الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أهمية العلاقات بين مصر وكازاخستان

أهمية العلاقات بين مصر وكازاخستان
أهمية العلاقات بين مصر وكازاخستان




أحمد عبده طرابيك يكتب:

تعتبر جمهورية كازاخستان أكبر الدول من حيث المساحة، فى إقليم آسيا الوسطى الذى يضم خمس دول فى الوقت الحالى هى «كازاخستان، أوزبكستان، قيرغيزستان، تاجيكستان، تركمانستان»، حيث تبلغ مساحتها 2.7 مليون كيلو متر مربع، وأرضها وشعبها ليس غريب عن بلاد العرب والشعوب العربية، فقد جمعت بينهما وشائج وعلاقات تاريخية تعود إلى صدر الفتوحات الإسلامية المبكرة لبلاد ما وراء النهر، لذلك فمن الطبيعى أن تتشابه اليوم الكثير من العادات والتقاليد بين الشعبين. يربط بين مصر وكازاخستان علاقات تاريخية خاصة، تعود إلى أيام القائد العظيم الظاهر بيبرس، سلطان مصر والشام - الكازاخى الأصل- فهو من مد جسور العلاقات التاريخية بين البلدين، ومازال المسجد الذى يحمل اسمه فى القاهرة إلى جانب «حى الظاهر» شاهدين على عمق تلك العلاقات التاريخية بين الشعبين حتى يومنا هذا.
كانت مصر من أوائل الدول التى اعترفت باستقلال كازاخستان عن الاتحاد السوفيتى فى ديسمبر 1991، ثم تأسست العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فى 6 مارس 1992، حيث تم افتتاح السفارة المصرية فى كازاخستان فى أغسطس 1992، كما افتتحت كازاخستان سفارتها بالقاهرة فى إبريل 1993، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن تطورت العلاقات بين البلدين بشكل طبيعى، وإن كانت لا تتناسب مع طموحات الشعبين اللذين ينظران إلى علاقات البلدين التاريخية باعتبارها نموذجا فى العلاقات بين الدول والشعوب.
تحتضن مدينة ألماطى - أكبر مدن كازاخستان، وعاصمتها السابقة - الجامعة المصرية الكازاخية للثقافة الإسلامية «نور - مبارك»، وهى الجامعة المصرية الوحيدة فى آسيا الوسطى، التى تعتبر منبرا مهما لتقدم للشباب صورة الإسلام الوسطى المعتدل طبقا للمذهب الحنفى السائد، ليس فى كازاخستان وحدها، بل فى آسيا الوسطى بشكل عام، فتمنح الجامعة شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه فى تخصصات اللغة العربية، والفقه الإسلامى، والشريعة الإسلامية، ويترأس الجامعة الجانب المصري، كما أن أكثر من ثلثى هيئة التدريس بها من الأساتذة المصريين، وتشهد الجامعة إقبالا كبيرا من قبل الطلاب فى دول آسيا الوسطي، حيث يزيد عددهم على 700 طالب، والذين يتم إعدادهم ليكونوا دعاة فى مختلف أنحاء كازاخستان وسائر دول آسيا الوسطى.
 ولا يتوقف نشاط الجامعة على تعليم الطلاب وحسب، بل يمتد نشاطها إلى مختلف شرائح المجتمع فى كازاخستان، خاصة مع تنامى ظاهرة التطرف، حيث تقوم الجامعة بتنظيم قوافل للدعوة إلى مختلف مدن كازاخستان، وعقد ندوات وأمسيات دينية فى المساجد لشرح وتوضيح اصول ديننا الإسلامى الحنيف القائم على دعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالحديث الحسن، ونشر الأمن والسلام بين الناس جميعا، كما تعد الجامعة المصرية الكازاخية للثقافة الإسلامية مركزا لعقد القرآن للشباب المقبلين على الزواج، حيث يتباركون فى بداية تأسيس بيتهم الجديد.
قد تعتبر العلاقات الثقافية والتعليمية بين مصر وكازاخستان جيدة، وأفضل من المجالات الأخرى، لكن يبقى كل ما يشغل الناس، ومن قبلهم المسئولين هو المصالح والعلاقات الاقتصادية والتجارية، وهذا ما يجب أن تسعى كل الجهات، سواء الجهات الحكومية أو القطاع الخاص، لبذل مزيد من الجهود لتنمية تلك القطاعات، خاصة أنه توجد مجالات حيوية يمكن من خلالها إقامة شبكة جيدة من المصالح المشتركة.
قطاع السياحة من القطاعات المهمة، فكازاخستان التى تنخفض فيها درجات الحرارة معظم شهور السنة، والتى تصل إلى تحت الصفر، حيث يتشابه فيها المناخ مع روسيا، يمكن أن يتم تنمية هذا القطاع وجذب أعداد كبيرة من السياح الكازاخ إلى مصر، قد لا تستطيع تلك الأعداد تعويض حجم السياح الروس، ولكنها يمكن ان تسهم فى تعويض شىء مهم، إلى جانب فتح مجال للتعاون فى قطاعات أخرى، من خلال الترويج الإعلامى لها، خاصة قطاع الأدوية حيث تحظى الأدوية المصرية بسمعة طيبة فى كازاخستان.
جذب الاستثمارات من الجوانب المهمة أيضا فى العلاقات بين مصر وكازاخستان، وبشكل خاصة فى قطاع النفط والغاز، والطاقة النووية ومجال الفضاء، حيث لدى كازاخستان خبرات نووية كبيرة، منذ العهد السوفيتي، كما أنها تحتضن قاعدة بايكانور الفضائية على اراضيها والتى تستأجرها روسيا بنظام الشراكة السنوية، يضاف إلى ذلك أن كازاخستان تعتبر من أهم خمس دول فى العالم فى انتاج القمح عالى الجودة، ورغم وجود بعض العقبات فى النقل، لكن يمكن للخبراء والمسئولين تذليل تلك العقبات من خلال إيجاد البدائل والتسهيلات المتبادلة، ومن ثم إيجاد أفق أوسع وأرحب فى مجالات التعاون بين مصر وكازاخستان فى مختلف المجالات، بما يحقق المصالح المشتركة للجانبين، التى تعتبر ثمرة لكل علاقات التعاون بين الدول والشعوب، والاستفادة من العلاقات التاريخية والثقافية بين الشعبين باعتبارهما من أهم عوامل الدبلوماسية الناعمة.