الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تفجير البطرسية وحلب الشهباء

تفجير البطرسية وحلب الشهباء
تفجير البطرسية وحلب الشهباء




عاطف حلمى يكتب:

دعونا من الحديث عن هوية مفجر الكنيسة البطرسية والاختلاف فى وجهات النظر والتشكيك فى مصداقية ما يعلن عنها، فكل هذه الأمور قشور سطحية للقضية، لذا من الأفضل أن ننطلق من هذه الحالة الجدلية والتشكيك إلى ما هو أعمق ولننظر للملف بصورة أكثر جدية.
انعدام الثقة
الأمر البالغ الأهمية وسط كل هذه الأحداث أن هناك حالة من إنعدام الثقة بين قطاع كبير من الشارع والحكومة بشكل عام والأجهزة الأمنية بشكل خاص، وهناك وقائع كثيرة لم تتعامل معها هذه الأجهزة بشفافية كافية مما ترك الأمور لحالة من اللغط وعدم التصديق، ومن هنا فإنه على الحكومة ووزارة الداخلية الشعور بهذه الهوة العميقة والاعتراف بها أولا من أجل تقليصها ومن ثم بناء جسور الثقة مع الشارع، وإلا سنظل فى حالة جدلية تزيد من المساحة الرمادية فى العلاقة بين الحكومة والشارع.
حرب فكرية
فى نفس الوقت علينا الاعتراف بأن التعامل الأمنى فقط مع قضية الإرهاب والتطرف، لن تؤدى إلا إلى المزيد من العنف، ولن تجدى على المديين المنظور والبعيد، فالقضية حرب فكرية فى المقام الأول، فلم يعد الإرهابى كما صورته مخيلة بعض الأفلام والأعمال الدرامية، ذلك الجاهل الذى لم ينل قسطا كافيا من التعليم، بل باتت بعض مناهج التعليم بمثابة البذرة الأولى لأفكار العنف وتكفير الآخر، فتجارب كل الأمم أكدت بما لايدع مجالا للشك أن الرصاص لا يقتل الأفكار، فالأمر يبدو كمن يعدم ثمار شجرة التطرف والإرهاب ويترك الشجرة تترعرع والنتيجة استمرار تجرع المجتمع لمرارة حنظل الإرهاب.
الأحزاب الدينية
ولعل موقف الحركة السلفية ممثلة فى ياسر برهامى، وحزب النور خير دليل على ترك شجرة التطرف تتمتع بغطاء شرعى وقانونى، رغم مخالفة ذلك للدستور، فطالما ظل لدينا أحزاب دينية مثل «حزب النور» ومن هم على شاكلته، فإننا سنظل نواجه موجات متتالية من الأفكار المتطرفة التى تضع الشباب على أول درجات العنف وتكفير الآخر، لذا بات حل جميع الأحزاب الدينية ضرورة حتمية، حماية لأمن الوطن.
حلب تنتصر
نترك حالتنا الجدلية فى مصر، إلى حالة جدلية اخرى ليست ببعيدة عن وضعنا فى مصر، بل هى فى صميم الأمن القومى المصرى بمفهومه الواسع، إنها الحالة الجدلية حول ما يجرى فى حلب السورية، فما بين «حلب تباد» و«حلب تنتصر» تتجلى بوضوح حالة انعدام الرؤية تجاه الملف السورى، وبغض النظر عن بدايات الشرارة الأولى للأزمة السورية، فأن الواضح والجلى، أن الشعب السورى يدفع فاتورة حرب بالوكالة تدار على أرضه، وهنا تلعب بعض أبواق الإعلام العربى لعبة قذرة التى أدت لنزوح ملايين السوريين وتشتتهم فى بقاع الأرض، ومصرع عشرات الآلاف ممن لا ناقة لهم ولا جمل فيما يدور من حرب طاحنة، والواقع أن معظم الفصائل المقاتلة فى حلب أتوا من خارج سوريا بدعم مالى وتسليحى وتدريبى من أنظمة تتشدق بأنها تدافع عن الديمقراطية فى حين أنها أما بلا دساتير أصلا أو أحزاب ولا حتى برلمان حقيقى، ففاقد الشىء لا يعطيه، وإن أعطى فعطيته دمار وخراب.
بحور دماء
مليارات الدولارات صرفتها هذه الأنظمة من أجل تفتيت سوريا، والنتيجة بحور من دماء السوريين غرقت فيها تلك الأنظمة وأغرقت فيها الأمة العربية بكاملها وأعادتها إلى عصور تخلف وتفتت سوف تستغرق عقودا طويلة لإصلاح ما خربته نزوات تلك الأنظمة.
نحيب
وبقدر شعور المتآمرين على سوريا بالهزيمة وفشل مخططاتهم بقدر النحيب الذى نراه على فضائياتهم، وما أكثرها، فى حين أنهم لو دفعوا واحدًا فى المائة من تلك الأموال الطائلة لتحرير فلسطين المحتلة لاختفت إسرائيل من على الخريطة.
حصار مصر
لذلك فإن قضية سوريا ليست بقاء الأسد أو رحيله، وليقل من يريد ما يشاء فى الأسد ونظامه، بل هى بقاء سوريا موحدة أو سقوطها فى تنظيم الإخوان وجيشه «الحر» أو «العر» سمه ماشئت، ومن على شاكلته من تنظيمات داعش والنصرة وجند الشام، لذلك فإن سقوط سوريا فى أيدى هؤلاء يعنى بالتبعية حصار مصر وسط منطقة مفتتة مشتتة ليتربص بنا الخطر من كل حدب وصوب.