودية فى مجتمع محافظ تقول:
لست مخولة ولن أكون يوما ما كذلك بالحديث عن الأخريات، ما يهمنى أنا تحديدا هو القيم التى يعانى الإنسان العربى والمسلم غيابها أو غياب كثير منها! يهمنى أن أرى العربى يعيش بحرية وسلام، ويهمنى أن تكون قيم الخير هى الموجودة بيننا، ويؤسفنى حد الخذلان المثقف الذى يبارك القمع السياسى والاضطهاد ولجم الحريات المعقولة، الهموم هنا تتجاوز المرأة ليشترك فيها المواطن العربى الذى تريد له القوى الكبرى ألا يجدد حضارته وألا يعيش كما يعيش الآخرون.
أما عن المرأة تحديدا همومها واهتماماتها كما أراه فهو اهتمام سائر النساء العربيات، فى أن تنال ما تستحق من مكانة وتشارك بشكل فعال فى المشهد الثقافى  مثقفةً ومسئولة وهى جديرة بذلك، والمشهد المحلى فى السعودية يبشر بكل خير.
وقد شاركت شيمة فى العديد من الملتقيات الثقافية والمؤتمرات داخل المملكة وخارجها، وهى ترى أن المرأة العربية لا ينقصها شىء من ناحية الإبداع للوصول إلى العالمية، وتوضح أننا لدينا مبدعون ومبدعات يستحقون كل احتفاء وتقدير.. فقط نحتاج إدارة ثقافية واعية تعى حاجاتهم واهتماماتهم وترعى نشاطاتهم مع تنقية المشهد الثقافى من هؤلاء الطفيليين الذين عبثوا، وأساءوا للثقافة والأدب لأنه حدودهم الوظيفة فقط، مع غياب للجانب الثقافى تماما.
 وعن القضايا التى تناقشها وتثيرها فى قصصها تقول:
الكون بكل ما فيه.. الحياة والموت.. الواقع والخيال.. الحب والألم والحزن والصدق والكذب والدمار والخراب الذى يسكن العالم.. يشغلنى الكون بكل ما فيه.
وعن رؤيتها لمهنة الكتابة بالنسبة للمرأة فى مجتمع محافظ مثل المجتمع السعودى تقول: هذه النظرة للمجتمع السعودى نظرة عابرة غير صحيحة، ويتوارثها بعض الكتاب دون مساءلة حقيقية ودراسة للمشهد الثقافى السعودى الذى تجاوز هذه النظرة ولم تعد موجودة إلا عند فئة قليلة غير مؤثرة، بل على العكس كونك كاتبا فأنت محل تقدير وعناية، وأجزم أن ما تلقاه الكاتبة هنا لا تلقاه غيرها فى بعض البلدان المتقدمة، ومؤسف أن أقرأ عند بعضهن أن يكون جل اهتمامها أن تلقى على منصة الرجل! فتلك أمور لا تخص الإبداع ذاته! الإبداع الحقيقى سيصل إلى الآخرين بكل جماله بعيدا عن شخصية كاتبه ومكانه ومكانته.
وشيمة راضية عن المتابعة النقدية لأعمالها إلى حد ما وعلى حسب قولها هناك عدد من الدراسات العلمية والقراءات النقدية عن مجموعاتى، وهى جهود مشكورة، أقرأها وأفيد من بعضها، وأشعر أن النقد إبداع أيضا يضيف ويمنح النص جمالا آخر، وبالنسبة لطموحاتها فترى أ ن الطموحات لا تتوقف، لكننا نحن من نتوقف وترى أن أهدافنا فقط نجعلها نصب أعيننا ونتوكل على الله ثم نجتهد، ويوما سنكون بحول الله ما نريد.